"وأما أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها، بنت الحارث" بن حزن، بفتح المهملة، وإسكان الزاي، ونون ابن بجير بموحدة، وجيم وراء مصغر ابن هزم، بضم الهاء، وفتح الزاي، وميم ابن رؤبة، بضم الراء، وفتح الهمزة، وتبدل واوا ابن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة "الهلالية" نسبة إلى جدها هلال المذكور، "وأمها هند".
قال البرهان: لا أعلم لها إسلاما، وفي الإصابة أمها خولة، ووقع عند أبي عمر هند بدل خولة "بنت عوف بن زهير بن الحارث بن حماطة بن حمير" الحميرية، "فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان بمكة معتمرا" عمرة القضية في ذي القعدة "سنة سبع بعد غزوة خيبر" فيقال أرسل جعفر بن أبي طالب يخطبها، فأذنت للعباس فزوجها منه، ويقال إن العباس وصفها له، وقال: قد تأيمت من أبي رهم، فتزوجها وعند ابن سعد بسند له أنه تزوجها في شوال سنة سبع، فإن ثبت صح أنه تزوجها وهو حلال؛ لأنه إنما أحرم في ذي القعدة.
وكانت أختها أم الفضل لبابة الكبرى تحت العباس بن عبد المطلب، وأختها لأمها أسماء بنت عميس تحت جعفر، وسلمى بنت عميس تحت حمزة، وكانت جعلت أمرها إلى العباس.
__________
ذكره في الإصابة ولا منافاة بحمله شوال على الخطبة والقعدة على العقد.
وقد روى مالك في الموطأ، عن ربيعة، عن سليمان بن يسار، أنه صلى الله عليه وسلم بعث أبا رافع مولاه ورجلا من الأنصار، فزوجاه ميمونة بنت الحارث ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة قبل أن يخرج مرسل، وصله الترمذي وحسنه، والنسائي عن سليمان عن أبي رافع، ورواه ابن سعد بسند الواقدي، وسمي الأنصاري أوس بن خولى، وعلى هذا، فيكون وكلهما في قبول النكاح له على ظاهر قوله فزوجاه، وحكى أنه وكل عمرو بن أمية الضمري، لكن سيأتي التصريح بأن العباس زوجها له بمكة بعدما حل، فيحمل قوله فزوجاه على معنى خطباها له فقط مجازا، "وكانت أختها أم الفضل لبابة" بضم اللام، وخفة الموحدتين "الكبرى" من السابقين الأولين حتى قال ابن سعد، إنها أول من أسلم بعد خديجة، لكن تعقب بأنه سبقتها سمية أم عمار وغيرها.
كان صلى الله عليه وسلم يزورها وماتت في خلافة عثمان "تحت العباس بن عبد المطلب" وأنجبت له الستة النجباء، وهم: الفضل، وعبد الله، وعبيد الله، ومعبد، وقثم وعبد الرحمن، وأختها لبابة الصغرى أم خالد بن الوليد، تلقب عصماء صحابية، كما في الإصابة وعزة صحابية أيضا، وهزيلة بزاي مصغرة أم حفيد بالفاء مصغر صحابية أيضا، كا في الإصابة، وذكر اليعمري: أن عصماء غير لبابة الصغرى، وتبعه الشامي وزاد أنها كانت تحت أبي بن خلف وجرى عليه البرهان، فقال: لم يعرف لعصماء إسلام، لكن جزم في الإصابة بأنها لبابة الصغرى، ونقله في حرف العين عن ابن الكلبي، وهو مقدم على غيره في علم النسب، كما أن غيره مقدم عليه في الحديث، وكونها زوجة أبي بن خلف لا يمنع كونها كانت تحت الوليد، وأنجبت منه سيف الله، فما المانع من أنه طلقها، فنكحها أبي، وهؤلاء إخوة ميمونة لأبويها "وأختها لأمها أسماء بنت عميس تحت جعفر" فولدت له عبد الله ومحمدا وعونا، ثم مات فخلف عليها الصديق، فولدت له محمدا، ثم مات فخلف عليها علي، فولدت له يحيى وعونا، "و" أختها لأمها أيضا "سلمى بنت عميس" الصحابية "تحت حمزة" سيد الشهداء، فولدت له أمة الله، ثم خلف عليها شداد بن الهاد الليثي، فولدت له عبد الله وعبد الرحمن، ومن أخواتها لأمها سلامة بالتخفيف بنت عميس، ولم يعرف لها إسلام كما قال البرهان: ومر أن الجرجاني النسابة حكى أن أم المساكين أختها لأمها أيضا، ولذا كان يقال أكرم عجوز في الأرض أصهارا ابنة عوف، أصهارها: رسول الله، والصديق، وحمزة، والعباس، وعلي، وجعفر وشداد بن الهاد، "وكانت" كما رواه أحمد والنسائي عن ابن عباس لما خطبها صلى الله عليه وسلم "جعلت أمرها إلى العباس".
فأنكحها النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم، فلما رجع بنى بها بسرف، ذكره أبو عمر.
وفي الصحيح من أفراد مسلم، عنها
__________
وفي رواية ابن أبي خيثمة عن ابن عباس أنها جعلته إلى أم الفضل، فردته أم الفضل إلى العباس، "فأنكحها النبي صلى الله عليه وسلم" واقتصر ابن إسحاق على الرواية الأولى، ولم يحفظها ابن هشام، وحفظ الثانية، فتعقبه بها، مع أنهما روايتان مسندتان عن ابن عباس، كما رأيت ولا معارضة بينهما؛ لأنها جعلته لأختها، لتفوضه لزوجها، فنسبه ابن عباس لأمه، باعتبار الابتداء، ولأبيه لانتهاء الأمر إليه، ويقربه أن المخدرات يستحين من ذكر النكاح، ففوضته لأختها، لتفوضه لزوجها، "وهو محرم" جزم به ابن عباس في هذه الرواية، وقد رواه عنه مالك والأئمة الستة أيضا، وزاد في رواية للبخاري في عمرة القضاء، وبه احتج الحنفية وموافقوهم على جواز نكاح المحرم، وإنكاحه غيره، وأجاب الجمهور بأن قول ابن عباس وهم وإن كانت خالته، كما قاله ابن المسيب.
قال ابن عبد البر: الرواية أنه تزوجها وهو حلال، متواترة عن ميمونة نفسها، وعن أبي رافع وسليمان بن يسار مولاها، ويزيد بن الأصم ابن أختها، وهو قول جمهور علماء المدينة، وما أعلم أحدا من الصحابة، روى أنه تزوجها وهو محرم سوى ابن عباس، والقلب إلى رواية الجماعة أميل؛ لأن الواحد إلى الغلط أقرب انتهى، وسبقه إلى نحوه الإمام الشافعي، كما سلف ي عمرة القضية لكن في دعوى انفراد ابن عباس به تقصير، فقد روى البزار عن عائشة نحوه، وكذا الدارقطني بسند ضعيف عن أبي هريرة: اللهم إلا أن يكون نفي العلم بقيد الصحة، وعلى أنه ليس بوهم، فمن خصائصه عند الجمهور النكاح حال الإحرام، فلا يعارض قوله صلى الله عليه وسلم المحرم: "لا يَنْكِح ولا يُنْكَح"، رواه مسلم، وقيل هو مؤول كما يأتي، "فلما رجع بنى بها بسرف" بفتح المهملة، وكسر الراء، وبالفاء بعد ما أقام بمكة ثلاثا، فأتاه حويطب بن عبد العزى، وسهيل بن عمرو، وأسلما بعد في نفر من قريش في اليوم الثالث، فقالوا له: قد انقضى أجلك فاخرج عنا، فقال: وما عليكم لو تركتموني فاعرست بين أظهركم، وصنعت لكم طعاما، فحضرتموه، فقالوا: لا حاجة لنا بك ولا بطعامك، فغضب سعد بن عبادة، وقال لسهيل: كذبت لا أم لك، ليست بأرضك، ولا أرض أبيك، والله لا يبرح إلا طائعا راضيا، فتبسم صلى الله عليه وسلم، وقال: "يا سعد لا تؤذ قومنا، زارونا في رحالنا" فخرج وخلف أبا رافع على ميمونة، فأقام حتى أمسى، فخرج بها، فلقيت من سفهاء مكة عناء، فأتاه بها بسرف، كما أورده ابن إسحاق والواقدي.
وروى بعضه ابن أبي خيثمة عن ابن عباس، "ذكره أبو عمر" بن عبد البر، الحافظ الشهير تلخيصا للمروي عن ابن عباس، وإن لم يقل أبو عمر به كما رأيت.
"وفي" الحديث "الصحيح من أفراد مسلم" أي مما انفرد به عن البخاري "عنها" أي
أنه صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال، زاد البرقاني بعد قوله تزوجها حلالا: وبنى بها حلالا وماتت بسرف.
فيحمل قوله: وهو محرم، أي داخل الحرم،
__________
ميمونة صاحبة الترجمة "أنه صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال" ولفظ مسلم من طريق يزيد بن الأصم عن ميمونة: تزوجني صلى الله عليه وسلم ونحن حلالان بسرف.
قال يزيد: وكانت خالتي وخالة ابن عباس، "زاد" الحافظ أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب، "البرقاني" بفتح الموحدة، نسبة إلى برقان من قرى خوارزم، سمع الإسماعيلي وغيره، وصنف، وخرج على الصحيحين، وروى عنه البيهقي والخطيب، وقال: كان ثقة ثبتا ورعا لم نر في شيوخنا أثبت منه عارفا بالفقه، كثير الحديث، حريصا على العلم، له حظ من العربية، ولد سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، ومات في رجب سنة خمس وعشرين وأربعمائة "بعد قوله تزوجها حلالا وبنى بها حلالا، فأفادت هذه الزيادة، أنه عقد عليها حلالا أيضا فسقط جمع بعضهم، بأنه لا تنافي بين رواية ابن عباس، لحملها على العقد، وبين روايتها لحملها على البناء، "وماتت بسرف" من قول يزيد لا من قولها، كما هو واضح، وقد رجحت روايتها على رواية ابن عباس، بأنها أعلم بنفسها وامرأة كاملة، وهو ابن عشر سنين وأشهر، فبين الضبطين فرق لا يخفى، وقد تواتر عن أبي رافع موافقتها، وكان السفير بينهما وبأن رواية من باشر الوقعة أرجح ممن لم يباشرها، وقد أخرج الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان عن أبي رافع قال: تزوج صلى الله عليه وسلم ميمونة، وهو حلال، وبنى بها، وهو حلال، وكنت أنا الرسول بينهما.
وأخرج ابن سعد عن ميمون بن مهران: دخلت على صفية بنت شيبة، وهي عجوز كبيرة، فسألتها أتزوج صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم، فقالت: لا والله لقد تزوجها وإنهما لحلالان.
وروى يونس بن بكير وغيره عن يزيد بن الأصم: تزوج رسول الله ميمونة، وهو حلال، وبنى بها بسرف في قبة لها، وماتت بعد ذلك فيها.
وروى ابن سعد عن ابن المسيب: أنه صلى الله عليه وسلم قدم وهو محرم، فلما دخل تزوجها، وعلى هذا، "فيحمل قوله،" أي ابن عباس "وهو محرم، أي داخل الحرم" أو في الشهر الحرام؛ لأنه عربي فصيح يتكلم بكلام العرب، وهم يقولون: أحرم إذا دخل الحرم، وأنجد إذا دخل نجدا كما قال الشاعر:
قتلوا ابن عفان الخليفة محرما ... قدعا فلم أر مثله مجدولا
وهذا ذكره الباجي في شرح الموطأ، ونقله السهيلي عن بعض شيوخه، وقال: فالله أعلم
ويكون العقد وقع بعد انقضاء العمرة، ثم خرج بها إلى سرف وابتنى بها فيه، وهو على عشرة أميال من مكة، كذا قاله الطبري. وسيأتي إن شاء الله تعالى، في مقصد المعجزات في ذكر الخصائص مزيد بيان لذلك.
وكانت ميمونة قبل عند أبي رهم بن عبد العزيز، ويقال: بل عبد الله بن أبي رهم، وقيل: بل عند حويطب بن عبد العزي، وقيل: عند فروة بن عبد العزى.
__________
أراد ذلك ابن عباس أم لا، "ويكون العقد وقع" في الحرم "بعد انقضاء العمرة. ثم خرج منه" أي الحرم "إلى سرف وابتنى بها فيه، وهو على عشرة أميال من مكة،" وقيل ستة أو سبعة أو تسعة أو اثني عشر، وهو ما بين التنعيم وبطن مرو، وإلى التنعيم أقرب، "كذا قاله" المحب "الطبري" تبرأ منه لأنه خلاف المتبادر، ومن ثم توقف الإمام السهيلي، في كونه مراد لابن عباس قال: الباجي أيضا: ويحتمل أن ابن عباس أخذ في ذلك بمذهبه، أن من قلد هديه فقد صار محرما بالتقليد، فلعله علم بنكاحه بعد أن قلده، "وسيأتي إن شاء الله تعالى في مقصد المعجزات في ذكر الخصائص مزيد بيان" قليل "لذلك".
وقد أسلف في عمرة القضية من ذلك شيئا، وفي الإصابة قيل عقد له عليها قبل أن يحرم، وانتشر أمر تزويجها بعد أن أحرم، واشتبه الأمر.
قال ابن سعد: كانت آخر امرأة تزوجها يعني ممن دخل بها، "وكانت ميمونة قبل" أي قبله صلى الله عليه وسلم بلا واسطة "عند أبي رهم" بضم الراء، وسكون الهاء "ابن عبد العزى" بن أبي قيس بن عبدود من بني عامر بن لؤي.
قال البرهان: لا أعلم له إسلاما فمات عنها، وكانت قبل أبي رهم عند مسعود بن عمرو بن عمير الثقفي، ففارقها.
قال البرهان: لا أعرف له إسلاما، وفي الصحابة من هو مسمى بهذا الاسم، قلت: ما هذا التشكيك، وفي الإصابة مسعود بن عمرو بن عمير الثقفي.
ذكر الثعلبي عن مقاتل أنه نزل فيه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا} [البقرة: 278] ، "ويقال: بل عبد الله" الذي في النور والإصابة، وقيل عند سخبرة "ابن أبي رهم" المذكور، وضبطه في التبصير، بفتح السين المهملة، وسكون الخاء المعجمة، وفتح الموحدة والراء، ولم يذكره في الإصابة، فليس بصحابي، "وقيل: بل عند" أخي أبي رهم، كما قال ابن حزم: "حويطب بن عبد العزى" الصحابي، القرشي، العامري أسلم يوم الفتح، وعاش مائة وعشرين سنة، ومات سنة أربع وخمسين، "وقيل عند فروة بن عبد العزى" أخي حويطب، كما في الإصابة ولم يترجم له فيها، فليس بصحابي.
قال ابن إسحاق: ويقال: إنها وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم وذلك أن خطبته عليه الصلاة والسلام انتهت إليها وهي على بعيرها وقالت: البعير وما عليه لله ولرسوله. وقيل: الواهبة نفسها غيرها.
وتوفيت ميمونة بسرف في الموضع الذي بنى بها فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك سنة إحدى وخمسين،
__________
وذكر ابن أبي خيثمة عن قتادة أنها كانت عند فروة بن عبد العزى بن أسد بن غثم بن دودان، وهذا ليس بأخ لحويطب.
"قال ابن إسحاق" بعد قوله تزوج صلى الله عليه وسلم ميمونة، زوجه إياها العباس، وأصدقها عنه أربعمائة درهم، "ويقال إنها وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم" وقد رواه ابن أبي خيثمة عن الزهري وقتادة فنزلت فيها الآية.
ورواه ابن سعد عن عكرمة، "وذلك أن خطبته عليه الصلاة والسلام انتهت" وصلت "إليها وهي على بعيرها" لم يبين ذلك المحل الذي بلغتها فيه الخطبة.
وذكر السهيلي أنها رمت بنفسها من على البعير، "وقالت: البعير وما عليه لله ولرسوله"، ذكرت الله تبركا، والمراد أن البعير، وما عليه هبة لله صلى الله عليه وسلم، "وقيل: الواهبة نفسها غيرها" فقيل: زينب بنت جحش، وقيل أم شريك، وقيل امرأة من بني أسامة بن لؤي، حكاها ابن إسحاق هنا، ويأتي بسطه للمصنف قريبا، وقيل إنهن تعددن.
قال في الإصابة وهو الأقرب: روى ابن سعد عن عمرة، أنه قيل لها، أن ميمونة وهبت نفسها، فقالت: تزوجها صلى الله عليه وسلم على مهر خمسمائة درهم وأنكحه إياها العباس، وعنده أيضا عن علي بن عبد الله بن عباس لما أراد صلى الله عليه وسلم الخروج إلى مكة للعمرة، بعث أوس بن خولي، وأبا رافع إلى العباس، ليزوجه ميمونة فاضلا بعيريهما، فأقاما أياما ببطن رابغ إلى أن قدم صلى الله عليه وسلم، فوجدا بعيريهما فسارا معه حتى قدم مكة، فأرسل إلى العباس يذكر ذلك له، فجعلت أمرها إليه، فجاء صلى الله عليه وسلم إلى منزل العباس فخطها إلى العباس، فزوجه إياها، ويقال: إن الذي زوجها عبد الله بن عباس، حكاه في النور، وهو غريب ضعيف، فعبد الله يومئذ غلام ابن عشر وأشهر، كما مر.
"وتوفيت ميمونة بسرف في الموضع الذي بنى بها فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم" باتفاق، ودفنت في موضع قبتها، "وذلك سنة إحدى وخمسين" على الصحيح، كما في التقريب، وقال في الإصابة: إنه الأثبت، ونقل ابن سعد عن الواقدي أنها ماتت سنة إحدى وستين، قال: وهي آخر من مات من أزواجه صلى الله عليه وسلم، ولولا كلامه الأخير لاحتمل أن قوله وستين، وهم من بعض الرواة، وقد
وقيل ست وستين وقيل ثلاث وستين، وصلى عليها ابن عباس ودخل قبرها.
__________
أخرج ابن سعد عن يزيد بن الأصم، قال: تلقيت عائشة من مكة أنا وابن لطلحة من أختها، وقد كنا وقعنا في حائط من حيطان المدينة، فأصبنا منه، فبلغها ذلك فلامت ابن أختها، ثم وعظتني موعظة بليغة، ثم قالت: أما علمت أن الله ساقك حتى جعلك في بيت من بيوت نبيه. ذهبت والله ميمونة، ورمى بحبلك على غاربك، أما أنها كانت من أتقانا لله، وأوصلنا للرحم فدل هذا الأثر أن عائشة عاشت بعدها، وعائشة ماتت قبل الستين، بلا خلاف، وسنده صحيح، فهو أولى من قول الواقدي وقد جزم يعقوب بن سفيان، بأنها ماتت سنة تسع وأربعين انتهى، "وقيل" ماتت سنة "ست وستين" حكاه السهيلي وغيره، قال في الإصابة: وليس بثابت، وقال البرهان: هو شاذ باطل، "وقيل ثلاث وستين".
قاله ابن إسحاق فيما أسنده عنه الطبراني في الأوسط برجال ثقات، قال في الإصابة: ولا يثبت، أي لما صح أنها ماتت في حياة عائشة، وقول بعضهم للاتفاق على أنها ماتت قبلها فاسد؛ إذ أصحاب هذه الأقوال لا يقولون بذلك، فأين الاتفاق. "وصلى عليها ابن عباس ودخل قبرها".
وروى الشيخان عن عطاء قال: حضرنا مع ابن عباس جنازة ميمونة بسرف، فقال ابن عباس: هذه زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا رفعتم نعشها فلا تزعزعوها، ولا تزلزلوها وارفقوا.
وروى ابن سعد عن يزيد الأصم، قال: دفنا ميمونة بسرف في الظلة التي بنى فيها صلى الله عليه وسلم.
[جويرية أم المؤمنين] :
وأما أم المؤمنين جويرية رضي الله عنها بنت الحارث بن أبي ضرار -بكسر الضاد المعجمة وتخفيف الراء- فكانت تحت مسافع -بالسين المهملة والفاء- ابن صفوان المصطلقى، وكانت قد وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس
__________