على أن جماعة من نصارى نجران احتفظوا بدينهم، مخالفين في ذلك الأكثرين من قومهم بني الحارث الذين أسلموا من قبل. إلى هؤلاء وجّه النبي خالد بن الوليد يدعوهم إلى الإسلام كي يسلّموا من مهاجمته ولم يلبثوا حين نادى فيهم خالد أن أسلموا؛ فبعث خالد وفدا منهم إلى المدينة لقيه النبي فيها بالترحيب والمودة. ثم إن جماعة من أهل اليمن عز عليهم أن يخضعوا للواء الإسلام، لأن الإسلام ظهر بالحجاز، ولأن اليمن اعتادت أن تغزو الحجاز فلم يغزها الحجاز من قبل قط. إلى هؤلاء أرسل النبي عليّ بن أبي طالب يدعوهم إلى الإسلام، وقد استكبروا أول الأمر وقابلوا دعوة عليّ بمهاجمته،؛ فلم يلبث عليّ أن شتتهم على صغر سنه وإن لم يكن معه إلا ثلثمائة فارس. وارتدّ المنهزمون ينظمون من جديد صفوفهم. بيد أن عليّا أحاط بهم وأوقع في صفوفهم الرعب، فلم يجدوا من التسليم بدّا، وسلّموا وأسلموا وحسن إسلامهم، وأنصتوا إلى تعاليم معاذ وأصحابه، وكان وفدهم آخر وفد إستقبله النبي بالمدينة قبل أن ينتقل إلى الرفيق الأعلى.