وفى صفر هذه السنة قدم المدينة خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة الحجبى فأسلموا فى أسد الغابة اختلفوا فى وقت اسلام خالد بن الوليد وهجرته قيل كان اسلامه سنة خمس بعد فراغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بنى قريظة وقيل كان اسلامه بين الحديبية وخيبر وقيل بل كان اسلامه
وهجرته سنة ثمان وقد قيل فى أوّل سنة ثمان مع عمرو بن العاص وعثمان بن طلحة فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رمتكم مكة بافلاذ كبدها قال أبو عمرو ولم يصح لخالد بن الوليد مشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الفتح* وفى المواهب اللدنية كان قدومه المدينة واسلامه سنة خمس قاله ابن أبى خيثمة وقال الحاكم سنة سبع وكذا فى الوفاء وفى كون اسلام خالد سنة خمس أو سبع نظر لما ورد فى صحيح البخارى عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم قال انّ خالد بن الوليد بالغميم فى خيل لقريش طليعة فخذوا ذات اليمين قاله زمن الحديبية سنة ست كذا فى المشارق وهذا ينافى اسلامه سنة خمس أو سبع* وفى الصفوة خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم يكنى أبا سليمان وأمّه أسماء وهى لبابة الصغرى بنت الحارث أخت أمّ الفضل امرأة عباس قال خالد لما أراد الله بى ما أراد من الخير قذف فى قلبى حب الاسلام وحضرنى رشدى وأرى فى المنام كأنى فى بلاد ضيقة جدب فخرجت الى بلاد احسن وأوسع فقلت انّ هذه لرؤيا فذكرتها لابى بكر فقال هو مخرجك الذى هداك الله فيه للاسلام والضيق هو الشرك فاجمعت الخروج الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلبت من أصحابه فلقيت عثمان بن طلحة فذكرت له الذى أريد فأسرع الى الاجابة وخرجنا جميعا فأدلجنا سحرا فلما كان بالهدة اذا عمرو بن العاص فقال مرحبا بالقوم فقلنا له وبك قال أين مسيركم فأخبرناه وأخبرنا أيضا أنه يريد النبىّ صلى الله عليه وسلم فاصطحبنا حتى قدمنا المدينة أوّل يوم من صفر سنة ثمان فلما طلعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمت عليه بالنبوّة فردّ علىّ السلام بوجه طلق فقال صلى الله عليه وسلم قد كنت أرى لك عقلا رجوت أن لا يسلمك الا لخير وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت استغفر لى كل ما أوضعته من صدّعن سبيل الله عز وجل قال انّ الاسلام يجب ما كان قبله ثم استغفر لى وتقدّم عمرو وعثمان بن طلحة فأسلما فو الله ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من يوم أسلمت يعدل بى أحدا من أصحابه فيما يحزبه* وفى أسد الغابة فلم يزل خالد من حين أسلم يوليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أعنة الخيل فيكون فى مقدمتها فى محاربة العرب وكان فى مقدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فى بنى سليم وجرح يومئذ فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رحله بعد ما هزم من هوازن ليعرف خبره ويعوده فنفث فى جرحه فانطلق وسيجىء وفاة خالد فى الخاتمة فى خلافة عمر بن الخطاب* وفى المنتقى روى أنّ عمرو بن العاص كان أسلم بالحبشة على يد النجاشى ولكن كان يكتم اسلامه من أصحابه فخرج متوجها الى المدينة فلما كان ببعض الطريق عند الهدة اذ لقى خالد بن الوليد وهو يريد المدينة وذلك قبل الفتح فقال عمرو يا أبا سليمان أين تريد فقال خالد والله لقد استقام الميسم أى تبينت الطريق وظهر الامر وانّ هذا الرجل لنبىّ فاذهب فأسلم فحتى متى قال عمرو والله ما جئت الا لأسلم فقد ما المدينة فتقدّم خالد بن الوليد فأسلم وبايع ثم عمرو بن العاص فبايعه ثم انصرف قال ابن اسحق وحدّثنى من لا أتهم أنّ عثمان بن طلحة بن أبى طلحة العبدرى الحجبى كان معهما حين أسلما قال عثمان بن طلحة لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام عمرة القضاء غير الله قلبى عما كان عليه ودخلنى الاسلام وجعلت أفكر فيما نحن عليه وما نعبد من حجر لا يسمع ولا يبصر ولا ينفع ولا يضرّ وأنظر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وظلف أنفسهم عن الدنيا فيقع ذلك فأقول ما عمل القوم الاعلى الثواب ليكون بعد الموت وجعلت أحب النظر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الى أن رأيته خارجا من باب بنى شيبة يريد منزله بالابطح فأردت أن آتيه وآخذ بيده وأسلم فلم يعزم لى ذلك فانصرف رسول الله صلى الله عليه
وسلم راجعا الى المدينة ثم عزم لى على الخروج اليه فأدلجت الى بطن يأجج فألقى خالد بن الوليد فاصطحبنا حتى نزلنا الهدة فما شعرنا
الا بعمرو بن العاص فانقمعنا منه وانقمع منا ثم قال اين يريد الرجلان فأخبرناه فقال وأنا والله أريد الذى تريدان فاصطحبنا جميعا حتى قدمنا المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته على الاسلام وأقمت حتى خرجت معه فى غزوة الفتح ودخل مكة فقال لى يا عثمان ايت بالمفتاح فأتيته به فأخذه منى ثم دفعه الىّ وقال خذوها تالدة خالدة ولا ينزعها منكم أحد الا ظالم يا عثمان ان الله استأمنكم فكلوا مما يصل اليكم من هذا البيت بالمعروف وسيجىء* قال الواقدى هذا أثبت الوجوه فى اسلام عثمان* فى الاستيعاب وأسد الغابة عثمان بن طلحة بن أبى طلحة واسم أبى طلحة عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصى بن كلاب بن مرّة القرشى العبدرى الحجبى أمه أم سعيد سلافة بنت سعد من بنى عمرو بن عوف قتل أبوه طلحة وعمه عثمان بن أبى طلحة جميعا يوم أحد كافرين قتل حمزة عثمان وقتل علىّ طلحة مبارزة وقتل يوم أحد منهم أيضا مسافع والجلاس والحارث وكلاب بنو طلحة كلهم اخوة عثمان بن طلحة هذا قتلوا كفارا قتل عاصم بن ثابت بن أبى الافلح رجلين منهم مسافعا والجلاس وقتل الزبير كلابا وقتل قزمان الحارث وقد مرّ فى الموطن الثالث فى غزوة أحد وهاجر عثمان بن طلحة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هدنة الحديبية مع خالد فلقيا عمرو بن العاص قد أتى من عند النجاشى يريد الهجرة فاصطحبوا جميعا حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم ألقت اليكم مكة أفلاذ كبدها كذا فى الاستيعاب كما مرّ* وفى أسد الغابة رمتكم مكة بأفلاذ كبدها يعنى انهم وجوه أهل مكة فأسلموا وأقام عثمان مع النبىّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة وشهد معه فتح مكة ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة اليه والى شيبة بن عثمان بن أبى طلحة وقال خذوها يا بنى طلحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم الا ظالم ثم نزل عثمان بن طلحة المدينة وأقام بها الى وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتقل الى مكة فسكنها حتى مات بها فى أوّل خلافة معاوية سنة اثنتين وأربعين وقيل انه قتل يوم اجنادين* وفى هذه السنة تزوّج صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت الضحاك بن سفيان الكلابية وقد سبق فى الباب الثالث*