وممن أسلم اولا خديجة ثم علي ثم زيد بن حارثة ثم ابو بكر والمشهور التي مات عنها زوجها قولان (في انتكاس) افتعال من النكوس والانتكاس ان يخر الشخص على رأسه وان يسقط فيستقل سقطته حتى يسقط أخرى (لا حول ولا قوة الا بالله) أي لا حول عن معصية الله الا بعصمته وحفظه ولا قوة على طاعته الا بتوفيقه ومعونته والحول القوة وقيل الحركة وقد تبدل واوه ياء (وحسبنا) أي يكفينا (ونعم) فعل وضع للمدح كبئس للذم وفيه أربع لغات نعم بوزن حقب ونعم بوزن كبد ونعم بوزن رجل ونعم بوزن حمل (الوكيل) أي المعين والكفيل أو الحفيظ أو الموكول اليه كل أمر أو المفوض اليه أقوال (نعوذ بك) أى نعتصم ونمتنع من الفتن أي مضلاتها (باسمك العظيم) هو الله كما عليه أكثر العلماء فمن ثم كان اسما للذات دون غيره من سائر الاسماء الحسنى وانما لم يستحب بعض الدعاء به لعدم استجماعه شروطه (ونور وجهك الكريم) الوجه صفة من صفاته تعالى عن التجسيم ويعبر به عن ذاته (وممن أسلم أولا خديجة) أي لمامر أولا في ابتداء الوحي من رجوعه صلى الله عليه وسلم اليها وقوله لها زملونى وأوّل امرأة أسلمت بعدها أم الفضل لبابة بنت الحارث زوج العباس أو فاطمة بنت عمر بن الخطاب أخت عمر (ثم علي) ابن أبي طالب بن عبد المطلب أي لانه كان كثير الملازمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل النبوة وسبب ذلك ما ذكره ابن عبد البر وغيره ان قريشا أصابتهم أزمة شديدة أى جوع وكان أبو طالب ذا عيال كثير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس عمه وكان من أيسر بنى هاشم يا عباس ان أخاك أبا طالب كثير العيال فانطلق بنا فنخفف عنه من عياله فقال نعم فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقالا له انا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى يكشف الله عن الناس ما هم فيه فقال لهم أبو طالب اذا تركتما لي عقيلا فاصنعا ما شئتما فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا فضمه اليه وأخذ العباس جعفرا فضمه اليه فلم يزل علي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ابتعثه الله نبيا وحتى زوجه ابنته فاطمة (ثم زيد بن حارثة) بن شراحيل بن كعب بن عبد العزي ابن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود بن عوف بن كنانة بن بكر بن عذرة بن زيد اللات ابن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن عمر ابن مرة بن مالك بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان هكذا نسبه ابن الكلبي وغيره وسيأتى الكلام على كيفية دخوله في ملك النبي صلى الله عليه وسلم في محله ان شاء الله تعالى (فوائد) الاولى أخرج ابن عبد البر في الاستيعاب عن الليث بن سعد قال بلغنى ان زيد بن حارثة اكترى من رجل بغلا من الطائف فاشترط عليه المكرى أن ينزله حيث شاء قال فمال به الى خربة فقال له انزل فنزل فاذا في الخربة قتلى كثيرة
أن ترتيب اسلامهم كما ذكرناه قيل وطريق الجمع بين الروايات الاولية أن يقال اول من اسلم من النساء خديجة ومن الصبيان علي عليه السلام ومن الرجال البالغين ابو بكر ومن الموالى زيد ابن حارثة وقد تنوزع في إسلام علي رضي الله عنه فقال قوم لم يشرك قط فيستأنف الاسلام قال فلما أراد أن يقتله قال له دعني أصلى ركعتين قال صل فقد صلى هؤلاء فلم تنفعهم صلاتهم شيأ قال فلما صليت أتانى ليقتلني فقلت يا أرحم الراحمين قال فسمع صوتا لا تقتله قال فهاب ذلك فخرج يطلب فلم ير شيأ فرجع الي فناديت يا أرحم الراحمين ففعل ذلك ثلاثا فاذا أنا بفارس على فرس في يده حربة حديد في رأسه شعلة من نار فطعنه بها فأنفذه من ظهره فوقع ميتا ثم قال لي لما دعوت المرة الاولى يا أرحم الراحمين كنت في السماء السابعة فلما دعوت المرة الثانية يا أرحم الراحمين كنت في السماء الدنيا فلما دعوت الثالثة يا أرحم الراحمين أتيتك وفي ذلك منقبة ظاهرة لزيد بن حارثة وقيل دليل لاثبات كرامات الاولياء الذي أجمع علماء أهل السنة عليه (الثانية) ضابط الكرامة انها أمر خارق للعادة غير مقارن لدعوى النبوة على يد من عرفت ديانته واشتهرت ولايته باتباع نبيه صلى الله عليه وسلم في جميع ما جاء به والا كانت استدراجا أو سحرا أو اذلالا كما وقع لمسيلمة الكذاب تفل في بئر قوم سألوه تبركا فملح ماؤها ومسح رأس صبي فقرع قرعا فاحشا ودعا لرجل في ابنين له بالبركة فرجع الى منزله فوجد أحدهما قد سقط في البئر والآخر قد أكله الذئب ومسح على عيني رجل استشفى بمسحه فانتصبت عيناه وجاءه أعور ليدعو له فدعاله فعميت الصحيحة أيضا ذكر ذلك السهيلي وغيره وسمى ذلك اهانة وربما ظهر الخارق على يد عاص تخليصا له من نفسه ويسمى معونة (الثالثة) قال العلماء ضابط الولي انه المداوم على فعل الطاعات واجتناب المعاصي المعرض عن الانهماك في اللذات ويظهر ان هذا ضابط الولي الكامل اما أصل الولاية فتحصل لمن وجدت فيه صفة العدالة الباطنة لاجتماع الشروط المذكورة عند الفقهاء (تنبيه) قال الحافظ زين الدين العراقي ينبغي أن يقال أوّل من أسلم من الرجال ورقة بن نوفل لما في الصحيحين من حديث عائشة في قصة بدء الوحي بان فيه أن الوحي تتابع في حياة ورقة وانه آمن به. وقد ذكر ابن مندة ورقة في الصحابة انتهى ولما نقل الذهبي كلام ابن مندة قال والاظهر انه مات قبل الرسالة وبعد النبوة انتهى (قلت) يكفى ذلك في عده في الصحابة كما هو ظاهر كلامهم حيث عدوا من لقى النبي صلى الله عليه وسلم ولو مرة مؤمنا ومات على ذلك صحابيا وقد علم مما مر ايمان ورقة وتمنيه نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم (الاولية) بفتح الهمزة والواو المشددة وكسر اللام وتشديد التحتية (ومن الصبيان علي) كانت سنه يوم أسلم اثنتي عشرة سنة قاله ابن الزارع في مواليد أهل البيت وهذا مبني على ما صوبه ان مدة عمره خمس وستون سنة أما على الصحيح وهو ثلاث وستون فيكون سنه يوم أسلم عشر سنين وقد قيل ان سنه يومئذ كانت ثمان سنين وقيل أربع عشرة وشذ من قال خمس عشرة أو ست عشرة (وقد تنوزع) أى اختلف (فيستأنف الاسلام)
وقال قوم بخلاف ذلك وقد ذكرنا كيفية إسلامه والخلاف فيه مستوفى في كتابنا الرياض المستطابه في جملة من روى في الصحيحين من الصحابه. ولما أسلم أبو بكر جعل يدعو الناس الى الاسلام وكان رجلا مألوفا بخلقه ومعروفه فمن قبل منه جاء به الى النبى صلى الله عليه وسلم فاسلم على يديه. وممن أسلم بدعائه عثمان بن عفان والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبى وقاص وطلحة بن عبيد الله. وفي السنة الرابعة نزل قوله تعالى فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ فامتثل صلى الله عليه وسلم ما أمر به وأظهر دعوة الحق وكفاه الله المستهزئين كما وعده وهم خمسة نفر الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل السهمي وأبو زمعة الاسود بن المطلب والاسود بن عبد يغوث والحارث بن قيس بن عيطلة قيل وكان بفتح الفاء جواب لم (وقال قوم بخلاف ذلك) أي بخلاف قول من قال انه لم يكن مشركا بحكم التبعية وان لم تعلم له عبادة غير الله وعليه فالجواب عن استشكال صحة اسلامه مع صباه ان أحكام الصحبة انما أنيطت بالبلوغ بعد الهجرة عام الخندق وكانت قبل ذلك منوطة بالتمييز (ومن الرجال البالغين أبو بكر) كان سنه اذ ذاك سبعا وثلاثين سنة واشهرا كان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله قاله الزبير بن بكار (مألوفا لخلقه) أي لحسنها قال عياض الخلق مخالقة الناس باليمين والبشر والتودد لهم والاشفاق عليهم واحتمالهم والحلم عنهم والصبر عليهم في المكاره وترك الكبر والاستطالة عليهم ومجانبة الغلظة والغضب والمؤاخذة وقال الحسن بن أبي الحسن كيسان حسن الخلق بذل المعروف وترك الاذى وطلاقة الوجه واختلف السلف فيه هل هو غريزة أو مكتسب كما سيذكره المصنف (عثمان بن عفان) ابن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف (والزبير بن العوام) بن خويلد بن أسد بن عبد العزي بن قصي (وعبد الرحمن بن عوف) بن عبد عوف بن الحارث بن زهرة بن كلاب (وسعد بن أبى وقاص) مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة (وطلحة بن عبيد الله) بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد ابن تيم بن مرة وفي السنة الرابعة (فاصدع بما تؤمر) أصل الصدع الفصل والفرق ومعناه هنا أظهر قاله ابن عباس ويروي عنه امضه أو العن قاله الضحاك أو افرق بين الحق والباطل قاله الاخفش أو اقض قاله سيبويه وروي عن عبد الله بن عبيدة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفيا حتى نزلت هذه الآية فخرج هو وأصحابه ذكر ذلك البغوي وغيره (وأعرض عن المشركين) هذه الآية منسوخة بآية القتال (كما وعده) أي بقوله إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (الوليد بن المغيرة) قال البغوي وكان رأسهم (والعاص بن وائل) بالمد والتحتية بوزن فاعل (وأبو زمعة) بفتح الزاي وسكون الميم ثم مهملة (الاسود بن المطلب) بن حارث ابن أسد بن عبد العزي بن قصي قال المفسرون وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعا عليه فقال اللهم اعم بصره وأثكله بولده (والاسود بن عبد يغوث) بن وهب بن عبد مناف بن زهرة (والحارث بن قيس) بن
موتهم في يوم واحد بادواء متنوعة وقيل ان العاص والوليد ماتا بعد الهجرة على ما سيأتي ان شاء الله تعالى قال ابن اسحاق بعد أن عد الذين أسلموا أولا نحو أربعين قال ثم دخل الناس في الاسلام أرسالا من الرجال والنساء حتى فشا الاسلام بمكة وتحدث به
[