وفي السنة الاولى أخرجه أصحاب السير وغيرهم (مختونا) قال ابن عبد البر في الاستيعاب روي من حديث عبد الله بن عباس عن أبيه العباس بن عبد المطلب قال ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم مختونا (مسرورا) يعني مقطوع السرة فأعجب ذلك جده عند المطلب وقال ليكونن لابنى هذا شأن عظيم قال وليس إسناد العباس هذا بالقائم وقيل ختن يوم شق قلبه الملائكة عند ظئره حليمة وقيل ختنه جده يوم سابعه وصنع له مأدبة وسماه محمدا انتهى وفي مستدرك الحاكم ما لفظه وقد تواترت الاخبار ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد مسرورا مختونا وتعقب ذلك الذهبي فقال ما يعلم صحة ذلك فكيف يكون متواترا وقال ابن الجوزي عن كعب الاحباران ثلاثة عشر من الانبياء ولدوا مختونين آدم وشيث ونوح وادريس وسام ولوط ويوسف وموسى وشعيب وسليمان ويحيى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم. وقال محمد بن حبيب الهاشمي هم أربعة عشر آدم وشيث ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب ويوسف وموسى وسليمان وزكريا وعيسى وحنظلة بن صفوان نبي أصحاب الرس ومحمد صلى الله عليه وسلم (روي عن الشفا) بكسر المعجمة بعدها فاء فالف مقصورة كذا قال الشمني وضبطه غيره بفتح المعجمة وتشديد الفاء وهي بنت عوف بن عبد الحرث بن زهرة بن كلاب من المهاجرات الاول (وخبت نار فارس) فى بعض النسخ خمدت وهو بفتح الميم أشهر من كسرها طفئت (وكان وقودها) بضم الواو مصدر (من عهد عيسى) في الشفاء وغيره فكان لها ألف عام لم تخمد (وغاضت) بالمعجمتين نقصت وقلت (بحيرة) تصغير بحرة وكان يعبدها من حولها وكانت أكثر من فرسخ وقيل كانت ستة فراسخ بعراق العجم بين همذان وقم كانت تركب فيها السفن ويسافر الى ما حولها من القرى والمدن فأصبحت ليلة مولده يابسة كان لم يكن بها ماء ولا نداة واستمرت كذلك حتى بنيت موضعها مدينة (ساوة) وهى مدينة مشهورة بين الرى وهمذان وأضيفت البحيرة اليها لبنائها مكانها وفي بعض نسخ الشفا بحيرة طبرية وهو خلاف المعروف قال الشمني الا ان يريد المصنف عند خروج يأجوج ومأجوج فانه ورد ان أوائلهم يشرب بحيرة طبرية ويجئ آخرهم فيقول لقد كان بها ماء انتهي (عرش ابليس) أى سريره (ورمي الشياطين بالشهب) أى كثر رميهم وكان قبل ذلك لا يرمي الا لحدوث أمر عظيم (وعن كهنتهم) جمع كاهن وهو الذي يرى معرفة الشيء ويخبر به قبل وجوده قال عياض كانت الكهانة في العرب ثلاثة اضرب
من ميلاده صلى الله عليه وسلم أرضعته ثويبة مولاة أبى لهب وأرضعت معه عمه حمزة وأبا سلمة عبد الله بن عبد الاسد المخزومي بلبن ابنها مسروح* وروي ان العباس رأى أخاه أبا لهب في المنام بشرجال وقال يرفّه عني من العذاب في كل ليلة اثنين فسأله عن ذلك فقال لما ولد محمد جاءتني ثويبة فبشرتني فأعتقتها وكان ذلك ليلة الاثنين وفي صحيح البخارى اشارة الى ذلك والله أعلم* ثم احتملته حليمة بنت أبى ذؤيب عبد الله بن الحارث من بني سعد ابن بكر بن هوازن ثم من بني قيس عيلان بن مضر وذلك حين قدمت مكة مع نسوة من قومها يلتمسون الرضعاء لما يرجون من المعروف والبر من أهليهم وكان أهل مكة يسترضعون أولادهم فيهم لفصاحتهم وليجمعوا للولد ما بين صحة البادية وفصاحتها وآداب الحضارة وملاحتها أحدها يكون للانسان ولي من الجن يخبره بما يسترقه من السمع من السماء وهذا القسم بطل من حين بعث الله نبينا صلى الله عليه وسلم الثاني أن يخبره بما يطرأ ان يكون في اقطار الارض وبما خفي عنه مما قرب أو بعد هذا ولا يبعد وجوده ولكنهم يصدقون ويكذبون والنهى عن تصديقهم والسماع منهم عام الثالث المنجمون وهذا الضرب يخلق الله تعالى فيه لبعض الناس علما لكن الكذب فيه أغلب ومن هذا الفن العرافة وصاحبها عراف وهو الذي يستدل على الامور باسباب ومقدمات يدعى معرفتها بها وقد يعتضد بعض أهل الفن في ذلك بالزجر والطرق والنجوم وأسباب معتادة وهذه الاضرب كلها تسمى كهانة وقد أكذبهم كلهم الشرع ونهى عن تصديقهم واتيانهم انتهى (ثويبة) بالمثلثة والتحتية والموحدة مصغر واختلف في اسلامها وماتت عقب فتح خيبر ولم يذكران أمه أرضعته قبلها ثلاثة أيام (عمه حمزة) هو أخو عبد الله من أبيه وأما أمه هو وصفية فهي خالة بنت وهب بن عبد مناف بن وهب كما قاله النووي وغيره وقد روى ان حليمة أرضعته أيضا مع النبي صلى الله عليه وسلم (وأبا سلمة) هو ابن له من أم سلمة رضى الله عنها كنيا به معا (عبد الله بن عبد الاسد) بمهملة وقيل معجمة ضبطه كذلك القاضي زكريا في حاشية البيضاوي والسيوطي أيضا والمهملة في آخره مشددة (المخزومي) نسبة الى مخزوم بن يقظة بن مرة لأن جده أبا أبيه هلال بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم (ابنها مسروح) بمهملات وضبط بالجيم آخره أيضا ولا يعرف له اسلام (يرفه) يخفف وزنا ومعنى (فاعتقها وكان ذلك ليلة الاثنين) أى فخفف عني بسبب عتقى اياها قيل وهذا خاص به اكراما له صلى الله عليه وسلم كما خفف عن أبى طالب بسببه وقيل لا مانع من تخفيف العذاب عن كل كافر عمل خيرا (حليمة بنت أبى ذؤيب) بالهمز (عبد الله بن الحارث) بن سحنة بن جابر ابن رزام بن ناصر بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بمعجمة فمهملة ففاء مفتوحات ابن (قيس عيلان) بفتح المهملة (ابن مضر) أحد أجداد النبي صلى الله عليه وسلم (فائدة) جملة مرضعاته صلى الله عليه وسلم على ما قيل ثمان أمه وثويبة وحليمة وخولة بنت المنذر ذكرها أبو الفتح اليعمرى عن ابن اسحاق وامرأة سعدية غير حليمة ذكرها ابن القيم في الهدي وثلاث نسوة اسم كل واحدة منهن عاتكة نقله السهيلي عن بعضهم في تأويل قوله صلى الله عليه وسلم أنا ابن العواتك من سليم وهو حديث خرجه
فقام صلى الله عليه وآله وسلم فيهم خمس سنين وظهر لهم من يمنه وبركته أثناء إقامته بين أظهرهم أنواع من المعجزات وخوارق العادات وروي عن حليمة في ذلك أخبار طويلة من در ثديها عليه بعد أن كان عاطلا وسير أتانها بها وبه بعد ان كان ثافلا ودرور شارفهم وشياههم بعد ان كان لا يروي عالّا ولا ناهلا وخصب مرعاهم بعد ان كان جدبا ماحلا وأحبته حليمة ونيط حبه بلحمها ودمها وصارت أمه بعد ان كانت راغبة عنه في ابتداء الحال حين ذكر لها يتمه* وفي انقضاء السنة الثانية فصلته حليمة وقد صار غلاما جفرا وكان كبره في سنة ككبر غيره في سنتين ثم قدمت به على أمه مكة وناشدتها أن ترجعه معها ففعلت*
[