قال أبو عمر رحمه الله: كان اسمها برة فغيره رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية.
وروى محمد بن إسحاق والإمام أحمد وأبو داود ومحمد بن عمر عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت جويرية امرأة حلوة ملاحة، لا يكاد يراها أحد إلا أخذت بنفسه، فبينما النبي صلى الله عليه وسلم عندي ونحن على الماء إذ دخلت عليه جويرية تسأله في كتابتها، فو الله ما هو إلا أن رأيتها فكرهت دخولها على النبي صلى الله عليه وسلم، وعرفت أنه سيرى منها مثل الذي رأيت، فقالت:
يا رسول الله إني امرأة مسلمة أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وأنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيّد قومه، أصابنا من الأمر ما قد علمت ووقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس- أو ابن عم له فتخلّصني من ابن عمّه بنخلات له بالمدينة- فكاتبني على ما لا طاقة لي به ولا يدان، وما أكرهني على ذلك إلا أنّي رجوتك صلى الله عليك فأعنّي في مكاتبتي،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو خير من ذلك؟ فقالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: أؤدّي عنك كتابتك وأتزوجك، قالت: نعم يا رسول الله قد فعلت،
فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ثابت بن قيس فطلبها منه، فقال ثابت: هي لك يا رسول الله بأبي وأمّي، فأدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان عليها من كتابتها، وأعتقها وتزوّجها، وخرج الخبر إلى الناس ورجال بني المصطلق قد اقتسموا وملكوا ووطئت نساؤهم، فقال المسلمون:
أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعتقوا ما بأيديهم من ذلك السّبي. قالت عائشة رضي الله عنها:
فأعتق مائة أهل بيت بتزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم إيّاها، فلا أعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها [ (1) ] .
,
روى هشام بن عروة عن أبيه قال: قالت جويرية: رأيت قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث ليال كأنّ القمر يسير من يثرب حتى وقع في حجري، فكرهت أن أخبرها أحدا من الناس، حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سبينا رجوت الرؤيا، فلما أعتقني وتزوّجني والله ما كلمته في قومي، حتى كان المسلمون هم الذين أرسلوهم، وما شعرت إلا بجارية من بنات عمّي تخبرني الخبر، فحمدت الله تعالى.
,
ملّاحة قال في المصباح: ملح الشّيء بالضمّ ملاحة بالفتح: بهج وحسن منظره فهو مليح والأنثى مليحة، والجمع ملاح.
لا طاقة بكذا ولا يدان، أي لا قوة لي ولا قدرة عليه.