"ثم سرية عبيدة" بضم العين وفتح الموحدة وإسكان التحتية فدال فهاء، "ابن الحارث" بن المطلب بن عبد مناف المستشهد ببدر، "إلى بطن رابغ" بموحدة مكسورة وغين معجمة، "في شوال على رأس ثمانية أشهر" من الهجرة تقريبا أو تحقيقا على ما مر، وأوردها ابن هشام وأبو
في ستين رجلا، وعقد له لواء أبيض، حمله مسطح بن أثاثة، يلقى أبا سفيان بن حرب. وكان على المشركين -وقيل مكرز بن حفص، وقيل عكرمة بن أبي جهل- في مائتين، ولم يكن بينهم قتال، إلا أن سعد بن أبي وقاص رمى بسهم، فكان أول سهم رمي به في الإسلام.
__________
الربيع في الاكتفاء بعد غزوة الأبواء في السنة الثانية في ربيع الأول، ورواه ابن عائذ عن ابن عباس، وبه صرح بعض أهل السير، لكن ذكر غير واحد أن الراجح الأول، فلذا اقتصر عليه المصنف.
"في ستين رجلا" أو ثمانين كذا عند ابن إسحاق، فيحتمل أنه شك أو إشارة إلى قولين، ولفظه: في ستين أو ثمانين راكبا من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد، "وعقد" عليه السلام "له" لعبيدة "لواء أبيض حمله مسطح" بميم مكسورة وسين ساكنة وطاء مفتوحة وحاء مهملات، "ابن أثاثة" بضم الهمزة وخفة المثلثتين ابن عباد بن المطلب بن عبد مناف بن قصي المطلبي اسمه عوف ومسطح لقبه، أسلم قديما ومات سنة أربع وثلاثين في خلافة عثمان، ويقال: عاش إلى خلافة علي وشهد معه صفين، ومات تلك السنة سنة سبع وثلاثين. "يلقى أبا سفيان" صخر "بن حرب" أسلم في الفتح رضي الله عنه، "وكان على المشركين" كما قال الواقدي: إنه الثبت عندنا، وصدر به مغلطاي.
"وقيل:" أي: قال ابن هشام عن أبي عمرو بن العلاء المدني: يلقى "مكرز" بكسر الميم وإسكان الكاف وفتح الراء والزاي، كما ضبطه الغساني وغيره. قال السهيلي: وهكذا الرواية حيث وقع، قال ابن ماكولا: ووجدته بخط ابن عبدة النسابة بفتح الميم، قال الحافظ: وبخط يوسف بن خليل بضم الميم وكسر الراء والمعتمد الأول، "ابن حفص" بن الأخيف بفتح الهمزة وسكون المعجمة وفتح التحتية وبالفاء ابن علقمة العامري، وهو الذي جاء في فداء سهيل بن عمرو بعد بدر، وجاء أيضا في قصة الحديبية، قال في الإصابة والنور، ولم أرَ من ذكره في الصحابة إلا ابن حبان، فقال في ثقاته: يقال له صحبة.
"وقيل" أي: قال ابن إسحاق: يلقى "عكرمة بن أبي جهل" أسلم في الفتح "في مائتين ولم يكن بينهم قتال إلا أن سعد بن أبي وقاص" مالك "رمى" يومئذ "بسهم، فكان أول سهم رمي به في الإسلام" كذا عند ابن إسحاق، والمراد: جنس سهم، فلا ينافي قول الواقدي: إنه نثر كنانته وتقدم أمام أصحابه وقد تترسوا عنه فرمى بما في كنانته، وكان فيها عشرون سهما ما منها سهم إلا ويجرح إنسانا أو دابة. قال ابن إسحاق: ثم انصرف القوم عن القوم وللمسلمين حامية وفر من المشركين إلى المسلمين المقداد بن عمرو وعتبة بن غزوان، وكانا مسلمين ولكنهما خرجا
قال ابن إسحاق: وكانت راية عبيدة -فيما بلغنا- أول راية عقدت في الإسلام، وبعض الناس يقول: راية حمزة. قال: وإنما أشكل أمرهما لأنه عليه السلام بعثهما معا، فاشتبه ذلك على الناس. انتهى.
وهذا يشكل بقولهم: إن بعث حمزة كان على رأس سبعة أشهر، لكن يحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم عقد رايتيهما معا، ثم تأخر خروج عبيدة إلى رأس الثمانية، لأمر اقتضاه، والله أعلم.
__________
ليتوصلا بالكفار.
"قال ابن إسحاق: وكانت راية عبيدة فيما بلغنا أول راية عقدت في الإسلام" قال: وبعض العلماء يزعم أنه صلى الله عليه وسلم بعثه حين أقبل من غزوة الأبواء قبل أن يصل إلى المدينة، قال: "وبعض الناس يقول" كانت "رواية حمزة " أول راية "قال: وإنما أشكل أمرهما؛ لأنه عليه السلام بعثهما معا، فاشتبه ذلك على الناس" فكل من قال ذلك في واحد منهما فهو صادق، "انتهى" قول ابن إسحاق بما زدته من سيرته.
"وهذا يشكل بقولهم إن بعث حمزة كان على رأس سبعة أشهر" في رمضان وبعث عبيدة على رأس ثمانية في شوال، فكيف يشتبه مع هذا؟ "لكن يحمل أن يكون صلى الله عليه وسلم عقد رايتيهما معا، ثم تأخر خروج عبيدة إلى رأس الثمانية لأمر اقتضاه" فيلتئم القولان، "والله أعلم" بحقيقة الحال.