قال الزهري: في علم المغازي خير الدنيا والآخرة. وقال زين العابدين علي بن الحسين بن علي: كنا نعلم مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نعلم السور من القرآن، رواهما الخطيب وابن عساكر. وعن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص: كان أبي يعلمنا المغازي والسرايا، ويقول: يا بني هذه شرف آبائكم فلا تضيعوا ذكرها.
"ثم غزوة ودان" بفتح الواو وشد المهملة فألف فنون قرية جامعة من أمهات القرى من عمل الفرع، وقيل: واد في الطريق يقطعه المصعدون من حجاج المدينة. "وهي" أي: غزوة ودان، "الأبواء" بفتح الهمزة وسكون الموحدة والمد: قرية من عمل الفرع بينها وبين لجحفة من جهة المدينة وثلاثة وعشرون ميلا. قيل: سميت بذلك لما فيها من الوباء، وهو على القلب وإلا لقيل الأوباء، والصحيح كما قال قاسم بن ثابت: إنها سميت بذلك لتبوء السيول بها، ومراد المصنف أن منهم من أضافها لودان وبعضهم للأبواء لتقاربهما، فليس ضمير هي راجعة لودان، لاقتضائه أنه مكان واحد له اسمان، وهو خلاف الواقع كما يأتي. "وهي" أي: غزوة ودان، "أول مغازيه" صلى الله عليه وسلم "كما ذكره ابن إسحاق وغيره،" وآخرها تبوك، ولا يرجع ضمير هي للأبواء وإن كان
وفي صحيح البخاري عنه: أوله الأبواء.
خرج صلى الله عليه وسلم في صفر على رأس اثني عشر شهرا من مقدمة المدينة، يريد قريشا، في ستين رجلا وحمل اللواء حمزة بن عبد المطلب. فكانت الموادعة -أي المصالحة- على أن بني ضمرة لا يغزونه ولا يكثرون عليه جمعا، ولا يعينون عليه عدوا.
واستعمل على المدينة سعد بن عبادة.
وليس بين ما وقع في سيرة ابن إسحاق وبين ما نقله عنه البخاري اختلاف، لأن الأبواء وودان مكانان متقاربان بينهما ستة أميال أو ثمانية.
__________
أقرب مذكور؛ لأنه لا يتخيل تناف حتى يحتاج للجواب الآتي.
"وفي صحيح البخاري عنه" أي: ابن إسحاق تعليقا: "أولها" أي: المغازي "الأبواء" ثم بواط ثم العشيرة، ولا تنافي كما يأتي، "خرج صلى الله عليه وسلم في صفر" لاثنتي عشرة مضت منه، كما عند بعض الرواة عن ابن إسحاق، "على رأس" أي: عند أول "اثني عشر شهرا" ففي المصباح: رأس الشهر: أوله، "من مقدمه المدينة يريد قريشا" زاد ابن إسحاق: وبني ضمرة، فكأنه قصره على قريش؛ لأنهم المقصودون بالذات والمراد غيرهم، "في ستين رجلا" من المهاجرين ليس فيهم أنصاري، "وحمل اللواء" قال أبو عمر: كان أبيض، "حمزة بن عبد المطلب" سيد الشهداء "فكانت الموادعة" أي: فكان الأثر المترتب على خروجه الموادعة "أي: المصالحة" مع بني ضمرة ولم يدرك العير التي أراد "على أن بني ضمرة" بفتح المعجمة وإسكان الميم: ابن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة "لا يغزونه ولا يكثرون عليه جمعا، ولا يعينون عليه عدوا" وإنه إذا دعاهم لنصر أجابوه، قال ابن إسحاق وابن سعد وأبو عمر: عقد ذلك معه سيدهم مخشي ابن عمرو الضمري.
وقال ابن الكلبي وابن حزم: عمارة بن مخشي بن خويلد، ومخشي بفتح الميم وسكون الخاء وكسر الشين المعجمتين ثم ياء مشددة كياء النسبة، قال البرهان: لا أعلم له إسلاما. وقال الشامي: لم أر من ذكر له إسلاما، وكتب بينهم بذلك كتابا، كما قال السهيلي، وسيذكره المصنف بعد بواط، والأولى تقديمه هنا. "واستعمل على المدينة سعد بن عبادة" كما ذكره ابن المصنف بعد بواط، والأولى تقديمه هنا. "واستعمل على المدينة سعد بن عبادة" كما ذكره ابن هشام وابن سعد وابن عبد البر: وغاب عنها خمسة عشر يوما ثم رجع ولم يلق كيدا. "و" أفاد في فت الباري أنه "ليس بين ما وقع في سيرة ابن إسحاق" من أن أول غزواته ودان "وبين ما نقله عنه البخاري" أن أولها الأبواء "اختلاف؛ لأن الأبواء وودان مكانان متقاربان بينهما ستة أميال" وبه جزم اليعمري، "أو ثمانية" كما قال غيره، زاد في الفتح: ولهذا وقع في حديث الصعب بن جثامة وهو بالأبواء أبو بودان، كما مر في الحج. وفي مغازي الأموي: حدثني أبي عن ابن إسحاق، قال: ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم غازيا بنفسه حتى انتهى إلى ودان وهي الأبواء. وعند ابن عائذ عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم وصل إلى الأبواء، انتهى. فكما وقع في العيون أنه سار حتى بلغ ودان وقع في غيره أنه سار حتى بلغ الأبواء.
وروى البخاري في التاريخ الصغير والطبراني عن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه عن جده، قال: أول غزوة غزوناها مع النبي صلى الله عليه وسلم الأبواء.
غزوو بواط:
ثم