سار رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه إلى بني النضير.
واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، وحملت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبّة من خشب الغرب، عليها مسوح أرسل بها سعد بن عبادة رضي الله عنه، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بفضاء بني النّضير، فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قاموا على جدر حصونهم، معهم النّبل والحجارة، واعتزلتهم بنو قريظة، فلم يعينوهم بسلاح ولا رجال، ولم يقربوهم، فجعلت بنو النضير يرمون ذلك اليوم بالنّبل والحجارة. وقام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء رجع إلى بيته في عشرة من أصحابه، عليه الدّرع، وهو على فرس، واستعمل على العسكر علي بن أبي طالب، ويقال: أبو بكر، رضي الله عنهما، وبات المسلمون يحاصرونهم ويكبّرون حتى أصبحوا ثم أذّن بلال بالفجر، فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه الذين كانوا معه فصلّى بالناس في فضاء بني خطمة، وأمر بلالا فضرب القبّة في موضع المسجد الصغير الذي بفضاء بني خطمة، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم القبّة.
وكان رجل من يهود يقال له: عزوك، وكان أعسر راميا، فيرمي فتبلغ نبله قبّة النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر بقبّته فحوّلت إلى مسجد الفضيخ، فتباعدت من النّبل.
وأمسوا فلم يقربهم ابن أبيّ، ولا أحد من حلفائه، وجلس في بيته، ويئست بنو النّضير من نصره، وجعل سلّام بن مشكم وكنانة بن صويراء يقولان لحييّ: أين نصر بن أبيّ الذي زعمت؟ قال حييّ: ما أصنع؟! هي ملحمة كتبت علينا.
ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم حصارهم، فلما كانت ليلة من الليالي فقد علي رضي الله عنه قرب العشاء،
فقال الناس: يا رسول الله، ما نرى عليّا! قال: «دعوه، فإنه في بعض شأنكم!»
فعن قليل جاء برأس عزوك، وقد كمن له حين خرج يطلب غرّة من المسلمين، وكان شجاعا راميا، فشدّ عليه فقتله، وفرّ من كان معه، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عليّ أبا دجانة وسهل بن
حنيف في عشرة من أصحابه فأدركوا اليهود الذين فرّوا من عليّ، فقتلوهم وطرحت رؤوسهم في بعض البئار.
وكان سعد بن عبادة- رضي الله عنه- يحمل التّمر إلى المسلمين.