بفتح القافين، وحكي ضمها، قال الدميريّ، كما في «شرح المواهب» : والمعروف فتحهما، قال ابن سعد:
ويقال: قرارة الكدر. وفي «الصّحاح» : قراقر، بضم القاف: اسم ماء، ومنه: غزاة قراقر، ففيها ثلاثة أوجه.
كانت في نصف المحرم، على رأس ثلاثة وعشرين شهرا من مهاجره، كما ذكره في «العيون» عن ابن سعد؛ فهي بعد غزوة السّويق؛ فلذا قال الناظم: (ثمّ بعدها قرقرة الكدر) وبهذا ترجمها اليعمريّ في «العيون» والسهيليّ.
والقرقرة: أرض ملساء، والكدر: طير في ألوانها كدرة، عرف بها ذلك الموضع الذي هو قرقرة؛ لاستقرار هذه الطيور به، ويقال: قرقرة الكدر: ماء لبني سليم، وغطفان، وهم المراد بالقوم في قوله: (لقوم عندها) .
قال في «العيون» : (ولمّا بلغه صلى الله عليه وسلم أنّ بهذا الموضع جمعا من بني سليم، وغطفان.. استخلف على المدينة سيدنا عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه، وسار إليهم، وحمل لواءه صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، فلم يجد في المحالّ «1» أحدا، وأرسل نفرا من أصحابه في أعلى الوادي، واستقبلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في بطن الوادي، فوجد رعاء «2» ، منهم غلام يقال له: يسار، فسأله عن الناس فقال: لا علم لي بهم، إنّما أورد الخمس «3» ، وهذا يوم ربعي، والناس قد ارتفعوا في المياه؛ ونحن عزاب في الغنم.
فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ظفر بالنّعم، فانحدر به إلى المدينة، واقتسموا غنائمهم بصرار «4» ، على ثلاثة أميال من المدينة. وكانت النعم خمسمئة بعير، فأخرج خمسه، وقسم أربعة أخماسه على المسلمين، فأصاب كلّ رجل منهم بعيران، وكانوا مئتي رجل، وصار يسار في سهم
__________
(1) بفتح الميم وتشديد اللام جمع محلة: منزل القوم.
(2) بالكسر: جمع راع.
(3) بكسر المعجمة من إظماء الإبل؛ أي: ترعى ثلاثة أيام، وترد اليوم الرابع.
(4) قال الزرقاني: (بكسر المهملة، وراء مهملة مخففة، فألف فراء ثانية، كما قيده الدارقطني وغيره، ووقع للحمودي والمستملي: بضاد معجمة، وهو وهم كما في «المطالع» : موضع قريب من المدينة، وقيل: بئر قديمة، على ثلاثة أميال منها، من طريق العراق) اهـ
النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فأعتقه؛ وذلك أنّه رآه يصلّي، وغاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة) .
قال السّهيلي: (وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يذكر مسيره مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الغزوة، فقال لعمران بن سوادة، حين قال له: إن رعيتك تشكو منك عنف السّياق، وقهر الرعية، فذقّن على الدّرة «1» وجعل يمسح سيورها، ثمّ قال: قد كنت زميل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قرقرة الكدر، فكنت أرتع فأشبع «2» ، وأسقي فأروي، وأكثر النّجر «3» ، وأقلّ الضرب، وأردّ العنود «4» ، وأزجر العروض، وأضم اللّفوت «5» ، وأشهر بالعصا، وأضرب باليد، ولولا ذلك.. لأغدرت فتركت «6» ) يذكر حسن سياسته فيما ولي من ذلك.
__________
(1) ذقن بالقاف والنون، قال في «شرح القاموس» : (ذقن على يده أو على عصاه: وضع ذقنه عليها واتّكأ، وفي حديث: فوضع الدرة، ثمّ ذقن عليها، وفي رواية: فذقن بسوطه يستمع، والدرة بالكسر: التي يضرب بها، عربية معروفة، والجمع درر: نقول: حرمتني درك فاحمني دررك) اهـ
(2) أترك الماشية ترعى حيث شاءت.
(3) هو أن تضم في كفك برجمة الإصبع الوسطى ثمّ تضرب بها رأس أحد، قاله في «القاموس» اهـ
(4) العنود: الخارج عن الطريق، والعروض: المستصعب من الناس والدواب. اهـ «سهيلي»
(5) اللفوت بوزن صبور: العسر الخلق، كما في «القاموس» .
(6) لأغدرت: لضيعت.
وبعدها ذو أمر وغطفان ... كلاهما تدعى به وتستبان
لغطفان وجموع ثعلبه ... جمعها دعثور صاحب الظّبه
,
(ف) بعد أن انتهى صلى الله عليه وسلم والصحب الكرام من بدر بسبع ليال، كما جزم به ابن إسحاق.. خرج (لسليم) بضم المهملة، وفتح اللام، في مئتي رجل؛ لما بلغه صلى الله عليه وسلم: أنّ جمعا من بني سليم وغطفان، بماء يقال له:
(الكدر) بضم الكاف وسكون المهملة، فأقام عليه- عليه الصّلاة والسّلام- ثلاثا، فلم يلق كيدا، وكانت غيبته صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة، واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة، وحمل اللّواء علي بن أبي طالب.