ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه بعد فراغه بسبعة أيام إلى غزوة بني سليم، واستعمل على المدينة سباغة بن عرفطة، وقيل ابن أم مكتوم، فبلغ ماء يقال له (الكدر) فأقام عليه ثلاثا، ثم انصرف ولم يلق كيدا.
لما رجع فل المشركين إلى مكة موتورين، نذر أبو سفيان ألايمس رأسه ماء حتى يغزو رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فخرج في مائتي راكب حتى أتى العريضة في طرف الدينة، وبات ليلة واحدة عند سلام بن مشكم اليهودي، فسقاه الخمر، وبطن له من خبر الناس، فلما أصبح قطع أسوارا من النخل، وقتل رجلا من الأنصار وحليفا له، ثم كرّ راجعا، وندر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج في طلبه، فبلغ قرقرة الكدري، وفاته أبو سفيان، وطرح الكفار سويقا كثيرا من أزوادهم، يتخففون به، أخذها المسلمون، فسميت غزوة السويق «2» .
وكان ذلك بعد بدر بشهرين، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بقية ذي الحجة، ثم غزا نجدا يريد غطفان «3» ، واستعمل على المدينة عثمان بن عفان- رضي الله عنه- وأقام هناك صفرا كله من السنة الثالثة، ثم انصرف ولم يلق حربا.
فأقام بالمدينة ربيعا الأول، ثم خرج يريد قريشا، ثم استخلف على المدينة ابن أم مكتوم، فبلغ بحران معدنا بالحجاز من ناحية القرى ولم يلق حربا، فأقام هنالك ربيعا الآخر، وجمادى الأول، ثم انصرف إلى المدينة «4» .
__________
(1) - زاد المعاد لابن قيم الجوزية (3/ 189) وابن سيد الناس (1/ 294) وشرح المواهب اللدنية (4541) ، بتصرف وزيادة.
(2) - راجع غزوة السويق في: - ابن سيد الناس (1/ 344) .
(3) - ابن سيد الناس (/ 303) .
(4) - ابن سيد الناس (1/ 304) .