نسبة إلى قبيلة من بطون هذيل، غدرت بعشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند بئر معونة وتسببت باستشهادهم.
وقعت في ربيع الأول لسنة ٦ هـ، بعد ستة أشهر من غزوة بني قريظة، وكان موقعها عند بطن غران وهو موضع بني لحيان وعلى بعد ٢٠٠ ميلًا من المدينة المنورة وبالقرب من مكة.
قادها نبي الله صلى الله عليه وسلم في مائتين من أصحابه المجاهدين، واستهدف قبيلة بني لحيان.
القصاص ممن غدروا بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدعاة والذين طلبت نجد إرسالهم لنشر دين الإسلام، فكان الغدر بهم حتى انتهى حالهم بصلب خبيب واستشهاد رفاقه رضي الله عنهم على يد قريش، ما سبب كمدًا شديدًا لنبي الله صلى الله عليه وسلم، ولما أمكنه الله على اليهود والأحزاب، كان خروجه في طلب القبائل العربية الغادرة.
ظل نبي الله صلى الله عليه وسلم مترقبًا لفرصة القصاص للشهداء من أصحابه بالرجيع، ولما أمكنه الله من اليهود والأحزاب، خرج في ربيع الأول في مائتين من أصحابه، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، وأظهر أنه يريد الشام، ليباغت أعدائه، ثم أسرع السير حتى انتهى إلى وادي أمج وعسفان، حيث كان مصاب أصحابه، فترحم عليهم ودعا لهم، وسمعت بنو لحيان، فهربوا في رؤوس الجبال، فلم يقدر منهم على أحد، وكانت قوة المسلمين قد باتت ترعب أعدائهم.
أقام النبي صلى الله عليه وسلم يومين بأرض لحيان، وبعث السرايا، فلم يقدروا عليهم، فسار إلى عسفان، فبعث عشرة فوارس إلى كراع الغميم لتسمع به قريش، ثم رجع إلى المدينة، وكانت غيبته أربع عشرة ليلة.
ثم توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
قال جابر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وجه أي توجه إلى المدينة يقول: «آيبون تائبون إن شاء الله لربنا حامدون» أي وفي رواية «لربنا عابدون، أعوذ بالله من وعثاء السفر» [أي: مشقة السفر] وكآبة [أي: حزن] المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال» قال وزاد بعضهم «اللهم بلغنا بلاغًا صالحًا يبلغ إلى خير مغفرتك ورضوانك» قيل ولم يسمع هذا الدعاء منه قبل ذلك.
وقيل أن نبي الله صلى الله عليه وسلم زار قبر أمه آمنة في طريقه عند الأبواء، وبكى بكاءً حارًّا، لما سأله الصحابة قال أه استأذن ربه في زيارتها والاستغفار لها.
هروب بني لحيان من قصاص النبي صلى الله عليه وسلم، وحصول الرعب بصدورهم، وكذا لدى قريش جارتهم.
رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يفرط في حق أصحابه الشهداء ولو بعد حين، وقد نصره الله بالرعب فكان رؤوس الشرك تفر لمجرد العلم بوجوده، وقد انتشرت السرايا والغزوات بالعام السادس الهجري وبدأ جهاد المسلمين لنشر دعوة دين الله يبتعد لمناطق لم يطأها المسلمون من قبل.
"السيرة النبوية" لابن هشام، "السيرة الحلبية"، "الرحيق المختوم" و"الطبقات" لابن سعد