,
انشقاق القمر. قال الله تعالى: {اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَاِنْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر:1]. وهو في الصحيح من طرق (1).
وأعطاه الله تعالى الكوثر. قال الله تعالى: {إِنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر:1]، وله في الصحيح طرق (2).
_________
(1) أخرجه البخاري في المناقب، باب سؤال المشركين أن يريهم النبي صلى الله عليه وسلم آية، فأراهم انشقاق القمر (3636) و (3637) و (3638) عن ابن مسعود وأنس وابن عباس رضي الله عنهم جميعا، وأخرجه مسلم عنهم وعن ابن عمر رضي الله عنهما في صفات المنافقين، باب انشقاق القمر (2800) و (2801) و (2802) و (2803).
(2) ولفظه كما في البخاري من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينما أنا أسير في الجنة، إذ أنا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف، قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك. .». كتاب الرقاق، باب في الحوض وقوله تعالى: إِنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (6581)، وأخرجه أيضا في التفسير، باب سورة إِنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (4964) و (4965) و (4966) عن أنس وعائشة وابن عباس رضي الله عنهم جميعا، وهو في صحيح مسلم من حديث أنس رضي الله عنه في الصلاة، باب حجة من قال: البسملة آية من كل سورة سوى براءة (400).
وكلمه الضب: في حديث رواه الحاكم (1).
ومنها: أن كنوز كسرى تنفقها أمته في سبيل الله (2).
_________
(1) الخبر ساقه القاضي في الشفا 3/ 126 مختصرا من حديث سيدنا عمر رضي الله عنه هكذا: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في محفل من أصحابه، إذ جاء أعرابي قد صاد ضبا فقال: من هذا؟ قالوا: نبي الله. فقال: واللات والعزى لا آمنت بك أو يؤمن بك هذا الضب، وطرحه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا ضب، فأجابه بلسان مبين، يسمعه القوم جميعا: لبيك وسعديك يا زين من وافى القيامة. قال: من تعبد؟ قال: الذي في السماء عرشه، وفي الأرض سلطانه، وفي البحر سبيله، وفي الجنة رحمته، وفي النار عقابه. قال: فمن أنا؟ قال: رسول رب العالمين، وخاتم النبيين، وقد أفلح من صدقك، وخاب من كذبك. فأسلم الأعرابي». وهو بتمامه عند الطبراني في الصغير (948)، وأبي نعيم في الدلائل (275)، والبيهقي في الدلائل 6/ 36 - 38 وقال: وروي ذلك في حديث عائشة وأبي هريرة، وما ذكرناه هو أمثل الإسناد فيه. وأضاف السيوطي في الخصائص 2/ 65 نسبته إلى ابن عدي والحاكم في المعجزات. وقال الذهبي في الميزان 3/ 651: خبر باطل. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 294: رواه الطبراني في الصغير والأوسط عن شيخه محمد بن علي بن الوليد البصري، قال البيهقي: والحمل في هذا الحديث عليه. قلت: وبقية رجاله رجال الصحيح. وقال السيوطي في الخصائص أيضا: لحديث عمر -رضي الله عنه-طريق آخر ليس فيه محمد بن علي بن الوليد، أخرجه أبو نعيم، وقد ورد أيضا مثله من حديث علي أخرجه ابن عساكر. قلت: هو في المختصر 2/ 145 - 147؛ وقال القسطلاني في المواهب 2/ 555: الحديث مطعون فيه، وقيل: إنه موضوع، لكن معجزاته صلى الله عليه وسلم فيها ما هو أبلغ من هذا، وليس فيه ما ينكر شرعا، خصوصا وقد رواه الأئمة، فنهايته الضعف لا الوضع، والله أعلم.
(2) كما ورد في الصحيحين من حديث جابر بن سمرة وأبي هريرة رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا-
وأن سراقة يسوّر بسواري كسرى (1).
وبأن خزائن فارس والروم تفتح (2).
وبأن المسلمين يقاتلون قوما: صغار الأعين، عراض الوجوه، ذلف الأنوف (3).
_________
= قيصر بعده، والذي نفسي بيده، لتنفقن كنوزهما في سبيل الله». أخرجه البخاري في المناقب، باب علامات النبوة (3618) و (3619)، ومسلم في الفتن، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل (2918) و (2919).
(1) روي ذلك عن الحسن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسراقة بن مالك: «كيف بك إذا لبست سواري كسرى؟ قال: فلما أتي عمر رضي الله عنه بسواري كسرى، دعا سراقة، فألبسه، وقال: قل الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز، وألبسهما سراقة الأعرابي»، أخرجه ابن الأثير في أسد الغابة عن الثلاثة، وعزاه السيوطي في الخصائص 2/ 113 إلى البيهقي.
(2) في الصحيح من حديث عدي رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ولئن طالت بك حياة، لتفتحن كنوز كسرى. . فقال عدي: وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى. .». أخرجه البخاري في المناقب، علامات النبوة (3595).
(3) هم التّرك كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك، صغار الأعين، حمر الوجوه، ذلف الأنوف. . .». أخرجه البخاري في الجهاد، باب قتال الترك (2928)، ومسلم في الفتن، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل (2912)، وأما لفظة (عراض الوجوه): فقد وردت في حديث عمرو بن تغلب رضي الله عنه، أخرجه البخاري في نفس الكتاب والباب السابقين (2927). ومعنى ذلف الأنوف-وفي رواية فطس الأنوف-كما قال الحافظ: جمع أدلفة بالمهملة والمعجمة وهو الأشهر، وقيل: الدلف: الاستواء في طرف الأنف. وقيل: قصر الأنف وانبطاحه. وقيل: ذلف الأنوف: أي صغارها، والعرب تقول: أملح النساء الذلف.
وأن الشام واليمن يفتحان (1).
وأن أمته يفتحون مصر، أرضا يذكر فيها القيراط (2).
وأن أويسا القرني يقدم مع أمداد اليمن، وكان به برص فيبرأ منه إلا قدر درهم (3).
وفي حديث جابر قال له عليه الصلاة والسلام: «هل لكم من أنماط؟ قلت: أنّى تكون لنا أنماط؟ قال: أما إنها ستكون» (4).
_________
(1) كما في حديث سفيان بن أبي زهير رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تفتح اليمن، فيأتي قوم يبسّون، فيتحملون بأهلهم ومن أطاعهم، المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح الشام، فيأتي قوم يبسون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح العراق، فيأتي قوم. . .». أخرجه البخاري في فضائل المدينة، باب من رغب عن المدينة (1875)، ومسلم في الحج، باب الترغيب في المدينة عند فتح الأمصار (1388). ويبسون-بضم الموحدة وكسرها-: يسوقون دوابهم.
(2) ورد ذلك في حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط، فاستوصوا بأهلها خيرا، فإن لهم ذمة ورحما. . .». أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب وصية النبي صلى الله عليه وسلم بأهل مصر (2543).
(3) هذا حديث صحيح، وتمامه: «. . . له والدة، هو بها برّ، لو أقسم على الله لأبره. .». أخرجه مسلم من حديث سيدنا عمر رضي الله عنه في فضائل الصحابة، باب من فضائل أويس القرني رضي الله عنه (2542). وفيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى عمر رضي الله عنه أن يطلب من أويس أن يستغفر له، ففعل. والأمداد: هم الجماعة الغزاة الذين يمدون جيوش الإسلام في الغزو، واحدهم (مدد). انظر شرح مسلم 16/ 95.
(4) أخرجه البخاري في المناقب، باب علامات النبوة (3631)، ومسلم في اللباس، باب جواز اتخاذ الأنماط (2083). والأنماط، جمع نمط: بساط له خمل رقيق.
وهاجت ريح شديدة، فقال: «هذه الريح هاجت لموت منافق». قال جابر: فقدمنا المدينة فوجدنا عظيما من المنافقين قد مات (1).
وفي أبي داود: أكل من شاة لقمة، ثم قال: إن هذه تخبرني أنها أخذت بغير إذن أهلها. فنظر، فإذا هو كما قال صلى الله عليه وسلم (2).
وفي الصحيح: لما تحرك الجبل، قال: «اسكن إنما عليك نبي أو صديق أو شهيد» (3).
واصطفاه الله تعالى: بالمحبة، والخلّة، والقرب، والدنو، والمعراج، والصلاة بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والشهادة بينهم، ولواء الحمد، والبشارة، والنذارة، والهداية، والإمامة (4)، ورحمة للعالمين.
_________
(1) أخرجه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم (2782).
(2) في هذا الحديث: «أن امرأة دعت النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسلت إلى السوق لتشتري شاة، فلم تجد، فبعثت إلى جارتها-وكان الجار قد اشترى شاة، فأرسلت الجارة الشاة بغير علم زوجها. .». أخرجه أبو داود في البيوع، باب اجتناب الشبهات (3332).
(3) كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على جبل حراء، فتحرك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اسكن حراء، فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد». وكان على الجبل معه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن رضي الله عنهم. رواه أحمد 1/ 118 و 189، وأبو داود، كتاب السنة، باب في الخلفاء (4648)، والترمذي في المناقب (3757)، وابن ماجه في المقدمة (134)، وصححه ابن حبان كما في الإحسان (6996)، والحاكم في المستدرك. وروى البخاري في فضائل الصحابة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لو كنت متخذا خليلا» (3675) من حديث أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحدا وأبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم، فقال: «أثبت أحد فإن عليك نبي وصديق وشهيدان».
(4) كذا (الإمامة) في (1) و (2) والعقد والمطبوع، وفي (3): الأمانة.
وأعطاه: الرضا، وإتمام النعمة، والعفو عما تقدم وتأخر، وشرح الصدر، ورجحان العقل ووضع الوزر، ورفع الذكر، وعزة النصر، ونزول السكينة، والتأييد بالملائكة، وإيتاء الكتاب والحكمة، والسبع المثاني والقرآن العظيم (1)، وصلاة الله وملائكته عليه، والحكم بين الناس بما أراه الله تعالى، ووضع الإصر والأغلال عنهم (2)، والقسم باسمه (3)، وإجابة دعوته، وإحياء الموتى (4)، وإسماع الصم، ورد
_________
(1) كما في قوله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ [الحجر: 87]. والسبع المثاني هي الفاتحة، وسميت مثاني: لأنها تثنى في الصلاة، فتقرأ في كل ركعة؛ أو لأنها مقسومة بين الله تعالى والعبد بنصفين، نصفها ثناء، ونصفها دعاء؛ أو لأنها نزلت مرتين: مرة بمكة، ومرة بالمدينة؛ أو لأن الله استثناها وادخرها لهذه الأمة، فما أعطاها غيرهم، وقيل غير ذلك. (انظر تفسير البغوي 3/ 56 - 57).
(2) إشارة إلى قوله تعالى: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ. . [الأعراف:157].
(3) نقل ذلك عن العز بن عبد السلام رحمه الله: أنه يجوز أن يقسم على الله به، وليس ذلك لغيره، قال: وهذا ينبغي أن يكون مقصورا على النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه سيد ولد آدم، وأن لا يقسم على الله بغيره من الأنبياء والملائكة والأولياء، لأنهم ليسوا في درجته، وأن يكون هذا مما خصّ به لعلو درجته ومرتبته. ذكر هذا عنه القسطلاني في المواهب 2/ 657 - 658، وابن طولون الدمشقي في مرشد المحتار/396/، ومثل له الزرقاني في شرح المواهب بحديث: «اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة. .».
(4) عقد القاضي عياض في الشفا 3/ 151 فصلا تحت هذا العنوان، وقال القرطبي في التذكرة/15/: فقد ورد في (الكتاب) إحياء قتيل بني إسرائيل وإخباره بقاتله، وكان عيسى عليه السلام يحيي الموتى، وكذلك نبينا عليه الصلاة-
الشمس (1)، وقلب الأعيان (2)، والاطلاع بإذن الله تعالى على الغيب (3)،
_________
= والسلام أحيا الله على يديه جماعة من الموتى. وقال القسطلاني 2/ 577 في المعجزات: ومن ذلك: إبراء ذوي العاهات، وإحياء الموتى. وذكر في ذلك حديث البيهقي في الدلائل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا رجلا إلى الإسلام، فقال: لا أومن بك حتى تحيي لي ابنتي، فقال صلى الله عليه وسلم: «أرني قبرها»، فأراه إياه، فقال صلى الله عليه وسلم: «يا فلانة»، فقالت: لبيك وسعديك. فقال صلى الله عليه وسلم: «أتحبين أن ترجعي إلى الدنيا». فقالت: لا والله يا رسول الله، إني وجدت الله خيرا من أبويّ، ورأيت الآخرة خيرا لي من الدنيا».
(1) تقدم الكلام مفصلا عن (رد الشمس) له صلى الله عليه وسلم في الحوادث أثناء الكلام عن الإسراء والمعراج.
(2) أي تحولها وتغيرها عن حالتها الأولى، فيما لمسه أو باشره صلى الله عليه وسلم كما قال القاضي وشرح القاري: كتحول فرس أبي طلحة الذي كان بطيئا إلى سريع العدو، واسع الجري، عندما ركبه صلى الله عليه وسلم، وهذا متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه قال: «فزع الناس فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا لأبي طلحة بطيئا، ثم خرج يركض وحده، فركب الناس يركضون خلفه، فقال: لم تراعوا، إنه لبحر، فما سبق بعد ذلك اليوم». أخرجه البخاري في مواضع كثيرة، وهذا اللفظ في الجهاد، باب السرعة والركض في الفزع (2969)، ومسلم في الفضائل، باب شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وتقدمه للحرب (2307).
(3) يقول القاضي 3/ 240 وقد خصّص فصلا لذلك: والأحاديث في هذا بحر لا يدرك قعره، ولا ينزف غمره، وهذه المعجزة من جملة معجزاته المعلومة على القطع، الواصل إلينا خبرها على التواتر، لكثرة رواتها واتفاق معانيها على الاطلاع على الغيب. ثم استهل الكلام بحديث حذيفة رضي الله عنه المتفق عليه، قال: «قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما، ما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة، إلا حدّث به، حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه. .». رواه البخاري في القدر، باب وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً (6604)، ومسلم -واللفظ له-في الفتن، باب إخبار النبي صلى الله عليه وسلم فيما يكون إلى قيام الساعة (2891).
وظل الغمام، وإبراء الآلام، والعصمة من الناس. . . .
. . إلى غير ذلك مما أعده الله تعالى له في الدار الآخرة من الكرامة والسعادة (1).
_________
(1) كل هذه المعاني التي ساقها المصنف مما اصطفاه الله تعالى وأعطاه لنبينا صلى الله عليه وسلم، ورد فيها نصوص من قرآن كريم أو حديث شريف، واقتصرت في التخريج على ما قدّرت أنه يحتاج إلى تخريج أو إيضاح، والله تعالى أعلم.