(فصل) وقدم صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وأصحابه المدينة وهى أوبأ أرض الله تعالى فمرض منهم كثير فكان أبو بكر ومولياه عامر بن فهيرة وبلال مرضى في بيت واحد فكان أبو بكر اذا أصابته الحمى يقول:
كل امرئ مصبح في أهله ... والموت أدني من شراك نعله
وكان عامر بن فهيرة يقول:
لقد وجدت الموت قبل ذوقه ... ان الجبان حتفه من فوقه
كل امرئ مجاهد بطوقه ... كالثور يحمى جلده بروقه
وكان بلال يقول:
ألا ليت شعري هل ابيتن ليلة ... بواد وحولى إذخر وجليل
وهل أردن يوما مياه مجنة ... وهل يبدون لى شامة وطفيل
ما يكره) أى عبد الله بن أبي (مولاك) يريد به ابن عمك قاله غير واحد من أهل السير (ويصرعك) من الصرع بفتح الصاد المهملة ويكسر الطرح على الارض (البازي) من سباع الطير معروف (وجز ريشه) الجز بالزاي المعجمة القطع المستأصل (البحيرة) المدينة قاله صاحب القاموس (شرق) بفتح المعجمة وكسر الراء أى غص وهو كناية عن الحسد (مصبح) بالرفع خبر كل (وشراك) بكسر المعجمة وتخفيف الراء والمعنى ان الموت أقرب الى الشخص من شراك نعله الذى برجله (ذوقه) بفتح الذال المعجمة معلوم (والحتف) الموت ومات فلان حتف أنفه أى من غير قتل ولا ضرب (وطوقه) طاقته (وروق) الثور قرنه (الوادى) مكة (إذخر وجليل) نبتان (ومجنة وشامة وطفيل) اسماء أماكن باعيانها بمكة وما
ثم يقول اللهم العن عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأمية بن خلف كما أخرجونا من أرضنا الى أرض الوباء قالت عائشة فذكرت ما سمعت منهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقلت له انهم ليهذون وما يعقلون من شدة الحمى قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اللهم حبب الينا المدينة كحبنا مكة أو أشد وصححها لنا وبارك لنا في صاعها ومدها وانقل حماها فاجعلها بالجحفة فبعد دعوته صلى الله عليه وآله وسلم طاب لهم الحال وانصرف عنهم البؤس والوباء والاقتار والاقلال وتم لهم موعد ربهم فاستخلفهم في الارض ومكن لهم في الدين الذي ارتضى لهم وأبدلهم من الخوف أمنا ومن الوحشة أنسا وكره اليهم وحظر عليهم الرجوع الى مكة فصاروا لا يأتونها الا حجاجا أو معتمرين أو مسافرين على قدم مستوفزين
[