واعلم: أنّ للسيدة عائشة رضي الله عنها مفاخر لا يشاركها فيها أحد من الأزواج الطاهرات، وكانت هي تفتخر بها، وحقّ لها ذلك.
فمنها: أنّها خلقت طيبة، ووعدت مغفرة ورزقا كريما؛ لقوله تعالى فيها: وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ.
ومنها: أنّ جبريل عليه السّلام أتى بصورتها في سرقة حرير أي: قطعة من جيد الحرير- وقال: هذه زوجتك، ويروى: أنّه أتى بصورتها في راحته.
ومنها: أنّه قال عليه الصّلاة والسّلام في مرض موته:
ليهوّن عليّ أنّي رأيت بياض كف عائشة في الجنة، وهو مروي عن الإمام أحمد، نقله عنه ابن كثير في «البداية» .
ومنها: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكرا غيرها.
ومنها: أنّه قبض صلى الله عليه وسلم في حجرها، وفي يومها، ودفن في بيتها.
ومنها: أنّه كان ينزل الوحي عليه، وهي معه في اللّحاف، ونزلت براءتها من السماء، وأنّها ابنة الصّديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي «القرطبي» : (قال بعض أهل التحقيق: إنّ يوسف عليه السّلام لمّا رمي بالفاحشة.. برّأه الله على لسان صبيّ في المهد «1» ، وإنّ مريم لمّا رميت بالفحشاء.. برّأها الله على لسان ولدها عيسى عليهما السّلام، وإنّ عائشة لمّا رميت بالفحشاء.. برّأها الله بالقول، فما رضي لها براءة صبيّ
__________
(1) هو الذي أشارت له آية: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إلخ، قال الحافظ السيوطي: ابن عمها، روي أنّه كان في المهد، قال: إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ إلى آخر الآية.
ولا نبيّ، حتى برّأها الله بكلامه من القذف والبهتان) .