وفى جمادى الاخرة من هذه السنة كانت سرية زيد بن حارثة أيضا الى حسمى وهو واد وراء ذات القرى* وفى الاكتفاء وكان من حديثها كما حدّث رجال من جذام وكانوا علماء بها ان رفاعة بن زيد الجذامى لما قدم على قومه من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابه يدعوهم الى الاسلام فاستجابوا له لم يلبث أن قدم دحية بن خليفة الكلبى من عند قيصر صاحب
الروم حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه تجارة له وقد أجازه قيصر وكساه حتى اذا كان بواد من أوديتهم يقال له حسمى أغار عليه الهنيد بن عوض الضلعى بطن منه وابنه عوض فأصاب كل شئ معه فبلغ ذلك قوما من بنى الضبيب وهم رهط رفاعة ممن كان أسلم وأجاب فنفروا الى الهنيد وابنه فاستنقذوا ما كان فى أيديهما من متاع دحية فخرج دحية حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره خبره واستشفاه دم الهنيد وابنه فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وبعث معه جيشا خمسمائة رجل وردّ معه دحية فكان زيد يسير بالليل ويكمن بالنهار حتى هجموا مع الصبح على القوم فأغاروا عليهم وقتلوا فيهم وأوجعوا وقتلوا الهنيد وابنه وأخذوا من النعم ألف بعير ومن الشاء خمسة آلاف ومائة من النساء والصبيان* وفى الاكتفاء فجمعوا ما وجدوا من مال وأناس وقتلوا الهنيد وابنه ورجلين معهما فلما سمع ذلك بنو الضبيب ركب نفر منهم فيهم حسان بن ملة فلما وقفوا على زيد بن حارثة قال حسان انا قوم مسلمون فقال له زيد اقرأ أم الكتاب فقرأها فقال زيد بن حارثة نادوا فى الجيش أن قد حرم علينا ثغرة القوم التى جاؤا منها الا من ختر أى غدر واذا بأخت حسان فى الاسارى فقال له زيد خذها فقالت أم الغرار الضلعية أتنطلقون ببناتكم وتذرون أمهاتكم فقال أحد بنى الخصيب انها بنو الضبيب وسحر ألسنتهم سائر اليوم فسمعها بعض الجيش فأخبر بها زيدا فامر بأخت حسان وقد كانت أخذت بحقوى أخيها ففكت يداها من حقويه وقال لها اجلسى مع بنات عمك حتى يحكم الله فيكن حكمه فرجعوا ونهى الجيش أن يهبطوا الى واديهم الذى جاؤا منه فامسوا فى أهليهم فلما شربوا عتمتهم ركبوا الى رفاعة بن زيد فصبحوه فقال له حسان بن ملة انك لجالس تحلب المعزى وان نساء جذام أسارى قد غرّها كتابك الذى جئت به فدعا رفاعة بجمل له فشدّ عليه رحله وهو يقول* هل أنت حى وتنادى حيا* ثم غدا رفاعة فى نفر من قومه وهم مبكرون فساروا الى جهة المدينة ثلاث ليال فلما دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآهم ألاح اليهم بيده أن تعالوا من وراء الناس فلما استفتح رفاعة بن زيد النطق قال رجل من الناس يا رسول الله ان هؤلاء قوم سحرة فردّدها مرتين فقال رفاعة رحم الله من لم يحدث فى يومنا هذا الاخيرا ثم دفع رفاعة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابه الذى كان كتب له ولقومه ليالى قدم عليه فأسلم فقال دونك يا رسول الله قديما كتابه حديثا غدره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأه يا غلام وأعلن فلما قرأ كتابه استخبرهم فأخبره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أصنع بالقتلى ثلاث مرّات فقال رفاعة أنت أعلم يا رسول الله لا نحرّم عليك حلالا ولا نحلل لك حراما فقال أبو زيد بن عمر وأحد قومه مع رفاعة أطلق لنا يا رسول الله من كان حيا ومن قتل فهو تحت قدمى هذه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق أبو زيد اركب معهم يا على فقال له على يا رسول الله انّ زيدا لا يطيعنى قال فخذ سيفى هذا فأعطاه سيفه فخرجوا فاذا رسول لزيد بن حارثة على ناقة من ابلهم فأنزلوه عنها فقال يا على ما شأنى فقال ما لهم عرفوه فأخذوه ثم ساروا فلقوا الجيش فأخذوا ما بأيديهم حتى كانوا ينتزعون لبد المرأة من تحت الرجل*