ثم سرية أمير المؤمنين المجدّع في الله عبد الله بن جحش (2)، إلى نخلة، على ليلة من مكة (3) في رجب، في اثني عشر مهاجرا، ويقال:
ثمانية (4)، يترصد قريشا، فمرت به (5) عيرهم تحمل زبيبا وأدما من الطائف، فيها عمرو بن الحضرمي.
فتشاور المسلمون، وقالوا: نحن في آخر يوم من رجب، فإن نحن
_________
(1) أضاف ابن إسحاق وابن سعد: أنه صلى الله عليه وسلم كنّى عليا رضي الله عنه في هذه الغزوة بأبي تراب.
(2) أما (أمير المؤمنين) فهي عند ابن سعد 2/ 11، وقال الواقدي 1/ 19 عن أبي معشر: وفي تلك السرية-يعني نخلة-سمي عبد الله بن جحش أمير المؤمنين. وأما المجدع في الله: فلأنه مثّل به يوم أحد، وقطع أنفه. (الاستيعاب 3/ 878)، ولهذا الكلام قصة انظرها في أسد الغابة 3/ 195، والإصابة 4/ 36. وتقدم أن عبد الله بن جحش رضي الله عنه كان من السابقين إلى الإسلام، وهاجر الهجرتين، وأخته زينب أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها، حضر بدرا واستشهد في أحد، روى الزبير أن سيفه انقطع يوم أحد، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرجون نخلة، فصار في يده سيفا، وكان يسمى العرجون. . (انظر كتب الصحابة).
(3) يعني جهة الطائف، وعند ابن سعد 2/ 10 إلى بطن نخلة، وهو بستان ابن عامر الذي قرب مكة. قلت: سماها الواقدي 1/ 13: سرية نخلة.
(4) الأول: لابن سعد 2/ 10. والثاني: لابن إسحاق 1/ 601.
(5) في (2): بهم.
قاتلناهم هتكنا حرمة الشهر، وإن تركناهم الليلة دخلوا حرم مكة.
فأجمعوا على قتلهم، فقتلوا عمرا، واستأسروا أسيرين، وهرب من هرب، واستاقوا العير.
فكانت: أول غنيمة في الإسلام (1)، فقسمها ابن جحش، وعزل الخمس وذلك قبل أن يفرض (2).
ويقال: بل قدموا بالغنيمة كلها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام»، فأخّر أمر الأسيرين والغنيمة حتى رجع من بدر، فقسمها مع غنائمها (3).
وتكلمت قريش بأن محمدا-صلى الله عليه وسلم-سفك الدم، وأخذ المال في الشهر الحرام.
فأنزل الله تعالى: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ} الآية (4).
_________
(1) هكذا قال أبو عمر في الدرر/100/، وانظر الوسائل إلى معرفة الأوائل للسيوطي/97/.
(2) السيرة 1/ 603، وقال في الدرر/100/: فكان أول خمس في الإسلام: ثم نزل القرآن: وَاِعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ. فأقرّ الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فعل عبد الله بن جحش في ذلك، ورضيه وسنّه للأمة إلى يوم القيامة.
(3) ابن سعد 2/ 11.
(4) وتمامها:. . . قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اِسْتَطاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ [البقرة:217]. وانظر هذه السرية موسعة في السيرة 1/ 601 - 605.