قال ابن إسحاق-رحمه الله-: "حدثني رجل من أسلم، كان واعية: أن أبا جهل مرّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند الصفا فآذاه وشتمه، ونال منه بعض ما يكره من العيب لدينه، والتضعيف لأمره، فلم يكلمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومولاة لعبد الله بن جدعان في مسكن لها تسمع ذلك ... " وذكر القصة في إخبار هذه المولاة لحمزة -وقد قدم من الصيد- بما حدث لابن أخيه، فأخذته الحمية، وتوجه لأبي جهل فشجه شجة منكرة، ثم قال: "أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول ... (1) ". ومن طريق ابن إسحاق رواه الحاكم، وأعله الذهبي بالإعضال (2). والرجل الذي روى عنه ابن إسحاق مبهم فهو مجهول، ثم إن الحديث مرسل.
وروى ابن سعد القصة مختصرة كما في (الطبقات (3))، من طريق الواقدي، وذكرها الهيثمي في (مجمع الزوائد) وقال: "رواه الطبراني مرسلًا (عن محمد بن كعب القُرَظي) ورجاله رجال الصحيح" وشيخ الطبراني إسماعيل بن الحسن الخفاف قال كل من العمري والطرهوني: لم أجد له ترجمة (4). ثم ذكر (الهيثمي) رواية أخرى عن يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس بن شريق، وقال: "رواه الطبراني مرسلًا ورجاله ثقات (5) " ا. هـ. ويعقوب بن عتبة ثقة لكنه من الطبقة السادسة، وهي طبقة لم يثبت لأصحابها لقاء أحد من الصحابة (6). وفي السند أيضًا ابن إسحاق وهو مدلس وقد عنعن.
__________
(1) الروض الأنف (3/ 118).
(2) المستدرك (3/ 212 - 213).
(3) (3/ 9).
(4) السيرة الصحيحة (1/ 146) السيرة الذهبية (2/ 333).
(5) المجمع (9/ 267).
(6) تقريب التهذيب (1/ 6).
وسكت عن القصة الشيخ الألباني -رحمه الله- في تعليقه على (فقه السيرة) (7) ولم يذكرها في (صحيح السيرة). وقال الدكتور أكرم العمري -وفقه الله-: "وقد أسلم حمزة في وقت اشتدت فيه جرأة قريش على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن تفصيل قصة إسلامه لم تثيت من طريق صحيحة (8) ".
__________
(7) ص 116.
(8) السيرة الصحيحة (1/ 146).