,
,
,
__________
(16) المستدرك (23/ 258).
(17) دلائل النبوة (3/ 100).
(18) مجمع الزوائد (6/ 82).
(19) انظر التهذيب (6/ 351).
(20) (1/ 511).
(21) البداية والنهاية (3/ 291).
(22) زاد المعاد (3/ 187).
المؤكد على أنها بإذن الله وحده) اهـ (حاشية الروض الأنف 6/ 34). وكان الأليق به -رحمه الله- أن يستشهد ببعض ما صحّ في هذا الباب، كقصة علي، وابن عتيك وسلمة - رضي الله عنهم -، ولا شك أنه بإذن الله. لأن كلامه (في تعليقه على الروض الأنف) يوهم نفي هذه الآيات، للرسول وقد سلك الشيخ الوكيل -رحمه الله وعفا عنه مسلكًا عقلانيًا أحيانًا في ردّ بعض الروايات الصحيحة في السيرة، وحاشا أن نتّهم الشيخ بأنه من أصحاب المنهج المعتزلي العقلاني، كيف؟ وهو ممّن تولى رئاسة جماعة أنصار السنة في مصر، وقد أحسن -رحمه الله- وجزاه خيرًا في تعقبه على السُّهيلي في مخالفته -أحيانا- لمذهب أهل السنة والجماعة.
ومعلوم أن الشيخ عبد الرحمن الوكيل -رحمه الله- نشأ صوفيًا مصدقًا بما يسميه الخرافيون بالكرامات عن شيوخهم، ثم فتح الله عليه وهداه إلى مذهب أهل السنة، وصنف بعدها كتابه القيّم (هذه هي الصوفية) ويبدو أن نشأته في وسط صوفي معطّل للعقل، ثم تحوله -بحمد الله- عن ذلك جعلته يغلو أحيانًا -كردة فعل، والله أعلم- في تغليب العقل على النقل، أذكر ذلك عذرًا ألتمسه للشيخ عبد الرحمن الوكيل -رحمه الله-.
قتلُ أبي عبيدة - رضي الله عنه - لأبيه
ذكر بعض المفسرين عند قوله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22]
أنها نزلت في أبي عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه - قال القرطبي: "قال ابن مسعود: نزلت في أبي عبيدة بن الجراح قتل أباه عبد الله بن الجراح يوم أحد، وقيل: يوم بدر. وكان الجراح يتصدى لأبي عبيدة، وأبوعبيدة يحيد عنه، فلما أكثرِ قصد إليه أبو عبيدة فقتله، فأنزل الله حين قتل أباه: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ ... } الآية. قال الواقدي: "كذلك يقول أهل الشام، ولقد سألت رجلًا من بني الحارث بن فهر فقالوا: توفي أبوه قبل الإِسلام (1) ". وروى الحاكم في (المستدرك) في مناقب أبي عبيدة - رضي الله عنه - بسنده عن عبد الله بن شَوْذب قال: جعل أبو أبي عبيدة بن الجراح ينصب الأل (*) لأبي عبيدة يوم بدر، وجعل أبوعبيدة يحيد عنه، فلما أكثر الجرّاح قصده أبو عبيدة فقتله، فأنزل الله تعالى فيه هذه الآية حين قتل أباه: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ} (2) الآية، وسكت عنه الذهبي. ورواه البيهقي من طريق الحاكم، كما في (السنن الكبرى) وقال عقبة: "هذا منقطع (3) ".
__________
(1) الجامع لأحكام القران الكريم (تفسير القرطبي). دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1408 هـ.
(*) هكذا هنا، وفي التلخيص كما سيأتي: (ينعت الآلهة) أي يصفها، ولعله تصحيف. والألة: الحربة العظيمة النصل، جمْعها ألٌ (لسان العرب، مادة: ألل)
(2) 3/ 296.
(3) 9/ 27. دار المعرفة. بيروت، 1413 هـ
وقال الحافظ ابن حجر (في الفتح) في مناقب أبي عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه -"وقُتل أبوه كافرًا يوم بدر، ويقال إنه هو الذي قتله، ورواه الطبراني وغيره من طريق عبد الله بن شوذب مرسلًا (4) ".
وقال -رحمه الله- في (التلخيص): "روى الحاكم والبيهقي منقطعًا عن عبد الله بن شوذب قال: (جعل أبو عبيدة بن الجراح ينعت الآلهة لأبي عبيدة يوم بدر، وجعل أبو عبيدة يحيد عنه، فلما أكثر قصده أبو عبيدة فقتله) وهذا معضل، وكان الواقدي ينكره ويقول: مات والد أبي عبيدة قبل الإِسلام (5) ".
وقال في (الإصابة) في ترجمته: "ويقال إنه قتل أباه يوم بدر ونزلت فيه {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ ... } وهو فيما أخرجه الطبراني بسند جيد عن عبد الله بن شوذب قال: "جعل والد أبي عبيدة يتصدى لأبي عبيدة يوم بدر فيحيد عنه، فلما أكثر قصده فقتله فنزلت (6) ". وأقوال الحافظ الثلاثة في (الفتح) وفي (التلخيص) وفي (الإصابة) ووصفه للخبر بأنه مرسل، وفي الأخرى بأنه معضل وفي الثالثة بأنّ سند جيد لا تعارض بينها عند التأمل.
وعبد الله بن شَوْذب أكثر الأئمة على توثيقه، لكن الخبر منقطع، وابن
شوذب وُلد سنة 86هـ ومات سنة 144 هـ، وقيل:156هـ (7). ولذا قال ابن الملقِّن: "وهذا مرسل على قول الأكثر، وعلى قول من زعم أن المرسل لا يكون إلا من التابعين يكون معضلًا؛ لأن عبد الله هذا إنما يروي عن التابعين (8) ".
__________
(4) فتح الباري (7/ 93).
(5) التلخيص الحبير (4/ 113) التهذيب (5/ 73).
(6) الإصابة (2/ 244). دار الكتاب العربي.
(7) تهذيب التهذيب (5/ 255).
(8) البدر المنير (9/ 79).
,
لكني لم أقف على هذه الرواية لا سندًا ولا متنًا في سيرة ابن إسحاق المطبوعة مع شرحها للسهلي (الروض الأنف)، ولا في سيرة ابن إسحاق بتحقيق محمَّد حميد الله. وقد رواها البيهقي في (الدلائل) من طريق أحمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا يونس بن بُكيرعن يزيد بن رومان عن عروة عن عائشة قالت: "كان نعيم رجلًا نمومًا، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن يهود قد بعثتْ إليّ إن كان يرضيك عنّا أن تأخذ رجالًا رهنًا من قريش وغطفان، من أشرافهم، فندفعهم إليك فتقتلهم، فخرج من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتاهم فأخبرهم ذلك، فلما ولى نعيم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنما الحرب خدعة (9) ". وأحمد بن عبد الجبار العُطَاردي قال عنه الحافظ: "ضعيف وسماعه للسيرة صحيح (10) "
والقصة ذكرها ابن كثير في (البداية والنهاية) (11) عن البيهقي باختلاف يسير. وهذه الرواية تجعل تفريق شمل الأحزاب بالتخذيل بينهم من تدبير الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد تدبير الله - وأن نعيمًا ما هو إلا ناقل للخبر.
__________
(8) فتح الباري (7/ 402).
(9) دلائل النبوة (3/ 447).
(10) 1/ 19.
(11) 4/ 113.
,
واستعارته - صلى الله عليه وسلم - أدرعًا وسلاحًا من صفوان، أخرجه أحمد (5)، وأبو داود (6)، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووفقه الذهبي (7)، والحديث اختلف أهل الحديث في تصحيحه فأعلّ ابن حزم وابن القطان طُرق هذا الحديث (8): قال ابن حزم: "ليس في شيء مما روي في العارية خبر يصح غيره (يعني حديث يعلي بن أمية)، وأما ما سواه فلا يساوي الاشتغال به (9) " وأشار أبو عمر بن عبد البر إلى الاضطراب في هذا الحديث ثم قال: "ولا يجب عندي
__________
(4) الروض الأنف (7/ 115، 116).
(5) الفتح الرباني (15/ 129) كتاب الوديعة والعارية، باب في ضمان الوديعة والعارية.
(6) عون المعبود (9/ 476) كتاب الإجارة، باب في تضمين العارية.
(7) المستدرك (3/ 51).
(8) التلخيص الحبير (36).
(9) المحلى (9/ 173).
بحديث صفوان هذا حجة في تضمين العارية. والله أعلم (10) " وقال البهيقي بعد أن رواه: "وبعض هذه الأخبار وان كان مرسلًا فإنه يقوى بشواهده مع ما تقدم من الموصول. والله أعلم (11) ". والحديث صححه الشيخ الألباني بتعدد طرقه كما في (الإرواء (12)) و (السلسة الصحيحة (13)) وانظر نصب الراية للزيلعي (3/ 377) و (4/ 116، 117).
__________
(10) التمهيد (12/ 41).
(11) السنن الكبرى (6/ 90).
(12) (5/ 344 - 346).
(13) (2/ 208).