«وجاءه جبريل في غار حراء، فقال له: اقرأ، فقال: "لست بقارئ"، قال: اقرأ، قال: "لست بقارئ"، فغتَّه (3) حتى بلغ منه الجهد، فقال له: اقرأ، فقال: "لست بقارئ" فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ - خَلَقَ الْإِنْسَانَ
_________
(1) الفصول في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لابن كثير، ص95.
(2) زاد المعاد لابن القيم، 1/ 78، قال: وقيل: ((كان ذلك في رمضان، وقيل كان ذلك في رجب)).
(3) غته: حبس أنفاسه، وفي رواية البخاري: ((غطني)) ومعناه: ضمَّني وعصرني.
مِنْ عَلَقٍ - اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ - الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ - عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1 - 5]، وبهذه السورة كان صلى الله عليه وسلم نبيًّا، ثم رجع صلى الله عليه وسلم إلى خديجة رضي الله عنها يرجفُ فؤادُهُ فدخل عليها وقال: "زملوني زمِّلوني"، فزمَّلوه (1) حتى ذهب عنه الرَّوعُ، فأخبر خديجة الخبر، فقالت خديجة رضي الله عنها: كلا واللهِ ما يُخزيك اللهُ أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتحمِل الكلَّ، وتكسِب المعدوم، وتقري الضيف، وتعينُ على نوائب الحق. . .» الحديث (2) ثم أرسله الله تعالى بسورة المدثر إلى الإنس والجن، قال صلى الله عليه وسلم: «بينما أنا أمشي إذ سمعت صوتًا من السماء فرفعتُ بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فرُعبْتُ منه، فرجعت فقلت
_________
(1) زمِّلوني: أي غطُّوني أو لُفُّوني بثوبٍ أو نحوه.
(2) البخاري، برقم 3، ومسلم، برقم 160.
زمِّلوني، فأنزل الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ - قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر: 1 - 2] إلى قوله {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 5] فحميَ الوحيُ وتتابع» (1) وبهذه السورة كان رسولًا صلى الله عليه وسلم.
[