8 - وكان صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه اضطجع على الحصير فأثَّر في جنبه، فدخل عليه عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، ولما استيقظ جعل يمسح جنبه فقال رسول الله: لو اتخذت فراشًا أوثر من هذا؟ فقال صلى الله عليه وسلم:
_________
(1) البخاري رقم 2305، ومسلم برقم 1600.
(2) البخاري مع الفتح 4/ 320، برقم 2097، ومسلم 3/ 1221، برقم 715.
(3) مسلم 1/ 513، برقم 746.
(4) البيهقي بلفظه 10/ 192، وأحمد 2/ 381، وانظر: الصحيحة للألباني رقم 45.
مالي وللدنيا، ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها» (1). «وقال: لو كان لي مثلُ أُحُدٍ ذهبًا ما يَسُرُّني أن لا يمر عليَّ ثلاثٌ وعندي منه شيء، إلا شيءٌ أرصُدُهُ لدين» (2).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «ما شبع آل محمد من طعام ثلاثة أيام حتى قبض» (3). والمقصود أنهم لم يشبعوا ثلاثة أيام بلياليها متوالية، والظاهر أن سبب عدم شبعهم غالبًا كان بسبب قلة الشيء عندهم على أنهم قد يجدون ولكن يؤثرون على أنفسهم (4)؛ ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها: «خرج النبي صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير» (5). وقالت: «ما أكل آل محمد صلى الله عليه وسلم أُكلتين في يوم
_________
(1) الترمزي وغيره، وانظر: الأحاديث الصحيحة برقم 439، وصحيح الترمذي 2/ 280.
(2) البخاري برقم 2389، ومسلم برقم 991.
(3) البخاري مع الفتح 9/ 517 و549، برقم 5374.
(4) انظر فتح الباري 9/ 517 و549 برقم 5374، ومن حديث عائشة رضي الله عنها برقم 5416.
(5) البخاري مع الفتح 9/ 549، برقم 5414.
إلا إحداهما تمر» (1). «وقالت: إنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أُوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار. فقال عروة: ما كان يقيتكم؟ قالت: الأسودان: التمر والماء» (2). والمقصود بالهلال الثالث: وهو يُرى عند انقضاء الشهرين. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان فراشُ رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدَم وحشوُهُ ليفٌ» (3). ومع هذا كان يقول صلى الله عليه وسلم: «اللهم اجعل رزق آل محمدٍ قوتًا» (4).
[