«1» خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف على المدينة عثمان «2» بن عفان يريد بني محارب وبني ثعلبة من غطفان، حتى نزل نخلا «3» ، فلقي بها جمعا من غطفان «4» فتقارب الناس «4» ولم يكن بينهم حرب إلا أن الناس قد خاف بعضهم من بعض، حتى صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، وإنما سميت هذه الغزاة غزاة «5» ذات الرقاع لأن الخيل كان فيها سواد وبياض فسميت الغزوة بتلك الخيل «6» .
ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون، فبينا جابر إذ أبطأ عليه جمله فقال لحقه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا جابر» ! قال: نعم، قال: «ما شأنك» ؟ قال: أبطأ علي جملي، فحجنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمحجنه وقال: «اركب» ، فقال جابر: ولقد رأيتني أكفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «يا جابر! تزوجت» ؟ قلت: نعم، قال: «بكرا أم ثيبا» ؟ قلت: بل ثيبا، قال: «أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك» ؟ قلت: إن لي أخوات فأحببت أن أتزوج بمن يجمعهن ويمشطهن وتقوم «7» عليهن، قال: «أما! إنك قادم
__________
(1) في سيرة ابن هشام 2/ 134 «في سنة أربع» ، وذكره الطبري أيضا في حوادث السنة الرابعة، انظر 3/ 39، وفيه «وأما الواقدي فإنه زعم أن غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات الرقاع كانت في المحرم سنة خمس من الهجرة» .
(2) وفي سيرة ابن هشام «قال ابن إسحاق: واستعمل على المدينة أباذر الغفاري، ويقال: عثمان بن عفان، فيما قال ابن هشام» .
(3) من السيرة، وفي ف «نخل» .
(4- 4) من السيرة، وفي ف «فتهاربت» كذا.
(5) في ف «غزات» كذا.
(6) كذا في ف، وفي الطبري 3/ 39 «وإنما سميت ذات الرقاع لأن الجبل الذي سميت به ذات الرقاع جبل به سواد وبياض وحمرة فسميت الغزوة بذلك الجبل» وفي السيرة 2/ 134 «وإنما قيل لها غزوة ذات الرقاع لأنهم رقعوا فيها راياتهم، ويقال ذات الرقاع شجرة بذلك الموضع يقال لها ذات الرقاع» انظر معجم البلدان 4/ 268.
(7) في ف «يقوم» .
فإذا قدمت فالكيس الكيس» ! ثم قال: «أتبيع جملك» ؟ فقلت: نعم، فاشتراه منه بأوقية، ثم قدم المدينة صلى الله عليه وسلم، قال جابر: فوجدته عند باب المسجد فقال: «الآن قدمت» ؟ قلت: نعم، قال: «فدع جملك وادخل المسجد فصل ركعتين» ، فدخلت فصليت ركعتين، ثم أمر بلالا أن يزن «1» لي أوقية، فوزن لي فأرجح في الميزان، فانطلقت حتى إذا وليت فقال: «ادعوا لي «2» جابرا» ، قلت: الآن يرد علي الجمل، وليس شيء أبغض إلي منه، قال: «خذ جملك ولك ثمنه» «3» .
__________
(1) وقع في ف «يذن» مصحفا.
(2) في ف «ادعوني» .
(3) رويت هذه القصة في سيرة ابن هشام بما نصه «قال ابن إسحاق وحدثني وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غزوة ذات الرقاع من نخل على جمل لي ضعيف، فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: جعلت الرفاق تمضي وجعلت أتخلف حتى أدركني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «مالك يا جابر» ؟ قال قلت: يا رسول الله! أبطأ بي جملي هذا، قال: «أنخه» ، قال: فأنخته وأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: «أعطني هذه العصا من يدك- أو اقطع لي عصا من شجرة» ، قال: ففعلت، قال: فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخسه بها نخسات، ثم قال: اركب، فركبت فخرج والذي بعثه بالحق يواهق ناقته مواهقة، قال: وتحدثت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: «أتبيعني جملك هذا يا جابر» ؟ قال قلت: يا رسول الله! بل أهبه لك، قال: «لا ولكن بعنيه» ، قال قلت: فثمنيه يا رسول الله! قال: «قد أخذته بدرهم» ، قال قلت: لا، إذن تغبنني يا رسول الله! قال: «بدرهمين» ؟ قال قلت: لا؛ قال: فلم يزل يرفع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمنه حتى بلغ الأوقية، قال فقلت: أفقد رضيت يا رسول الله؟ قال: نعم، قلت: فهو لك، قال: «قد أخذته» ؛ قال ثم قال: «يا جابر! هل تزوجت بعد» ؟ قال قلت: نعم يا رسول الله! قال: «أثيبا أم بكرا» ؟ قال قلت: بل ثيبا، قال: «أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك» ؟ قال قلت: يا رسول الله! إن أبي أصيب يوم أحد وترك بنات له سبعا فنكحت امرأة جامعة تجمع رؤوسهن وتقوم عليهن، قال: «أصبت إن شاء الله، أما إنا لو قد جئنا صرارا أمرنا بجزور فنحرت وأقمنا عليها يومنا ذاك وسمعت بنا فنفضت نمارقها» ، قال قلت: والله يا رسول الله ما لنا من نمارق، قال: «إنها ستكون! فإذا أنت قدمت فاعمل عملا كيسا» ، قال: فلما جئنا صرارا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بجزور فنحرت، وأقمنا عليها ذلك اليوم، فلما أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل ودخلنا؛ قال: فحدثت المرأة الحديث وما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: فدونك سمع وطاعة، قال: فلما أصبحت أخذت برأس الجمل فأقبلت به حتى أنخته على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ثم جلست في المسجد قريبا منه، قال: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى الجمل فقال: «ما هذا» ؟ قالوا: يا رسول الله!