,
...
,
وفيه واحد وعشرون مبحثاً:
المبحث الأول: في تاريخ الغزوة وعدد جيش المسلمين والمشركين فيها.
6- أخرج عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في حديث عن عروة بن الزبير قال: أُمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدُ بالقتال في آي من القرآن فكان أول1 مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً2، وكان رأس المشركين يومئذٍ عتبة بن ربيع ة بن عبد شمس، فالتقوا ببدر يوم الجمعة3
__________
1 يشهد لذلك ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس رضي الله عنه في قصة عمه أنس بن النضر رضي الله عنه، وأنه لم يشهد أول مشهد قاتل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعني بذلك بدراً، انظر البخاري مع الفتح، رقم (2805) ومسلم بشرح النووي 13/47.
2 بفتح الموحدة وسكون الدال المهملة، ثم راء، بلدة بأسفل وادي الصفراء تبعد عن المدينة ب- (155) كيلاً، وعن مكة (310) أكيال، وتبعد عن سيف البحر قرابة (45) كيلاً، معجم المعالم الجغرافية ص41.
3 وردت روايات أخرى عن الزهري تؤيد ما ذكر، انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 2/21، وتاريخ أبي زرعة الدمشقي 1/164 رقم (38) ، والقول إن وقعة بدر كانت يوم الجمعة هو الراجح إن شاء الله.
قال ابن سعد: "وهذا الثبت أنه يوم الجمعة". الطبقات الكبرى 2/20.
وقال ابن عبد البر: "الأكثر على أن وقعة بدر كانت يوم الجمعة، صبيحة سبع عشرة من رمضان". الاستيعاب 1/13، وقال ابن عساكر: "والمحفوظ أنها كانت يوم الجمعة، تاريخ دمشق قسم السيرة 1/56، وقال ابن كثير: وهو الصحيح عند أهل السير والمغازي" تفسير ابن كثير 2/313.
وقد وردت روايات تذكر أن الوقعة حصلت يوم الاثنين كما في الطبقات الكبرى لابن سعد 2/20 من حديث عامر البدري، قال ابن سعد: "وحديث يوم الاثنين شاذ" المصدر السابق، وورد أيضاً عند الطبراني في الكبير 12/237 رقم (12984) من حديث ابن عباس أنها يوم الاثنين، قال ابن عبد البر: "ولا حجة في مثل هذا الإسناد عند جميعهم إذ خالفه ما هو أكثر منه – يعني حديث ابن عباس –" انظر: الاستيعاب 1/13.
وقال ابن كثير: "وقال يزيد بن أبي حبيب إمام أهل الديار المصرية في زمانه: كان يوم بدر يوم الاثنين، ولم يتابع على هذا، وقول الجمهور مقدم عليه، والله أعلم" التفسير، 2/313.
لسبع1 أو ست2 عشرة ليلة مضت من رمضان وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مئة وبضعة عشر رجلاً3 والمشركون بين الألف
__________
1 وقد وردت روايات أخرى عن الزهري أن الوقعة كانت لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان بدون شك - انظر: الطبقات الكبرى2/21، وتاريخ أبي زرعة، 1/163 رقم (38) ودلائل البيهقي 3/127، وقد صح هذا التاريخ عن ابن مسعود، انظر: مصنف عبد الرزاق رقم (7697) والطبري في الكبير رقم (9579) وابن سعد 2/21.
2 الشك من عبد الرزاق وليس من الزهري كما ذكر ذلك الإمام أحمد في العلل 2/408 رقم (2828) تحقيق وصي الله بن عباس.
3 وهذا العدد ذكره البخاري في صحيحه، انظر: صحيح البخاري مع الفتح 7/290-291، رقم (3957-3958-3959) ، وهذا الإبهام قد فسره الإمام مسلم حيث ذكر في صحيحه أن عدد المسلمين في بدر ثلاث مائة وتسعة عشر رجلاً، انظر: صحيح مسلم بشرح النووي 12/84، وهو المعتمد.
وقد ذكر ابن أبي عاصم رواية عن الزهري تحدد فيها عدد جيش المسلمين بأنهم: ثلاثمائة وستة عشر رجلاً، انظر: الآحاد والمثاني، رقم (329) وفي سندها: يعقوب بن حميد بن كاسب المدني، قال ابن حجر: صدوق ربما وهم، التقريب رقم (7815) ، وذكر ذلك أيضاً البلاذري في أنساب الأشراف قسم السيرة 1/290، وفيها ضعف لأنها معلقة، لأن البلاذري لم يدرك إبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، الذي توفي سنة 183، كما قال الذهبي في السير 8/307، علماً بأن البلاذري توفي سنة 279، كما ذكر ابن حجر في لسان الميزان 1/323، وقد يحتمل أن العبارة صحفت منذ فترة مبكرة حيث أصبحت (ثلاثمائة وستة عشر، بدلاً من: ثلاثمائة وتسعة عشر) والله اعلم.
وقال ابن جرير: "أما عامة السلف فإنهم قالوا: كانوا ثلاثمائة رجل وبضعة عشر رجلاً" تاريخ الطبري 2/432.
وقد وردت أقوال أخرى في عدتهم، انظرها في: الطبقات الكبرى لابن سعد 2/19، ومصنف ابن أبي شيبة 14 /382، 383، وتاريخ الطبري 2/431-433، ودلائل البيهقي 3/36، 41، والبداية والنهاية لابن كثير 3/268 وما بعدها، وفتح الباري لابن حجر 7/291، 292.
والتسعمائة1، وكان ذلك يوم الفرقان، وهزم الله يومئذ المشركين، فقتل
__________
1 قال ابن كثير: "وأما جمع المشركين فأحسن ما يقال فيهم أنهم كانوا ما بين التسعمائة إلى الألف" البداية 3/327.
وفي صحيح مسلم أن عدد جيش المشركين كان ألفاً، انضر: صحيح مسلم بشرح النووي 12/84 من حديث ابن عباس عن عمر بن الخطاب.
منهم زيادة على سبعين مهج1، وأسر منهم مثل ذلك2.
قال الزهري: "ولم يشهد بدراً إلا قرشي أو أنصاري أو حليف لأحد الفريقين"3.
__________
1 مُهَج: جمع مهجة وتطلق على دم القلب وعلى الأرواح، انظر: لسان العرب 3/541، ترتيب يوسف بن خياط، والقاموس 263، مادة: مهج.
2 الصحيح في ذلك ما أخرجه البخاري في صحيحة من حديث البراء بن عازب رضي الله عنة: " ... وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصابوا من المشركين يوم بدر أربعين ومائة سبعين أسيراً وسبعين قتيلاً ... " صحيح البخاري مع الفتح 7/307 رقم (3986) ، ومسلم في صحيحه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، انظر مسلم بشرح النووي 12/86.
3 مصنف عبد الرزاق 5/348، رقم (9726) . وهو مرسل صحيح إلى عروة.
وقوله: قال الزهري: "ولم يشهد بدراً ... " إلى آخر العبارة، أخرجها البيهقي في الدلائل 3/40 من طريق عبد الرزاق، وانظر: تاريخ الإسلام للذهبي قسم المغازي، ص80.
,
7- قال البيهقي1: أخبرنا أبو الحسين2 بن الفضل القطان ببغداد، قال أخبرنا أبوبكر3 محمد بن عبد الله بن عتاب العبدي، قال أخبرنا أبو محمد4 القاسم بن عبد الله بن المغيرة الجوهري، قال: أخبرنا إسماعيل5 بن أبي أويس، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى6 بن عقبة، ح، وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني
__________
1 دلائل النبوة للبيهقي، 3/101-119، وأخرج أجزاء منها: ابن إسحاق (ابن هشام 1/606) بعضها بإسناد جمعي فيهم الزهري، وبعضها بأسانيد ليس فيها الزهري، وبعضها بدون إسناد.
2 هو محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل الأزرق، روى عنه البيهقي والخطيب، وقال: كان ثقة تاريخ بغداد، 2/249-250، وقال الذهبي: "مجمع على ثقته"، مات سنة 415، السير، 17/331-332.
3 هو محمد بن عبد الله بن أحمد بن عَتَّاب العبدي، أبو بكر، قال عنه الخطيب: وكان ثقة، مات سنة 344، تاريخ بغداد، 5/452-453.
4 هو القاسم بن عبد الله بن المغيرة، أبو محمد، قال عنه الدارقطني: ثقة مأمون، تاريخ بغداد، 12/433-434.
5 هو إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، أبو عبد الله بن أويس المدني، صدوق، أخطأ في أحاديث من حفظه، من العاشرة، ت سنة ست وعشرين خ م د ت ق، التقريب، 108.
6 هو: إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، الأسدي مولاهم، أبو إسحاق المدني، ثقة، تكلم فيه بلا حجة، من السابعة، مات في خلافة المهدي، خ تم س، التقريب، 105، وبقية الإسناد تقدمت تراجمهم في الرواية رقم [1] .
إسماعيل بن محمد الشعراني، قال: حدثني جدي، قال: أخبرنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال: أخبرنا محمد بن فليح1 عن موسى بن عقبة قال: قال ابن شهاب: - وهذا لفظ حديث إسماعيل عن عمه موسى بن عقبة -
قال: فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قتل ابن الحضرمي شهرين ثم أقبل أبو سفيان2؟ بن حرب في عير3 قريش من الشام ومعه سبعون راكباً من بطون قريش كلها وفيهم: مخرمة4 بن نوفل، وعمرو بن العاص5، وكانوا تجاراً بالشام، ومعهم خزائن أهل مكة، ويقال: كانت عيرهم ألف
__________
1 تقدم في (1) .
2 هو أيو سفيان صخر بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي، أسلم عام الفتح شهد حنينا والطائف، توفي أخر خلافة عثمان رضي الله عنه وهو ابن ثلاث وتسعين وقيل ثمان وثمانين سنة الإصابة، 2/ 179- 180
3 العير: الإبل بأحمالها، النهاية 3/329.
4 هو مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، كان من مسلمة الفتح، توفي سنة أربع وخمسين وقيل سنة خمس وخمسين، قالوا: وعاش مائة وخمس عشرة سنة. الإصابة 3/390-391.
5 عمرو بن العاص بن وائل السهمي الصحابي المشهور، أسلم عام الحديبية وولي إمرة مصر مرتين وهو الذي فتحها، توفي سنة نيف وأربعين وقيل بعد الخمسين، التقريب 423، رقم (5030) .
بعير، ولم يكن لأحد من قريش أوقية1 فما فوقها إلا بعث بها مع أبي سفيان إلا حويطب بن عبد العزى، فلذلك كان تخلف عن بدر ولم يشهده، فذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وكانت الحرب بينهم قبل ذلك وقتل ابن الحضرمي وأسر الرجلين عثمان2 والحكم3.
فلما ذكرت عير أبي سفيان لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عدي4 بن أبي الزغباء الأنصاري من بني غنم، وأصلة من جهينة، وبسبس5 يعني ابن عمرو إلى العير عيناًً له، فسارا حتى أتيا حياً من جهينه قريبا ًمن ساحل البحر فسألوهم عن العير وعن تجارة قريش، فأخبروهما بخبر القوم، فرجعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه، فاستنفر المسلمين للعير، وذلك في رمضان، وقدم أبو سفيان على الجهنيين وهو متخوف من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقال: أحسَّوا من محمد، فأخبروه خبر الراكبين:
__________
1 بضم الهمزة وتشديد الياء، من معايير الأوزان، وكانت الأوقية قديماً عبارة عن وزن أربعين درهماً، تختلف باختلاف اصطلاح البلاد، النهاية 1/80.
2 هو عثمان بن عبد الله بن المغيرة، تقدم أنه مات كافراً.
3 هو الحكم بن كيسان، تقدمت ترجمته في مبحث سرية نخلة.
4 عدي بن أبي الزغباء واسمه سنان بن سبيع بن ثعلبة الجهني حليف بني النجار شهد بدراً وما بعدها، توفي في خلافة عمر رضي الله عنه. الإصابة 2/469-470.
5 بَسْبَس - بموحدتين مفتوحتين بينهما مهملة، ساكنة ثم مهملة مفتوحة - ابن عمرو بن ثعلبة الجهني حليف بني طريف بن الخزرج، ويقال له بسبسة كما في مسلم، رقم (1901) انظر: الإصابة 1/147.
عدي بن أبي الزغباء، وبَسْبَسْ، وأشاروا إلى مناخهما، فقال أبو سفيان: خذوا من بعر بعيريهما، فَفَتَّه، فوجد فيه النوى، فقال: هذه علائف1 أهل يثرب، وهذه عيون محمد وأصحابه، فساروا سراعاً خائفين للطلب، وبعث أبو سفيان رجلاً من بني غفار يقال له: ضمضم بن عمرو إلى قريش: أن انفروا فاحموا عيركم من محمد وأصحابه فإنه قد استنفر أصحابه ليعرضوا لنا. وكانت عاتكة2 بنت عبد المطلب ساكنة بمكة، وهي عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت مع أخيها العباس بن عبد المطلب، فرأت رؤيا3 قبل بدر، وقبل قدوم ضمضم عليهم، ففزعت منها،
__________
1 جمع عَلَف: وهو ما تأكله الدّابة، مثل جمل وجمال، النهاية لابن الأثير 3/287، مادة: عَلَفَ.
2 هي عاتكة بنت عبد المطلب بن هاشم عمة النبي صلى الله عليه وسلم، كانت زوج أبي أمية بن المغيرة والد أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن عبد البر: اختلف في إسلامها، والكُثُر يأبون ذلك، وذكرها العقيلي في الصحابة كما ذكر ابن حجر ذلك في الإصابة، وقد ذكرها ابن منده في الصحابة، وكذا ابن سعد. انظر: الإصابة 4/357.
3 أخرج رؤيا عاتكة أيضاً ابن إسحاق بإسناد فيه مجهول حيث قال: فأخبرني من لا أتهم، ابن هشام 2/607، ووصله الحاكم في المستدرك 3/19-20، ولكن فيه حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، ضعفه ابن حجر، انظر: التقريب 167، رقم (1326) . وقد تعقب الذهبي الحاكم في التلخيص فقال عن حسين: وحسين ضعيف، المستدرك 3/20.
وأخرجها ابن اسحاق موصولة قال: حدثني حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة عن ابن عباس، انظر: دلائل البيهقي 3/29.
وأخرجها الطبراني في الكبير 24/348-349 رقم (860) وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف، وحديثه حسن كما قال الهيثمي، انظر: المجمع 6/69-70.
وأخرجها أيضاً ابن مندة كما في الإصابة من طريق محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أم كلثوم بنت عقبة.
انظر: الإصابة لابن حجر 4/357-358، وفي سندها محمد بن عبد العزيز بن عمر ابن عبد الرحمن بن عوف، قال فيه البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك، وقال الدارقطني: "ضعيف"، لسان الميزان 5/26، قال أبو حاتم: "وليس لمحمد عن أبي الزناد والزهري وهشام بن عروة حديث صحيح"، الجرح والتعديل 8/8، وهذا من روايته عن الزهري.
والخلاصة: أن رؤيا عاتكة قد وردت من عدة طرق مرسلة صحيحة، وموصولة ضعيفة فبعضها يقوي بعضاً.
فأرسلت إلى أخيها العباس بن عبد المطلب من ليلتها فجاءها العباس فقالت: رأيت الليلة رؤيا قد أشفقت منها وخشيت على قومك منها الهلكة قال: وماذا رأيت؟
قالت: لن أحدثك حتى تعاهدني إنك لا تذكرها، فإنهم إن سمعوها آذونا وأسمعونا ما لا نحب، فعاهدها العباس فقالت: رأيت راكباً أقبل من أعلى مكة على راحلته يصيح بأعلى صوته: يا آل غُدر1 أخرجوا في
__________
1 في الإصابة 4/358: يا آل بدر، ولعل الصواب ما في هذه الرواية بدليل قوله: يا آل غدر ويا آل فُجر، قال ابن الأثير: غدر معدول عن غادر للمبالغة يقال للذكر غدر والأنثى غدار كفطام، وهما مختصتان بالنداء غالباً ... ، ومنه حديث عاتكة: يا لغدر يا لفجر. النهاية 3/345.
ليلتين أو ثلاث فأقبل يصيح حتى دخل المسجد على راحلته، فصاح ثلاث صيحات ومال عليه الرجال والنساء والصبيان، وفزع له الناس أشد الفزع، قالت: ثم أراه مَثَل على ظهر الكعبة، على راحلته، فصاح ثلاث صيحات فقال: يا آل غُدر ويا آل فُجر1: أخرجوا في ليلتين أو ثلاث ثم أراه مَثَل على ظهر أبي قبيس2 كذلك يقول يا آل غدر ويا آل فجر حتى أسمع من بين الأخشبين3 من أهل مكة ثم عمد إلى صخرة عظيمة فنزعها من أصلها ثم أرسلها على أهل مكة فأقبلت الصخرة لها حس4 شديد حتى إذا كانت عند أصل الجبل ارفضت5 فلا أعلم بمكة داراً ولا بيتاً إلا قد دخلتها فلقة6 من تلك الصخرة فقد خشيت على قومك،
__________
1 هو معدول عن فاجر للمبالغة، ولا يستعمل إلا في النداء غالباً، النهاية 3/414.
2 جبل مشرف على مسجد مكة، معجم البلدان، 4/308، وهو الجبل الذي يشرف على الكعبة من مطلع الشمس، المعالم الأثيرة 222.
3 الأخشبان جبلان بمكة أحدهما عن يمين المسجد الحرام والآخر عن يساره، أحدهما قُعَيقِعان بالضم ثم الفتح، بلفظ تصغير انظر: معجم البلدان لياقوت، 4/379، والآخر أبو قبيس. انظر المعالم الجغرافية للبلادي، 20.
4 الحسُّ: بكسر الحاء: من أحسست بالشيء، حسّ بالشيء وحُسّ حسًّا وحسيساً، وأحس به، شعر. اللسان (حسس) .
5 ارفضت: أي تفتَّتَتْ. شرح السيرة لأبي ذر الخشني 153.
6 فلقة: أي الكَسْرَةُ: القاموس المحيط ص1186، مادة فلق.
ففزع العباس من رؤياها ثم خرج من عندها فلقي الوليد بن عتبة بن ربيعة من آخر الليلة، وكان الوليد خليلاً للعباس، فقص عليه رؤيا عاتكة وأمره أن لا يذكرها لأحد، فذكرها الوليد لأبيه عتبة، وذكرها عتبة لأخيه شيبة، فارتفع الحديث حتى بلغ أبا جهل بن هشام واستفاض في أهل مكة فلما أصبحوا غدا العباس يطوف بالبيت فوجد في المسجد أبا جهل، وعتبة وشيبة ابني ربيعة، وأمية وأبي بن خلف، وزمعة بن الأسود، وأبا البختري في نفر من قريش يتحدثون، فلما نظروا إلى العباس ناداه أبو جهل: يا أبا الفضل إذا قضيت طوافك فهلم إلينا.
فلما قضى طوافه جاء فجلس إليهم.
فقال أبو جهل: ما رؤيا رأتها عاتكة؟
فقال: ما رأت من شيء.
فقال أبو جهل: أما رضيتم يا بني هاشم بكذب الرجال حتى جئتمونا بكذب النساء، إنا كنا وإياكم كفرسي رهان، فاستبقنا المجد منذ حين، فلما تحاكت الركب قلتم منا نبي، فما بقي إلا أن تقولوا: مِنَّا نبيّة، فما أعلم في قريش أهل بيت أكذب امرأة ولا رجلاً منكم، وآذاه أشد الأذى.
وقال أبو جهل: زعمت عاتكة أن الراكب قال: اخرجوا في ليلتين أو ثلاث. فلو قد مضت هذه الثلاث تبينت قريش كذبكم، وكتبنا سجلاً: أنكم أكذب أهل بيت في العرب رجلاً وامرأةً، أما رضيتم يا بني
قصي أن ذهبتم بالحجابة1والندوة2 والسقاية3 واللواء4 والرفادة5 حتى جئتمونا بنبي منكم؟
فقال العباس: هل أنت منتهٍ، فإن الكذب فيك وفي أهل بيتك، فقال من حضرهما: ما كنت يا أبا الفضل جهولاً ولا خُرقاً6، ولقي العباس من عاتكة فيما أفشى عليها من رؤياها أذى شديداً.
فلما كان مساء الليلة الثالثة من الليلة التي رأت عاتكة فيها الرؤيا
__________
1 المراد حجابة الكعبة، وهي سدانتها وتولي حفظها، النهاية 1/340.
2 قال ابن الأثير: "ندوت القوم أندوهم، إذا جمعتهم في النادي، وبه سميت دار الندوة بمكة لأنهم كانوا يجتمعون فيها ويتشاورون". النهاية 5/37.
3 السقاية: هي ما كانت قريش تسقيه الحجاج من الزبيب المنبوذ في الماء، وكان يليها العباس بن عبد المطلب في الجاهلية والإسلام، النهاية 2/380-381. والمقصود أن هذه الأشياء كانت لبني عبد مناف وبني عبد الدار. انظر: ابن هشام 1/125، وأخبار مكة للأزرقي 1/107-110، والبداية لابن كثير 2/226.
4 اللواء: الراية ولا يمسكها إلا صاحب الجيش. النهاية 4/279، وسيأتي لها تعريفاً موسعاً قريباً.
5 الرفادة: هي شيء كانت تترافد به في الجاهلية، أي تتعاون فيخرج كل إنسان قدر طاقته فيجمعون مالاً عظيماً، فيشترون به الطعام والزبيب للنبيذ ويطعمون الناس ويسقونهم أيام الحج حتى ينقضي. النهاية 2/242.
6 الخُرق: بالضم: الجهل والحمق، وقد خَرِق خَرقاً، فهو أخرق، ومنه حديث جابر: فكرهت أن أجيئهن بخرقاء مثلهن (أي حمقاء جاهلة) وهي تأنيث الأخرق. النهاية في غريب الحديث 2/26.
جاءهم الراكب الذي بعث أبو سفيان وهو ضمضم بن عمرو الغفاري، فصاح، فقال: يا آل غالب بن فهر: انفروا فقد خرج محمد وأهل يثرب يعترضون لأبي سفيان فأحرزوا عيركم، ففزعت قريش أشد الفزع وأشفقوا من رؤيا عاتكة، وقال العباس: هذا زعمتم كذا وكذَّب عاتكة فنفروا على كل صعب1 وذلول2 وقال أبو جهل: أيظن محمد أن يصيب مثل ما أصاب بنخلة، سيعلم أنمنع عيرنا أم لا، فخرجوا بخمسين وتسعمائة مقاتل وساقوا مائة فرس، ولم يتركوا كارهاً للخروج يظنون أنه في صغو3 محمد وأصحابه ولا مسلماً يعلمون إسلامه ولا أحداً من بني هاشم إلا من لا يتهمون إلا أشخصوه معهم فكان ممن أشخصوا العباس بن عبد المطلب، ونوفل بن الحارث، وطالب بن أبي طالب، وعقيل بن أبي طالب في آخرين وهنالك يقول طالب بن أبي طالب:
إما يخرجن طالب ... بمقنب4 من هذه المقانب
في نفر مقاتل محارب ... فليكن المسلوب غير السالب
والراجع المغلوب غير الغالب
__________
1 الصعب من الدواب نقيض الذلول، والأنثى صعبة، والجمع صعاب، وأُصْعِبَ الجمل لم يُركب قطُّ. اللسان (صعب) .
2 دابة ذلول: أي ضد الصعب. اللسان (ذلل) .
3 الصغو: الميل: يقال: صَغوه معك، وصِغاه وصَغاه أي: ميله معك، وصاغية الرجل الذي يميلون إليه ويأتونه ويطلبون ما عنده ويغشونه، لسان العرب 2/445، مادة: (صغا) .
4 المقنب: الجماعة من الخيل مقدار ثلاثمائة أو نحوها، شرح السيرة لأبي ذر الخشني ص155.
فساروا حتى نزلوا الجحفة1، نزلوها عشاءً يتروون من الماء وفيهم رجل من بني المطلب بن عبد مناف يقال له جهيم بن الصلت بن مخرمة2، فوضع جهيم رأسه فأغفى3 رأسه ثم فزع فقال لأصحابه: هل رأيتم الفارس الذي وقف عليَّ آنفاً؟ فقالوا: لا؛ فإنك مجنون. فقال: قد وقف عليّ فارس آنفاً فقال: قتل أبو جهل، وعتبة، وشيبة، وزمعة، وأبو البختري، وأمية بن خلف، فعد أشرافاً من كفار قريش. فقال له أصحابه: إنما لعب بك الشيطان، ورفع حديث جهيم إلى أبي جهل فقال: قد جئتمونا بكذب بني المطلب مع كذب بني هاشم! سترون غداً من يقتل.
ثم ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم عير قريش جاءت من الشام، وفيها أبو
__________
1 الجحفة: جيم مضمومة وحاء ساكنة وفاء ثم هاء، توجد اليوم آثارها شرق مدينة رابغ بحوالي (22) كيلاً إذا خرجت من رابغ تؤم مكة كانت إلى يسارك. معجم المعالم الجغرافية للبلادي 79-80.
2 هو جهيم بن الصلت بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف المطلبي، قال ابن سعد: "أسلم بعد الفتح". وقال ابن عبد البر: "أسلم عام خيبر، وأطعمه رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر ثلاثين وسقاً ... " قال ابن اسحاق: "وهو الذي رأى أيام بدرٍ رجلاً على فرس يقول: قتل عتبة وشيبة ابنا ربيعة، وكان يكتب الصدقات لرسول الله صلى الله عليه وسلم". انظر: الإصابة 1/256. وقد ذكر رؤيا جهيم ابن إسحاق، انظر: ابن هشام 1/218، والواقدي في المغازي 1/42.
3 أغفى رأسه: أدنى جفونه. اللسان (غضض) .
سفيان بن حرب ومخرمة بن نوفل، وعمرو بن العاص، وجماعةٌ من قريش، فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلك حين خرج إلى بدر على نَقْب1 بني دينار، ورجع حين رجع من ثنية الوداع2 فنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نفر ومعه ثلاثمائة3 وستة عشر رجلاً، وفي رواية ابن فليح: ثلاثمائة4 وثلاثة عشر رجلاً، وأبطأ عنه كثيرٌ من أصحابه، وتربصوا، وكانت أول وقعة
__________
1 بالفتح ثم السكون، الطريق الضيق في الجبل، وبنو دينار من الأنصار من بني النجار، ونقب بني دينار من الحرة الغربية بالمدينة، ولعله الطريق المعروف اليوم والذي يؤدي إلى ذي الحليفة، فقد كان شق في الحرة ثم عُبِّد، المعالم الأثيرة 289.
2 ثنية الوداع من سلع على متنه الشرقي، بداية شارع أبي بكر الصديق (سلطانة) وعند أول شارع سيد الشهداء وهي ثنية الوداع لمن يسافر إلى الشام عن طريق تبوك، معجم المعالم الجغرافية 332، والمعالم الأثيرة 296.
3 يشهد له حديث أبي موسى عند البزار (كشف الأستار 1784) ، قال الهيثمي بعد أن ذكره: "ورجاله ثقات"، انظر: المجمع 6/93، والحق أن في اسناده: ثابت بن عمارة، صدوق فيه لين كما قال ابن حجر رحمه الله، انظر: التقريب 132 رقم (823) .
4 قد وردت عدة روايات تذكر هذا العدد منها ما ذكره ابن إسحاق في رواية البكائي عنه، انظر: ابن هشام 1/706، والواقدي في المغازي 1/125، وأحمد في المسند 4/103 رقم (2232) ، أرناؤوط، وابن أبي شيبة في المصنف، 14/382، وابن سعد في الطبقات 2/20، والطبري في تاريخه، 2/431، والطبراني في الكبير 11/388، رقم (12083) ورقم (12063) ، وكلها فيها مقال، وتبقى رواية مسلم التي تذكر ثلاثمائة وتسعة عشر رجلاً هي الصحيحة والمعتمدة، مسلم بشرح النووي 12/84.
أعز الله تبارك وتعالى فيها الإسلام، فخرج في رمضان على رأس ثمانية عشر شهراً من مقدمه المدينة، ومعه المسلمون، لا يريدون إلا العير1، فسلك على نقب بني دينار، والمسلمون غير مقوِّين من الظهر، وإنما خرجوا على النواضح2 يعتقب النفر منهم على البعير الواحد، وكان زميل رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، ومرثد بن أبي مرثد الغنوي3 حليف حمزة، فهم معه ليس معهم إلا بعير واحدٌ، فساروا حتى إذا كانوا بعَرْق الظَّبْيَة4 لقيهم راكبٌ من قبل تهامة، والمسلمون يسيرون فوافقه نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألوه عن أبي سفيان فقال: لا علم لي به، فلما يئسوا من خبره قالوا له: سلِّم على النبي صلى الله عليه وسلم، قال: وفيكم رسول الله؟ قالوا: نعم. قال: أيكم هو؟ فأشاروا له إليه، فقال الأعرابي: أنت رسول الله كما تقول؟ قال: نعم. قال: إن كنت رسول الله كما تزعم فحدثني
__________
1 يشهد له ما رواه البخاري في صحيحه من أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى بدر لا يريد إلا العير حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد، انظر: صحيح البخاري مع الفتح 7/285.
2 النواضح: الإبل التي يستقى عليها، واحدها ناضح، النهاية في غريب الحديث 5/69.
3 هو مرثد بن أبي مرثد الغنوي، صحابي وأبوه صحابي واسمه: كناز بنون ثقيلة، وزاي وهما ممن شهد بدراً، قال ابن إسحاق: "استشهد مرثد في صفر سنة ثلاث في غزاة الرجيع" الإصابة 3/398.
4 عرق الظبية: يروى بضم الأول وفتحه، ويعرف اليوم (طرف الظبية) ، وهو قبل الروحاء بثلاثة أكيالٍ، انظر: المعالم الاثيرة 183.
بما في بطن ناقتي هذه. فغضب رجلٌ من الأنصار ثم من بني عبد الأشهل يقال له سلمة بن سلامة بن وقْش1 فقال للأعرابي: وقعت على ناقتك فحملت منك فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال سلمة حين سمعه أفحش، فأعرض عنه، ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يلقاه خبر، ولا يعلم بنفرة قريش.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: أشيروا علينا في أمرنا ومسيرنا.
فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله، إنا أعلم الناس بمسافة الأرض، أخبرنا عدي بن أبي الزغباء أن العير كانت بوادي كذا وكذا - قال ابن فليح في روايته: فكأنا وإياهم فرسا رهان إلى بدر، ثم اتفقا - قال: ثم قال: أشيروا عليَّ.
فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله، إنها قريش وعزها، والله ما ذلت منذ عزت، ولا آمنت منذ كفرت، والله لتقاتلنك، فتأَهَّبْ لذلك أهبته، وأعد له عدته.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشيروا عليَّ.
فقال المقداد بن عمرو عديد بني زهرة: إنا لا نقول لك كما قال
__________
1 هو سلمة بن سلامة بن وقْش بن زغبة الأشهلي الأنصاري أبو عوف شهد العقبة الأولى والثانية، وشهد بدراً والمشاهد كلها. قال إبراهيم بن المنذر: "مات سنة أربع وثلاثين"، وقال غيره: "بل تأخر إلى سنة خمس وأربعين وبه جزم الطبري"، قال: "مات وهو ابن أربع وسبعين سنة بالمدينة"، الإصابة 2/65.
أصحاب موسى {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} 1، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم متبعون2.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشيروا عليّ.
فلما رأى سعد بن معاذ3 كثرة استشارة النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فيشيرون فيرجع إلى المشورة ظن سعدٌ أنه يستنطق الأنصار شفقاً ألا يستحوذوا معه، أو قال: ألا يستجلبوا معه على ما يريد من أمره. فقال سعد: لعلك يا رسول الله تخشى أن لا تكون الأنصار يريدون مواساتك، ولا يرونها حقاً عليهم إلا بأن يروا عدواً في بيوتهم وأولادهم ونسائهم، وإني أقول
__________
1 إشارة إلى الآية رقم (24) من سورة المائدة.
2 ورد عن ابن إسحاق: ".. ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه"، ابن هشام 1/615.
وقد أخرج البخاري كلام المقداد في صحيحه، ولكن ليس عند المشورة وإنما عند دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين فقال: لا نقول كما قال قوم موسى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا} ولكنا نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك ومن خلفك، انظر: صحيح البخاري مع الفتح، 7/287 رقم (3952) ، ومسند أحمد رقم (3698) تحقيق شاكر.
3 هو سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل الأنصاري الأوسي، شهد بدراً باتفاق ورمي بسهم يوم الخندق فعاش بعد ذلك شهراً حتى حكم في بني قريظة، ثم انتقض جرحه، فمات سنة خمس، الإصابة 2/37.
عن الأنصار وأجيب عنهم يا رسول الله، فاظعن1 حيث شئت، وصِل حبل من شئتَ، واقطع حبْل من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت، وأعطنا ما شئت، وما أخذته منّا أحب إلينا مما تركت علينا، وما ائتمرت من أمرٍ فأمرنا لأمرك فيه تبعٌ، فوالله لو سرت حتى تبلغ البرك2من غِمْدِ ذي يَمَن لسرنا معك3.
فلما قال ذلك سعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيروا على اسم الله عز وجل؛ فإني قد رأيتُ مصارع القوم. فعمد لبدر.
__________
1 ظَعَنَ بالتحريك، ذهب وسار. انظر: لسان العرب 2/644، مادة ظَعَن.
2 المراد: برك الغِماد: وهو بكسر الغين المعجمة، وقال ابن دريد بالضمّ، والكسر أشهر، وهو موضع وراء مكة بخمس ليال مما يلي البحر، انظر: معجم البلدان 1/399، وهي الآن بلدة صغيرة بين حَلي والقُنْفُذَة على الساحل، وتبعد عن مكة (600) كيلٍ تقريباً، المعالم الجغرافية 42.
3 أخرج مسلم في صحيحه من حديث أنس أن القائل هو: سعد بن عبادة رضي الله عنه، انظر: مسلم بشرح النووي 12/124.
قال الحافظ ابن حجر: "وفيه نظر، لأن سعد بن عبادة لم يشهد بدراً، وإن كان يعدّ فيهم لكونه ممن ضرب له بسهم، ثم قال: ويمكن الجمع بأن النبي صلى الله عليه وسلم استشارهم في غزوة بدر مرتين:
الأولى: وهو بالمدينة أول ما بلغه خبر العير مع أبي سفيان، وذلك بين في رواية مسلم ولفظه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم شاور أصحابه حين بلغه إقبال أبي سفيان.
والثانية: كانت بعد أن خرج، ثم قال: ووقع عند الطبراني أن سعد بن عبادة قال ذلك بالحديبية، وهذا أولى بالصواب" فتح الباري 7/288.
وخفض أبو سفيان، فلصق بساحل البحر، وخاف الرصد على بدر، وكتب إلى قريش حين خالف مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأى أنه قد أحرز ما معه، وأمرهم أن يرجعوا، فإنما خرجتم لتحرزوا ركبكم، فقد أحرز لكم.
فلقيهم هذا الخبر بالجحفة، فقال أبو جهل: والله لا نرجع حتى نقدم بدراً فنقيم بها، ونطعم من حضرنا من العرب؛ فإنه لن يرانا أحدٌ من العرب فيقاتلنا.
فكره ذلك الأخنس بن شريق1، فأحب أن يرجعوا، وأشار عليهم بالرجعة فأبوا وعصوه، وأخذتهم حمية الجاهلية، فلما يئس الأخنس من رجوع قريش أكبّ على بني زهرة فأطاعوه، فرجعوا، فلم يشهد أحدٌ منهم بدراً، واغتبطوا برأي الأخنس وتبركوا به، فلم يزل فيهم مطاعاً حتى مات، وأرادت بنو هاشم الرجوع فيمن رجع فاشتد عليهم أبو جهل بن هشام، وقال: والله لا تفارقنا هذه العصابة حتى نرجع.
وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل أدنى شيء من بدر عشاءً، ثم بعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وبسبساً الأنصاري عديد بني ساعدة،
__________
1 الأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي أبو ثعلبة حليف بني زهرة، اسمه: أبي، وإنما لقب الأخنس لأنه رجع ببني زهرة من بدر لما جاءهم الخبر أن أبا سفيان نجا بالعير، فقيل خنس الأخنس ببني زهرة، فسمي بذلك، ثم أسلم فكان من المؤلفة قلوبهم وشهد حنيناً ومات في خلافة عمر رضي الله عنه. الإصابة 1/25.
وهو أحد جهينة في عصابة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهم: اندفعوا إلى هذه الظِّراب1 وهو في ناحية بدر، فإني أرجو أن تجدوا الخبر عند القليب الذي يلي الظِّراب، فانطلقوا متوشحي السيوف، فوجدوا وارد قريش عند القليب الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذوا غلامين2 أحدهما لبني الحجاج بن أسود، والآخر لآل العاص، يقال له: اسلم، وأفلت أصحابهما قبل قريش، فأقبلوا بهما حتى أتوا بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مُعَرَّسِه دون الماء، فجعلوا يسألون العبدين عن أبي سفيان وأصحابه لا يرون إلا أنهما لهم، فطفقا يحدثانهم عن قريش ومن خرج منهم وعن رؤوسهم فيكذبونهما وهم أكره شيء للذي يخبرانهم، وكانوا يطمعون بأبي سفيان وأصحابه ويكرهون قريشاً، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلمقائماً يصلي يسمع ويرى الذي يصنعون بالعبدين، فجعل العبدان إذا أذلقوهما بالضرب يقولان نعم هذا أبو سفيان والركب، كما قال عز وجل: {أسفلَ مِنْكُمْ} قال الله تعالى: {إذْ أَنْتُم بالعُدوة الدنيا وهم بالعُدوَةِ القُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ
__________
1 الظراب الجبال الصغار، واحدها: ظَرِب - بوزن: كتف - وقد يجمع في القلة على أظرب. النهاية في غريب الحديث 3/156.
2 في صحيح مسلم أن الأسر وقع لغلام بني الحجاج، وهو أسود اللون، انظر: مسلم بشرح النووي 12/125، وانظر: سنن أبي داود رقم (2681) ، وفي مسند أحمد 2/259، رقم 948، أرناؤوط، أن الأسير مولى لعقبة بن أبي معيط.
وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي المِيعَاد وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللهُ أمْراً كان مفْعُولاً} 1.
قال: فطفقوا إذا قال العبدان: هذه قريش قد جاءتكم كذبوهما وإذا قالا هذا أبو سفيان تركوهما، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم صنيعهم بهما سلّم من صلاته، فقال: ماذا أخبراكم؟
قالوا: أخبرانا أن قريشاً قد جاءت.
قال: فإنهما قد صدقا، والله إنكم لتضربونهما إذا صدقا وتتركونهما إذا كذبا. خرجت قريش لتحرز ركبها وخافوكم عليهم، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم العبدين فسألهما فأخبراه بقريش، وقالا: لا علم لنا بأبي سفيان، فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم "كم القوم"؟
قالا: لا ندري، والله هم كثير، فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أطعمهم أمس "؟
فسميا رجلاً من القوم، قال: "كم نحر لهم"؟
قالا: عشر جزائر، قال: "فمن أطعمهم أول أمس"؟
فسميا رجلاً آخر من القوم، فقال: "كم نحر لهم"؟
قالا تسعاً، فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: القوم ما بين التسع مائة والألف، يعتبر ذلك بتسع جزائر ينحرونها يوماً وعشر ينحرونها يوماً، وزعموا أن أول من نحر لهم حين خرجوا من مكة أبو جهل بن هشام، ونحر لهم بمرّ2 عشر جزائر، ثم نحر لهم أمية بن خلف
__________
1 سورة الأنفال: آية (42)
2 مرّ: المراد: مرّ الظهران، وهو وادٍ فحل من أودية الحجاز يمرّ شمال مكة على (22) كيلاً ويصب في البحر جنوب جدة، بقرابة عشرين كيلاً. انظر: معجم المعالم الجغرافية 288.
بعُسفان1 تسع جزائر، ونحر لهم سهيل بن عمرو بقُدَيد2 عشر جزائر، ومالوا من قديد إلى مياه من نحو البحر فظلوا فيها وأقاموا بها يوماً فنحر لهم شيبة بن ربيعة تسعاً ثم أصبحوا بالجحفة فنحر لهم يومئذ عتبة بن ربيعة عشراً، ثم أصبحوا بالأبواء فنحر لهم نبيه ومنبه ابنا الحجاج أو قال العباس بن عبد المطلب عشراً، ونحر لهم الحارث بن عامر بن نوفل تسعاً، ونحر لهم أبو البختري على ماء بدر عشر جزائر، ونحر لهم مِقْيس الجمحي على ماء بدر تسعاً3، ثم شغلتهم الحرب فأكلوا من أذوادهم4.
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشيروا عليّ في المنزل، فقام الحباب بن المنذر5، رجل من الأنصار ثم أحد بني سلمة، فقال: أنا يا رسول الله
__________
1 عُسفان: بضمّ العين وسكون السين وفاء وألف وآخره نون، هي بلدة على (80) كيلاًً من مكة شمالاً على الجادة إلى المدينة. انظر: معجم المعالم الجغرافية 208.
2 قُديد: بضمّ القاف وفتح الدال المهملة ومثناة تحت ودال أخرى، وهو وادٍ فحل من أودية الحجاز يقطعه الطريق من مكة إلى المدينة على نحو من (120) كيلاً. معجم المعالم الجغرافية، 249.
3 وقد أخرج الواقدي في المغازي (1/60) أن إيماء بن رحضة قد بعث إلى قريش ابناً له بعشر جزائر حين مروا به، أهداها لهم فشكروه على ذلك.
4 وردت هنا بالذال، ولكن يظهر أن معناها: أزودة بالزاي. والأزودة جمع زاد على غير القياس، النهاية 2/ 317
5 هو الحباب بن المنذر بن الجموح الأنصاري الخزرجي ثم السلمي، قال ابن سعد: شهد بدراً، وقال: مات في خلافة عمر وقد زاد على الخمسين، الإصابة 1/302.
عالم بها وبقُلُبها، إن رأيت أن تسير إلى قليب منها قد عرفتها كثيرة الماء عذبة فتنزل عليها وتسبق القوم إليها وتغوّر ما سواها1، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيروا فإن الله تعالى قد وعدكم إحدى الطائفتين أنها لكم"، فوقع في قلوب الناس كثير الخوف، وكان فيهم شيء من تخاذل من تخويف الشيطان، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون مسابقين إلى الماء، وسار المشركون سراعاً يريدون الماء فأنزل الله عليهم في تلك الليلة مطراً واحداً، فكان على المشركين بلاءً شديداً منعهم أن يسيروا، وكان على المسلمين ديمة2 خفيفة لَبَّد لهم المسير والمنزل، وكانت بطحاء دَهِسَة، فسبق
__________
1 قصة مشورة الحباب أخرجها الحاكم في المستدرك 3/ 426- 427، قال عنها الألباني في تعليقه على كتاب (فقه السيرة للغزالي ص:240) : "وفي سنده من لم أعرفه، وقال عنها الذهبي في تلخيصه على المستدرك: "قلت: حديث منكر" ورواها ابن إسحاق بإسناد منقطع، (ابن هشام 1/ 620) ، وبإسناد مرسل إلى عروة كما في دلائل البيهقي 3/35، والطبري في تاريخه، 2/ 440 من طريق سلمة بن الأبرش عن ابن إسحاق، وذكرها ابن كثير عن الأموي، انظر: السيرة النبوية لابن كثير، 2/ 402، بإسناد منقطع، وفيها الكلبي وهو متروك، وابن شاهين كما في الإصابة 1/ 302 بإسناد ضعيف، وقد تتقوى إلى درجة الحسن لغيره كما قال باوزير في: مرويات غزوة بدر ص 164.
2 الديمة: المطر الدائم في سكون. النهاية 2/ 148.
المسلمون إلى الماء فنزلوا عليه شطر الليل، فاقتحم القوم القليب فماحوها حتى كثر ماؤها، وصنعوا حوضاً عظيماً ثم غوروا ما سواه من المياه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه مصارعهم إن شاء الله تعالى بالغداة، وأنزل الله عز وجل: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ} 1.
ويقال: كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسان على أحدهما مصعب بن عمير2، وعلى الآخر سعد بن خيثمة3، ومرة الزبير بن العوام، ومرة المقداد بن الأسود4.
__________
1 سورة الأنفال آية (11) .
2 مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب العبدري أحد السابقين إلى الإسلام يكنى أبا عبد الله، شهد بدراً وأحداً ومعه اللواء، فاستشهد، الإصابة 3/ 421.
3 سعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك بن كعب الأنصاري الأوسي أحد النقباء ليلة العقبة، شهد بدراً واستشهد بها، الإصابة 2/25.
4 أخرج الحاكم في المستدرك 3/ 20 و361، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "ما كان معنا إلا فرسان، فرس للزبير وفرس للمقداد بن الأسود - يعني يوم بدر" ثم قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين" وأقره الذهبي.
والحق أن حميد بن زياد لم يرو له البخاري في صحيحه، وقال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب 181 رقم (1546) : "صدوق يهم"، وقد أخرج الإمام أحمد بسند صحيح عن علي رضي الله عنه ما يخالف هذه حيث قال علي رضي الله عنه: "ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد"، مسند أحمد رقم (1023) بتحقيق الأرناؤوط وزملائه، وأخرجه أبو يعلى رقم (280) وابن خزيمة رقم (899) ، وابن حبان رقم (2257) ، وأبو داود الطيالسي رقم (116) ، وأبو يعلى (3050) من طريق شعبة.
ثم صف رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحياض، فلما طلع المشركون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - زعموا: "اللهم هذه قريش قد جاءت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك، اللهم إني أسألك ما وعدتني"1 - ورسول الله صلى الله عليه وسلم ممسك بعضد أبي بكر يقول – "اللهم إني أسألك ما وعدتني". فقال أبو بكر: يا نبي الله أبشر فوالذي نفسي بيده لينجزن الله تعالى ما وعدك"2. فاستنصر المسلمون الله تعالى واستغاثوه، فاستجاب الله تعالى لنبيهصلى الله عليه وسلم وللمسلمين.
وأقبل المشركون ومعهم إبليس في صورة سراقة بن جعشم المدلجي يحدثهم أن بني كنانة وراءه قد أقبلوا لنصرهم وأنه لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم لما أخبرهم من سير بني كنانة، قال: وأنزل الله تعالى:
__________
1 ورد نحو هذا الدعاء عند البخاري 6/ 99، رقم (2915) ، ومسلم بشرح النووي 12/ 84، وأخرجه الواقدي في المغازي (1/ 59) من طريق الزهري عن عروة مرسلاً.
2 كلام أبي بكر ونحوه عند البخاري ومسلم في المصدرين والمكانين المتقدمين.
{ولا تكونوا كَالذِينَ خَرجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَرَاً وَرِئَاءَ النَّاسِ} 1 هذه الآية والتي بعدها2، قال رجال من المشركين ممن ادعى الإسلام وخرج بهم المشركون كرهاً لما رأوا قلة مع محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه غرّ هؤلاء دينهم، قال الله تعالى: {وَمَنْ يتوكلْ على اللهِ فَإِنّ الله عزيزٌ حَكِيْمٌ} 3 الآية كلها.
وأقبل المشركون حتى نزلوا وتَعَبَّوْا للقتال والشيطان معهم لا يفارقهم، فسعى حكيم بن حزام إلى عتبة بن ربيعة، فقال: هل لك أن تكون سيد قريش ما عشت؟
قال عتبة: فأفعل ماذا؟
قال: تجير بين الناس وتحمل دية ابن الحضرمي4 وبما أصاب محمد من تلك العير، فإنهم لا يطلبون من محمد غير هذه العير ودم هذا الرجل5.
__________
1 سورة الأنفال آية (47) .
2 وهي قوله تعالى: {وإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعمالَهُمْ وَقَالَ لا غالِبَ لَكُمُ اليوْمَ مِنَ النَّاسِ وإني جَارٌ لَكُمْ فلمّا تَراءَتِ الفِئتانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْه وقال إِني بَرِيءٌ مِّنْكم إني أرَى ما لا تَرَوْنَ إِنِّيْ أَخَافُ اللهَ واللهُ شديدُ العِقاب} .
3 سورة الأنفال آية (49) .
4 يعني: عمرو بن الحضرمي الذي قتل في سرية نخلة.
5 هذا يدل على أن قريشاً لم تخرج لإنقاذ عيرها فقط، بل لأخذ ثأر ابن الحضرمي أيضاً.
وقد ذكر ابن حجر: أن غزوة بدر كانت بسبب قتل المسلمين ابن الحضرمي، الإصابة 2/ 498.
قال عتبة: نعم، قد فعلت ونعماً قلت ونعماً دعوت إليه، فاسع في عشيرتك فأنا أتحمل بها، فسعى حكيم في أشراف قريش بذلك يدعوهم إليه، وركب عتبة بن ربيعة جملاً له فسار عليه في صفوف المشركين في أصحابه، فقال: يا قوم أطيعوني فإنكم لا تطلبون عندهم غير دم ابن الحضرمي، وما أصابوا من عيركم تلك، وأنا أتحمل بوفاء ذلك، ودعوا هذا الرجل، فإن كان كاذباً وليَ قتله غيركم من العرب فإن فيهم رجالاً لكم فيهم قرابة قريبة، وإنكم إن تقتلوهم لا يزال الرجل منكم ينظر إلى قاتل أخيه أو ابنه أو ابن أخيه أو ابن عمه، فيورث ذلك فيهم إحناً وضغائن، وإن كان هذا الرجل ملكاً كنتم في ملك أخيكم، وإن كان نبياً لم تقتلوا النبي فتسبوا به، ولن تخلصوا أحسب إليهم حتى يصيبوا أعدادهم، ولا آمن أن تكون لهم الدبرة1 عليكم، فحسده أبو جهل على مقالته، وأبى الله عز وجل إلا أن ينفذ أمره، وعتبة بن ربيعة يومئذ سيد المشركين، فعمد أبو جهل إلى ابن الحضرمي2 وهو أخو المقتول فقال: هذا عتبة
__________
1 الدبرة: أي الدولة والظفر والنصرة، تفتح الباء وتسكّن، ويقال: على مَنِ الدبَرة؟ أيضاً، أي الهزيمة، النهاية 2/ 98.
2 ابن الحضرمي هو: عامر بن الحضرمي أخو عمرو المقتول في سرية ابن جحش، انظر: ابن هشام، 1/ 708، وأسد الغابة 4/ 74، رقم (3739) .
يُخَذِّل بين الناس، وقد تحمل بدية أخيك يزعم أنك قابلها، أفلا تستحيون من ذلك أن تقبلوا الدية؟
وقال أبو جهل لقريش: إن عتبة قد علم أنكم ظاهرون على هذا الرجل ومن معه وفيهم ابنه وبنو عمه وهو يكره صلاحكم.
وقال أبو جهل لعتبة وهو يسير فيهم ويناشدهم: انتفخ سَحَرُك، وزعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وهو ينظر إلى عتبة: إن يكن عند أحد من القوم خير فهو عند صاحب الجمل الأحمر، وإن يطيعوه يرشدوا1، فلما حرض أبو جهل قريشاً على القتال أمر النساء يعولن عمراً، فقمن يصحن واعمراه واعمراه، تحريضاً على القتال، وقام رجال فتكشفوا يعيرون بذلك قريشاً، فاجتمعت قريش على القتال، وقال عتبة لأبي جهل: ستعلم اليوم من انتفخ سَحَرُه، أي الأمرين أرشد2، وأخذت قريش مصافها للقتال، وقالوا لعمير بن وهب: اركب فاحزر3 لنا محمداً وأصحابه، فقعد عمير على فرسه فأطاف برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثم رجع إلى المشركين فقال: حزرتهم بثلاثمائة مقاتل زادوا شيئاً أو نقصوا شيئاً، وحزرت سبعين، ونحو
__________
1 من قوله: "إن يكن عند أحد ... إلى هنا" أخرجه أحمد في المسند 2/ 259 رقم: [948] أرناؤوط، بسند صحيح، وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 362، 364، وأبو داود رقم (2665) ، والواقدي في المغازي (1/ 59) ، والبزار رقم (719) ، والطبري في التاريخ 2/ 424، والبيهقي في الدلائل 3/ 63، والسنن 9/ 331.
2 أخرج الواقدي في المغازي (1/ 62- 64) من طريق الزهري نحوه.
3 الحزر: عَدَدُ الشيء بالحَدْس أي بالتقدير. اللسان. حزر.
ذلك، ولكن أنظروني حتى أنظر هل لهم مدد أو خبيء، فأطاف حولهم وبعثوا خيلهم معه، فأطافوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثم رجعوا، فقالوا: لا مدد لهم ولا خبيء، وإنما هم أكلة جزور طعام مأكول، وقالوا لعمير: حَرِّش بين القوم، فحمل عمير على الصف ورجعوا بمائة فارس، واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لأصحابه: لا تقاتلوا حتى أوذنكم1، وغشيه نوم فغلبه، فلما نظر بعض القوم إلى بعض، جعل أبو بكر يقول: يا رسول الله قد دنا القوم ونالوا منا، فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أراه الله تعالى إياهم في منامه قليلاً، وقلل المسلمين في أعين المشركين حتى طمع بعض القوم في بعض، ولو أراه عدداَ كثيراَ لفشلوا ولتنازعوا في الأمر، كما قال الله عز وجل، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فَرَسان: أحدهما لأبي مرثد الغنوي، والآخر للمقداد بن عمرو.
وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فوعظهم وأخبرهم أن الله تعالى قد أوجب الجنة لمن استشهد اليوم، فقام عمير بن حُمام2 أخو بني سلمة عن عَجِين كان يعجنه لأصحابه حين سمع قول النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إن لي الجنة إن قُتِلتُ؟
قال: نعم، فشدّ على أعداء الله مكانه فاستشهده الله تعالى، وكان
__________
1 انظر ما يؤيده في صحيح مسلم بشرح النووي 13/ 45.
2 هو عمير بن الحُمام بضم المهملة، وتخفيف الميم ابن الجموح بن زيد بن حرام الأنصاري السلمي، الإصابة 3/31.
أول قتيل1 قتل. ثم أقبل الأسود بن عبد الأسد المخزومي يحلف بآلهته ليشرَبَنّ من الحوض الذي صنع محمد وليهدمنّه، فشدّ فلما دنا من الحوض لقيه حمزة بن عبد المطلب، فضرب رجله فقطعها، فأقبل يحبو حتى وقع في جوف الحوض فهدم منه، واتبعه حمزة حتى قتله.
فلما قُتل الأسود بن عبد الأسد نزل عتبة بن ربيعة عن جمله حميّة لِما قال له أبو جهل، ثم نادى: هل من مبارز؛ فوالله ليعلمن أبو جهل أينا أجبن وألأم، ولحق أخوه شيبة، والوليد ابنه، فناديا يسألان المبارزة فقام إليهم ثلاثة من الأنصار فاستحيى النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك لأنه كان أول قتال التقى فيه المسلمون والمشركون، ورسول الله صلى الله عليه وسلم شاهد معهم، فأحب النبي صلى الله عليه وسلم أن تكون الش,
8 - قال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعَيْرٍ العذري1 حليف بني زهرة، أنه حدثه: أنه لما التقى الناس ودنا بعضهم من بعض، قال أبو جهل بن هشام: "اللهم أقطعنا للرحم، وآتانا بما لا نعرف، فأَحِنْه2 الغداة، فكان هو المستفتح"3.
__________
1 هو عبد الله بن ثعلبة بن صُعير - بمهملتين مصغراً - ويقال: ابن أبي صعير، له رؤية ولم يثبت له سماع، مات سنة سبع - أو تسع - وثمانين، وقد قارب التسعين، خ (د) س التقريب 298 رقم (3242) .
2 الحين - بالفتح -: الهلاك، وقد حان الرجل: هلك. اللسان 1/772، حين.
3 ابن هشام والواقدي في المغازي 1/70، ومسند أحمد 39/65 - 66 رقم: [23661] ، أرناؤوط، ومصنف ابن أبي شيبة 14/360، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 1/ 454 رقم (631) ، وأنساب الأشراف للبلاذري، قسم السيرة 1/ 129، والنسائي في السنن الكبرى 10/106، رقم (11137) ، تحقيق: حسن عبد المنعم شلبي، ط: الأولى، 1421هـ. والطبري في التاريخ 2/449، والحاكم في المستدرك 2/328، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وأخرجه البيهقي في الدلائل 3/74. وهو حديث صحيح.
وقد أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في قوله تعالى: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَد جَاءَكمُْ الفَتْحُ} ، قال: "استفتح أبو جهل بن هشام، فقال: اللهم أينا كان أفجر بك وأقطع للرحم فأحنه اليوم، يعني محمداً ونفسه، فقتله الله يوم بدرٍ كافراً إلى النار". مصنف عبد الرزاق 5/347 رقم (9725) ، والتفسير 1/256، وهو مرسل، إسناده صحيح إلى الزهري، وانظر: تفسير ابن كثير 2/ 296.
,
9 - قال أبو نعيم1: حدثنا أبو بكر2 بن مردويه، حدثنا علي ابن أحمد3، ودعلج4 بن أحمد، قالا: حدثنا محمد5 بن أيوب، قال: أخبرني إبراهيم6 بن يحيى بن عباد، قال: حدثني أبي7، عن محمد بن
__________
1 دلائل النبوة لأبي القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني، رقم (330) . تحقيق: محمد بن محمد الحداد، الطبعة الأولى 1409هـ دار طيبة للنشر والتوزيع.
2 ابن مردويْه: هو أبو بكر أحمد بن محمد بن الحافظ الكبير أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويْه بن فورك بن موسى الأصبهاني، مات سنة ثمان وتسعين وأربع مائة، قال السِّلَفيُّ: (كتبنا عنه كثيراً، وكان ثقة جليلاً) السير 19/207.
3 هو علي بن أحمد بن محمد بن بادويه القزويني المعروف ببادويه، أبو الحسن، وثقه الخطيب، تاريخ بغداد، 11/322 – 323، والخليلي، انظر: الإرشاد، 2/771، رقم [645] .
4 هو: دَعْلَج بن أحمد بن دَعْلَج بن عبد الرحمن، أبو محمد السجستاني المعدل، قال الخطيب: كان ثقة ثبتاً، تاريخ بغداد، 8/387 –388.
5 هو محمد بن أيوب بن يحيى الضُّريس الرازي، قال ابن أبي حاتم: كتبنا عنه، وكان ثقة صدوقاً، الجرح والتعديل، 7/198، وقال الخليلي في الإرشاد، 2/684 رقم: (446) : ثقة متفق عليه.
6 هو إبراهيم بن يحيى بن محمد بن عباد بن هانئ الشجري - بفتح المعجمة والجيم - لين الحديث، من العاشرة، ت، التقريب، 95.
7 هو يحيى بن محمد بن عباد بن هانئ الشجري - بمعجمة وجيم مفتوحتين - ضعيف، وكان ضريراً يَتَلقن، من التاسعة، ت، التقريب، 596 رقم (7637) .
إسحاق 1، عن الزهري، عن عروة عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت صوت حصيات وقعت من السماء كأنهن وقعن في طست، فلما اصطف الناس أخذهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرمى وجوه المشركين، فانهزموا، فذلك قول الله عزوجل: {ومَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى} 2.
10 - قال الواقدي3: حدثني محمد بن عبد الله4، عن
__________
1 صدوق إذا صرّح بالتحديث، وقد تقدم.
2 سورة الأنفال، آية (17) .
ورميُ النبي صلى الله عليه وسلم بالتراب أو الحصى في وجوه المشركين يوم بدر؛ قد وردت من طرق لا تخلو من مقال؛ انظر: مغازي الواقدي 1/95، والطبري في تفسيره، رقم: (15822) ، والطبراني في الكبير رقم (3127) ، والأوسط، رقم (9097) ، وتاريخ الطبري 2/421-424، وفي التفسير رقم (15827) والبيهقي في الدلائل 3/79، وأبو نعيم في الدلائل 2/ 605 –606، والطبراني في الكبير رقم: (11750) ، وأبو القاسم الأصبهاني في دلائل النبوة، رقم (39) تحقيق مساعد الراشد، فهذه الروايات على ضعفها تدل على أن الرمية حصلت من النبي صلى الله عليه وسلم في بدر.
وقد ثبت عن الزهري ما يدل على أن تلك الرمية كانت في أُحد، في قصة قتل أبي بن خلف، كما أخرج ذلك عبد الرزاق عن الزهري، انظر: المصنف 5/347 رقم (9725) ، والتفسير 1/256، وتفسير الطبري 10/136 _ 137، وقد رواه الحاكم في المستدرك 2/ 327، موصولاً عن سعيد بن المسيّب عن أبيه، والواحدي في أسباب النزول 236 رقم (471) وسيأتي إن شاء الله عند الحديث عن غزوة أحد.
3 هو محمد بن عمر بن واقد الأسلمي الواقدي المدني القاضي، نزيل بغداد، متروك مع سعة علمه، من التاسعة، توفي سنة 207 هـ وله ثمان وسبعون، ق، التقريب 498 رقم (6175) .
4 هو محمد بن عبد الله بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري المدني، ابن أخي الزهري، صدوق له أوهام، من السابعة، توفي سنة اثنتين وخمسين، وقيل: بعدها، (ع) ، التقريب، ص (490) .
الزهري، عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثْمة1، قال: سمعت حكيم بن حزام، يقول: ما وجهت وجهاً قط كان أكره لي من مسيري إلى بدر، ولا بان لي في وجه قط ما بان لي قبل أن أخرج، ثم يقول: قدم ضمضم فصاح بالنفير، فاستقسمت بالأزلام، كلّ ذلك يخرج الذي أكره، ثم خرجت على ذلك حتى نزلنا مرّ الظهران، فنحر ابن الحنظلية2 جُزُراً، فكانت جزور منها بها حياة، فما بقي خباء3 من أخبية العسكر إلا أصابه من دمها، فكان هذا بيّناً، ثم هممت بالرجوع، ثم أذكر ابن الحنظلية وشؤمه، فيردني حتى مضيت لوجهي، فكان حكيم يقول: لقد رأيتنا حتى بلغنا الثنية البيضاء - والثنية البيضاء التي تهبطك على فخ وأنت مقبل
__________
1 هو أبو بكر بن سليمان بن أبي حثْمة عبد الله بن حذيفة العدوي، المدني، ثقة عارف بالنسب، من الثالثة، خ م د ت س، التقريب 623.
2 ابن الحنظلية: هو أبو جهل، قال ابن هشام (1/623) : "والحنظلية أم أبي جهل، وهي أسماء بنت مُخرَّبة، أحد بني نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم".
3 الخباء: أحد بيوت العرب من وبر أو صوف، ولا يكون من شعر، ويكون على عمودين أو ثلاثة، والجمع: أَخْبية. النهاية 2/9.
من المدينة - إذا عَدّاس1 جالس عليها، والناس يمرون، إذ مرّ عليه ابنا ربيعة، فوثب إليهما فأخذ بأرجلها في غَرْزهما، وهو يقول: بأبي وأمي أنتما، والله إنه رسول الله، وما تساقان إلا إلى مصارعكما، وإن عينيه لتسيل دموعهما على خديه، فأردت أن أرجع أيضاً، ثم مضيت، ومرّ به العاص بن منبه بن الحجاج فوقف عليه حين ولى عتبة وشيبة، فقال: ما يبكيك؟ فقال: يبكيني سيداي وسيدا أهل هذا الوادي، يخرجان إلى مصارعهما، ويقاتلان رسول الله، فقال العاص: وإن محمداً رسول الله؟ قال: فانتفض عدّاس انتفاضة، واقشَعرّ جلده، ثم بكى، وقال: إي والله إنه لرسول الله إلى الناس كافّة، قال: فأسلم العاص بن منبه، ثم مضى وهو على الشكّ حتى قتل مع المشركين على شكٍّ وارتياب، ويقال: رجع عدّاس ولم يشهد بدراً، ويقال: شهد بدراً وقتل يومئذ، والقول الأول أثبت عندنا2.
11 - وأخرج الواقدي من طريق معمر عن الزهري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم اكفني نوفل بن خويلد) 3، وأقبل نوفل يومئذ
__________
1 هو عدّاس النصراني غلام عتبة وشيبة ابني ربيعة، السيرة النبوية لابن هشام 1/ 421.
2 مغازي الواقدي 1/ 34- 35، والواقدي متروك.
3 هو نوفل بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصي القرشي الأسدي أخو خديجة. الإصابة 1/ 46 (ترجمة ابنه: الأسود بن نوفل) رضي الله عنه، وقد قتل نوفل يوم بدرٍ كافراً. نسب قريش، ص: 229 _230.
وهو مرعوب، قد رأى قتل أصحابه، وكان في أول ما التقوا هم والمسلمون، يصيح بصوت له زجل رافعاً صوته: يا معشر قريش إن هذا اليوم يوم العلاء والرفعة، فلما رأى قريشاً قد انكسرت جعل يصيح بالأنصار: ما حاجتكم إلى دمائنا؟ أما ترون ما تقتلون؟ أما لكم في اللبن من حاجة؟ فأسره جَبَّار بن صخر1 فهو يسوقه أمامه فجعل نوفل يقول لجبار - ورأى عليا ً مقبلاً نحوه - قال: يا أخا الأنصار، من هذا؟ واللات والعزّى إني لأرى رجلاً إنه ليريدني، قال: هذا علي بن أبي طالب، قال: ما رأيت كاليوم رجلاً أسرع في قومه منه، فيصمد له عليٌّ فيضربه، فنشب سيف عليّ في حَجَفته ساعة، ثم نزعه، فيضرب ساقيه، ودرعه مشمرة، فقطعها، ثم أجهز عليه فقتله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من له علم بنوفل بن خويلد؟ فقال علي بن أبي طالب: أنا قتلته، قال: فكبر رسول الله وقال: "الحمد لله الذي أجاب دعوتي فيه".
وأقبل العاص بن سعيد يحث للقتال، فالتقى هو وعلي فقتله علي، فكان عمر يقول لابنه سعيد بن العاص: إني لأراك معرضاً تظن أني قتلت
__________
1 هو جبار بن صخر بن أمية بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري ثم السلمي، يكنى أبا عبد الله ... كان خارصاً للنبي صلى الله عليه وسلم على أهل خيبر بعد عبد الله بن رواحة، توفي سنة ثلاثين في خلافة عثمان رضي الله عنه وهو ابن اثنتين وستين سنة، الإصابة 1/ 220.
أباك؟ - في أصل ابن أبي حية -، والله ما قتلت أباك، ولا أعتذر من قتل مشرك، ولقد قتلت خالي بيدي؛ العاص بن هشام بن المغيرة، فقال سعيد: لو قتلتَه لكان على الباطل وأنت على الحق.
قال: قريش أعظم الناس أحلاماً وأعظمها أمانة لا يبغيهم أحد الغوائل إلا كبه الله لفيه.
وكان علي يقول: إني يومئذ بعدما ارتفع النهار ونحن والمشركون قد اختلطت صفوفنا وصفوفهم، خرجت في إثر رجل منهم، فإذا رجل من المشركين على كثيب رمل وسعد بن خيثمة، وهما يقتتلان حتى قَتل المشركُ سعدَ بنَ خيثمة والمشرك مقنع في الحديد وكان فارساً، فاقتحم عن فرسه، فعرفني وهو معلّم ولا أعرفه، فناداني:
هلمّ ابن أبي طالب لِلبَراز، قال: فعطفت عليه فانحط إليّ مقبلاً، وكنت رجلاً قصيراً فانحططت راجعاً لكي ينزل إليّ، فكرهت أن يعلوني بالسيف، فقال: يا ابن أبي طالب، فررت؟ فقلت: قريباً مفَرُّ ابن الشترا1، قال:
__________
1 قال مصعب الزبيري في كتابه نسب قريش (ص: 200) "إن هذا مثل تضربه العرب".
قال الزمخشري في الفائق (1/ 636) وابن الأثير في النهاية (2/443) : "ابن الشترا" رجل كان يصيب الطريق، وكان يأتي الرفقة فيدنو منهم، حتى إذا هموا به نأى قليلاً، ثم عاودهم حتى يصيب منهم غرة، زاد ابن الأثير: المعنى: أن مفرّه قريب وسيعود، فصار مثلاً.
فلما استقرت قدماي وثبتُّ، أقبل فلما دنا مني ضربني فاتقيت بالدرقة فوقع سيفه فلحِج - يعني لزك - فأضربه على عاتقه وهو دارع فارتعش، ولقد فضّ سيفي درعه، فظننت أن سيفي سيقتله، فإذا بريق سيف ورائي، فطأطأت رأسي، ويقع السيف فأطن قِحْف رأسه بالبيضة، وهو يقول: خذها وأنا ابن عبد المطلب، فالتفت من ورائي فإذا حمزة بن عبد المطلب1.
__________
1 المغازي 1/ 91-93. ولم أر أحداً خرجه غير الواقدي، وهو متروك.
,
12- قال البيهقي: وأخبرنا أبو الحسين1 بن الفضل القطان، قال: أخبرنا عبد الله2 بن جعفر، قال: أخبرنا يعقوب3 بن سفيان قال: أخبرنا أبو صالح4، قال: حدثني الليث5 قال: حدثني عُقيل6 عن ابن
__________
1 ثقة تقدم في الرواية رقم (7) .
2 هو عبد الله بن جعفر بن درستويه بن المرزبان، أبو محمد الفارسي النحوي، نقل الخطيب توثيقه عن جماعة، تاريخ بغداد، 9/428- 429، وضعفه بعضهم بسبب حكاية باطلة لم تثبت عنه، ذكره الخطيب. المصدر السابق.
3 يعقوب بن سفيان الفارسي أبو يوسف الفسوي، ثقة حافظ، من الحادية عشرة، توفي سنة سبع، وقيل بعد ذلك، ت س التقريب 608.
4 عبد الله بن صالح بن محمد بن مسلم الجهني، أبو صالح المصري، كاتب الليث، صدوق كثير الغلط ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وعشرين، وله خمس وثمانون سنة، خت د ت ق، التقريب 308 رقم (3388) .
5 الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي، أبو الحارث المصري، ثقة ثبت فقيه إمام مشهور من السابعة، مات في شعبان سنة خمس وسبعين، ع، التقريب 464 رقم (5684) .
6 عُقيل بالضم: ابن خالد بن عَقيل، بالفتح، الأَيْلي، بفتح الهمزة بعدها تحتانية ساكنة ثم لام، أبو خالد الأموي مولاهم، ثقة ثبت، سكن المدينة ثم الشام ثم مصر، من السادسة، مات سنة أربع وأربعين على الصحيح، ع، التقريب 396رقم (4665) .
شهاب قال: "كان أول قتيل قتل يوم بدر من المسلمين مِهْجَع1 مولى عمر بن الخطاب، ورجل من الأنصار فهزم يومئذ المشركون وقتل منهم زيادة على سبعين، وأسر منهم مثل ذلك) 2.
13- وقال الواقدي: فحدثني محمد بن عبد الله3، عن الزهري
__________
1 مهجع: هو مهجع العكي مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال ابن هشام: أصله من عك فأصابه سباء، فمنّ عليه عمر فأعتقه، وكان من السابقين إلى الإسلام، وشهد بدراً، واستشهد بها، وقال موسى بن عقبة: كان أول من قتل ذلك اليوم. الإصابة (3/ 466) .
2 دلائل النبوة للبيهقي 3/ 123- 124، وأخرج في 3/ 127 عن ابن شهاب عن عروة نحواً من هذا، وكذلك عبد الرزاق في المصنف 5/ 348 رقم (9726) ، ومغازي الواقدي 1/ 144 وانظر البلاذري في الأنساب 1/ 305، وتاريخ الإسلام للذهبي قسم المغازي 113.
وقوله: " ... وقتل منهم زيادة على سبعين وأسر منهم مثل ذلك" يخالف ما رواه البخاري من حديث البراء بن عازب وفيه ... "وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصابوا من المشركين يوم بدر أربعين ومائة، سبعين أسيراً وسبعين قتيلاً" البخاري مع الفتح 7/307 رقم 3986، وورد كذلك عند مسلم 12/ 86 بشرح النووي من حديث ابن عباس، وأنساب الأشراف للبلاذري قسم السيرة 1/ 305، ويتضح من رواية الزهري أن قتلى المشركين زيادة عن السبعين وأن الأسرى مثل ذلك، والحق: أن ما ذكره البخاري ومسلم في تحديد العدد بسبعين فقط هو الذي يجب المصير إليه.
3 تقدمت ترجمته في الرواية رقم (10) .
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالأسرى خيراً". فقال أبو العاص بن الربيع: كنت مع رهط من الأنصار جزاهم الله خيراً، كنا إذا تعشينا أو تغدينا آثروني بالخبز وأكلوا التمر، والخبز معهم قليل، والتمر زادهم، حتى إن الرجل لتقع في يده الكسرة فيدفعها إليّ، وكان الوليد بن الوليد بن المغيرة يقول مثل ذلك ويزيد: كانوا يحملوننا ويمشون1.
14- وقال الواقدي أيضاً: حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري قال: قدم بالأسرى قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم بيوم2، ويقال: قدموا في آخر النهار من اليوم الذي قدم فيه3.
__________
1 المغازي 1/ 119. وهذه الرواية لم أجدها عند غير الواقدي، وهو متروك.
2 يظهر أن هذا هو الصواب في قدوم الأسرى، فقد أخرج البيهقي في الدلائل (3/ 130-131) من حديث هشام بن عروة عن أبيه وفيه: " ... فجاء زيد بن حارثة على العضباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبشارة، قال أسامة: فسمعت الهَيْعَة، فخرجت فإذا زيد قد جاء بالبشارة، فوالله ما صدقت حتى رأيت الأسارى، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان بسهمه" وقد صحح الألباني سند رواية البيهقي هذه، انظر: تعليقه على فقه السيرة للغزالي ص250.
والرواية تدل على أن الأسرى قدموا قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم.
3 المغازي 1/ 119، والواقدي متروك.
,
15- قال الأموي1: حدثنا أبي2 عن ابن إسحاق3، حدثني الزهري، عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعير، أن أبا جهل حين التقى القوم قال: "اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا نعرف فأحنه الغداة. فكان هو المستفتح4، فبينما هم على تلك الحال وقد شجع الله المسلمين على لقاء عدوهم وقللهم في أعينهم حتى طمعوا فيهم خفق رسول الله صلى الله عليه وسلم خفقة في العريش ثم انتبه فقال: "أبشر يا أبا بكر؛ هذا جبريل معتجر بعمامته آخذ بعنان فرسه يقوده على ثنايا النقع أتاك نصر الله وعدته"5.
__________
1 هو: سعيد بن يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص الأموي، أبو عثمان البغدادي، ثقة ربما أخطأ، من العاشرة، مات سنة تسع وأربعين، خ م د ت س. التقريب 242.
2 هو يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص الأموي، أبو أيوب الكوفي، نزيل بغداد، لقبه الجمل، صدوق يغرب، من كبار التاسعة، مات سنة أربع وتسعين، وله ثمانون سنة، ع. التقريب 590.
3 هو محمد بن إسحاق تقدم.
4 إلى هنا أخرجه الإمام أحمد وغيره بسند صحيح. انظر: المبحث الثالث رقم [8] .
5 البداية والنهاية 3/ 284، وقد حسن الألباني سنده. انظر تعليقه على فقه السيرة للغزالي ص244.
16- قال البيهقي: أخبرنا أبو نصر1 بن قتادة. قال: حدثنا محمد2 بن محمد بن داود المسوري، قال: حدثنا عبد الرحمن3 بن محمد بن إدريس، قال حدثنا محمد4 بن عُزيز، قال: حدثني سلامة5، عن عُقيل6 قال: حدثني ابن شهاب قال: قال أبو حازم7، عن سهل بن سعد 8:
__________
1 اسمه: عمر بن العزيز بن قتادة، ذكره السبكي في طبقات الشافعية 3/ 201- 204، وقال: سمع من محمد بن إسماعيل القفال، وروى عنه البيهقي، ولم أجد له ترجمة مع البحث في مظان ترجمته.
2 لم أعثر على ترجمته مع طول البحث.
3 هو عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس الرازي، وصفه الذهبي بالحافظ الثبت ابن الحافظ الثبت، ميزان الاعتدال 2/ 587.
4 هو محمد بن عُزيز، بمهملة وزايين، مصغر، ابن عبد الله بن زياد، فيه ضعف، وقد تكلموا في صحة سماعه من عمه سلامة من الحادية عشرة، مات سنة سبع وستين س ق. التقريب ص 496.
5 هو: سلامة بن رَوح الأيلي، قال أبو حاتم: "يكتب حديثه"، وقال أبو زرعة: "منكر الحديث". ميزان الاعتدال 2/183.
6 تقدم في رقم (12) .
7 هو سلمة بن دينار، أبو حازم الأعرج الأفْزَر التمار، المدني القاص، مولى الأسود ابن سفيان، ثقة عابد، من الخامسة، مات في خلافة المنصور، ع، التقريب ص (247) .
8 سهل بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة الأنصاري الساعدي، الإصابة (2/ 88) .
قال أبو أسيد الساعدي 1 بعدما ذهب بصره: "يا ابن أخي والله لو كنتُ أنا وأنت ببدر ثم أطلق الله لي بصري لأريتك الشعب الذي خرجت علينا منه الملائكة غير شك فلا تمار"2.
__________
1 أبو أسيد (بالتصغير) : هو مالك بن ربيعة بن البدن بن عامر بن عوف بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأنصاري، الساعدي، أبو أسيد، مشهور بكنيته، شهد بدراً وأحداً، وما بعدها. الإصابة (3/ 344) .
2 دلائل النبوة 3/ 53، وسند هذه الرواية فيه ضعف ولكن شهود الملائكة ثابت، انظر: البخاري رقم (2915، و3953، و4875، و4877) ومسلم بشرح النووي 12/84-85.
المبحث السابع: في منِّ الرسول صلى الله عليه وسلم على بعض كفار قريش
17- قال الواقدي في المغازي: فحدثني محمد بن عبد الله، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: "أَمَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأسرى يوم بدر أبا عَزَّة عمرو بن عبد الله بن عمير الجمحي، وكان شاعراً، فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: لي خمس بنات ليس لهن شيء، فتصدق بي عليهن يا محمد، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال أبو عَزَّة: أعطيك موثقاً لا أقاتلك ولا أكثر عليك أبداً، فأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما خرجت قريش إلى أحد جاءه صفوان بن أمية فقال: اخرج معنا، فقال: إني أعطيت محمداً موثقاً ألا أقاتله ولا أكثر عليه أبداً، وقد منَّ علي، ولم يمنَّ على غيري حتى قتله أو أخذ منه الفداء، فضمن صفوان أن يجعل بناته مع بناته إن قتل، وإن عاش أعطاه مالاً كثيراً لا يأكله عياله، فخرج أبو عزة يدعو العرب ويحشرها، ثم خرج مع قريش يوم أحد، فأسر ولم يؤسر غيره من قريش: فقال: يا محمد إنما خرجت مكرهاً ولي بنات فامنن علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين ما أعطيتني من العهد والميثاق؟ لا والله، لا تمسح عارضيك بمكة تقول: سخرت بمحمد مرتين"1.
__________
1 مغازي الواقدي 1/ 110-111، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 9/ 65 من طريق الواقدي، وأخرجه ابن إسحاق، ابن هشام 2/ 60، عن شيوخه ومنهم الزهري.
وذكره ابن حجر في الفتح 10/ 530 تحت رقم (6133) عند شرحه لحديث: "لا يلدغ المؤمن من جُحر مرتين" قال رحمه الله: "وأول ما قاله - يعني حديث لا يلدغ..- لأبي عزة الجمحي وكان شاعراً فأسر ببدر فشكى عائلةً وفقراً فمنَّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأطلقه بغير فداء فظفر به بأحد ... وأمر بقتله". وقد ذكر ابن إسحاق (ابن هشام 1/ 659- 660) أربعة نفر ممن منَّ عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم من غير فداء، هم: أبو العاص بن الربيع، وأبو عزة الشاعر، والمطلب بن حنطب المخزومي، وصيفي بن أبي رفاعة المخزومي.
المبحث الثامن: في مجيء وفد قريش بفداء أسراهم، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: لو كان المطعم حياً.
18- قال عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن محمد بن جبير1، عن أبيه2 رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أسارى بدرٍ: "لو كان المطعم بن عدي حياً فكلمني في هؤلاء النتنى3 لتركتهم"4.
__________
1 محمد بن جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل النوفلي، ثقة عارف بالنسب، من الثالثة، مات على رأس المائة، ع. التقريب 471.
2 جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي النوفلي ... كان من أكابر قريش وعلماء النسب وقدم على النبي صلى الله عليه وسلم في فداء أسارى بدر فسمعه يقرأ الطور ... وأسلم بين الحديبية والفتح، مات سنة سبع أو ثمان أو تسع وخمسين، الإصابة 1/ 225- 226.
3 النتن: الرائحة الكريهة، اللسان (نتن) ، وقال ابن الأثير: سماهم نتنى لكفرهم. النهاية (5/14) .
4 أخرجه عبد الرزاق في المصنف رقم (9400) ، والحميدي في المسند 1/ 254 رقم (558) ، وأحمد في المسند 27/ 292 رقم [16733] أرناؤوط، والبخاري (مع الفتح 6/ 243 رقم (3139) ، و7/ 323 رقم (4024) ، وأبو داود رقم (2689) ، وابن الجارود في المنتقى رقم (1091) ، والطبراني في الكبير رقم (1504) ورقم (1506) ورقم (1508) والفسوي في المعرفة والتاريخ 2/734، وأبو يعلى في المسند رقم (7416) ، وأبو عبيد في الأموال رقم (302) ، والبغوي في شرح السنة 11/ 82- 83، رقم (2713) ، وأبو نعيم في الدلائل رقم (188) ، والبيهقي في الدلائل 1/359) ، والسنن الكبرى 2/ 194 و9/ 67.
قال الحافظ ابن حجر: "المراد بالنتنى، أسارى بدر من المشركين، وقوله: ليتركنهم له، أي بغير فداء".
ثم قال: "وبين ابن شاهين من وجه آخر السبب في ذلك وأن المراد باليد المذكورة ما وقع منه حين رجع النبي صلى الله عليه وسلم من الطائف ودخل في جوار المطعم بن عدي، وقد ذكر ابن إسحاق القصة في ذلك مبسوطة، وكذلك أوردها الفاكهي بإسناد حسن مرسل وفيه: (أن المطعم أمر أربعة من أولاده فلبسوا السلاح، وقام كل واحد منهم عند ركن من الكعبة، فبلغ ذلك قريشاً فقالوا له: أنت الرجل الذي لا تخفر ذمتك) . وقيل: المراد باليد المذكورة: أنه كان من أشد من قام في نقض الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم ومن معهم من المسلمين حين حصروهم في الشعب". فتح الباري7/ 324.
,
19- قال البخاري: حدثنا إسماعيل بن عبد الله، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن عمه موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قال: حدثني
أنس رضي الله عنه: أن رجالاً من الأنصار استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ائذن لنا فلنترك لابن أختنا1 فداءه، فقال: "لا تدعون منه درهماً"2.
__________
1 قال الحافظ ابن حجر: "المراد أنهم أخوال أبيه عبد المطلب، فإن أمّ العباس هي (نُتيلة) بالنون والمثناة مصغرة بنت جنان بالجيم والنون، وليست من الأنصار، وإنما أرادوا بذلك أن أمّ عبد المطلب منهم، لأنها سلمى بنت عمرو بن أُحيحة - بمهملتين مصغر - وهي من بني النجار، ومثله ما وقع في حديث الهجرة أنه صلى الله عليه وسلم نزل على أخواله بني النجار، وأخواله حقيقة إنما هم بنو زهرة، وبنو النجار أخوال جده عبد المطلب. الفتح 5/168.
ثم قال رحمه الله: "قال ابن الجوزي: وإنما قالوا ابن أختنا لتكون المنة عليهم من إطلاقه بخلاف ما لو قالوا: عمك، لكانت المنة عليه صلى الله عليه وسلم، وهذا من قوة الذكاء، وحسن الأدب في الخطاب، وإنما امتنع صلى الله عليه وسلم من إجابتهم لئلا يكون في الدين نوع محاباة". الفتح 7/168.
2 صحيح البخاري مع الفتح 5/167 –168، رقم (2537) و 6/167، رقم (3048) و7/321 رقم (4018) بلفظ: "والله لا تذرون منها درهماًً"، وابن حبان في صحيحه: الإحسان رقم (4794) ، والحاكم في المستدرك 3/22، 3/323، والبيهقي في السنن الكبرى 6/322، و9/68، وفي الدلائل 3/141 – 142.
,
20 - قال البيهقي1: حدثنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب2، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الجبار3، قال: أخبرنا يونس بن بكير4، عن ابن إسحاق بالإسناد الذي ذكر لقصة بدرٍ، وهو عن يزيد بن رومان، عن الزهري عن عروة5 وجماعة سماهم6، فذكروا القصة، وقالوا فيها: "فبعثت قريشٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فداء
__________
1 دلائل النبوة للبيهقي 3/142 – 143.
2 هو أبو العباس محمد بن يعقوب بن يوسف بن معقل بن سنان الأموي مولاهم المعقلي النيسابوري، قال عنه الحاكم: كان محدث عصره بلا مدافعه، ووصفه الذهبي بقوله: الثقة محدث الشام. تذكرة الحفاظ 3/ رقم (835) .
3 أحمد بن عبد الجبار بن محمد العطاردي، أبو عمر الكوفي، ضعيف، وسماعه للسيرة صحيح، من العاشرة، لم يثبت أن أبا داود أخرج له، توفي سنة اثنتين وسبعين، وله خمس وتسعون سنة، د. التقريب 81، رقم (64) .
4 يونس بن بكير بن واصل الشيباني، أبو بكر الجمال الكوفي، صدوق يخطئ، من التاسعة توفي سنة تسع وتسعين، خت م د. ت ق التقريب 613، رقم (7900)
5 في المطبوع: عن عروة عن الزهري، والصواب: عن الزهري عن عروة؛ لأن عروة شيخ الزهري كما هو معلوم، ولعل ذلك خطأ من الطابع، والله أعلم.
6 الجماعة الآخرون هم: محمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، وعبد الله بن أبي بكر. دلائل البيهقي 3/31، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث عن هؤلاء، المصدر السابق.
أسراهم، ففدى كل قوم أسيرهم بما رضوا به1، وقال العباس بن عبد المطلب: يا رسول الله، إني قد كنت مسلماً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَعْلِمْ2 بإسلامك فإن يكن كما تقول، فالله يجزيك بذلك، فأما ظاهراً منك فكان علينا، فافد نفسك وابني أخيك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب3، وعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب4، وحليفك عتبة بن عمرو أخي بني الحارث بن فهر5.
قال: ما إخال ذلك عندي يا رسول الله.
__________
1 قد تباين فداء الأسرى من شخص لآخر حسب يسر كل واحد وعسره، فقد قال ابن هشام 1/ 660: كان فداء المشركين يومئذ أربعة آلاف درهم للرجل، إلى ألف درهم، إلا من لا شيء له، فمنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه. وانظر: المصنف لعبد الرزاق 5/ 206 رقم (9393) ، وأبو داود 3/ 61- 62 رقم (2691) ، ودلائل البيهقي 3/ 140.
2 معلم الشيء: مظنته وما يستدل به. القاموس 1472. أي: اجعل لنفسك علامة نعرف إسلامك بها، أو المراد: أظهره لنا. والله أعلم.
3 هو: نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن حبان: له صحبة. الإصابة 3/ 577.
4 عقيل - بفتح أوله - ابن أبي طالب بن عبد مناف القرشي الهاشمي، أخو علي وجعفر وكان الأسن يكنى أبا يزيد ... تأخر إسلامه إلى عام الفتح وقيل: أسلم بعد الحديبية، وهاجر في أول سنة ثمان، وكان قد أسر يوم بدر ففداه عمه العباس، مات في أول خلافة يزيد. الإصابة 2/ 494.
5 لم أجد له ترجمة.
قال: فأين المال الذي دفنته أنت وأم الفضل1، فقلتَ لها: إن أصبت في سفري هذا، فهذا المال لبنيّ، الفضل بن العباس2، وعبد الله بن العباس3، وقثم بن العباس4.
فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: والله يا رسول الله إني لأعلم أنك رسول الله، إن هذا شيءٌ ما علمه أحدٌ غيري وغير أم الفضل، فاحسب لي يا رسول الله ما أصبتم مني عشرين أوقية من مال كان معي.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، ذاك شيءٌ أعطانا الله تعالى منك.
__________
1 أم الفضل امرأة العباس بن عبد المطلب، اسمها: لبابة بنت الحارث الهلالية، وهي لبابة الكبرى، أسلمت قبل الهجرة فيما قيل، وقيل بعدها، وقال ابن سعد: "أم الفضل أول امرأة آمنت بعد خديجة، قال ابن حبان: ماتت في خلافة عثمان قبل زوجها العباس". الإصابة 4/ 484.
2 الفضل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي، ابن عم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكبر الأخوة وبه كان يكنى أبوه وأمه، واسمها لبابة بنت الحارث الهلالية، كان أسن ولد العباس وغزا مع النبي صلى الله عليه وسلم مكة وحنيناً وثبت معه يومئذ. الإصابة 3/ 208.
3 عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي أبو العباس ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، ولد وبنو هاشم بالشعب قبل الهجرة بثلاث، اتفقوا على أنه مات بالطائف سنة ثمان وستين، واختلفوا في سنه، فقيل: ابن إحدى وسبعين، وقيل: ابن أربع والأول هو الأقوى. الإصابة 2/ 330.
4 قثم بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم، أخو عبد الله وأخوته أمه أم الفضل، كان يشبه النبي صلى الله عليه وسلم، وكا أحدث الناس عهداً برسول الله صلى الله عليه وسلم. الإصابة 3/ 266.
ففدى نفسه وابني أخويه وحليفه. وأنزل الله عزوجل فيه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} 1، فأعطاني الله مكان العشرين2 الأوقية في الإسلام عشرين عبداً، كلهم في يده مالٌ يضرب به، مع ما أرجو من مغفرة الله عزوجل.
__________
1 سورة الأنفال آية (70) .
2 وقد أخرج أبو نعيم في الدلائل 2/ 476- 477 رقم (410) أن فداء العباس كان مائة أوقية، وعقيل ثمانين، وسنده حسن كما قال ابن حجر في الفتح 7/ 322.
وقد ذكر هذا القدر من الفداء؛ ابن إسحاق بدون إسناد، انظر: دلائل البيهقي 3/ 141.
المبحث الحادي عشر: في أسر أبي العاص بن الربيع يوم بدر وردّ النبي صلى الله عليه وسلم ابنته عليه
21- قال الطحاوي: حدثنا عبيد الله بن محمد المؤدب1، قال: ثنا عباد بن العوام2، عن سفيان بن حسين3، عن الزهري، أن أبا العاص4 أُخذ أسيراً يوم بدرٍ، فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه ابنته5.
__________
1 هو عبيد الله بن محمد بن المؤدب أبو معاوية، عن دحيم، ضعفه أبو تمام الرازي وجماعة، وقال ابن عساكر: "كان ضعيفاً". ميزان الاعتدال 3/ 14، ولسان الميزان 4/ 111.
2 عباد بن العوام بن عمر الكلابي مولاهم أبو سهل الواسطي، ثقة، من الثامنة، توفي سنة خمس وثمانين وله نحو من سبعين، ع، التقريب 290، رقم (3138) .
3 سفيان بن حسين بن حسين أبو محمد أو أبو الحسن الواسطي، ثقة في غير الزهري، باتفاقهم، من السابعة، مات بالري مع المهدي وقيل: في أول خلافة الرشيد، خت، التقريب 244 رقم (2437) .
4 هو أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف العبشمي، قيل أسلم قبل الفتح بيسير، وحكى أبو أحمد الحاكم: أنه أسلم قبل الحديبية، بخمسة أشهر، توفي في خلافة أبي بكر في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة من الهجرة، انظر: الإصابة 4/ 121- 122.
5 شرح معاني الآثار، للطحاوي 1/ 260.
وهي رواية ضعيفة وفيها ألفاظ منكرة، وقد يفهم من هذه الرواية أن الرسول صلى الله عليه وسلم رد زينب على أبي العاص أيام بدر وهو على شركه، قال ابن عبد البر: وقال
__________
الزهري: كان هذا قبل أن تنزل الفرائض، التمهيد 12/ 21. ثم قال ابن عبد البر: وقال آخرون: قصة أبي العاص منسوخة بقوله عزوجل: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} الآية إلى قوله: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} ، ومما يدل على أن قصة أبي العاص منسوخة إجماع العلماء على أن أبا العاص بن الربيع كان كافراً، وأن المسلمة لا يحل أن تكون زوجة لكافر، التمهيد 12/ 21.
وقد ثبت عند ابن إسحاق من غير طريق الزهري أن زينب أرسلت في فداء زوجها لما أسر يوم بدر، فقال: وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد عن عائشة قالت: "لما بعث أهل مكة فداء أسراهم، بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أبي العاص بن الربيع بمال، وبعثت فيه بقلادة لها كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها، قالت: فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رقَّ لها رقة شديدة وقال: إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها، وتردوا عليها مالها فافعلوا، فقالوا: نعم يا رسول الله، فأطلقوه وردوا عليها الذي لها". ابن هشام 1/ 653، وأحمد في المسند 43/ 381 رقم [26362] أرناؤوط، وأبو داود رقم (2692) قال الألباني في صحيح أبي داود 2/ 512 رقم (2341) : "حسن".
وأخرجه عن ابن إسحاق الطبري في التاريخ 2/ 468، والطبراني في الكبير 22/ 428 رقم (1050) والحاكم في المستدرك 3/ 236 و4/ 44- 45، وسكت عنه الذهبي والبيهقي في الدلائل 3/ 145. وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على مصاهرة أبي العاص، فقد أخرج البخاري من حديث المسور (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وذكر صهراً له من بني عبد شمس فأثنى عليه في مصاهرته فأحسن، قال: "حدثني فصدقني، ووعدني فوفى لي" البخاري مع الفتح 7/ 85 رقم (3129) قال الحافظ: "وقد أسر أبو العاص ببدر مع المشركين وفدته زينب فشرط عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يرسلها إليه فوفى له بذلك، فهذا معنى قوله في آخر الحديث (وعدني فوفى لي) " الفتح (7/ 85) .
ولم يردها النبي صلى الله عليه وسلم إليه إلا بعد أن أسلم قبل فتح مكة. انظر ابن هشام (658- 659)
??
المبجث الثاني عشر: فيمن لم يحضر بدراً لعذر، وأُعطي سهماً:
22- قال ابن شبة: حدثنا عثمان بن عمر1، قال: حدثنا يونس2،عن الزهري قال: قسم3 رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان يوم بدرٍ، قال: كان تخلف على امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أصابتها الحصْبة4، فجاء
__________
1 عثمان بن عمر بن فارس العبدي، بصري، أصله من بخارى، ثقة، قيل: كان يحيى بن سعيد لا يرضاه، من التاسعة، ت سنة تسع ومائتين ع، التقريب رقم (4504) .
2 يونس بن يزيد بن أبي النجاد الأيلي، بفتح الهمزة وسكون التحتانية بعدها لام، أبو يزيد، مولى آل أبي سفيان، ثقة، إلا أن في روايته عن الزهري وهماً قليلاً، وفي غير الزهري خطأ، من كبار السابعة ت سنة تسع وخمسين على الصحيح، وقيل سنة ستين، (ع) ، التقريب ص614 رقم (7919) .
3 لم تذكر المصادر التي وقفت عليها روايات عن الزهري تتحدث عن كيفية تقسيم غنائم بدر، إلا ما أخرجه البخاري من حديث علي رضي الله عنه قال: كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أعطاني مما أفاء الله عليه من الخمس يومئذٍ ... الحديث، البخاري - مع الفتح 7/ 316 رقم (4003) وانظر رقم: (2089، 2375، 3091، 5793) ، وأخرجه مسلم رقم (1979) ، وأحمد في المسند رقم (1201) تحقيق الأرناؤوط، وأبو داود رقم (8629) .
4 الحَصْبَة والحَصَبَة والحَصِبَة، بسكون الصاد وفتحها وكسرها: البَثْرُ الذي يخرج بالبدن، ويظهر في الجلد، تقول منه: حَصِب جلدُه بالكسر يَحْصب فهو محصوب. اللسان (حصب) .
زيد بن حارثة1 بشيراً بوقعة بدرٍ، وعثمان رضي الله عنه قائم على قبر رقية يدفنها2.
23- وقال ابن أبي عاصم: حدثنا يعقوب بن حميد3، نا محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قال: قدم سعيد بن زيد4 من
__________
1 زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم. الإصابة 1/ 563، 1/ 31.
2 تاريخ المدينة 1/ 103، 104. وهو مرسل، وقد ورد ما يشهد له عند البخاري في الصحيح 7/ 54 رقم (3698) مع الفتح، عن سبب تغيب عثمان رضي الله عنه عن بدر، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم له: (إن لك أجر رجل ممن شهد بدراً وسهمه) .
ذكر ذلك في حديث طويل، وأخرجه أحمد في المسند 10/ 52- 53 رقم [5772] ط: أرناؤوط، وفي فضائل الصحابة 1/ 456 رقم (737) ، والترمذي 5/ 629، رقم (3706) .
وذكر الواقدي عن جمع من شيوخه عن الزهري وغيره أن عدد من لم يشهد بدراً وأعطي سهماً ثمانية، انظر: المغازي 1/ 152.
وقد ورد من غير طريق الزهري أن عدد الذين ضرب لهم بسهمٍ ولم يشهدوا بدراً تسعة نفر، ذكرهم أحمد العليمي في (مرويات غزوة بدر) ص420-423 فانظرهم هناك.
3 يعقوب بن حميد بن كاسب المدني، نزيل مكة، وقد ينسب لجده، صدوق ربما وهم، من العاشرة، توفي سنة أربعين أو إحدى وأربعين، عخ ق التقريب ص (607) .
4 سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي أحد العشرة المبشرين بالجنة. الإصابة (2/ 46) .
الشام بعد مقدم النبي صلى الله عليه وسلم من بدر، فكلم النبي صلى الله عليه وسلم في سهم فقال: "لك سهمك"، قال: وأجري يا رسول الله؟ قال: "وأجرك"1.
__________
1 الآحاد والمثاني 1/ 177 رقم (225) ، والطبراني في الكبير 1/ 149، رقم (339) ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة 2/ 5 رقم (548) ، ورواه من غير طريق الزهري:
الطبراني في الكبير 1/ 149 رقم (338) ، وأبو نعيم 2/ 5 رقم (549) ، والحاكم في المستدرك 3/ 438 كلهم من طريق عروة، وهو مرسل.
,
24 - قال ابن أبي شيبة: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان1، عن أشعث2، عن محمد3، قال: خمس الله، وسهم النبي صلى الله عليه وسلم، والصفيّ؛ كان يصطفى له من المغنم خير رأس من السبي إن كان سبي، وإلا غيره بعد الخمس، يضرب له بسهمه، شهد أو غاب مع المسلمين بعد الصفي، قال: واصطفى صفية بنت حيي يوم خيبر.
قال4 أشعث: وقال أبو الزبير5، وعمرو بن دينار6، والزهري:
__________
1 هو عبد الرحيم بن سليمان الكناني، أو الطائي، أبو علي الأشلّ المروزي، نزيل الكوفة، ثقة، له تصانيف، من صغار الثامنة، مات سنة سبع وثمانين. ع. التقريب 354 رقم (4056)
2 هو أشعث بن سوّار الكندي، النجار الأفرق الأثرم، صاحب التوابيت، قاضي الأهواز، ضعيف، من السادسة، مات سنة ست وثلاثين، البخاري م ت س ق. التقريب 113 رقم (524) .
3 قوله (عن محمد) يعني محمد بن سيرين، انظر: الدر المنثور 3/178.
4 يظهر أن القائل: ابن أبي شيبة، فيكون هذا الجزء من الحديث معلقاً، وهو موضع الشاهد.
5 هو محمد بن مسلم بن تَدْرُس - بفتح المثناة، وسكون الدال المهملة، وضمّ الراء - الأسدي مولاهم، أبو الزبير المكي، صدوق، إلا أنه يدلس، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين، ع. التقريب 406، رقم (6291) .
6 هو عمرو بن دينار المكي أبو محمد الأثرم الجمحي مولاهم، ثقة ثبت، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومائة، ع. التقريب رقم (5024)
اصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا الفقار1 يوم بدر2.
__________
1 اسم لسيف عاصم بن منبه بن الحجاج. انظر: مصنف ابن أبي شيبة 12/433 رقم (15156) و14/386 رقم (18582) .
2 مصنف ابن أبي شيبة 12/432 رقم (15155) بسند فيه أشعث بن سوار، وهو ضعيف.
وقد أخرج سعيد بن منصور من غير طريق الزهري، عن عكرمة: أن سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا الفقار كان لأبي العاص بن منبه، فقتله رسول الله يوم بدر وتسلحه، السنن 2/255 رقم (2682)
وأخرج الواقدي في المغازي 1/ 103 من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب أن الرسول صلى الله عليه وسلم تنفل سيفه ذا الفقار يومئذٍ، ومن طريق الواقدي؛ أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (1/485) .
,
25- أخرج البخاري في صحيحه1 من طريق الزهري، عن عروة ابن الزبير: (أن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب على حمار عليه قطيفة2 فدكية3 وأسامة وراءه يعود سعد بن عبادة4 في بني الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدر، فسارا، حتى مرا
__________
1 صحيح البخاري مع الفتح 8/ 230 رقم (4566) و10/ 591 رقم (6207) ، وأخرجه مسلم برقم (1798) في الجهاد والسير، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وصبره على أذى المنافقين. وعبد الرزاق في المصنف رقم (9784) ، ومن طريقه أحمد في المسند 36/101، رقم [21767] الأرناؤوط، وابن إسحاق في السيرة (ابن هشام 2/ 236- 238) ، وعمر بن شبة في تاريخ المدينة 1/ 356- 357، وابن حبان في صحيحه 14/ 543 رقم (6581) والطبراني في الكبير مختصراً 1/ 162 رقم (385) .
2 أي كساء غليظ. فتح الباري 8/ 231.
3 فَدَك: بفتح الفاء والدال، قرية من شرقي خيبر، وتعرف اليوم بالحائط، وتبعد عن المدينة بمرحلتين. انظر: فتح الباري 8/ 231، ومعجم المعالم الجغرافية 235. وتقدر المرحلة بأربعين كيلاً في هذا العصر.
4 سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن حرام الأنصاري الخزرجي سيد الخزرج، يكنى أبا ثابت، وأبا قيس. كان أحد النقباء ليلة العقبة، اختلف في شهوده بدراً، فأثبته البخاري، وقال ابن سعد: كان يكتب بالعربية، ويحسن العوم والرمي، فكان يقال له الكامل، وكان مشهوراً بالجود، هو وأبوه وجده وولده. الإصابة 2/ 30.
بمجلسٍ فيه عبد الله بن أُبي بن سلول1، وذلك قبل أن يسلم عبد الله بن أُبي، فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفي المسلمين عبد الله بن رواحة2، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة3، خمَّر4 ابن أُبّيٍّ أنفه بردائه وقال: لا تغبروا علينا. فسلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ثم وقف، فنزل فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن. فقال له عبد الله بن أبي بن سلول: أيها المرء، لا أحسن مما تقول إن كان حقاً، فلا تؤذنا به في مجالسنا، فمن جاءك فاقصص عليه.
قال عبد الله بن رواحة: بلى يا رسول الله، فاغشنا في مجالسنا، فإنا نحب ذلك. فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتثاورون5، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم دابته، فسار حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال رسول
__________
1 عبد الله بن أبي بن سلول، يكنى أبا الحباب، كان رأس المنافقين، وممن تولى كبر الإفك في عائشة، الاستيعاب 3/ 71 رقم (1608) .
2 عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس الأنصاري، الخزرجي، الشاعر المشهور، يكنى أبا محمد، من السابقين الأولين من الأنصار، وكان أحد النقباء ليلة العقبة، وشهد بدراً وما بعدها إلى أن استشهد بمؤتة. الإصابة 2/ 306.
3 عَجَاجة: بفتح المهملة وجيمين الأولى خفيفة. أي غبارها. الفتح 8/ 232.
4 خمَّر: أي غطى. الفتح 8/ 232.
5 يتثاورون: بمثلثة، أي يتواثبون، أي قاربوا أن يثب بعضهم على بعض فيقتتلوا، يقال: ثار القوم إذا قاموا بسرعة، الفتح 8/ 232.
الله صلى الله عليه وسلم: أي سعد، ألم تسمع ما قال أبو الحباب؟! يريد عبد الله بن أبي، قال: كذا وكذا.
فقال سعد بن عبادة: أي رسول الله، بأبي أنت، اعف عنه واصفح، فوالذي أنزل عليك الكتاب، لقد جاء الله بالحق الذي أنزل عليك، ولقد اصطلح أهل هذه البحرة1 على أن يتوجوه2 ويعصبوه3 بالعصابة، فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاك شَرِقَ4 بذلك، فذلك فعل به ما رأيت، فعفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله، ويصبرون على الأذى، قال الله تعالى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ} 5 الآية. وقال: {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ
__________
1 قال الحافظ ابن حجر: "هذا اللفظ يطلق على القرية، وعلى البلد، والمراد هنا المدينة النبوية". الفتح 8/ 232.
2 أي: يرئسوه عليهم ويسودوه. الفتح 8/ 232.
3 يعصبوه: سمي الرئيس مُعصباً لما يعصب برأسه من الأمور، أو لأنهم يعصبونه رؤوسهم بعصابة لا تنبغي لغيرهم يمتازون بها. الفتح 8/ 232.
4 "شَرِقَ" بفتح المعجمة وكسر الراء، أي غَصَّ به، وهو كناية عن الحسد، يقال: غصّ بالطعام وشجِيَ بالعظم وشَرِق بالماء إذا اعترض شيءٌ من ذلك في الحلق، فمنعه الإساغة. الفتح 8/ 232.
5 آل عمران آية (186) .
أَهْلِ الْكِتَابِ} 1، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأول في العفو عنهم ما أمره الله به، حتى أُذِن له فيهم، فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً فقتل الله بها من قتل من صناديد الكفار وسادة قريش، فقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه منصورين غانمين معهم أسارى من صناديد الكفار وسادة قريش قال ابن أُبيّ بن سلول ومن معه من المشركين عبدة الأوثان: هذا أمرٌ قد توجه، فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، فأَسلَموا) .
__________
1 البقرة آية (109) .
,
26- قال الطبراني1: حدثنا الحسن بن هارون بن سليمان الأصبهاني2، ثنا محمد بن إسحاق المسيبي3، ثنا محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قال: ولما رجع المشركون إلى مكة وقد قتل الله عزوجل من قتل منهم، أقبل عمير بن وهب الجمحي4 حتى جلس إلى
__________
1 معجم الطبراني الكبير 17/ 59 رقم (119) بسند حسن إلى ابن شهاب، ودلائل النبوة لأبي القاسم التيمي رقم (202) تحقيق: مساعد راشد محمد، والإصابة 3/ 36. وقد أخرجه ابن إسحاق (ابن هشام 2/ 661) بسند حسن إلى عروة. وهناك شواهد أخرى، منها ما أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 4/ 200- 201 بإسناد صحيح عن عكرمة مرسلاً.
وما أخرجه البيهقي في الدلائل 3/ 147- 149، وما رواه الواقدي في المغازي 1/ 125- 127.
2 هو الحسن بن هارون بن سليمان الأصبهاني، قال عنه أبو الشيخ: "كتبنا عنه المغازي عن موسى بن عقبة، وكان قد كُفّ بصره، وكان من المتورعين، حسن الحديث" بلغة القاصي والداني في تراجم شيوخ الطبراني 1/ 144 رقم (269) .
3 محمد بن إسحاق بن محمد بن عبد الرحمن المسيبي من ولد المسيب بن عابد المخزومي، المدني، صدوق، من العاشرة، ت سنة ست وثلاثين، م د، التقريب 467 رقم (5723) .
4 عمير بن وهب بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح القرشي الجمحي، يكنى أبا أمية. الإصابة 3/ 36.
صفوان بن أمية في الحجر، فقال: قبَّح الله العيش بعد قتلى بدرٍ.
قال: أجل والله، ما في العيش خيرٌ بعدهم، ولولا دينٌ عليّ لا أجدُ له قضاءً، وعيالاً لا أدعُ لهم شيئاً لرحلتُ إلى محمدٍ فقتلته إن ملأت عيني منه، فإنَّ لي عنده علة أعتل بها له، أقول: قدمتُ على ابني هذا الأسير.
ففرح صفوان بقوله، وقال: عليَّ دينُك، وعيالُك أسوة عيالي في النفقة، لا يسعني شيءٌ وأعجز عنهم. فحمله صفوان وجهزه، وأمر بسيف عمير فصُقِلَ1 وسُمّ، وقال عمير لصفوان: اكتمني أياماً.
فأقبل عمير حتى قدم المدينة، فنزل بباب المسجد، وعقل راحلته، وأخذ السيف فعمد لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
فنظر إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو في نفرٍ من الأنصار يتحدثون عن وقعة بدرٍ، ويذكرون نعمة الله فيها، فلما رآه عمر معه السيف فزع وقال عمرُ: هذا الكلبُ، هذا عدو الله الذي حرّش بيننا يوم بدر وحزرَنا للقوم، ثم قام عمر ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هذا عمير بن وهب قد دخل المسجد متقلداً سيفاً وهو الغادر الفاجر يا نبي الله لا تأمنه.
قال: ":أدخله"، فخرج عمر فأمر أصحابه أن يدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يحترسون من عمير إذا دخل عليهم، ثم دخل عليهم، ثم دخل
__________
1 صقله: جلاه، فهو مصقول وصقيل، والصيقل شحاذ السيوف، وجلاّؤها. القاموس ص1321 مادة صقل.
عمر وعمير حتى دخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع عمير سيفه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: (تأخر عنه) فلما دنا منه عمير قال: انعموا صباحاً - وهي تحية أهل الجاهلية - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد أكرمنا الله عن تحيتكم، وجعل تحيتنا تحية أهل الجنة وهي السلام".
فقال عمير: إن عهدك بها لحديث.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد أبدلنا الله خيراً منها، فما أقدمك يا عمير؟ ".
قال: قدمت في أسرانا، فإنكم العشيرة والأهل.
قال رسول الله: "فما بال السيف في رقبتك؟ ".
قال عمير: قبحها الله من سيوف، وهل أغنت عنا من شيء؟ إنما نسيته في رقبتي حين نزلت، ولعمري إني لي بها عبرة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اصدقني، ما أقدمك؟ ".
قال: ما قدمت إلا في أسيري.
قال: " فما الذي شرطت لصفوان بن أمية في الحجر؟ ".
ففزع عمير وقال: ماذا شرطت له؟
قال: "تحملت له بقتلي على أن يعول بنيك، ويقضي دينك، والله حائل بينك وبين ذاك"
قال عمير: أشهد أنك رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله، كنا يا رسول الله نكذبك بالوحي وبما يأتيك من السماء، وأن هذا الحديث كان بيني وبين صفوان بالحجر، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يطلع عليه أحد
غيره وغيري، فأخبرك الله به، فآمنت بالله ورسوله، والحمد لله الذي ساقني لهذا المساق.
ففرح به المسلمون حين هداه الله.
وقال عمر: والذي نفسي بيده، الخنزير كان أحب إلي من عمير حين طلع، ولهو أحبّ إليّ من بعض بنيّ.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجلس يا عمير نواسيك"، وقال لأصحابه: "علموا أخاكم القرآن، وأطلقوا له أسيره".
فقال عمير: يا رسول الله، قد كنت جاهداً فيما استطعتُ على إطفاء نور الله، فالحمد لله الذي ساقني وهداني، فأذن لي فلألحق بقريش فأدعوهم إلى الله وإلى الإسلام، لعل الله يهديهم ويستنقذهم من الهلكة.
فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلحق بمكة، وجعل صفوان بن أمية يقول لقريش في مجالسهم: أبشروا بفتح ينسيكم وقعة بدر. وجعل يسأل كل راكب قدم من المدينة: هل كان بها من حدث؟ وكان يرجو ما قال، حتى قدم عليه رجل من المدينة، فسأل صفوان بن أمية عنه، فقال: قد أسلم، فلعنه المشركون، وقالوا: صبأ1.
وقال صفوان: إن لله عليّ أن لا أنفعه بنفقة أبداً، ولا أكلمه من رأسي كلاماً أبداً. وقدم عليهم عمير فدعاهم إلى الإسلام ونصحهم جهده، وأسلم بشر كثير.
__________
1 يقال: صبأ فلان إذا خرج عن دينه إلى دين غيره، وكانت العرب تسمي النبي صلى الله عليه وسلم الصابئ لأنه خرج من دين قريش إلى دين الإسلام. النهاية 3/ 3.
6- أسير بن عمرو أبو سليط1.
7- أمية بن لوذان بن سالم بن ثابت2.
8- أنس بن معاذ الأنصاري3.
9- أنسة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم4.
10- أنيس بن قتادة5.
11- أوس بن ثابت بن المنذر6.
12- أوس بن خولي7.
13- أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت8.
14- أوس بن عبد الله بن الحارث بن خولي9.
15- أوس بن معاذ10.
16- إياس بن البكير11.
__________
1 المعجم الكبير للطبراني 1/ 213، رقم (577) .
2 مجمع الزوائد 6/ 94.
3 أسد الغابة 1/ 154.
4 الآحاد والمثاني 1/261، والمعجم الكبير للطبراني 1/ 269، ومجمع الزوائد 6/ 94.
5 الآحاد والمثاني 3/ 404، والمعجم الكبير للطبراني 1/ 268، ومجمع الزوائد 6/ 94.
6 المعجم الكبير للطبراني 1/ 288، ومجمع الزوائد 6/ 94.
7 المعجم الكبير للطبراني 1/ 299، ومجمع الزوائد 6/ 94، والإصابة 1/ 84.
8 المعجم الكبير للطبراني 1/ 225، ومجمع الزوائد 6/ 94.
9 مجمع الزوائد 6/ 94.
10 المعجم الكبير للطبراني 1/ 228.
11 الآحاد والمثاني 1/264.
حرف الباء
17- بجير بن أبي بجير1.
18- بسبس الجهني2.
19- بشر بن البراء بن معرور3.
20- بشير بن سعد بن ثعلبة بن جلاس4.
21- بشير بن عبد المنذر5.
22- بلال بن رباح6.
حرف التاء
23- تميم بن الحارث بن قيس السهمي7.
24- تميم بن زيد الأنصاري8.
25- تميم مولى خراش بن الصمة9.
__________
1 أسد الغابة 1/ 196، والمعجم الكبير للطبراني 2/ 49، ومجمع الزوائد 6/ 94، والإصابة 1/ 138.
2 المعجم الكبير للطبراني 2/ 84، وأسد الغابة 1/ 213، ومجع الزوائد 6/ 94.
3 مجمع الزوائد 6/ 94.
4 مجمع الزوائد 6/ 94.
5 مجمع الزوائد 6/ 94.
6 الآحاد والمثاني 1/ 263.
7 المعجم الكبير للطبراني 2/ 62.
8 أسد الغابة 1/ 258- 259.
9 المعجم الكبير للطبراني 2/ 61، وأسد الغابة 1/ 258، ومجمع الزوائد 6/ 94، والإصابة 1/ 186.
26- تميم مولى بني غنم بن السلم بن مالك1.
27- تميم بن يعار الخدري2.
حرف الثاء
28- ثابت بن أجدع3.
29- ثابت بن أخرم4.
30- ثابت بن أرقم بن ثعلبة بن عدي بن النجار5.
31- ثابت بن أوس بن المنذر بن حرام بن عمرو6.
32- ثابت بن ثعلبة بن زيد بن حرام7.
33- ثابت بن حسان بن عمرو8.
34- ثابت بن خالد بن النعمان9.
__________
1 الآحاد والمثاني 2/ 61، ومجمع الزوائد 6/ 94، والإصابة 1/ 186.
2 المعجم الكبير للطبراني 2/ 61، ومجمع الزوائد 6/ 94، والإصابة 1/ 186.
3 المعجم الكبير للطبراني 2/ 79.
4 المعجم الكبير للطبراني 2/ 71.
5 الآحاد والمثاني 3/ 404، ومجمع الزوائد 6م 94، وعنده ثابت أحرم بن ثعلبة بن عدي بن العجلان.
6 مجمع الزوائد 6/ 95.
7 المعجم الكبير للطبراني 2/ 79، ومجمع الزوائد 6/ 95.
8 المعجم الكبير للطبراني 2/ 80، وأسد الغابة 1/ 266، ومجمع الزوائد 6/ 95.
9 المعجم الكبير للطبراني 2/ 78، وأسد الغابة 1/ 266، ومجمع الزوائد 6/ 95.
35- ثابت بن ربيعة1.
36- ثابت بن عتيك2.
37- ثابت بن عمرو بن زيد بن عدي3.
38- ثابت بن هزال4.
39- ثابت بن وديعة5.
40- ثعلبة بن الجذعي6.
41- ثعلبة بن الحارث7.
42- ثعلبة بن حاطب8.
43- ثعلبة بن عتمة9.
44- ثعلبة بن عمرو بن محصن بن عبيد10.
__________
1 المعجم الكبير للطبراني 2/ 80، ومجمع الزوائد 6/ 95.
2 المعجم الكبير للطبراني 2/ 78.
3 المعجم الكبير للطبراني 2/ 80، ومجمع الزوائد 6/ 95، وأسد الغابة 1/ 274.
4 المعجم الكبير للطبراني 2/ 79، وأسد الغابة 1/ 279.
5 المعجم الكبير للطبراني 2/ 79، 80- 81.
6 المعجم الكبير للطبراني 2/ 79، 98، وأسد الغابة 1/ 283، ومجمع الزوائد 6/ 95.
7 أسد الغابة 1/ 283.
8 سنن النسائي 7/ 238، وسنن البيهقي 6/ 94، ومجمع الزوائد 6/ 95.
9 مجمع الزوائد 6/ 95.
10 مجمع الزوائد 6/ 95.
45- ثقيف بن عمرو1.
حرف الجيم
46- جابر بن خالد بن عبد الأشهل2.
47- جابر بن خالد بن مخلد بن إياس3.
48- جابر بن خالد بن مسعود4.
49- جابر بن عبد الله بن خالد5.
50- جابر بن عبد الله بن رئاب بن نعمان6.
51- جابر بن عتيك بن الحارث7.
52- جبير بن غياس بن مخلد بن رزيق8.
حرف الحاء
53- الحارث بن أنس بن مالك9.
__________
1 الآحاد والمثاني 1/ 262.
2 المعجم الكبير للطبراني 2/ 187، ومجمع الزوائد 6/ 95.
3 مجمع الزوائد 6/ 95.
4 الإصابة 1/ 211.
5 المعجم الكبير للطبراني 2/ 188.
6 مجمع الزوائد 6/ 95، والإصابة 1/ 212.
7 المعجم الكبير للطبراني 2/ 189، ومجمع الزوائد 6/ 95.
8 المعجم الكبير للطبراني 2/ 146، ومجمع الزوائد 6/ 95، والإصابة 1/ 225.
9 أسد الغابة 1/ 378.
54- الحارث بن أويس1.
55- الحارث بن حاطب2.
56- الحارث بن خزمة بن أبي غنم بن سالم بن عوف3.
57- الحارث بن سراقة4.
58- الحارث بن سواد5.
59- الحارث بن الصمة بن عبيد بن عامر6.
60- الحارث بن قيس بن مالك7.
61- الحارث بن قيس بن مخلد8.
62- الحارث بن معاذ بن النعمان9.
63- حارثة بن حمير بن أشجع10.
__________
1 أسد الغابة 1/ 380، ومجمع الزوائد 6/ 95.
2 الآحاد والمثاني 3/ 403، ومجمع الزوائد 6/ 95.
3 مجمع الزوائد 6/ 95.
4 مجمع الزوائد 6/ 95.
5 مجمع الزوائد 6/ 95.
6 أسد الغابة 1/ 398- 399، ومجمع الزوائد 6/ 95.
7 مجمع الزوائد 6/95.
8 مجمع الزوائد 6/95.
9 مجمع الزوائد 6/96.
10 مجمع الزوائد 6/96، والإصابة 1/ 297.
64- حارثة بن زيد بن أبي زهير1.
65- حارثة بن سراقة2.
66- حارثة بن يزيد3.
67- حاطب بن أبي بلتعة4.
68- حاطب بن عمرو بن عبد شمس5.
69- حباب بن المنذر6.
70- حريث بن زيد بن ثعلبة بن عبد الرب7.
71- حصين بن الحارث بن المطلب8.
72- حمزة بن عبد المطلب9.
__________
1 أسد الغابة 1/ 425، ومجمع الزوائد 6/96.
2 مجمع الزوائد 6/96.
3 الإصابة 1/ 297.
4 الآحاد والمثاني 1/ 262، ومجمع الزوائد 6/96.
5 الآحاد والمثاني 1/265.
6 أسد الغابة 1/436.
7 مجمع الزوائد 6/96، والإصابة 1/381.
8 الآحاد والمثاني 1/ 261.
9 الآحاد والمثاني 1/ 261.
حرف الخاء
73- خارجة بن زيد1.
74- خالد بن البكير بن عبد ليل بن ناشب2.
75- خالد بن زيد أبو أيوب3.
76- خباب بن الأرت بن موسى مولى بني زهرة4.
77- خباب مولى عتبة5.
78- خزيمة بن أوس6.
79- خنيس بن حذافة بن قيس بن سهم7.
80- خوات بن جبير بن النعمان8.
81- خولي بن أبي خولي9.
__________
1 الطبقات الكبرى لابن سعد 3/ 525.
2 الآحاد والمثاني 1/ 264.
3 المعجم الكبير للطبراني 4/ 118، أسد الغابة 1/572، ومجمع الزوائد 6/95.
4 الآحاد والمثاني 1/263.
5 الآحاد والمثاني 1/262.
6 أسد الغابة 2/132.
7 الآحاد والمثاني 1/264.
8 الآحاد والمثاني 1/403.
9 الآحاد والمثاني 1/403.
حرف الذال
82- ذكوان بن عبد قيس بن خلدة1.
83- ذو الشمالين بن عبد بن عمرو بن نضلة2.
حرف الراء
84- رافع بن الحارث بن سواد3.
85- رافع بن جعدية4.
86- رافع بن سهل بن زيد5.
87- رافع بن عبية6.
88- رافع بن عجندة7.
89- رافع بن المعلى بن لوذان8.
90- رافع بن يزيد9.
__________
1 مجمع الزوائد 6/97.
2 الآحاد والمثاني 1/263.
3 المعجم الكبير للطبراني 5/24.
4 مجمع الزوائد 6/97.
5 المعجم الكبير للطبراني 5/27، وأسد الغابة 2/ 193، ومجمع الزوائد 6/97.
6 الآحاد والمثاني 3/ 403.
7 المعجم الكبير للطبراني 5/ 24، ومجمع الزوائد 6/ 97.
8 المعجم الكبير للطبراني 5/ 20، وأسد الغابة 2/ 199.
9 مجمع الزوائد 6/97.
91- ربعي بن أبي ربعي1.
92- ربعي بن رافع بن الحارث2.
93- ربيع بن إياس بن غنم بن أمية بن لوذان3.
94- ربيعة بن أكثم حليف بني عبد شمس4.
95- رخيلة بن ثعلبة بن خلدة5.
96- رفاعة بن عمرو الخزرجي6.
97- رفاعة بن رافع بن مالك بن عجلان7.
98- رفاعة بن عبد المنذر8.
99- رفاعة بن عمرو بن زيد9.
100- رفاعة بن قيس بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن سالم10.
__________
1 المعجم الكبير للطبراني 5/4611، ومجمع الزوائد 6/97.
2 الآحاد والمثاني 3/ 403، وعنده ربعي بن أبي رافع، وأسد الغابة 2/204.
3 المعجم الكبير للطبراني 5/5606، ومجمع الزوائد 6/97.
4 الآحاد والمثاني 1/262، ومجمع الزوائد 6/97.
5 المعجم الكبير للطبراني 5/4639، وأسد الغابة 2/220.
6 المعجم الكبير للطبراني 5/ 48.
7 المعجم الكبير للطبراني 5/ 35، ومجمع الزوائد 6/98.
8 الآحاد والمثاني 3/403، والمعجم الكبير للطبراني 5/49، ومجمع الزوائد 6/98.
9 أسد الغابة 2/232.
10 مجمع الزوائد 6/98.
حرف الزاي
101- الزبير بن العوام1.
102- زياد بن الأخرس2.
103- زياد بن عمرو الجهني حليفاً لهم3.
104- زياد بن لبيد4.
105- زيد بن أبي أوفى5.
106- زيد بن الحارث بن الخزرج6.
107- زيد بن أسلم بن ثعلبة بن عدي بن العجلان7.
108- زيد بن حارثة8.
109- زيد بن الخطاب بن نفيل9.
110- زيد بن عمرو بن وديعة10.
__________
1 الآحاد والمثاني 1/262.
2 الإصابة 1/ 556.
3 المعجم الكبير للطبراني 5/266.
4 المعجم الكبير للطبراني 5/5889.
5 أسد الغابة 2/277.
6 مجمع الزوائد 6/100.
7 المعجم الكبير للطبراني 5/255رقم (5153) .
8 الآحاد والمثاني 1/ 261، ومجمع الزوائد 6/95.
9 الآحاد والمثاني 1/ 264، ومجمع الزوائد 6/96.
10 مجمع الزوائد 6/96.
111- زيد بن المزين1.
112- زيد بن وديعة بن عمرو بن قيس2.
حرف السين
113- سالم بن عمير بن ثابت بن كلفة بن ثعلبة3.
114- سالم مولى أبي حذيفة4.
115- سعد بن أبي وقاص5.
116- سعد بن خثمة6.
117- سعد بن خولة من بني عامر7.
118- سعد بن الربيع8.
__________
1 المعجم الكبير للطبراني 5/5159، وأسد الغابة 2/ 300، والإصابة 1/571.
2 المعجم الكبير للطبراني 5/5159، والإصابة 1/573.
3 الآحاد والمثاني 3/403.
4 الآحاد والمثاني 1/ 262.
5 صحيح ابن حبان (الإحسان 10/60 رقم: 4249) ،والمعجم الكبير للطبراني 1/136 رقم 289، و1/143.
6 المعجم الكبير للطبراني 6/29، وعند ابن حجر في الإصابة خيثمة 2/25، وكذلك عند ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 3/404.
7 صحيح مسلم، رقم (1484) ، وأبو داود رقم (2306) ، والنسائي 5/196، وابن حبان 10/630، والطبراني 24/295، رقم (729) ، والآحاد والمثاني 1/265.
8 المعجم الكبير للطبراني 6/22 رقم (5397) ، وأسد الغابة 2/348، ومجمع الزوائد 6/97.
119- سعد بن زيد بن مالك بن عبد بن كعب1.
120- سعد بن عبادة بن دليم2.
121- سعد بن عبيد بن النعمان3.
122- سعد بن عثمان بن خلدة4.
123- سعد بن سهل بن عبد الأشهل بن حارثة5.
124- سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن عبد الأشهل6.
125- سعد مولى حاطب بن أبي بلتعة7.
126- سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل8.
127- سنان بن أبي سنان9.
128- سلمة بن سلامة بن وقش10.
__________
1 أسد الغابة 2/351، ومجمع الزوائد 6/ 97.
2 مجمع الزوائد 6/97. لم يشهد بدراً، ولكن ضرب له بسهم.
3 الآحاد والمثاني 3/ 403.
4 المعجم الكبير للطبراني 6/49.
5 مجمع الزوائد 6/97.
6 المعجم الكبير للطبراني 6/5، ومجمع الزوائد 6/97.
7 الآحاد والمثاني 1/262، ومجمع الزوائد 6/97.
8 الآحاد والمثاني 1/ 264. وهو ممن لم يحضر بدراً بل كان بالشام.
9 الآحاد والمثاني 1/ 262.
10 مجمع الزوائد 6/97.
129- سماك بن خرشة1.
130- سويبط بن حرملة بن سعد بن مالك2.
131- سهل بن حُنيف3.
132- سهل بن سعد الساعدي4.
133- سهل بن عتيك بن النعمان5.
134- سهل بن عدي6.
135- سهل بن قيس بن أُبي بن كعب7.
136- سهيل بن بيضاء8.
137- سهيل بن رافع9.
138- سهيل بن عبيد بن النعمان10.
__________
1 المعجم الكبير للطبراني 17/103، ومجمع الزوائد 6/96.
2 الآحاد والمثاني 1/263.
3 المعجم الكبير للطبراني6/71، والمستدرك1/ 260، وسنن البيهقي4/39- 40.
4 المعجم الكبير للطبراني 19/260.
5 أسد الغابة 2/474.
6 مجمع الزوائد 6/97.
7 المعجم الكبير للطبراني 6/105، رقم (6542) ، وأسد الغابة 2/476.
8 الآحاد والمثاني 1/266.
9 المعجم الكبير للطبراني 6/211.
10 المعجم الكبير للطبراني 6/211، وأسد الغابة 2/479، ومجمع الزوائد 6/97.
حرف الشين
139- شجاع بن وهب الأسدي1.
140- شماس بن عثمان بن الشريد بن سويد2.
حرف الصاد
141- صفوان بن بيضاء3.
142- صفوان بن وهب الفهري4.
143- صهيب بن سنان بن موسى مولى النمر بن قاسط5.
حرف الضاد
144- الضحاك بن حارثة الخزرجي الأنصاري6.
145- الضحاك بن عمرو الخزرجي الأنصاري7.
146- ضمرة بن كعب8.
__________
1 الآحاد والمثاني 1/262.
2 الآحاد والمثاني 1/263.
3 الآحاد والمثاني 1/266.
4 أسد الغابة 3/31 رقم (4089) .
5 الآحاد والمثاني 1/263.
6 أسد الغابة 3/46، والإصابة 2/205.
7 أسد الغابة 3/48، والإصابة 2/27.
8 أسد الغابة 3/ 62.
حرف الطاء
147- الطفيل بن الحارث بن المطلب1.
148- الطفيل بن مالك بن خنساء الأنصاري2.
149- طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو التيميّ3.
150- طليب بن عمير بن قصيّ4.
حرف الظاء
151- ظهير بن رافع عمّ رافع بن خديج5.
حرف العين
152- عاصم بن البكير المزني6.
__________
1 الآحاد والمثاني 1/261.
2 أسد الغابة 3/81، والإصابة 2/226.
3 الآحاد والمثاني 1/263، والمعجم الكبير للطبراني 1/136رقم (288) ، والمعجم الصغير 2/126، ومستدرك الحاكم 3/368، وهو ممن لم يشهد بدراً، ولكن أعطي سهماً، وأجر من شهدها.
4 الآحاد والمثاني 1/263.
5 سنن أبي داود رقم (3394) ، وأسد الغابة 3/104رقم (2654) ، وقد ذكره مسلم برقم (1547) دون التصريح بالاسم، حيث ذكر رافع بن خديج أن عميه وكانا قد شهدا بدراً..) وقد ذكر مسلم (1548) أن عميه؛ ظهير بن رافع ... انظر مسلم 3/1181، وانظر: ابن عبد البر في الاستيعاب 2/142.
6 الإصابة 2/246.
153- عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح1.
154- عاصم بن عدي بن الجد بن عجلان2.
155- عاصم بن قيس3.
156- عاقل بن العكير4.
157- عاقل بن البكير5.
158- عامر بن ربيعة من بني عدي6.
159- عامر بن فهيرة7.
160- عامر بن البكير الليثي8.
161- عامر بن أمية بن زيد بن الحسحاس9.
__________
1 الآحاد والمثاني 3/404، والمعجم الكبير للطبراني 7/174، ومجمع الزوائد 6/97.
2 الآحاد والمثاني 3/404، والمعجم الكبير للطبراني 17/17،وذكر أن الرسول ردّه من الطريق، وضرب له بسهم، ومجمع الزوائد 6/97.
3 الآحاد والمثاني 3/403.
4 الآحاد والمثاني 3/410.
5 الآحاد والمثاني 1/264.
6 تاريخ المدينة 3/842، والآحاد والمثاني 1/264، والمستدرك 3/379، والإصابة 3/228.
7 الآحاد والمثاني 1/263، المعجم الكبير للطبراني 1/136 رقم (287) وفي الصغير 1/126، والمستدرك 4/393.
8 أسد الغابة 3/31.
9 أسد الغابة 3/117.
162- عباد بن بشر1.
163- عبادة بن الصامت2.
164- عبد الرحمن بن عوف3.
165- عبد الله بن ثعلبة بن حزمة بن أحرم4.
166- عبد الله بن جحش5.
167- عبد الله بن جدعة بن قيس بن عمرو6.
168- عبد الله بن حرام7.
169- عبد الله بن حُيي بن النعمان8.
170- عبد الله بن ربيع بن قيس بن عمرو9.
171- عبد الله بن رواحة بن امرئ القيس10.
__________
1 عيون الأثر 1/451.
2 صحيح البخاري مع الفتح 3/64، والتاريخ الصغير له 1/91، وتاريخ أبي زرعة 1/576، وسنن الدارقطني رقم 402.
3 الآحاد والمثاني 1/263.
4 مجمع الزوائد 6/99.
5 الآحاد والمثاني 1/262.
6 مجمع الزوائد 6/99.
7 مجمع الزوائد 6/99.
8 الآحاد والمثاني 3/403.
9 مجمع الزوائد 6/99.
10 مجمع الزوائد 6/99.
172- عبد الله بن زيد بن العجلان1.
173- عبد الله بن سراقة أخو عمرو2.
174- عبد الله بن سرخس بن النعمان بن أمية3.
175- عبد الله بن سلمة بن مالك بن الحارث بن زيد بن عدي4.
176- عبد الله بن سلمة البلوي الأنصاري بالحلف5.
177- عبد الله بن سهيل بن عمرو6.
178- عبد الله بن طارق الظفري البلوي7.
179- عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول8.
180- عبد الله بن عبد مناف الأنصاري السلمي9.
181- عبد الله بن عثمان، أبو بكر الصديق10.
__________
1 أسد الغابة 3/540.
2 الآحاد والمثاني 1/264، وأسد الغابة 3/255.
3 مجمع الزوائد 6/99.
4 الآحاد والمثاني 3/404.
5 الإصابة 2/321.
6 الآحاد والمثاني 1/265.
7 أسد الغابة 3/284، ومجمع الزوائد 6/99.
8 مجمع الزوائد 6/99، والإصابة 2/336.
9 مجمع الزوائد 6/99، والإصابة 2/338.
10 الآحاد والمثاني 1/263.
182- عبد الله بن عيسى الأنصاري1.
183- عبد الله بن عرفطة2.
184- عبد الله بن عمرو بن حرام3.
185- عبد الله بن عمير الخزرجي4.
186- عبد الله بن عوسجة العرني5.
187- عبد الله بن قيس بن خالد6.
188- عبد الله بن قيس بن صخر بن جذام بن ربيعة الخزرجي الأنصاري7.
189- عبد الله بن مخرمة بن عبد العزّى بن أبي قيس بن عبد ودّ8.
190- عبد الله بن مسعود بن أمّ عبد9.
__________
1 أسد الغابة 3/302
2 مجمع الزوائد 6/100.
3 أسد الغابة 3/346، ومجمع الزوائد 6/101.
4 أسد الغابة 3/356، والإصابة 2/ 355.
5 الإصابة 2/255.
6 أسد الغابة 2/ 366.
7 مجمع الزوائد 6/99، والإصابة 2/ 339.
8 الآحاد والمثاني 1/265.
9 الآحاد والمثاني 1/263.
191- عبيد بن أبي عبيد الأوسي الأنصاري1.
192- عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف2.
193- عبيد بن زيد الخزرجي الزرقي3.
194- عتبان بن مالك بن عمرو بن عجلان4.
195- عتبة بن غزوان5.
196- عثمان بن عفان6.
197- عثمان بن مظعون7.
198- عثمان بن عمرو بن رفاعة بن الحارث بن سواد8.
199- عدي بن أبي الزغباء9.
__________
1 الآحاد والمثاني 3/403، وأسد الغابة 3/544، ,الإصابة 2/445.
2 الآحاد والمثاني 1/261، ومجمع الزوائد 6/101.
3 الإصابة 2/444.
4 صحيح البخاري، رقم (686) ومسلم رقم (223) ، وصحيح ابن حبان رقم: (2075) ورقم (223) ، وسنن ابن ماجه 3/249.
5 الآحاد والمثاني 1/262.
6 صحيح البخاري رقم (3698) ،والمعرفة والتاريخ 3/159، والآحاد والمثاني 1/262، ومجمع الزوائد 6/99، والإصابة 4/304، ولم يشهدها، ولكن خلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم لتمريض رقية، وأعطي سهمه، وله أجر من شهدها.
7 الآحاد والمثاني 1/264.
8 مجمع الزوائد 6/99.
9 الإصابة 4/480.
200- عروة بن عتبة بن غزوان بن جابر بن وهب1.
201- عقبة بن الحصين بن وبرة الخزرجي2.
202- عقبة بن عامر الأنصاري أبو مسعود3.
203- عقبة بن وهب، أخو شجاع الأسدي4.
204- علي بن أبي طالب5.
205- عكاشة بن محصن الأسدي6.
206- عمار بن حزم بن زيد7.
207- عمار بن ياسر8.
208- عمر بن الخطاب9.
209- عمرو بن أبي سرح10.
__________
1 مجمع الزوائد 6/99.
2 أسد الغابة 4/39، والإصابة 2/481.
3 التاريخ الصغير للبخاري 1/135.
4 الآحاد والمثاني 1/262.
5 البخاري مع الفتح رقم (2375) ، و (2089) ومسلم رقم (1979) ومسند أحمد 2/282، رقم [1201] الأرناؤوط.، والمعرفة والتاريخ 1/274، وأبو داود رقم (2926) ، ومسند أبي يعلى رقم (547) والآحاد والمثاني 1/261.
6 الآحاد والمثاني 1/262.
7 مجمع الزوائد 6/101.
8 الآحاد والمثاني 1/264.
9 الآحاد والمثاني 1/264.
10 الآحاد والمثاني 1/266.
210- عمرو بن إياس1.
211- عمرو بن الحارث2.
212- عمرو بن سراقة3.
213- عمرو بن عَنَمة4.
214- عمرو بن عوف حليف لبني عامر بن لؤي5.
215- عمرو بن معاذ أخو سعد بن معاذ6.
216- عمير بن أبي وقاص استشهد ببدر7.
217- عمير بن عامر ويكنى أبا داود بن مالك8.
218- عمير بن معبد بن الأزعر9.
219- عويم بن ساعدة10.
__________
1 أسد الغابة 4/168.
2 الآحاد والمثاني 1/266.
3 الآحاد والمثاني 1/264.
4 الإصابة 3/9.
5 الآحاد والمثاني 1/265.
6 الإصابة 3/17.
7 الآحاد والمثاني 1/263، ومجمع الزوائد 6/101.
8 مجمع الزوائد 6/101.
9 الآحاد والمثاني 3/ 404.
10 الآحاد والمثاني 3/ 403.
220- عياض بن زهير1.
حرف الفاء
221- فروة بن عمرو2.
حرف القاف
222- قتادة بن النعمان3.
223- قدامة بن مظعون الجمحي4.
224- قيس بن أبي صعصعة5.
225- قيس أبو الأقلح6.
226- قيس بن مخلد7.
حرف الكاف
227- كعب بن زيد بن قيس الأنصاري8.
__________
1 الآحاد والمثاني 1/ 266.
2 مجمع الزوائد 6/101.
3 المعجم الكبير للطبراني 19/3.
4 الآحاد والمثاني 1/264، والتاريخ الكبير للبخاري 1/68، والإصابة 3/288.
5 أسد الغابة 4/429.
6 الآحاد والمثاني 3/404.
7 أسد الغابة 4/445.
8 الإصابة 3/296.
حرف الميم
228- مالك بن عمرو1.
229- مالك بن قدامة2.
230- مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة3.
231- مبشر بن عبد المنذر4.
232- محرز بن وهب، ويقال: ابن نضلة5.
233- محمد بن مسلمة بن خالد بن مجدعة بن حارثة بن الحارث6.
234- المدلجي بن عمرو من بني سليم7.
235- مرارة بن الربيع8.
236- مرثد بن أبي مرثد حليف لحمزة بن عبد المطلب9.
__________
1 الآحاد والمثاني 1/262، والإصابة 3/351، وذكر أنه حليف لبني عدي.
2 الآحاد والمثاني 3/404.
3 الآحاد والمثاني 1/263.
4 الآحاد والمثاني 3/403.
5 الآحاد والمثاني 1/262.
6 المعجم الكبير للطبراني 19/222، ومجمع الزوائد 6/101.
7 الآحاد والمثاني 1/ 262.
8 صحيح البخاري مع الفتح 7/309.
9 الآحاد والمثاني 1/261.
237- مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب1.
238- مسعود بن أوس2.
239- مسعود بن خلدة بن عامر3.
240- مسعود بن ربيعة بن عمرو القاري4.
241- مسعود بن سعد الأوسي الأنصاري5.
242- مصعب بن عمير بن هاشم العبدري6.
243- مظهر بن رافع7.
244- معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب بن غنم8.
245- معاذ بن ماعص بن قيس9.
246- معبد بن قيس بن صخر10.
__________
1 صحيح البخاري مع الفتح 7/327، رقم (4025) ، والآحاد والمثاني 1/261.
2 أسد الغابة 4/158.
3 الآحاد والمثاني 3/410.
4 الآحاد والمثاني 1/363.
5 الإصابة 3/411.
6 الآحاد والمثاني 1/262.
7 صحيح مسلم 3/1181.
8 الآحاد والمثاني 3/406، والمعجم الكبير للطبراني 20/28، ومجمع الزوائد 6/101.
9 الآحاد والمثاني 3/410.
10 الآحاد والمثاني 3/408.
247- معتب بن عوف بن عامر، ويقال له: (معتب بن حمراء) 1.
248- معتب بن عبيد حليف لهم2.
249- معتب بن قشير بن مليل بن زيد3.
250- معقل بن المنذر بن سرح4.
251- معمر بن الحارث بن معمر بن حبيب5.
252- معن بن عدي بن الجد بن عجلان6.
253- المقداد بن عمرو حليف بني زهرة7.
254- المنذر بن قدامة8.
255- المنذر بن محمد بن أحيحة بن الجلاح بن حريش بن جحجبا أبو عبدة9.
__________
1 الآحاد والمثاني 1/264.
2 الآحاد والمثاني 3/405.
3 الآحاد والمثاني 3/ 404.
4 الآحاد والمثاني 3/409.
5 الآحاد والمثاني 1/ 264.
6 الآحاد والمثاني 3/ 404.
7 صحيح البخاري رقم (6865) ، المعجم الكبير للطبراني 20/250 رقم (295) ، وسنن البيهقي 8/195، والآحاد والمثاني 1/263، ومجمع الزوائد 6/101.
8 الآحاد والمثاني 3/404، وأسد الغابة 4/271.
9 الآحاد والمثاني 3/404.
256- مهجع مولى عمر1.
حرف النون
257- النعمان بن أبي حزمة2.
258- النعمان بن عمرو بن رفاعة الأنصاري3.
259- النعمان بن غصن4.
260- النعمان بن عصر5.
261- نعيمان بن عمرو6.
262- نهيل بن نعمان بن خنساء7.
حرف الواو
263- واقد بن عبد الله8.
264- وهب بن سعد بن أبي سرح9.
__________
1 الآحاد والمثاني 1/264.
2 الآحاد والمثاني 3/403.
3 الإصابة 3/569- 570.
4 أسد الغابة 4/338.
5 الآحاد والمثاني 3/ 405.
6 الآحاد والمثاني 3/413.
7 مجمع الزوائد 6/101.
8 الآحاد والمثاني 1/264
9 الآحاد والمثاني 1/265.
حرف الهاء
265- هلال بن أبي خولي1.
266- هلال بن أمية2.
حرف الياء
267- يزيد بن الحارث3.
__________
1 الآحاد والمثاني 1/264.
2 صحيح البخاري مع الفتح 7/309.
3 الإصابة 3/654.
الكنى
أبو أيوب الأنصاري = خالد بن زيد.
268- أبو بردة بن نيار بن عمرو بن عبيد1.
أبو بكر الصديق = عبد الله بن عثمان.
269- أبو الحارث بن قيس بن خالد الأنصاري الزرقي2.
270- أبو حبة بن عمرو بن ثابت3.
271- أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة4.
أبو دجانة =سماك بن خرشة.
272- أبو سبرة بن أبي رُهم بن عبد العزّى بن أبي قيس بن عبد ودّ العامري5.
__________
1 المعجم الكبير للطبراني 22/192، ومجمع الزوائد 6/102.
2 الإصابة 4/ 40.
3 الآحاد والمثاني 3/403، المعجم الكبير للطبراني22/325، أسد الغابة رقم 5788.
4 البخاري مع الفتح 7/320، 9/131، والتاريخ الكبير للبخاري 2/215 رقم (730) ، والنسائي 5/63، والآحاد والمثاني 1/262، والمعجم الكبير للطبراني 4/55، ومستدرك الحاكم 2/163.
5 الآحاد والمثاني 1/265.
273- أبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال المخزومي1.
274- أبو سنان بن محصن2.
275- أبو ضياح بن ثابت بن النعمان3.
276- أبو طلحة بن زيد بن سهل بن الأسود4.
277- أبو عبيدة بن الجراح5.
278- أبو عقيل بن عبد الله بن ثعلبة6.
279- أبو قيس بن جبر بن عمرو بن زيد بن جشم بن حارثة7.
280- أبو كبشة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم8.
أبو لبابة بن عبد المنذر = بشير.
281- أبو مرثد الغنوي حليف لحمزة بن عبد المطلب9.
282- أبو مليل بن الأزعر بن زيد بن عطاف10.
__________
1 الآحاد والمثاني 1/263.
2 الآحاد والمثاني 1/262.
3 الآحاد والمثاني 3/403.
4 المعجم الكبير للطبراني 5/90 رقم (4673) .
5 الآحاد والمثاني 5/90 رقم (4673) .
6 الآحاد والمثاني 1/266.
7 الآحاد والمثاني 3/404.
8 الآحاد والمثاني 3/403، والمعجم الكبير للطبراني 5/30.
9 الآحاد والمثاني 1/261.
10 الآحاد والمثاني 3/403.
283- أبو الهيثم بن التيَّهان1.
__________
1 مجمع الزوائد 6/101.، والإصابة 4/213. وهذا العدد الذي ورد ذكره هنا مخالف لما ورد ذكره في الصحيحين، وفي السير عامة، ولكن قد ذكر الزهري في الرواية رقم (6) أن عدد من شهد بدراً ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً وهو المعتمد؛ لأنه لا يعني أن عدم وهذا العدد الذي ورد ذكره هنا مخالف لما ورد ذكره في الصحيحين، وفي السير عامة، ولكن قد ذكر الزهري في الرواية رقم ذكره لبقيتهم أنهم لم يشهدوها، وقول الزهري في الرواية السابقة الذكر أنهم ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً ذكره عن شيخه عروة موقوفاً عليه، أما موسى بن عقبة فقد ذكر في مغازيه أنهم (316) رجلاً.
انظر: مرويات موسى بن عقبة لمحمد باقشيش ص 126.
وأما ابن إسحاق فقد ذكر أن عددهم ثلاثمائة وأربعة عشر رجلاً.
انظر: ابن هشام (2/706) . وذكر الواقدي في المغازي (1/23) أن عددهم (305) رجلٍ وثمانية تخلفوا، وقد تبعه في ذلك ابن سعد في الطبقات (2/12) ، ثم ذكر ابن سعد أقوالاً أخرى في عدتهم. المصدر السابق.
المبحث السادس عشر: فيمن شهد بدراً من المهاجرين والأنصار وحلفائهم رضي الله عنهم1.
حرف الألف
1- إربد بن رقيش بن رائب2.
2- الأرقم بن أبي الأرقم3.
3- أسعد بن زيد بن الفاكهة4.
4- الأسود بن زيد بن ثعلبة بن غنم5.
5- أسود بن سريع التميمي السعدي6.
__________
1 هذه القائمة نقلتها من: الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم 1/ 261- 266، و3/ 403- 414، والمعجم الكبير للطبراني بأجزائه، ومجمع الزوائد للهيثمي، وهي من طريق موسى بن عقبة عن الزهري، وقد جاء ذكر بعضهم عرضاً في المصادر الأخرى بدون سند، فيقولون مثلاً: ذكره الزهري فيمن شهد بدراً. ويلحظ أن هذه القائمة شملت الذين حضروا بدراً والذين لم يشهدوها وكانوا في حكم من شهدها وأعطوا من غنائمها، وكان لهم أجر من شهدها.
2 الآحاد والمثاني 1/262.
3 الآحاد والمثاني 1/263.
4 أسد الغابة 1/ 89، ومجمع الزوائد 6/ 94.
5 أسد الغابة 1/ 103، ومجمع الزوائد 6/ 94، والإصابة 1/ 44، المعجم الكبير للطبراني 1/ 288.
6 أسد الغابة 1/ 103.
المبحث السابع عشر: في غزوة السَّوِيْق1
__________
1 السَّوِيْق: هو ما يتخذ من الحنطة والشعير، لسان العرب المحيط 2/ 243، مادة: سوق.
قال ابن هشام 2/ 45: "وإنما سميت غزوة السَّوِيْق ... أن أكثر ما طرح القوم من أزوادهم السَّوِيْق، فهجم المسلمون على سَويق كثير فسميت: غزوة السَّوِيْق".
وقد ذكر الواقدي عن الزهري أنه قال: "كانت في ذي الحجة، على رأس اثنين وعشرين شهراً"، المغازي 1/ 128، وذكر ابن إسحاق: أنها كانت في شهر ذي الحجة، ابن هشام 2/ 44.
27- قال البيهقي: وأخبرنا أبو عبد الله1 الحافظ قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني، قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا إبراهيم بن المنذر قال: أخبرنا ابن فليح، عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال: كان أبو سفيان بن حرب حين قتل الله عزوجل من قتل من المشركين ببدر من أشرافهم ومن وجوههم نذر أن لا يمس رأسه دهن ولا غسل ولا يقرب أهله حتى يغزو محمداً ويحرق في طوائف المدينة، فخرج من مكة سراً خائفاً في ثلاثين2 فارساً ويقول بعض الناس: بل أكثر من ذلك ليحل يمينه حتى نزل بجبل من جبال المدينة يقال له: نبت3، فبعث
__________
1 تقدم الكلام على الإسناد في الرواية رقم (1) .
2 في مغازي الواقدي من طريق الزهري أنهم كانوا: مائتي راكب، المغازي 1/ 181، وكذلك في سيرة ابن إسحاق (ابن هشام 2/ 44) ، أما في مغازي عروة (161) من طريق أبي الأسود فقد ذكر ثلاثين راكباً كما في رواية الزهري هنا.
ورواية ابن إسحاق أرجح لأنه رواها عن محمد بن جعفر بن الزبير ويزيد بن رومان، وكلاهما ثقة كما قال ابن حجر في التقريب (471) و (601) ، عن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري، وهو ثقة، ويقال: له رؤية كما قال ابن حجر في التقريب (319) ، أما رواية الأسود عن عروة فهي ضعيفة لأنها جاءت من طريق ابن لهيعة وهو ضعيف. انظر: التقريب (319) .
3 نبت: هكذا في دلائل البيهقي، ولم أجد لهذه اللفظة ذكراً في المصادر، ولعلها مصحفة من: (ثيب) . ففي مغازي عروة 161: (ثيب) وكذلك سيرة ابن إسحاق (ابن هشام 2/ 44) ، والمغانم المطابة 85، أما البلادي فقد قال: قلت وأرى صوابه (تيأم) فهو جبل تراه من الطرف الشمالي من المدينة مطلع شمس على الطريق النجدية، وهو من صدر قناة مشرف على وادي الخَنَق وسد العاقول، وينطق اليوم: (تيام) بتسهيل الهمزة. معجم المعالم الجغرافية 73.
رجلاً أو رجلين من أصحابه وأمرهما أن يحرقا أدنى نخلة يأتيانها من نخيل المدينة، فوجدا صَوْراً1 من صيران نخل العُريض2 فأحرقا فيها وانطلقا، وانطلق أبو سفيان وأصحابه سراعاً هاربين قبل مكة3.
__________
1 الصَّوْر: الجماعة من النخل ولا واحد له من لفظه، ويجمع على صيران، النهاية 3/ 59.
2 العُريض: بضم العين المهملة وفتح الراء، وسكون المثناة التحتية، وآخرها ضاد معجمة، ناحية من المدينة في طرف حرة (واقم) شملها اليوم العمران وما زالت معروفة. معجم المعالم الجغرافية 205.
3 دلائل النبوة للبيهقي 3/ 164- 165، والدرر لابن عبد البر 139- 140، وتاريخ الإسلام للذهبي قسم المغازي 138- 140.
وقد أخرج نحو هذه الرواية من طريق الزهري الواقدي في المغازي 1/ 181- 182، وعنه ابن سعد في الطبقات 2/ 30، والبلاذري في أنساب الأشراف قسم السيرة 1/ 310.
وانظر هذه الرواية في مغازي عروة 161، ومن طريقه أخرجها البيهقي في الدلائل 3/ 165، كما أخرجها ابن إسحاق (ابن هشام 2/ 44) عن عبد الله بن كعب بن مالك، ومن طريقه أخرجها خليفة في تاريخه 59، والطبري في تاريخه 2/ 483.
وقد ذكر ابن إسحاق أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج في طلبهم حتى بلغ قَرْقَرَة الكُدْر، ثم انصرف راجعاً، وقد فاته أبو سفيان وأصحابه، ورأوا أزواداً من أزواد القوم قد طرحوها في الحرث يتخففون منها للنجاء، فقال المسلمون حين رجع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، أتطمع لنا أن تكون غزوة؟ قال: "نعم". ابن هشام (2/ 45) .