,
...
المبحث الأول: في تأريخ الغزوة
64- قال البيهقي: أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل1 ببغداد، قال: أخبرنا أبو عمرو2 بن السماك، قال: حدثنا حنبل3 بن إسحاق، قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي عن محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب في ذكر مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثم قاتل بني المصطلق4 وبني لحيان في شعبان5 من سنة خمس6.
__________
1 اسمه: علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، أبو الحسين الأموي المعدل، قال الخطيب: "كان صدوقاً ثقة ثبتاً حسن الأخلاق". تاريخ بغداد 12/ 98- 99.
2 هو: عثمان بن أحمد بن عبد الله بن يزيد أبو عمرو الدقاق المعروف بابن السماك، قال الخطيب: "وكان ثقة ثبتاً". تاريخ بغداد 11/ 302.
3 هو: حنبل بن إسحاق بن حنبل بن هلال بن أسد، أبو علي الشيباني، ابن عم أحمد ابن حنبل، قال الخطيب: "وكان ثقة ثبتاً". تاريخ بغداد 8/ 286- 287.
4 المصطلق: بضم الميم وسكون المهملة وفتح الطاء وكسر اللام بعدها قاف، وهو لقب واسمه جذيمة بن سعد بن عمرو بن ربيعة بن حارثة، بطن من بني خزاعة.
انظر: اللباب في تهذيب الأنساب لابن الأثير 3/ 219، وفتح الباري 7/ 430 تحت رقم (4138) .
5 باتفاق المؤرخين، وانظر ابن هشام 2/ 289، ومغازي الواقدي 1/ 404، والطبقات الكبرى لابن سعد 3/ 63 و8/ 218، وتاريخ الطبري 2/ 604، والبيهقي في السنن9/ 54، والدلائل 4/45، وعيون الأثر 2/134، وتاريخ الإسلام للذهبي قسم المغازي 349، والبداية والنهاية 4/156، وفتح الباري7/ 430.
6 دلائل النبوة للبيهقي من طريق موسى بن عقبة عن ابن شهاب مرسلة، ثم قال:
__________
"وهذا أصح مما روي عن ابن إسحاق أن ذلك كان سنة ست، وقد ذكر البخاري في الصحيح عن موسى بن عقبة أنها سنة أربع" صحيح البخاري مع الفتح 7/ 428.
لكن المشهور عن موسى بن عقبة أنه ذكرها سنة خمس، قال ابن كثير بعد ذكره لقول البخاري: "هكذا رواه البخاري عن مغازي موسى بن عقبة أنها كانت في سنة أربع، والذي حكاه عنه وعن عروة أنها كانت في شعبان سنة خمس". البداية والنهاية 4/ 156.
وقال الحافظ ابن حجر بعد ذكره لقول البخاري: "وكأنه سبق قلم أراد أن يكتب سنة خمس، فكتب سنة أربع، والذي في مغازي موسى بن عقبة من عدة طرق أخرجها الحاكم وأبو سعيد النيسابوري والبيهقي في الدلائل وغيرهم؛ سنة خمس" الفتح 7/ 430.
ثم قال: "وقال الحاكم في الإكليل: قول عروة وغيره أنها كانت في سنة خمس أشبه من قول ابن إسحاق". الفتح 7/ 430.
ثم قال ابن حجر أيضاً: "قلت: ويؤيده ما ثبت في حديث الإفك أن سعد بن معاذ تنازع هو وسعد بن عبادة في أصحاب الإفك كما سيأتي، فلو كان المريسيع في شعبان سنة ست مع كون الإفك كان فيها لكان ما وقع في الصحيح من ذكر سعد بن معاذ غلطاً، لأن سعد بن معاذ مات أيام قريظة، وكانت سنة خمس على الصحيح كما تقدم تقريره، وإن كانت كما قيل سنة أربع فهي أشد، فيظهر أن المريسيع كانت سنة خمس في شعبان لتكون قد وقعت قبل الخندق، لأن الخندق كانت في شوال من سنة خمس أيضاً فتكون بعدها فيكون سعد بن معاذ موجوداً في المريسيع ورمي بعد ذلك بسهم في الخندق، ومات من جراحته في قريظة". الفتح 7/ 430.
ثم ذكر رحمه الله مرجحاً آخر على أنها كانت سنة خمس فقال: "ويؤيده أيضاً أن حديث الإفك كان سنة خمس، إذ الحديث فيه التصريح بأن القصة وقعت بعد نزول الحجاب، والحجاب كان في ذي القعدة سنة أربع عند جماعة فيكون المريسيع بعد ذلك فيرجح أنها سنة خمس، وأما قول الواقدي: إن الحجاب كان في ذي القعدة سنة خمس فمردود، وقد جزم خليفة وأبو عبيدة وغير واحد بأنه كان سنة ثلاث، فحصلنا في الحجاب على ثلاثة أقوال أشهرها سنة أربع والله أعلم". اهـ. الفتح 7/ 430.
وممن ذكرها في سنة خمس أبو معشر السندي. انظر: الفتح 7/ 430. وهو بصير بالمغازي كما قال أحمد. انظر: التهذيب 10/ 420 رقم (758) ، والواقدي في المغازي 1/ 404، وابن سعد في الطبقات الكبرى 3/ 63 و8/ 218، والبلاذري في أنساب الأشراف 341، وابن عبد البر في الاستيعاب 4/ 366، وابن الجوزي كما في المنتظم 3/ 214، وتاريخ الإسلام للذهبي، قسم المغازي 349، وابن القيم في الزاد 3/ 256.
وأما ابن إسحاق فقد ذكر أنها وقعت سنة ست. انظر: ابن هشام 2/ 289، وتبعه في ذلك خليفة بن خياط في تاريخه 80، والطبري كما في التاريخ 2/ 604، والطبراني كما قال الهيثمي في المجمع 6/ 289.
المبحث الثاني: في مقولة ابن أبيّ في غزوة بني المصطلق
65- قال ابن شبَّة1: حدثنا إبراهيم بن المنذر قال: حدثنا محمد ابن فليح عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال: خرج عبد الله بن أبيّ في عصابة من المنافقين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق فلما رأى كأن الله قد نصر رسوله وأصحابه أظهروا قولاً سيئاً في منزل نزله
__________
1 تاريخ المدينة 1/ 349، بسند مرسل، وتشهد له الرواية الآتية عند ابن أبي حاتم.
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يقال له: جعال1 - وهم زعموا - أحد بني ثعلبة، ورجل من بني غفار يقال: جهجاه2، فعلت أصواتهما واشتد جهجاه على المنافقين، ورد عليهم، وزعموا أن جهجاه خرج بفرس لعمر رضي الله عنه يسقيه - وكان أجيراً لعمر رضي الله عنه - ومع جعال فرس لعبد الله بن أبيّ، فأوردوهما الماء فتنازعوا على الماء واقتتلوا، فقال عبد الله بن أبيّ: هذا ما جاوزنا به، آويناهم ومنعناهم ثم هؤلاء يقاتلون، وبلغ حسان بن ثابت الذي كان بين جهجاه الغفاري وبين
__________
1 هو جعال بن سراقة الضمري، أوالغفاري أو الثعلبي. الإصابة 1/ 235.
2 هو جهجاه بن سعيد، وقيل: ابن قيس، وقيلك ابن مسعود الغفاري، شهد بيعة الرضوان بالحديبية، مات بعد عثمان بأقلّ من سنة. الإصابة 1/ 253.
وورد في الصحيحين من طريق عمرو بن دينار عن جابر قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة، فكسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار ... " دون ذكر لأسماء معينة. صحيح البخاري رقم (4097) ، ومسلم بشرح النووي 16/ 138، وفي رواية مسلم الأخرى من طريق أبي الزبير عن جابر: " ... اقتتل غلامان؛ غلام من المهاجرين وغلام من الأنصار ... " مسلم بشرح النووي 16/ 137- 138. أما ابن إسحاق فقد ذكر أن المتنازعين هما: جهجاه بن مسعود أجير لعمر بن الخطاب من بني غفار، وسنان بن وبر الجهني حليف ابن عوف بن الخزرج. ابن هشام 2/ 290، وفي مغازي الواقدي 2/ 215، جهجاه بن سعيد الغفاري وسنان بن وبر الجهني، وكذا ذكر ابن سعد في الطبقات 2/ 64- 65.
وعند الطبري في التفسير 28/ 113- 114: "اقتتل رجلان أحدهما من جهينة والآخر من غفار) .
الفتية الأنصاريين فغضب، وقال: وهو يريد المهاجرين من القبائل الذين يقدمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم للإسلام:
أمسى الجلابيب1 قد عزوا وقد كثروا ... وابن الفُريعة2 أمسى بيضة البلد3
فخرج رجل من بني سليم مغضباً من قول حسان رضي الله عنه فلما خرج ضربه حتى قيل قتله، ولا يراه إلا صفوان بن معطل، فإنه بلغنا أنه ضرب حسان بالسيف4، فلم يقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده لضرب السلمي حسان، فقال: خذوه، فإن هلك حسان فاقتلوه، فأخذوه فأسروه وأوثقوه، وبلغ
__________
1 الجلابيب: جمع جلباب وهو الإزار والرداء، وقيل: الملحفة. النهاية 1/ 283، ويعني بالجلابيب: الغرباء. الروض الأنف 4/ 21.
2 ابن الفريعة هو: حسان بن ثابت رضي الله عنه وهي الفريعة - بالفاء والعين المهملة مصغراً - بنت خالد بن حبيش الخزرجية. الإصابة 1/ 326.
3 بيضة البلد: يعني متفرداً، وهي كلمة يتكلم بها في المدح تارة وفي معنى القِلِّ أخرى، يقال: فلان بيضة البلد أي: أنه واحد في قومه، عظيم فيهم، وفلان بيضة البلد: يريد أنه ذليل ليس معه أحد. الروض 4/ 21، وانظر ديوان حسان 69، تحقيق: عبد أمهنا.
4 الذي ذكره ابن إسحاق كما في ابن هشام (2/ 304- 305) بسند صحيح كما ذكر ذلك ابن حجر في تعجيل المنفعة 128: أن صفوان ضرب حساناً بعد أن آذاه وهجاه بعد اتهامه في قصة الإفك.
وأما ضربه في هذه فهي قبل حدوث قصة الإفك كما يفهم من سياق الرواية، ويمكن أن يقال بتعدد الحادثة.
ذلك سعد بن عبادة فخرج في يومه فقال: أرسلوا الرجل، فأبوا عليه، فقال عمر رضي الله عنه: أثمّ إلى قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم تشتمون وتؤذونهم وقد زعمتم أنكم نصرتموهم؟
فغضب سعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولقومه فنصرهم، وقال: أرسلوا الرجل، وأبوا عليه حتى كاد يكون بينهم، فقال: ثم أرسلوه، فخرج به سعد إلى أهله فكساه حلة1، ثم أرسله فبلغنا أن السلمي دخل المسجد ليصلي فيه فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "من كساك؟ كساه الله من ثياب الجنة"2.
قال: كساني سعد بن عبادة، وقال عبد الله بن أبيّ: والله لولا نفقتكم على هؤلاء السفهاء الذي ليس لهم شيء إلا ما ركبوا رقابكم، وما خرج معهم رجل واحد منهم، وللحقوا بعشائرهم فالتمسوا العيش، ولو أنا قد رجعنا إلى المدينة لقد أخرج الأعز منها الأذل، فأحصى الله عزوجل عليه ما قال وسمع زيد بن أرقم3- رجل من بني الحارث بن الخزرج -
__________
1 الحلة: واحدة الحلل، وهي: برود اليمن، ولا تسمى حلة إلا أن تكون ثوبين من جنس واحد. النهاية 1/ 432.
2 ذكر هذه القصة الحافظ في الإصابة 2/ 191 ولم أجدها في كتب الحديث.
3 هو: زيد بن أرقم بن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك بن الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج، مختلف في كنيته قيل: أبو عمر، وقيل: أبو عامر، استصغر يوم أحد، أول مشاهده الخندق، وقيل: المريسيع، وغزا مع النبي صلى الله عليه وسلم سبع عشرة غزوة، ثبت ذلك في الصحيح وهو الذي سمع عبد الله بن أبيّ يقول: ليخرجن الأعز منها الأذل، مات بالكوفة أيام المختار سنة ست وستين وقيل: ثمان وستين. الإصابة 2/ 560.
قول عبد الله بن أبيّ فأخبر عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هل لك في ابن أبيّ، فإنه يقول آنفاً: والله لولا نفقتكم على هؤلاء السفهاء ليس لهم شيء إلا ما ركبوا رقابكم، وما اتبعه منهم رجل وللحقوا بعشائرهم فالتمسوا العيش، ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، أخبرني زيد بن أرقم أنه سمع هذا منه، فابعث إليه يا رسول الله عباد بن بشر1 أخا بني عبد الأشهل، أو معاذ بن عمرو ابن الجموح2 فليقتله، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله، فلما رأى ذلك عمر رضي الله عنه سكت، وتحدث أهل عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلمة عبد الله بن أبيّ وأفاضوا3 فيها، فأذّن مكانه بالرحيل ولم يتقارّ4 في منزله، ولم يكن إلا أن نزل فارتحل، فلما استقل الناس قالوا: ما شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتقارّ في منزله لقد جاءه خبر، لعله أغير على المدينة وما فيها؟
فبعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى ابن أبيّ فسأله عما تكلم به، فحلف بالله ما قال
__________
1 هو: عباد بن بشر بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل ذكره موسى بن عقبة فيمن شهد بدراً، قال واستشهد باليمامة، وهو ابن خمس وأربعين سنة. الإصابة 2/ 263.
2 هو: معاذ بن عمرو بن الجموح الأنصاري الخزرجي السلمي، تقدم في مبحث غزوة بدر.
3 أفاض القوم في الحديث يفيضون إذا اندفعوا فيه. النهاية 3/ 485.
4 أي يسكن ويقيم في منزله. النهاية 4/ 37.
من ذلك شيئاً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن كان سبق منك قول شيء فتب"، فجحد وحلف فوقع رجال بزيد بن أرقم، وقالوا: أسأت بابن عمك1 وظلمته، ولم يصدقك رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينما هم يسيرون رأوا النبي صلى الله عليه وسلم يوحى إليه فلما قضى الله قضاءه في موطنه وسرّي عنه فإذا هو زيد بن أرقم، فأخذ بأذنه فعصرها حتى استشرف2 القوم بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يدرون ما شأنه فقال: "أبشر فقد صدق الله حديثك" فقرأ عليه سورة المنافقين حتى بلغ ما أنزل الله في ابن أبيّ: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} 3 إلى قوله: {وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ} 4 فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء5 من طريق
__________
1 ليس المراد أنه ابن عمه حقيقة، بل المراد أنه من قومه من الخزرج. انظر: ترجمته في الإصابة 2/ 560.
2 استشرف: أصل الاستشراف: أن تضع يدك على حاجبك وتنظر كالذي يستظل من الشمس حتى يستبين الشيء، وأصله من الشرف: العلو، أي يتطلعون إليه وينظرون. النهاية 2: 462.
3 المنافقون، آية (7) .
4 المنافقون، آية (8) .
5 هكذا في الأصل [بقباء من طريق عمق] وعند البيهقي في الدلائل 4/ 59: فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم [صنعاء من طريق عمان ... ] ، وعند ابن إسحاق [ابن هشام 2/ 292] : (ثم راح بالناس حتى نزل على ماء بالحجاز فويق النقيع - يقال له: بقعاء - ... ) ويبدو لي أن هذا هو الصحيح، وأن كلمة (قباء) هنا محرفة من بقعاء. والله أعلم. والنقيع: وادٍ فحل من أودية الحجاز يقع جنوب المدينة ... أوله على بعد [40] كيلاً، وأقصاه على قرابة [120] كيلاً قرب الفرع. معجم المعالم الجغرافية 320.
عُمَق1 سرح ظهرهم، وأخذتهم ريح شديدة حتى أشفق، وقال الناس: يا رسول الله ما شأن هذه الريح؟
فزعموا أنه قال: "مات اليوم منافق عظيم النفاق2 ولذلك عصفت وليس عليكم منها بأس إن شاء الله" وكان موته غائظاً للمنافقين.
قال جابر رضي الله عنهما: فرجعنا إلى المدينة فوجدنا منافقاً عظيم النفاق مات يومئذ، وسكنت الريح آخر النهار، فجمع الناس ظهرهم وفقدت راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الإبل، فسعى الرجال يلتمسونها، فقال رجل من المنافقين كان في رفقة من الأنصار: أين يسعى هؤلاء الرجال؟
قال أصحابه: يلتمسون راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال المنافق: ألا يحدثه الله بمكان راحلته؟
__________
1 العُمَق: موضع على جادة طريق مكة بين معدن بني سُلَيم وذات عرق، اللسان، عُمَق.
2 ذكر ابن إسحاق أن اسمه: رفاعة بن زيد بن التابوت. ابن هشام 2/ 292، وانظر: البداية والنهاية لابن كثير 4/ 158، وهبوب الريح ذكرها مسلم عن جابر (شرح النووي على مسلم 17/ 127) دون ذكر لاسم الغزوة أو ذكر لاسم الرجل، وذكره أحمد في المسند 22/ 276 رقم [14378] أرناؤوط، وليس فيها أيضاً ذكر الغزوة.
فأنكر عليه أصحابه ما قال، وقالوا: قاتلك الله، فلم خرجت وهذا في نفسك؟ لا صحبتنا الساعة.
فمكث المنافق معهم شيئاً ثم قام وتركهم فعمد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع الحديث، فوجد الله قد حدثه حديثه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والمنافق يسمع: "إن رجلاً من المنافقين شمت أن ضلت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: ألا يحدثه الله بمكان ناقته، وإن الله أخبرني بمكانها، ولا يعلم الغيب إلا الله، وإنها في الشعب المقابل لكم قد تعلق زمامها بشجرة" 1، فعمدوا إليها فجاءوا بها، وأقبل المنافق سريعاً حتى أتى الذين قال عندهم ما قال، فإذا هم جلوس مكانهم لم يقم منهم أحد من مجلسه، فقال: أنشدكم بالله هل أتى منكم أحدٌ محمداً، فأخبره بالذي قلت؟
قالوا: اللهم لا، ولا قمنا من مجلسنا هذا بعد.
قال: فإني قد وجدت عند القوم حديثي، والله لكأني لم أُسلم إلا اليوم، وإن كنت لفي شك من شأنه، فأشهد أنه رسول الله، فقال له أصحابه: فاذهب إليه فليستغفر لك، فزعموا أنه ذهب إليه فاعترف بذنبه،
__________
1 ذكر ابن إسحاق هذه القصة من غير طريق الزهري، في غزوة تبوك، انظر: ابن هشام 2/ 523، وذكرها الواقدي في مغازيه: حدثني يونس بن محمد عن يعقوب بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد، ثم ذكر المتن، انظر: المغازي 3/ 1009- 1010، وذكر ابن كثير نقلاً عن ابن إسحاق هذه القصة مقتصراً على ذكر نزول المطر وضياع ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، انظر: البداية والنهاية 5/ 9.
فاستغفر له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويزعمون انه ابن اللّصيت1، ولم يزل - زعموا - يفسل2 حتى مات".
66- وقال ابن أبي حاتم3: حدثنا محمد بن عزيز الأيلي4 حدثني سلامة5، حدثني عقيل أخبرني محمد بن مسلم أن عروة بن الزبير وعمرو
__________
1 هو زيد بن اللصيت القينقاعي، انظر: سيرة ابن هشام 2/ 533، ومغازي الواقدي 3/ 1010، وأسد الغابة 2/ 298.
قال ابن إسحاق: فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد عن رجال من بني عبد الأشهل، فذكر حديثاً طويلاً يتعلق بغزوة تبوك، ثم ذكر قصة ابن اللصيت، وقد تبعه في ذلك الواقدي كما تقدم 3/ 1010، وابن جرير الطبري في التاريخ 3/ 105- 106، وابن الأثير كما في أسد الغابة 2/ 298، وابن سيد الناس كما في عيون الأثر 2/ 295، وابن إسحاق قد صرح بالسماع فيظهر أن حديثه حسن، ولا مانع من تعدد القصة، والله أعلم.
2 يفسل: الفسل: الرذل الذي لا مروءة له. القاموس 1346، مادة (فسل) .
3 ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 4/ 371- 372، وقد راجعت تفسير ابن أبي حاتم المطبوع حديثاً ولم أعثر عليه.
4 هو: محمد بن عُزيز - بمهملة وزايين، مصغر - ابن عبد الله بن زياد، فيه ضعف، وقد تكلموا في صحة سماعه من عمه سلامة، من الحادية عشرة، مات سنة سبع وستين، س ق، التقريب 496 رقم (6139) .
5 هو: سلامة بن روح بن خالد أبو روح الأيلي، - بفتح الهمزة بعدها تحتانية - ابن أخي عقيل بن خالد يكنى أبا خَرْبَق - بفتح المعجمة وسكون الراء بعدها موحدة مفتوحة، وقيل بصيغة التصغير -، صدوق له أوهام، وقيل: لم يسمع من عمه وإنما يحدث من كتبه، من التاسعة، مات سنة سبع - أو ثمان - وتسعين، حت س ق، التقريب 261 رقم (2713) .
ابن ثابت الأنصاري1 أخبراه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة المريسيع2، وهي التي هدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها مناة الطاغية3 التي كانت بين قفا المُشَلَّل4 وبين البحر، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فكسر
__________
1 عمرو بن ثابت: صوابه عمر - بضم أوله -، انظر: التهذيب 8/ 10، والتقريب 419 بقد رقم (4995) ، وهو عمر بن ثابت الأنصاري الخزرجي المدني، ثقة، من الثالثة، أخطأ من عده من الصحابة، م، التقريب 410 رقم (4870) .
2 المريسيع: بضم الميم وفتح الراء وسكون التحتانية بينهما مهملة مكسورة وآخره عين مهملة، هو ماء لبني خزاعة بينه وبين الفرع مسيرة يوم، فتح الباري 7/ 430.
وكانت ديار بني المصطلق جهة (قُديد) وهي على بعد 120 كيلاً من مكة إلى جهة المدينة؟ انظر: معجم المعالم الجغرافية 249، ويبعد ماء المريسيع عن ساحل البحر قرابة (80) كيلاً تقريباً، المصدر السابق ص 291، وانظر: تحديد وتفصيل ديار بني المصطلق وخزاعة عموماً في رسالة (مرويات غزوة بني المصطلق) للشيخ إبراهيم القريبي من ص: 53- 58.
3 مناة الطاغية: اسم صنم في جهة البحر مما يلي قديداً بالمشلل على سبعة أميال من المدينة، وكان الأزد وغسان يهلون له ويحجون إليه، معجم البلدان لياقوت الحموي 5/ 204، ومعجم المعالم الجغرافية 303، وذكر أن موقعه كان في بلدة صَعْبَر اليوم بين رابغ وخليص.
4 المُشَلَّل: - بضم الميم وفتح الشين المعجمة، وتشديد اللام الأولى - وهي ثنية تأتي أسفل قديد من الشمال إذا كنت في بلدة (صعبر) بين رابغ والقضيمة كانت المشلل مطلع الشمس مع ميل إلى الجنوب، وحرة المشلل هي التي تراها من تلك القرية سوداء مدلهمة، معجم المعالم 298.
مناة1، فاقتتل رجلان في غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك أحدهما من المهاجرين والآخر من بهز2، وهم حلفاء الأنصار، فاستعلى الرجل الذي من المهاجرين على البهزي فقال البهزي: يا معشر الأنصار، فنصره رجال من الأنصار، وقال المهاجري: يا معشر المهاجرين، فنصره رجال من المهاجرين، حتى كان بين أولئك الرجال من المهاجرين والرجال من الأنصار شيء من القتال، ثم حجز بينهم فانكفأ3 كل منافق أو رجل في قلبه مرض إلى عبد الله بن أبيّ بن سلول فقال: قد كنت ترجى وتدفع،
__________
1 ذكر خالد بن الوليد في هذه الغزوة التي كانت سنة خمس وكسره لمناة غريب، فإن خالداً لم يكن أسلم بعد حيث ذكر ابن إسحاق إسلامه كان قُبيل فتح مكة، ابن هشام 2/ 277.
وقد ورد عند البخاري في الصحيح أن خالداً كان على طليعة جيش قريش زمن الحديبية. انظر: الفتح 5/ 329، والحديبية سنة ست من الهجرة. ولعل أحد الرواة أدرجها هنا لذكر مناة الطاغية.
2 بَهْز: إحدى قبائل بني سُليم، وهو: بهز بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم بن منصور السلمي ثم البهزي، انظر: أسد الغابة لابن الأثير 1/ 456، ترجمة الحجاج بن عِلاط، وجمهرة أنساب العرب لابن حزم 262، وتاج العروس للزبيدي 4/ 10، ومعجم قبائل العرب لعمر كحالة 1/ 110.
3 انكفأ: أي مال ورجع. النهاية 4/ 183.
فأصبحت لا تضر ولا تنفع، قد تناصرت علينا الجلابيب - وكانوا يدعون كل حديث الهجرة الجلابيب - فقال عبد الله بن أبيّ عدو الله: والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل1.
قال مالك بن الدُّخْشُن2، وكان من المنافقين: ألم أقل لكم لا
__________
1 كلام عبد الله بن أبيّ هذا قد ورد في الصحيحين. انظر: صحيح البخاري مع الفتح 8/ 652 رقم (4907) ، ومسلم بشرح النووي 17/ 120.
2 الصواب: مالك بن الدخشم. انظر ترجمته في: الاستيعاب 3/ 405 رقم (2292) ، وأسد الغابة 5/ 22، والإصابة 3/ 343.
قال ابن عبد البر: "مالك بن الدخشم بن مالك بن الدخشم بن غَنم بن عوف بن عمرو بن عوف، شهد العقبة في قول ابن إسحاق وموسى والواقدي، قال أبو عمر: لم يختلفوا أنه شهد بدراً وما بعدها من المشاهد، وهو الذي أسر سهيل بن عمرو، وكان يتهم بالنفاق، وهو الذي أسرَّ فيه الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أليس يشهد أن لا إله إلا الله" فقال الرجل: بلى، ولا شهادة له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أليس يصلي؟ " قال: بلى، ولا صلاة له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أولئك الذين نهاني الله عنهم"، (الحديث أخرجه مسلم، كتاب الإيمان رقم 54، وأحمد 19/ 377- 378 رقم [12384] أرناؤوط، وعبد الرزاق في المصنف رقم (18688) .
قال ابن عبد البر: "والرجل الذي سارَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه هو: عتبان بن مالك، وروى قتادة عن أنس بن مالك قال: ذُكر مالك بن الدخشم عند النبي صلى الله عليه وسلم فسبوه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أصحابي"، (أخرجه البخاري في صحيحه، الفتح 7/ 21 رقم (3673) ، ومسلم كتاب فضائل الصحابة، رقم (222) وغيرهما) . قال أبو عمر: لا يصح عنه النفاق، وقد ظهر من حسن إسلامه ما يمنع من اتهامه. والله أعلم". أ. هـ. الاستيعاب 3/ 405- 406.
تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا1، فسمع بذلك عمر بن الخطاب، فأقبل حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي في هذا الرجل قد أفتن الناس أضرب عنقه، يريد عمر عبد الله بن أبيّ2، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أو قاتله أنت إن أمرتك بقتله"؟ فقال: نعم، والله لئن أمرتني بقتله لأضربن عنقه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اجلس) ، فأقبل أسيد بن حضير وهو أحد الأنصار ثم أحد بني عبد الأشهل حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي في هذا الرجل الذي قد أفتن الناس أضرب عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أو قاتله أنت إن أمرتك بقتله"؟
قال: نعم، والله لئن أمرتني بقتله لأضربن بالسيف تحت قرط
__________
1 الذي في الصحيحين أن الذي قال ذلك إنما هو عبد الله بن أبيّ بن سلول، انظر: صحيح البخاري مع الفتح 8/ 644 رقم (4900 و 4904) ، ومسلم بشرح النووي 17/ 120.
2 ورد في الصحيحين ما يشهد لهذا من حديث جابر وفيه: " ... فقام عمر فقال: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعه لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه". البخاري مع الفتح 8/ 648 رقم (4905) ، ومسلم بشرح النووي 16/ 138.
أذنيه1.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجلس"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آذنوا بالرحيل" فهجَّر2 الناس فسار يومه وليلته والغد حتى مَتَعَ3 النهار، ثم نزل ثم هجر بالناس مثلها حتى صبح بالمدينة في ثلاث سارها من قفا المشلل، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أرسل عمر فدعاه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أي عمر أكنت قاتله لو أمرتك بقتله"؟
فقال عمر: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله لو قتلته يومئذ لأرغمت أنوف رجال لو أمرتهم اليوم بقتله لقتلوه4، فيتحدث الناس أني قد وقعت على أصحابي فأقتلهم صبراً" 5 وأنزل الله عزوجل: {هُمُ الذِيْنَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا على مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} 6 إلى قوله تعالى:
__________
1 القرط: نوع من حلي الأذن معروف، ويجمع على أقراط وقرطة، وأقرطة. النهاية 4/ 41، والمراد أن يضرب عنقه.
2 فهجَّر الناس: التهجير والتهجُّر، والإهجار؛ السير في الهاجرة، والهاجرة: اشتداد الحر نصف النهار. النهاية 5/ 246.
3 متع النهار: إذا طال وامتد وتعالى. النهاية 4/ 293.
4 إلى هنا ورد نحوه عند ابن هشام 2/ 293، وزاد: قال: قال عمر: "قد والله علمت لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم بركة من أمري".
5 تقدم أن في الصحيحين ما يشهد لذلك.
6 سورة المنافقين، آية (7) .
{يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ} 1 الآية، هكذا ساقه ابن كثير في تفسيره، ثم قال: وهذا سياق غريب وفيه أشياء نفيسة لا توجد إلا فيه.
__________
1 سورة المنافقين، آية (8) .
,
74- قال ابن شبة: حدثنا أحمد بن عيسى1 قال: وحدثنا عبد الله ابن وهب2 عن يونس عن ابن شهاب، قال: أخبرني سعيد بن المسيب أن صفوان بن المعطل ضرب حسان بن الفريعة بالسيف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في هجاء هجاه حسان، فلم يقطع النبي صلى الله عليه وسلم، قال حسان حين برئ: القَوَد3، فأبى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيده، وقال: "إنك قلت قولاً شيناً"، وعقل4 رسول الله صلى الله عليه وسلم جرحه ذلك5.
__________
1 هو: أحمد بن عيسى التنيسي المصري، ليس بالقوي من الحادية عشرة، مات سنة ثلاث وسبعين، التقريب 83 رقم (87) .
2 هو: عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، ثقة حافظ، تقدم في الرواية رقم (35) .
3 القود: القصاص، وقتل القاتل بدم القتيل، وقد أقدته به أقيده إقادة، واستقدت الحاكم سألته أن يقيدني. النهاية 4/ 119.
4 العقل: الدية. النهاية 3/ 278.
5 تاريخ ابن شبة 1/ 344، بسند صحيح إلى ابن المسيب ولكنه مرسل.
وقد ذكر يونس بن بكير ضرب صفوان لحسان في زياداته على مغازي ابن إسحاق موصولة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، انظر: الإصابة 2/ 190- 191، وأخرجها الحاكم في المستدرك 3/ 519، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، وسكت عنه الذهبي.
وأخرجه الطبراني في الكبير 23/ 111- 117 رقم (151) ، وقال الهيثمي في المجمع (9/ 236) : "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح".
,
75- وقال الواقدي: وحدثني محمد بن عبد الله، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، وعبد الله بن الحارث بن نوفل1 قالا: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خمس المسلمين مَحْمِية2 بن جَزء الزُبيدي، قالا: وكان يجمع الأخماس، وكانت الصدقات على حِدتها، أهل الفيء بمعزل عن الصدقة، وأهل الصدقة بمعزل عن الفيء، وكان يعطي من الصدقة اليتيم والمسكين والضعيف، فإذا احتلم اليتيم نقل إلى الفيء وأخرج من الصدقة، ووجب عليه الجهاد، فإن كره الجهاد وأباه لم يعطَ من الصدقة شيئاً، وخلوا بينه وبين أن يكسب لنفسه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنع سائلاً، فأتاه رجلان
__________
1 هو: عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي، أبو يحيى المدني، ثقة، من الثالثة، توفي سنة تسع وتسعين، خ، م، د. س. التقريب 309.
2 هو: مَحْمِية: - بفتح أوله وسكون ثانيه، وكسر ثالثه، ثم تحتانية مفتوحة - ابن جزء - بفتح الجيم وسكون الزاي ثم همزة - ابن عبد يغوث الزُبيدي - بضم أوله - حليف بني سهم من قريش. كان قديم الإسلام، وهاجر إلى الحبشة، وكان عامل النبي صلى الله عليه وسلم على الأخماس. الإصابة 3/388.
يسألانه من الخمس، فقال: إن شئتما أعطيتكما منه، ولا حظّ فيها لغني ولا لقوي مكتسب، قالوا: فاقتسم السبي وفرق، فصار في أيدي الرجال، وقسمت الرِّثَّة1، وقسم النعم والشاة، وعدلت الجزور بعشر من الغنم، وبيعت الرثة فيمن يريد، وأسهم للفرس سهمان، ولصاحبه سهم، وللراجل سهم، وكانت الإبل ألفي بعير وخمسة آلاف شاة، وكان السبي مائتي أهل بيت، فصارت جويرية بنت الحارث في سهم ثابت بن قيس وابن عمّ له، فكاتبها على تسع أواق ذهب2.
__________
1 الرِّثَّة: هو المتاع البالي. النهاية 2/195.
2 مغازي الواقدي 1/ 410. والواقدي متروك، فالرواية ضعيفة.