وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه قال لعمر رضي الله عنه: «لم سميت الفاروق؟ فقال: أسلم حمزة قبلي بثلاثة أيام. ثم شرح الله
_________
(1) الحديث رواه أحمد في مسنده والترمذي وابن سعد والبيهقي مرفوعًا كما في كشف الخفا.
صدري للإسلام. وأول شيء سمعته من القرآن وَوَقَر في صدري: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [طه: 8] (1) فما في الأرض نسمة أحب إليَّ من نسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسألت عنه؟ فقيل لي: هو في دار الأرقم. فأتيت الدار - وحمزة في أصحابه جلوسًا في الدار، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت - فضربت الباب، فاستجمع القوم. فقال لهم حمزة: ما لكم؟ فقالوا: عمر، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأخذ بمجامع ثيابي. ثم نترني نترة لم أتمالك أن وقعت على ركبتي. فقال: ما أنت بمنته يا عمر؟ فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد. فقلت: يا رسول الله، ألسنا على الحق، إن متنا أو حيينا؟ قال: بلى. فقلت: ففيم الاختفاء؟ والذي بعثك بالحق لتخرجن، فخرجنا في صفين. حمزة في صف، وأنا في صف - له كديد ككديد الطحن - حتى دخلنا المسجد. فلما نظرت إلينا قريش أصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها قط. فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم: الفاروق» .
وقال صهيب: لما أسلم عمر رضي الله عنه جلسنا حول البيت حِلقًا، فطفنا واستنصفنا مما غلظ علينا.
[حماية أبي طالب لرسول الله صلى الله عليه وسلم]