فخرج لها لخمس بقين من ذي القعدة في آخر سنة عشر. فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وساق معه الهدي. فأرى الناس مناسكهم، وعلمهم سنن حجهم. وهو صلى الله عليه وسلم يقول لهم ويكرر عليهم «أيها الناس خذوا عني مناسككم. فلعلكم لا تلقوني بعد عامكم هذا» .
ولما كان بمنى خطب الناس خطبته التي بين فيها ما بين: " فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال: «أيها الناس: اسمعوا قولي: فإني لا أدري، لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا. أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم. وكل ربا موضوع. وأول ربا أضعه: ربا العباس بن عبد المطلب. فأنه موضوع كله. وإن كل دم في الجاهلية موضوع، وأول دم أضعه: دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب. وإني تركت فيكم ما إن اعتصمتم به لم تضلوا - كتاب الله -، وأنتم مسئولون عني. فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت، وأديت، ونصحت. فجعل يرفع إصبعه إلى السماء، وينكبها إليهم، ويقول اللهم اشهد - ثلاث مرات» .
وكانت هذه الحجة تسمى " حجة الوداع " لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحج بعدها (1) .
فلما انقضى حجه، رجع إلى المدينة. فأقام صلى الله عليه وسلم بقية ذي الحجة والمحرم وصفر.
ثم ابتدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه الذي مات فيه في آخر صفر.
[بعث أسامة بن زيد إلى البلقاء]