وفي السّنة الخامسة من مبعثه صلى الله عليه وسلم: رأى شدّة ما بأصحابه من البلاء، وما نالهم في دين الله من الأذى، فأمرهم بالمهاجرة إلى (الحبشة) ، وقال لهم: «إنّ بها معاشا وسعة، وملكا عادلا لا يسلم جاره» «2» .
فهاجر إليها عثمان بن عفّان، ومعه امرأته رقيّة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، والزّبير بن العوّام، وعبد الرّحمن بن عوف، وعبد الله بن مسعود، وجماعة من الصّحابة رضي الله عنهم «3» .
__________
(1) أخرجه مسلم، برقم (2797) . عن أبي هريرة رضي الله عنه، بنحوه. سندع الزّبانية: سندعو له من جنودنا القويّ المتين، الّذي لا قبل له بمغالبته، فيهلكه في الدّنيا أو يرديه في النّار في الآخرة وهو صاغر (أنصاريّ) .
(2) أخرجه البيهقيّ في «سننه» ، ج 2/ 328. بنحوه.
(3) خبر هجرة ابن مسعود في «الطّبقات» لابن سعد، ج 3/ 151، وأنّه هاجر إلى أرض الحبشة الهجرتين جميعا في رواية أبي معشر ومحمّد بن عمر. والصّواب: أنّه إنّما كان في الهجرة الثّانية، (انظر شرح المواهب اللّدنيّة، للزرقاني، ج 1/ 270) . قلت: وعدد الّذين هاجروا الهجرة الأولى حسبما ذكر ابن هشام عشرة رجال. عثمان بن
[الهجرة الثّانية إلى الحبشة]
ثمّ تبعهم جعفر بن أبي طالب في جماعة رضي الله عنهم، حتّى بلغوا اثنين وثمانين رجلا، سوى النّساء والصّبيان، فلمّا وصلوا إلى (الحبشة) أكرمهم النّجاشيّ، وأحسن جوارهم، وسمع القرآن من جعفر رضي الله عنه، فامن به وصدّق، وأمر قومه بذلك فأبوا، فكتم إيمانه عنهم.
[