ولمّا ضاقت الحيل بكفار قريش عرضوا على بني عبد مناف الذين منهم الرسول عليه الصلاة والسلام دية مضاعفة ويسلمونه فأبوا عليهم ذلك، ثم عرضوا على أبي طالب أن يعطوه سيدا «2» من شبابهم يتبناه، ويسلّم إليهم ابن أخيه، فقال: عجبا لكم تعطوني ابنكم أغذوه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه؟ فلما رأوا ذلك أجمعوا أمرهم على منابذة بني هاشم وبني المطلب ولدي عبد مناف وإخراجهم من مكة، والتضييق عليهم، فلا يبيعونهم شيئا، ولا يبتاعون منهم حتى يسلّموا محمدا للقتل، وكتبوا بذلك صحيفة وضعوها في جوف الكعبة «3» ، فانحاز بنو هاشم- بسبب ذلك في شعب أبي طالب، ودخل معهم بنو المطلب سواء في ذلك مسلمهم وكافرهم ما عدا أبا لهب، فإنه كان مع قريش، وانخزل عنهم بنو عمّيهم عبد شمس ونوفل ابني عبد مناف، فجهد القوم حتى كانوا يأكلون ورق الشجر «4» ، وكان أعداؤهم يمنعون التجار من مبايعتهم وفي مقدّمة المانعين أبو لهب.