وبعد خروجه عليه السلام من الشعب بقليل وقبل الهجرة بثلاث سنين توفيت خديجة بنت خويلد زوجه رضي الله عنها، كان عليه الصلاة والسلام كثيرا ما يذكرها ويترحّم عليها، ولا غرابة فهي أوّل نفس زكية صدّقت رسول الله فيما جاء به عن ربّه، وقد جاء منها بأولاده كلّهم ما عدا إبراهيم «2» ، فمنها زينب وهي أكبر بناته تزوّجها في الجاهلية أبو العاص بن الربيع «3» ، وأعقب منها أمامة التي تزوجها علي بن أبي طالب بعد وفاة فاطمة «4» ، ومنها رقية «5» وأم كلثوم تزوجهما عثمان، الأولى بمكة قبل الهجرة، وهاجر بها إلى الحبشة، والثانية بالمدينة بعد أن ماتت أختها، ومنها فاطمة وهي أصغر بناته تزوجها علي بن أبي طالب، وقد جاءت خديجة بأولاد توفّوا صغارا، ولم يعش بعد رسول الله من أولاده إلّا فاطمة عاشت بعده قليلا. ولما توفيت خديجة حزن عليها رسول الله حزنا شديدا لما كانت عليه من الرّقة لرسول الله ومحاجزة الكفار عنه لما لها من الجاه في عشيرتها بني أسد، ومنها القاسم وكان به يكنى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وعبد الله الملقب بالطّيب والطّاهر.