واحتبست قريش عثمان عندها، وبلغ رسول الله والمسلمين أن عثمان قد قتل، فقال رسول الله: «لا نبرح حتى نناجز القوم» ودعا إلى البيعة تحت شجرة سمرة هناك، فبايعه بعضهم على الموت، وبعضهم على ألايفروا، ولم يتخلّف عن المبايعة إلا الجدّ بن قيس، فقد لصق بإبط ناقته يستتر من الناس، وكان أول من بايع أبو سفيان وهب بن محصن أخو عكاشة بن محصن، ولما تمت البيعة للحاضرين ضرب رسول الله بإحدى يديه على الاخرى وقال: «وهذه لعثمان» ، فكانت يد رسول الله لعثمان خيرا من يده لنفسه، وهذه البيعة هي بيعة الرضوان لقول الله سبحانه وتعالى:
لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً «2» .
وهو صلح الحديبية.
وبهذه البيعة أصبح المسلمون على استعداد لمناجزة قريش، وجعل كل واحد منهم يترقب يوم الظفر ويوم الاستشهاد بنفس راضية وقلب مطمئن.
وإنهم لفي استعداد للمناجزة إذ ترامى إليهم أن عثمان لم يقتل، ثم لم يلبث أن جاء إليهم سالما، وبذلك كفى الله المؤمنين القتال، وحقق رغبتهم في السلام.
__________
(1) هو ابن عم عثمان، قيل أسلم قديما، وهاجر مع زوجته فاطمة بنت صفوان كما ذكره ابن إسحاق، والأكثرون على أنه أسلم أيام خيبر وشهدها مع النبي صلى الله عليه وسلم.
(2) سورة الفتح: الاية 18.