وكذلك كان صلى الله عليه وسلم مثالا كاملا للأمانة وأداء الحقوق لأربابها، والصدق في الحديث، لم تحص عنه خيانة ولا كذبة قط، ولقد اشتهر بأمانته منذ صغره حتى لقب بالأمين، ولما بلغ هرقل ملك الروم كتاب النبي داعيا له إلى الإسلام طلب ناسا من قومه يسألهم عنه، فجيء له برهط فيهم أبو سفيان بن حرب فكان مما قال له: (هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟) قال: لا، قال هرقل: (ما كان ليدع الكذب على الناس ويكذب على الله!!) ولما هاجر إلى المدينة ترك عليا بمكة ليرد الودائع التي كانت عنده إلى أصحابها.
وأما عفته فكان أطهر الناس ذيلا، وأعفهم عن الحرم، ما مسّت يده قط يد امرأة لا يملك عصمتها، ولا امتدت عينه إلى محاسن امرأة قط، وقد عاش في مجتمع كانت تتوفر فيه مسارح الهوى واللهو، فما عرفت عنه صبوة، ولا أحصيت عليه هفوة، على ما كان يتمتاع به من قوة وشباب، وفتوة وجمال، ومن شرف الأسرة.