312- انصرف القوم إلى يثرب تحفهم بركة الله، ونعمة الإيمان، فبعث معهم مصعب بن عمير الذى يلتقى فى النسب مع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فى قصى بن حكيم، فهو كما جاء فى نسبه مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصى.
وقد أرسله إليهم، ليدعو إلى الله تعالى من لم يؤمن، وليعلمهم، ويفقههم فى الدين، ويقرأ عليهم القران الكريم.
ويذكر البيهقى بسنده عن عمرو بن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما بعث إليهم مصعبا حين كتبوا إليه أن يبعثه إليهم، وهو الذى يذكره موسى بن عقبة «2» .
__________
(1) سورة الممتحنة: 13.
(2) البداية والنهاية لابن كثير ج 3 ص 151.
وإنا ترجح أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم هو الذى اختار لهم مصعبا، وأنه قرر أن يبعثه إليهم ليعلمهم الإسلام ويتلو عليهم، فما كان من المعقول أن يتركهم صاحب الرسالة، وقد استجابوا لله وللرسول من غير أن يرسل إليهم من يعلمهم، ولعلهم قد كتبوا إلى الرسول أيضا، فالتقت رغبتهم مع ما قرره النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.
ذهب إليه مصعب بن عمير، ومعه علم الإسلام، وعلم القران الكريم، فأخذ يعلمهم مباديء الإسلام، وعباداته ويقرئهم القران الكريم، ولذلك سمى فى المدينة (المقريء) .
وقد نزل عندما قدم المدينة عند أسعد بن زرارة.
وكان يؤم المسلمين بالمدينة المنورة فى الصلاة، لأنه أعلمهم بالقران الكريم وبالإسلام، إذ جاء ليعلمهم، فهم منه بمقام التلميذ من الأستاذ، ولأنه رسول رسول الله عليه الصلاة والسلام صاحب الرسالة، فهو نائبه، والنائب يستمد ممن أنابه السلطان، ويضيف الرواة سببا اخر مستمدا من العصبية الأولى، وهو أن الأوس كرهوا أن يؤمهم خزرجى، والخزرج كرهوا أن يؤمهم أوسى، فكان الوفاق على أن يؤمهم مصعب، ونرى أن السببين الأولين كافيان وهما الأليق برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وروى أنه كان يتبادل الإمامة مع مصعب، أسعد بن زرارة.