570- أخذت سرايا النبى صلى الله تعالى عليه وسلم تتجه إلى أرض الشام ليرتادوا الأراضى التى تتاخم أرض الشام، فيتعرف حالها تمهيدا، أو كشفا للغزوة التى تتجه إلى الشام من بعد، فبعث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كعب بن عمير الغفارى إلى بنى قضاعة من أرض الشام فى خمسة عشر رجلا، فوجدوا جمعا منهم كبيرا فدعوهم إلى الإسلام، فلم يستجيبوا لهم، ورشقوهم بالنبل. فلما رأى ذلك أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قاتلوهم أشد قتال وكانوا قلة فكاثرهم المشركون بكثرتهم حتى قتل المؤمنون فى سبيل الدعوة إلى الإسلام، وكان فى القتلى جريح اشتدت جراحه، حتى ظن أنه بين الموتى، فما أن أقبل الليل حتى تحامل حتى وصل إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فهم بأن يبعث إليهم، فبلغه أنهم انسابوا فى الصحراء إلى موضع آخر.
وقد يسأل سائل لماذا يرسل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم سرايا قليلة العدد يتغلب عليهم المشركون بالكثرة التى لا قبل لهم بها، فيقتلون جميعا أو كثرتهم.
ونقول فى الجواب عن ذلك، إن سرايا النبى صلى الله تعالى عليه وسلم كانت ابتداء للتبليغ والدعوة، ولكنهم كانوا يلتقون بقوم غلاظ لا يجيبون، وإن أمكنتهم الفرصة يقاتلون، وقد رأينا فى هذه السرية الأخيرة، كيف كانت الدعوة إلى الإسلام ابتداء، فردوا ثم رشقوهم بالنبال، ثم قتلوهم، فما ذهبوا مقاتلين، ولكن ذهبوا داعين إلى الحق مبلغين رسالة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم الأمين.