558- يروى الإمام أحمد فى مسنده أنه بعث النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أبا بكر الصديق فى سرية إلى بنى فزارة، ولم يكن أبو بكر رضى الله تعالى عنه رجل الحرب، وإن كان من المجاهدين فى الصف الأول. ولكنه رجل رأى وتدبير، ومعرفة بحال العرب، وهو المدرك عند تعرف أحوال العرب، فيما يحيط بما يقرب من مكة المكرمة وما حولها.
وقد سار الصديق رضى الله تبارك وتعالى عنه بمن معه، حتى كان ببنى فزارة، فنزل عند الماء، وكان ذلك ليلا، ليباغتهم، فلما صلى الصبح بالمؤمنين معه شن الغارة بأصحابه، فقتلوا من بالماء وحالوا بينهم من النساء والرجال والذرية من فزارة، وبين الجبل الذى يكتنفهم، ورموا بالسهام بينهم وبينه لكيلا يجتازوا مكانهم.
وتتبعوهم حتى ساقوهم إلى أبى بكر عند الماء، وفيهم امرأة وابنتها، فنفل أبو بكر الابنة، وكانت ذات جمال، ولم ينل من هذا النفل شيئا حتى وصل إلى المدينة المنورة حيث يوزع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، فلم يكشف ثوبا للفتاة.
ذهب إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بالجارية، فقال له النبى صلى الله تعالى عليه وسلم:
هب المرأة لى، فقال له: يا رسول الله لقد أعجبتنى، وما كشفت لها ثوبا، فسكت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وتركنى، حتى إذا كان من الغد قال له رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ما قال، ورد هو بما كان، وتكرر ذلك مرة أخرى من النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ومنه، حتى انتهى الأمر
بأن قال له: هى لك يا رسول الله. وما كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يريدها لنفسه، ولكن يريدها لفداء المستضعفين من المؤمنين بمكة المكرمة، ولذلك بعث بها إلى مكة المكرمة ليفدى بها مستضعفين بمكة المكرمة، ففداهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بهذه المرأة.
وقد روى مثل هذا مسلم فى صحيحه والبيهقى فى دلائل النبوة.