647- أرسل إلى أكيدر بن عبد الملك، من كنانة، كان ملكا على دومة، وكان نصرانيا، وقد كان فى هذه السرية عشرون وأربعمائة فارس، ودومة هى دومة الجندل، وقال البيهقى: كان الجيش مكونا من المهاجرين، وعلى رأسهم أبو بكر الصديق، وكان خالد على رأس الأعراب.
وأن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عندما أرسل هذه السرية قال لخالد: «إنك ستجده يصيد البقر» ، وهذا يدل على أنه أمير لا يعنى بالجد من الأمور.
خرج خالد حتى دنا من حصنه، وصار منه بمنظر العين، وكان ذلك فى ليلة مقمرة صائغة، وهو على سطح له ومعه امرأته، وباتت البقر تحك بقرونها باب القصر. فقالت له امرأته: هل رأيت مثل هذا قط، قال: لا والله. قالت فمن يحرك هذه؟ قال: لا أحد، عندئذ نزل بفرسه، وقيل أنه ما كرهم قبل أن ينزل.
وكان معه نفر من أهل بيته فيهم أخ له يقال له حسان، خرجوا، فتلقتهم خيل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأخذته وقتلوا أخاه، لأنه أخذ يقاومهم.
وأكيدر هذا مرفه فاكه فى نعيم، عليه ديباج مخوص بالذهب فاستلمه خالد ليبعث به إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.
وقد راع الديباج أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وجعلوا يلمسونه بأيديهم، ويتعجبون، وقد لفتهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن افتنانهم بهذا الثوب الذى هو من نعيم الدنيا الذى يطغى وأخذ يدعوهم إلى نعيم الآخرة، فقال عليه الصلاة والسلام «أتعجبون من هذا، فوالذى نفسى بيده لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة أحسن من هذا» وقد عقد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم مع أكيدر عقده على أن يقدم إليه الجزية.
ولقد روى الواقدى أنه كان مع أكيدر ألفا بعير، وأربعمائة درع وأربعمائة رمح. ومهما يكن من صحة هذه الرواية فإن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم خلى سبيله وعاد إلى قريته، ويظهر أنه ما خلى سبيله إلا على أساس الذمة، فيكون هو ومن معه على الذمة، كما ذكر الواقدى. ومما يذكر للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم أنه كان يصطاد البقر، فى هذه الموقعة كانت البقر هى التى اصطادته لأنها دقت بقرونها الباب، فنزل من أعلى حصنه، فاصطاده جيش خالد، ثم كان عفو النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.
وفى رواية البيهقى أن سرية خالد إلى أكيدر واستسلامه هى التى حملت يحنة صاحب أيلة على المجيء إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وعقده معه عقد الذمة.