289- كان عداس نصرانيا، فذهب بالقطف الذى كان فى طبق، وقدمه للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم فابتدأ صلى الله تعالى عليه وسلم أكله بقوله: «باسم الله» فنظر إليه عداس، وتفحص فى وجهه ثم قال: والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد. فقال له النبى صلى الله تعالى عليه وسلم:
ومن أى البلاد أنت عداس وما دينك؟ قال: نصرانى، ومن أهل نينوى، فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: من قرية الرجل الصالح يونس بن متى. فقال عداس: وما يدريك ما يونس بن متى!؟ فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: ذلك أخى، كان نبيا وأنا نبى.
__________
(1) البداية والنهاية ج 3 ص 136.
أكب عداس بن مالك على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقبل رأسه ويديه وقدميه.
رأى ابنا ربيعة ما كان من الفتى النصرانى. فلم يلن ذلك قلبهما للإسلام، فقال أحدهما لصاحبه:
أما غلامك فقد أفسده عليك.
لما عاد إليهما عداس قالا له: ويلك يا عداس، مالك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه؟!
قال: يا سيدى، ما فى الأرض شيء خير من هذا، لقد أخبرنى بأمر لا يعلمه إلا نبى.
قالا له: ويحك يا عداس لا يصرفنك عن دينك، فدينك خير من دينه.
كانت العاطفة الكريمة، ومعها ذلك الضلال المبين، وإن كان الحق واضحا، جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم، فكان الطغيان، وكان الكفران وكان الضلال.