وبلغ أهل مكة فعل النجاشي بالقادمين عليه وإكرامهم، فساء ذلك قريشا وائتمروا في أن يكتبوا بينهم كتابا يتعاقدون فيه ألا يناكحوا بني هاشم وبني المطلب ولا يبايعوهم ولا يكلموهم ولا يجالسوهم حتى يسلموا إليهم محمدا صلّى اللَّه عليه وسلّم.
وكتبوا بذلك صحيفة وختموا عليها ثلاثة خواتيم، وعلقوها في سقف الكعبة.
وقيل: بل كانت عند أمّ الجلاس مخرّبة [ (1) ] الحنظلية خالة أبي جهل، ذكره ابن سعد [ (2) ] ، وعند ابن عقبة: كانت عند هشام بن عبد العزى. فيقال: كتبها منصور بن عكرمة بن عامر بن هشام عبد مناف، ويقال: النّضر بن الحارث، ويقال: بغيض بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصيّ، فدعا عليه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فشلت يده.
__________
[ (1) ] في (خ) «محرمة» وهو خطأ والتصويب من (ابن سعد) .
[ (2) ] (الطبقات الكبرى) ج 1 ص 209.
,
وانحازت بنو هاشم وبنو المطلب مؤمنهم وكافرهم ليلة هلال المحرم سنة سبع من النبوة- إلا أبا لهب وولده. فإنّهم ظاهروا قريشا على بني هاشم- فصاروا في شعب أبي طالب محصورين مضيقا عليهم أشد التضييق نحوا من ثلاث سنين، وقد قطعوا عنهم الميرة [ (1) ] والمادة فكانوا لا يخرجون إلا من موسم إلى موسم حتى بلغهم الجهد، وكان حكيم بن حزام [ (2) ] بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي تأتيه العير تحمل الحنطة من الشام فيقبلها [ (3) ] الشّعب ثم يضرب أعجازها فتدخل عليهم فيأخذون ما عليها من الحنطة.