وأما انشقاق القمر، فإنه أول آيات رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، وهو غيظ لأهل الإلحاد، قال اللَّه تعالى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ* وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ [ (1) ] .
خرج عبد الرزاق من حديث ابن عيينة ومحمد بن أبي نجيح عن مجاهد، عن أبي معمر، عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه قال: رأيت القمر منشقا شقتين مرتين بمكة قبل مخرج النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، شقة على أبي قيس وشقة على السويداء، فقالوا سحر القمر، فنزلت: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ، يقول: كما رأيتم القمر منشقا فإن الّذي أخبركم عن اقتراب الساعة حق.
وقال وهب بن جرير عن شعبة عن الأعمش، عن مجاهد عن عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما في قوله عزّ وجل: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ، قال:
قد كان ذلك على عهد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، انشق فلقتين: فلقة من دون الجبل، وفلقة من خلف الجبل، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: اللَّهمّ اشهد.
وقال هشيم: أخبرنا حصين عن جبير بن محمود بن جبير بن مطعم، عن أبيه عن جده في قوله: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ، قال: انشق القمر ونحن بمكة على عهد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم. وحديث انشقاق القمر رواه جماعة من الصحابة [منهم] : عبد اللَّه بن مسعود، وعبد اللَّه بن عمر، وحذيفة رضي اللَّه عنهم، وعلى هذا جميع أئمة التفسير إلا ما روى عثمان بن عطية عن أبيه أنه قال: معناه:
سينشق القمر، وهو قول الحسن، وأهل العلم بالحديث والتفسير جميعهم على
__________
[ (1) ] القمر: 1- 2.
خلافه.
وحكى النقاش عن بعضهم أنه قال: انشقاقه: كسوفه على عهد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، وهذا خلاف لما في التنزيل، ولما جاءت به الأحاديث الصحيحة، ولو كان كسوفا لما قالت قريش: هذا سحر.
والأحاديث الصحيحة الثابتة بنقل الثقات ناطقة بأن هذه الآية قد مضت، ويؤيد ذلك قوله تعالى. وَانْشَقَّ الْقَمَرُ، فأتى بلفظ ماض، وحمل الماضي على المستقبل يحتاج إلى قرينة ودليل، فإنه لا يعدل عن ظاهر النص إلا بدليل.
وفي قوله تعالى: وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ [ (1) ] دليل على أن انشقاق القمر وقع في هذه الدار، لأن انشقاقه في الآخرة لا يكون آية ومعجزة للعباد، لأن الآخرة ليست بدار تكليف، ولو كان قوله: انْشَقَّ، بمعنى سينشق، لكان معنى اقتربت: ستقترب، وإنما ذكر اقتراب الساعة مع انشقاق القمر، لأن انشقاقه من علامات نبوة محمد صلّى اللَّه عليه وسلم، ونبوته وزمانه من علامات اقتراب الساعة، ولا مدفع بعد ظاهر القرآن وثبوت الأحاديث بكونه وحصوله.
فإن قيل: لو انشق القمر لتواتر الخبر به، قلنا: هذه آية لتسليه، ولم تكن في مجلس غاص بأهله، بل جرى مع طائفة في جنح ليل ومعظم الناس نيام، والّذي شاهده من مشركي قريش عدد يمكن تواطؤهم مع كتمانه، أو أنهم اعتقدوا أنه تخييل، ومعظم الخلق في ذلك الوقت كانوا نياما، والقمر قد يعارضه غيم في بعض البلدان ولا يرى وهو في تلك الحالة، يرى في موضع آخر، كما يكون السحاب المطبق والمطر الوابل في بلد في يوم واحد، وفي ساعة واحدة، ولا يكون في بلد آخر.
قيل: هذا مما لا يلزم فيه نقل التواتر، ولا تقضي العادة والعرف فيه بوجوب التواتر، فهو كغيره من المعجزات ما عدا القرآن، ثم رب شيء ينتقل تواتره مدة ثم يندرس، ومع ذلك فقد روى هذه الآية من الصحابة الأعلام جماعة تقدم ذكرهم، ورواه عن كل واحد منهم عدد كثير.
__________
[ (1) ] القمر: 3.
وقد جاء القرآن الكريم بأن عيسى عليه السلام تكلم في المهد، والنصارى تنكر ذلك، فإذا قيل لنا: لو كان هذا حقا لتواتر الخبر به، قلنا: عدم التواتر في انشقاق القمر مثل ذلك، ومعنى اقتربت: دنت، والساعة: القيامة. قال الفراء:
فيه تقديم وتأخير تقديره: انشق القمر واقتربت الساعة. وقرأ بعضهم: اقتربت الساعة وقد انشق القمر، وهذا يؤيد قول الجمهور.
خرج البخاري في التفسير من حديث سعيد وسفيان عن الأعمش، عن إبراهيم عن أبي معمر، عن ابن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فرقتين، فرقة فوق الجبل وفرقة دونه، فقال رسول اللَّه: اشهدوا [ (1) ] .
وخرج مسلم من حديث شعبة عن الأعمش بهذا السند ولفظه: انشق القمر على عهد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فلقتين فستر الجبل فلقة، [وكانت] [ (2) ] [فلقة] [ (3) ] فوق الجبل، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: اللَّهمّ اشهد [ (4) ] .
وخرجه من طرق، وفي بعضها فقال: [اشهد] [ (3) ] واشهدوا، وفي بعضها
عن عبد اللَّه بن مسعود قال: بينما نحن مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم بمنى إذ انفلق القمر فلقتين، فكانت فلقة وراء الجبل وفلقة دونه، فقال لنا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: اشهدوا [ (5) ] .
وخرجه البخاري ولفظه: عن عبد اللَّه قال انشق القمر ونحن مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم بمنى، فقال النبي صلّى اللَّه عليه وسلم اشهدوا.
وخرج البخاري ومسلم من حديث سفيان ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، عن أبي معمر، عن عبد اللَّه قال: انشق القمر على عهد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم بشقتين، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: اشهدوا. ذكره
__________
[ (1) ] (فتح الباري) : 8/ 794، كتاب التفسير باب (1) وَانْشَقَّ الْقَمَرُ* وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا، حديث رقم (4864) .
[ (2) ] في (خ) : «وصارت» .
[ (3) ] زيادة للسياق من (صحيح مسلم) .
[ (4) ] (مسلم بشرح النووي) : 17/ 150، كتاب صفة المنافقين وأحكامهم، باب (8) انشقاق القمر، حديث رقم (45) .
[ (5) ] المرجع السابق، حديث رقم (44) .
البخاري في المناقب [ (1) ] ، وذكره في التفسير أيضا، ولفظه: عن عبد اللَّه، انشق القمر ونحن مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فصار فرقتين فقال لنا اشهدوا [ (2) ] .
وخرج الحاكم هذا الحديث من طريق عبد الرزاق قال: حدثنا ابن عيينة، ومحمد ابن مسلم، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، عن أبي معمر، عن عبد اللَّه بن مسعود قال: رأيت القمر منشقا بشقين مرتين في مكة قبل مخرج النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، شقة على أبي قبيس، وشقة على السويداء فقالوا: سحر القمر فنزلت: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ، يقول: كما رأيتم القمر منشقا فإن الّذي أخبرتكم عن اقتراب الساعة حق. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة، إنما اتفقا على حديث أبي معمر عن عبد اللَّه مختصرا [ (3) ] .
وخرج أبو عوانة عن المغيرة عن أبي الضحى عن مسروق، عن عبد اللَّه قال:
انشق القمر على عهد النبي صلّى اللَّه عليه وسلم فقالت قريش: هذا سحر ابن أبي كبشة، قال:
انتظروا ما يأتيكم به السّفار، فإن محمدا لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم، قال:
فجاء السّفار فقالوا كذلك.
ورواه هشيم عن مغيرة عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد اللَّه قال: انشق القمر ونحن بمكة فقالت كفار قريش: سحر سحركم ابن أبي كبشة، فانظروا إلى السّفار يأتوكم، فإن أخبروكم أنهم رأوا مثل ما رأيتم فقد صدق، قال: فما قدم عليهم أحد من وجه من الوجوه إلا أخبروهم أنهم رأوا مثل ما رأوا.
ورواه عمرو بن أبي قبيس عن مغيرة مثله، وخرجه الحسن بن علي بن الوليد.
__________
[ (1) ] (فتح الباري) : 6/ 5783، كتاب المناقب، باب (27) سؤال المشركين أن يريهم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم آية فأراهم انشقاق القمر، حديث رقم (3636) ، (3637) ، (3638) .
[ (2) ] المرجع السابق: 8/ 794، كتاب التفسير، حديث رقم (4865) .
[ (3) ] (المستدرك) : 2/ 512، كتاب التفسير، باب (54) تفسير سورة القمر، حديث رقم (3756/ 893) ، وزاد في آخره: وهذا حديث لا نستغني فيه عن متابعة الصحابة بعض لبعض، لمغايظة أهل الإلحاد، فإنه أول آيات الشريعة، فنظرت فإذا في الباب مما لم يخرجاه: عن عبد اللَّه ابن عباس، وعبد اللَّه بن عمرو، وجبير بن مطعم، رضي اللَّه تعالى عنهم، ولم يخرجاه منها إلا من حديث أنس.
الفسوي فقال: حدثنا سعيد بن سليم، [حدثنا] هشيم عن مغيرة، عن الشعبي عن مسروق، عن عبد اللَّه قال: انشق القمر فرقتين ونحن بمكة، فقال كفار قريش:
هذا سحر سحركم ابن أبي كبشة، انظروا إلى السفّار، فإن كانوا قد رأوا ما رأيتم وإلا فإنه سحر سحركم، قال: فسئل السفار- وقدموا من غير وجه- فقالوا:
قد رأينا ما رأيتم.
وقال محمد بن إسحاق الثقفي: حدثنا قتيبة، أخبرنا جرير عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق، عن عبد اللَّه بن مسعود قال: خمس قد مضين: الدخان، واللزام [ (1) ] ، والروم، والبطشة الكبرى، وانشقاق القمر.
وعن مسلم بن صبيح قال: سمعت مسروقا يقول: سمعت عبد اللَّه يقول:
خمس قد مضين: القمر، والبطشة، والروم، والدخان واللزام [ (2) ] .
وقال أسباط بن نصر عن سماك، عن إبراهيم عن الأسود، عن عبد اللَّه قال:
رأيت الجبل من فرج القمر حين انشق القمر.
وقال محمد بن يوسف الفريابي، حدثنا إسرائيل عن سماك بن حرب، عن إبراهيم عن الأسود بن يزيد النخعي، عن عبد اللَّه قال: انشق القمر فأبصرت الجبل بين فرجتي القمر [ (3) ] .
وخرجه الحاكم بهذا السند، ولفظه: عبد اللَّه في قوله عزّ وجلّ: وَانْشَقَّ الْقَمَرُ، قال: رأيت القمر وقد انشق، فأبصرت الجبل من بين فرجتي القمر [ (3) ] ، قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه [بهذه السياقة و] [ (4) ] بهذا اللفظ.
__________
[ (1) ] اللزام: العذاب اللازم. (لسان العرب) : 12/ 541، قال تعالى: وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى وقال تعالى: قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً [طه: 129، الفرقان: 77] .
[ (2) ] (الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف) 3/ 148، حديث رقم (384) ، (الكشاف للزمخشري) : 3/ 430، عند تفسير سورة الدخان. وسياق بداية الفقرة مضطرب وقد صوبناه.
[ (3) ] (المستدرك) : 2/ 512، تفسير سورة القمر، حديث رقم (3756/ 893) .
[ (4) ] زيادة للسياق من المرجع السابق.
وقال المنصور بن المعتمر، عن يزيد بن وهب، عن عبد اللَّه بن مسعود قال:
رأيت القمر واللَّه منشقا فلقتين بينهما حراء.
وقال الليث بن سعد: حدثنا هشام بن سعيد، عن عتبة بن عبد اللَّه بن عتبة، عن ابن مسعود قال: انشق القمر ونحن بمكة، فلقد رأيت أحد شقيه على الجبل الّذي [بمنى] ونحن بمكة [ (1) ] .
وخرج البخاري في التفسير من حديث يونس بن محمد قال: حدثنا شيبان عن قتادة، عن أنس رضي اللَّه عنه: سأل أهل مكة أن يريهم آية، فأراهم انشقاق القمر [ (2) ] .
وخرجه مسلم بهذا السند، ولفظه: عن أنس أن أهل مكة سألوا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم انشقاق القمر [ (3) ] .
وخرجه في البعث، وخرجه في التفسير من حديث شعبة عن قتادة، عن أنس ابن مالك قال: انشق القمر فرقتين [ (4) ] .
وخرجه مسلم عن شعبة بمثله، وفي حديث أبي داود: انشق القمر على عهد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم [ (5) ] .
وخرج البخاري في المناقب [ (6) ] وفي التفسير [ (7) ] ، من حديث بكر بن مضر
__________
[ (1) ] قال الحاكم في (المستدرك) : 2/ 513: هذه الشواهد لحديث عبد اللَّه بن مسعود كلها صحيحة على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
[ (2) ] (فتح الباري) : 8/ 794، حديث رقم (4867) في تفسير سورة القمر.
[ (3) ] (مسلم بشرح النووي) : 17/ 151، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب (8) انشقاق القمر، حديث رقم (2802) .
[ (4) ] (فتح الباري) : 8/ 794، حديث رقم (4868) .
[ (5) ] (مسلم بشرح النووي) : 17/ 151، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب (8) انشقاق القمر، حديث رقم (47) من أحاديث الباب.
[ (6) ] (فتح الباري) : 6/ 783، كتاب المناقب، باب (27) سؤال المشركين أن يريهم النبي صلّى اللَّه عليه وسلم آية، فأراهم انشقاق القمر، حديث رقم (3638) .
[ (7) ] (فتح الباري) : 8/ 794، كتاب التفسير، حديث رقم (4866) تفسير سورة القمر.
قال: حدثنا جعفر بن ربيعة، عن عراك بن مالك، عن عبيد اللَّه بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس رضي اللَّه عنه قال: إن القمر انشق في زمان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم. وخرجه مسلم بهذا السند وقال: على زمان رسول اللَّه [ (1) ] .
ولأبي نعيم من حديث موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريج عن عطاء، عن ابن عباس، وعن مقاتل عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله تعالى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ قال ابن عباس: اجتمع المشركون إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، منهم الوليد بن المغيرة، وأبو جهل بن هشام، والعاصي بن وائل، والعاصي بن هشام، والأسود بن عبد يغوث، والأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى، وزمعة بن الأسود، والنضر بن الحارث، ونظراؤهم كثير،
فقالوا للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم: إن كنت صادقا فشقّ القمر فرقتين: نصفا على أبي قبيس [ (2) ] ، ونصفا على قعيقعان [ (3) ] ، فقال لهم النبي صلّى اللَّه عليه وسلم: إن فعلت تؤمنوا؟ قالوا: نعم، وكانت ليلة بدر، فسأل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم اللَّه عز وجل أن يعطيه ما سألوا، فأمسى القمر قد مثل نصفا على أبي قبيس، ونصفا على قعيقعان، ورسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم ينادي: يا أبا سلمة بن عبد الأسد، والأرقم بن أبي الأرقم، اشهدوا [ (4) ] !!.
وله من حديث إسماعيل بن أبي زياد، عن ابن جريج عن عطاء، عن ابن عباس قال: انتهى أهل مكة إلى النبي صلّى اللَّه عليه وسلم فقالوا: هل من آية نعرف بها أنك رسول اللَّه؟ فهبط جبريل عليه السلام فقال: يا محمد! قل لأهل مكة أن يحتفلوا هذه الليلة، فسيروا آية إن انتفعوا بها، فأخبرهم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم بمقالة جبريل عليه السلام، فخرجوا ليلة أربعة عشر، فانشق القمر نصفين، نصفا على الصفا ونصفا على المروة، فنظروا ثم قالوا بأبصارهم فمسحوها، ثم أعادوا النظر، ثم مسحوا
__________
[ (1) ] (مسلم بشرح النووي) : 17/ 151، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب (8) انشقاق القمر، حديث رقم (2803) .
[ (2) ] أبو قبيس: جبل بمكة.
[ (3) ] قعيقعان: جبل بالأهواز.
[ (4) ] (دلائل أبي نعيم) : 1/ 279- 280، فصل فأما انشقاق القمر فكان بمكة لما افتتح المشركون أن يريهم النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، حديث رقم (209) . ولم أجده عند غير أبي نعيم، وقال الحافظ في الفتح:
إسناده ضعيف.
أعينهم، ثم نظروا، فقالوا: يا محمد! ما هذا إلا سحر ذاهب، فأنزل اللَّه تعالى:
اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ.
وله من حديث الزبير بن عدي، عن الضحاك عن ابن عباس قال: جاءت أحبار اليهود إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فقالوا: أرنا آية حتى نؤمن، فسأل النبي صلّى اللَّه عليه وسلم ربه عز وجل أن يريهم آية، فأراهم القمر قد انشق فصار قمرين، أحدهما على الصفا والآخر على المروة، قدر ما بين العصر إلى الليل ينظرون إليهما، ثم غاب القمر فقالوا:
هذا سحر مستمر [ (1) ] .
وعن داود بن أبي هند عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ قال: قد مضى كان قبل الهجرة انشق حتى رآه الناس شقين [ (2) ] .
وخرج الترمذي من حديث شعبة عن الأعمش، عن مجاهد عن ابن عباس رضي اللَّه عنه قال: انفلق القمر على عهد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم:
اشهدوا. وقال: هذا حديث حسن صحيح. وذكره في كتاب الفتن، وذكره أيضا في التفسير بهذا اللفظ وهذا الإسناد وقال: هذا حديث حسن صحيح [ (3) ] .
وذكر بعده من حديث سليمان بن كثير عن حصين، عن محمد بن جبير ابن مطعم عن أبيه قال: انشق القمر على عهد النبي صلّى اللَّه عليه وسلم حتى صار فرقتين على هذا الجبل وعلى هذا الجبل، فقالوا: سحرنا محمد، فقال بعضهم: لئن كان سحرنا ما كان يستطيع أن يسحر الناس كلهم، قال أبو عيسى: وقد روى بعضهم
__________
[ (1) ] (دلائل أبي نعيم) : 1/ 280، حديث رقم (210) ، ولم أجده عند غير أبي نعيم، وفيه بشر ابن الحسين، وهو متروك.
[ (2) ] في المرجع السابق عن عبد اللَّه بن مسعود: انشق القمر فرأيته فرقتين حديث رقم (207) ، قال الحافظ في الفتح: أخرجه الطبراني.
[ (3) ] (سنن الترمذي) : 4/ 414، كتاب الفتن، باب (20) ما جاء في انشقاق القمر، حديث رقم (2182) ، وفي آخره: قال أبو عيسى: وفي الباب عن ابن مسعود، وأنس، وجبير بن مطعم، وهذا حديث حسن صحيح.
هذا الحديث عن جبير بن مطعم نحوه [ (1) ] .
وخرج أبو نعيم من حديث سفيان الثوري وسفيان بن عيينة، وعبد الحميد ابن الحسن الهلالي، وخالد بن عبد اللَّه، وهمام بن يحيى، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي قالوا- كلهم عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي قال-:
خطبنا حذيفة بن اليمان رضي اللَّه عنه بالمدائن، فحمد اللَّه وأثنى عليه ثم قال:
اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ، ألا وإن الساعة قد اقتربت، ألا وإن القمر قد انشق، ألا وإن الدنيا قد أدنت بفراق، ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق، فلما كانت الجمعة الثانية، انطلقت مع أبي إلى الجمعة، فحمد اللَّه وقال مثله وزاد:
إلا وإن السابق من سبق إلى الجنة. ورواه حماد بن زيد عن عطاء مثله.
وله من حديث وهب عن جرير قال: حدثنا شعبة، أخبرنا الأعمش عن مجاهد، عن عبد اللَّه بن عمرو في قوله: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ، قال:
كان ذلك على عهد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فلقتين، فلقة دون الجبل، وفلقة وراء الجبل، وقال النبي صلّى اللَّه عليه وسلم: اشهدوا [ (2) ] .
__________
[ (1) ] (سنن الترمذي) : 5/ 370، كتاب التفسير، باب (54) ومن سورة القمر، حديث ابن مسعود رقم (3285) ، (3287) ، حديث أنس رقم (3286) ، وحديث ابن عمر رقم (3288) ، وحديث جبير بن مطعم رقم (3289) ، وقال أبو عيسى في آخره: وقد روى بعضهم هذا الحديث عن حصين، عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه عن جده جبير بن مطعم نحوه.
[ (2) ] (الصحيح المسند من دلائل النبوة) : 182، فصل (15) ومن دلائل النبوة انشقاق القمر.