ثم كانت سرية الخبط [ (2) ] أميرها أبو عبيدة بن الجراح، [وقيل: عبد اللَّه بن عامر بن الجراح] [ (3) ] ، والصحيح: عامر بن عبد اللَّه بن الجرّاح بن هلال بن أهيب ابن ضبّة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة القرشيّ الفهريّ. بعثه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم- في رجب على ثلاثمائة إلى حي من جهينة، بالقبليّة مما يلي ساحل البحر، على خمس ليال من المدينة. فأصابهم جوع شديد، جمعوا زادهم حتى إن كانوا ليقتسمون [ (4) ] التّمرة، ولم يكن معهم حمولة [ (5) ] ، إنما كانوا على أقدامهم، وأباعر يحملون عليها زادهم، فأكلوا الخبط، حتى ما كادوا [ (6) ] أن تكون بهم حركة إليه، فابتاع قيس بن سعد بن عبادة خمس جزائر، كل جزور بوسقين من تمر: يقوم بها إذا رجع، ونحرها- كلّ يوم جزورا- للقوم، مدّة ثلاثة أيام، حتى وجدوا حوتا يقال له العنبر قد ألقاه البحر، فأكلوا منه اثنتي عشرة ليلة، ثم أمر أبو عبيدة بضلع من أضلاعه فنصبت، ومرّ تحتها راحلة برحلها فلم تصبها، وكان يجلس في مأق [ (7) ] عين الحوت الجماعة من الناس.