قال القاضي عياض في
قوله صلى اللَّه عليه وسلّم وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام:
وليس فيه ما يشعر بتفضيلها على فاطمة إذ قد يكون تمثيل تفضيل فاطمة لو مثلها مما هو أرفع من هذا وبالجملة من هذا الحديث أن عائشة مفضلة على النساء تفضيلا كثيرا وليس فيه عموم جميع النساء.
وقوله صلى اللَّه عليه وسلّم فاطمة سيدة نساء أهل الجنة
أعم وأظهر في التفضيل.
وقال ابن دحية في كتاب (مرج البحرين) : ذكر بعض الرواة أن عائشة أفضل من فاطمة واستدل على ذلك بأنها عند على في الجنة وعائشة عند رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم، قال وهذا لا يوجب التفضيل ثم أطال الرد عليها إلى أن قال سئل العالم الكبير أبو بكر بن داود بن على من أفضل خديجة أم فاطمة؟ فقالوا
أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم قال: أن فاطمة بضعة منى
ولا أعدل ببضعة من رسول اللَّه أحد.
قال السهيليّ: وهذا استقراء حسن وشهد لصحة هذا الاستقراء
أن أبا لبابة حين ارتبط نفسه وحلف ألا يحله إلا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم فجاءت فاطمة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنها تحله فأبى من أجل قسمة، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: إنما فاطمة بضعة منى فحلته.
قال السهيليّ: هذا حديث يدل على أن من سبها فقد كفر وأن من صلى عليها فقد صلى على أبيها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم.
***
[,
وبنى بعائشة رضي اللَّه عنها بعد مقدمه بتسعة أشهر، وقيل: بثمانية أشهر، وقيل: بثمانية عشر شهرا في يوم الأربعاء من شوال، وقيل: في ذي القعدة، بالسنح في بيت أبي (بكر) [ (2) ] .
,
فغشي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ما كان يغشاه وسجى [ (5) ] بثوبه، وجمعت وسادة من أدم تحت رأسه، ثم كشف عن وجهه وهو يضحك ويمسح جبينه وقال: يا عائشة، إن اللَّه قد أنزل براءتك. فأنزل اللَّه تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي
__________
[ (1) ] في (خ) «يقتله ولا يقدر» .
[ (2) ] في (خ) «برية» .
[ (3) ] آية 18/ يوسف.
[ (4) ] في (خ) «لا يعبد» .
[ (5) ] سجى: غطى.
تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ [ (1) ] فخرج صلّى اللَّه عليه وسلّم إلى الناس مسرورا، فصعد المنبر وتلا على الناس ما نزل عليه في براءة عائشة رضي اللَّه عنها. ويقال: كان نزول براءة عائشة رضي اللَّه عنها بعد قدومهم المدينة بسبع وثلاثين ليلة.
,
وتوفي في حجر عائشة رضي اللَّه عنها وقد قال لها لما حضر [ (2) ]- وهو مستند إلى صدرها-: ما فعلت بالذّهب؟ فأتته بها وهي تسعة دنانير، فقال: أنفقيها!! ما ظنّ محمّد بربه لو لقي اللَّه وهي عنده؟!
,
[ (1) ] وعائشة بنت أبى بكر عبد اللَّه بن أبى قحافة عثمان بن عامر بن عمرو
__________
[ (1) ] هي عائشة أم المؤمنين، بنت الإمام الصدّيق الأكبر، خليفة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، أبى بكر، عبد اللَّه بن أبى قحافة، عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤيّ، القرشية التيمية، المكية، النبويّة، زوجة النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، أفقه نساء الأمة على الإطلاق، وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر ابن عبد شمس، بن عتاب بن أذينة الكنانية.
هاجر بعائشة أبواها، وتزوجها نبي اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم قبل مهاجره، بعد وفاة الصدّيقة خديجة بنت خويلد رضى اللَّه عنها، وذلك قبل الهجرة ببضعة عشر شهرا، وقيل بعامين، ودخل بها في شوال سنة اثنين، منصرفة صلّى اللَّه عليه وسلم من غزوة بدر، وهي ابنة تسع.
روت عنه صلّى اللَّه عليه وسلم علما كثيرا طيبا مباركا فيه، وعن أبيها، وعن عمر وفاطمة، وسعد، وحمزة بن عمر الأسلمي، وجدامة بنت وهب، رضى اللَّه تعالي عن الجميع. وروى عنها خلق كثير.
بلغ مسند عائشة (2210) ألفين ومائتين وعشرة أحاديث، اتفق لها البخاري ومسلم على مائة وأربع وسبعين حديثا، وانفرد البخاري بأربعة وخمسين، وانفرد مسلم بتسعة وستين.
وعائشة رضى اللَّه عنها ممن ولد في الإسلام، وهي أصغر من فاطمة بثماني سنين، وكانت تقول:
لم أعقل أبويّ إلا وهما يدينان بالدين. وذكرت أنها لحقت بمكة سائس الفيل شيخا أعمى يستعطى.
وكانت امرأة بيضاء جميلة، ومن ثمّ يقال لها: الحميراء، ولم يتزوج النبي صلّى اللَّه عليه وسلم بكرا غيرها، ولا أحبّ امرأة حبّها، ولا أعلم في أمة محمد صلّى اللَّه عليه وسلم، بل ولا في النساء مطلقا امرأة أعلم منها. وذهب بعض العلماء إلى أنها أفضل من أبيها، وهذا مردود، وقد جعل اللَّه لكل شيء قدرا، بل تشهد أنها زوجة نبينا صلّى اللَّه عليه وسلم في الدنيا والآخرة، فهو فوق ذلك مفخر، وإن كان للصديقة خديجة شأو لا يلحق.
قال الحافظ الذهبي: وأنا واقف في أيتهما أفضل، نعم جزم بأفضلية خديجة عليها الأمور ليس هذا موضعها.
هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: أريتك في المنام ثلاث ليال، جاء بك الملك في سرقة من حرير فيقول: هذه امرأتك، فأكشف عن وجهك فإذا أنت فيه، فأقول: إن يك هذا من عند اللَّه يمضه. [والسّرقة بفتح السين والراء والقاف: هي القطعة] . أخرجه أحمد، والبخاري في مناقب الأنصار، باب تزويج النبي صلّى اللَّه عليه وسلم عائشة رضى اللَّه عنها، وفي النكاح، باب النظر إلى المرأة قبل التزويج، وفي التعبير، باب كشف المرأة في المنام، وباب ثياب الحرير في المنام، ومسلم في فضائل الصحابة، باب فضل عائشة من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
وأخرج الترمذي من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن علقمة المكيّ، عن ابن أبى حسين، عن ابن
__________
[ () ] مليكة، عن عائشة: أن جبريل جاء بصورتها في خرقة حرير خضراء إلى النبي صلّى اللَّه عليه وسلم فقال: هذه زوجتك في الدنيا والآخرة. حسّنه الترمذي وقال: لا نعرفه إلا من حديث عبد اللَّه، ورواه عبد الرحمن بن مهدي عنه مرسلا. [أخرجه الترمذي في المناقب: باب فضل عائشة رضي اللَّه عنها، ورجاله ثقات. وابن أبى حسين: هو عمر بن سعيد بن حسين النوفلي] .
بشر بن الوليد القاضي: حدثنا عمر بن عبد الرحمن، عن سليمان الشيباني عن على بن زيد بن جدعان، عن جدته، عن عائشة أنها قالت: لقد أعطيت تسعا ما أعطيتها امرأة بعد مريم بنت عمران:
لقد نزل جبريل بصورتي في راحته حتى أمر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم أن يتزوجني، ولقد تزوجني بكرا، وما تزوج بكرا، ولقد قبض ورأسه صلّى اللَّه عليه وسلم في حجري، ولقد قبرته في بيتي، ولقد خفّت الملائكة بيتي، وإن كان الوحي لينزل عليه وإني لمعه في لحافه، وإني لابنة خليفته وصديقه، ولقد نزل عذرى من السماء، ولقد خلقت طيبة عند طيب، ولقد وعدت مغفرة ورزقا كريما. [رواه أبو بكر الآجري عن أحمد بن يحيى الحلواني، عنه، وإسناده جيد، إلا أن على بن زيد بن جدعان ضعيف] .
وكان تزويجه بها إثر وفاة خديجة، فتزوج بها وبسودة في وقت واحد، ثم دخل بسودة، فتفرد بها ثلاثة أعوام حتى بنى بعائشة، رضى اللَّه عنها في شوال بعد وقعة بدر، فما تزوج بكرا سواها، وأحبها حبا شديدا كان يتظاهر به، بحيث
إن عمرو بن العاص- وهو ممن أسلم سنة ثمان من الهجرة- سأل النبي صلّى اللَّه عليه وسلم: أي الناس أحب إليك يا رسول اللَّه؟ قال: عائشة، قال فمن الرجال؟ قال أبوها. [أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبي، باب قول النبي صلّى اللَّه عليه وسلم: لو كنت متخذا خليلا، وفي المغازي، باب غزوة السلاسل، وسلم في فضائل الصحابة، باب فضائل أبي بكر رضى اللَّه عنه.
وهذا خبر ثابت على رغم أنوف الروافض، وما كان إلا طيبا،
وقد قال: لو كنت متخذا خليلا من هذه الأمة لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام أفضل.
فأحب صلّى اللَّه عليه وسلم أفضل رجل من أمته، وأفضل امرأة من أمته، فمن أبغض حبيبي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فهوى حرىّ أن يكون بغيضا إلى اللَّه ورسوله. وحبه عليه السّلام لعائشة كان أمرا مستفيضا، ألا تراهم كيف كانوا يتحرون بهداياهم يومها تقربا إلى مرضاته؟
قال حماد بن زيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، قالت: فاجتمعن صواحبي إلى أم سلمة، فقلن لها: إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نريد الخير كما تريده عائشة، فقولي لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم يأمر الناس أن يهدوا له أينما كان.
فذكرت أم سلمة له ذلك، فسكت، فلم يردّ عليها فعادت الثانية، فلم يردّ عليها، فلما كانت الثالثة قال: يا أم سلمة، لا تؤذيني في عائشة، فإنه واللَّه ما نزل عليّ الوحي وأنا في لحاف امرأة غيرها..
[متفق على صحته، فقد أخرجه البخاري في فضائل الصحابة، باب فضل عائشة، وفي الهبة، باب من أهدى إلى أصحابه، وتحرى بعض نسائه دون بعض، من طريق حماد بن زيد، عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة، وأخرجه مسلم مختصرا في فضائل الصحابة، من طريق عبدة، عن هشام، عن
__________
[ () ] أبيه عن عائشة، وأخرجه مطولا من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن صالح، عن ابن شهاب، عن محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن عائشة، وفيه أن التي أرسلتها فاطمة، وليست أم سلمة] .
وهذا الجواب منه صلّى اللَّه عليه وسلم دالّ على أن فضل عائشة على سائر أمهات المؤمنين بأمر إلهي وراء حبه لها، وأن ذلك الأمر من أسباب حبه لها صلّى اللَّه عليه وسلم.
إسماعيل بن جعفر: أخبرنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن، سمع أنسا يقول: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام. [متفق عليه من طرق عن أبى طواله، فقد أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، باب فضل عائشة رضى اللَّه عنها، وفي الأطعمة، باب الثريد، وباب ذكر الطعام، ومسلم في فضائل الصحابة، باب فضل عائشة رضى اللَّه عنها، وأبو طوالة:
هو عبد اللَّه بن عبد الرحمن الأنصاري، راوية عن أنس رضى اللَّه عنه.
شعبة، عن عمرو بن مرّة، عن مرّة، عن أبى مرسى، عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم قال: كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام. [أخرجه البخاري ومسلم في فضائل الصحابة، باب فضل خديجة رضى اللَّه عنها] .
شعيب، عن الزهري: حدثني أبو سلمة، أن عائشة قالت: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: يا عائش، هذا جبريل وهو يقرأ عليك السلام، قالت: وعليه السّلام ورحمة اللَّه، ترى ما لا نرى يا رسول اللَّه.
زكريا بن أبى زائدة، عن عامر، عن أبى سلمة، أن عائشة رضى اللَّه عنها حدثته أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم قال لها: إن جبريل يقرئك السلام، قالت: وعليه السّلام ورحمة اللَّه. [أخرجهما البخاري في فضل عائشة، وفي بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، وفي الأدب، باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفا، وفي الإستئذان، باب تسليم الرجال على النساء والنساء على الرجال، وباب إذا قال: فلان يقرئك السلام، ومسلم في فضائل الصحابة، باب فضل عائشة رضى اللَّه عنها، وأبو داود، والترمذي، وأخرج النسائي من طريق معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة نحو الأول، في عشرة النساء، باب حب الرجل بعض نسائه أكثر من بعض
روى هشام، عن أبيه، عن عائشة رضى اللَّه عنها قالت: تزوجني رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم متوفّى خديجة، وأنا بنت ستّ، وأدخلت عليه وأنا ابنة تسع، جاءني نسوة وأنا ألعب على أرجوحة وأنا مجمّمة، فهيأننى، وصنعنى، ثم أتين بى إليه صلّى اللَّه عليه وسلم. [أخرجه أبو داود في الأدب، باب الأرجوحة، وإسناده صحيح. والمجممة: ذات جمة، ويقال للشعر إذا سقط عن المنكبين، جمّة، وإذا كان الشعر إلى شحمة الأذنين: وفرة.
قال عروة: فمكثت عنده تسع سنين، وأخرج البخاري من قول عروة: أن خديجة رضى اللَّه عنها توفيت قبل الهجرة بثلاث سنين، فلبث صلّى اللَّه عليه وسلم سنين أو قريبا من ذلك، ونكح عائشة وهي بنت ست سنين. [أخرجه البخاري في مناقب الأنصار، باب تزويج النبي صلّى اللَّه عليه وسلم عائشة، وقدومها المدينة وبنائه
__________
[ () ] بها، وتمامه: ثم بنى بها وهي بنت تسع سنين. وفي خبر عروة إشكال أجاب عنه الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) ] .
هشام عن أبيه، عن عائشة، أنها قالت: كنت ألعب بالبنات يعنى اللّعب- فيجيء صواحبي فينقمعن من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، فيخرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فيدخلن على، وكان يسرّبهن إليّ فيلعبن معى.
وفي لفظ: فكن جوار يأتين يلعبن معى بها، فإذا رأين رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم تقمّعن، فكان يسربهن إليّ.
[أخرجه البخاري في الأدب، باب الانبساط إلى الناس، ومسلم في فضائل الصحابة، باب فضل عائشة، واستدل بهذا الحديث على جواز اتخاذ صور البنات، واللعب من أجل لعب البنات بهن، وخصّ ذلك من عموم النهى عن اتخاذ الصور، وبه جزم القاضي عياض، ونقله عنه الجمهور، وأنهم أجازوا بيع اللعب للبنات.
وعن عائشة قالت: دخل عليّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وأنا ألعب بالبنات [أي اللعب] ، فقال: ما هذا يا عائشة؟ قلت: خيل سليمان ولها أجنحة، فضحك. [أخرجه بهذا اللفظ ابن سعد في (الطبقات) من طريق الواقدي، وأخرجه أبو داود في (السنن) في الأدب، باب اللعب بالبنات، بأطول من هذا،
والنسائي في (عشرة النساء) ، عن عائشة قالت: قدم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر، وفي سهواتها ستر، فهبت ريح، فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة، فقال صلّى اللَّه عليه وسلم: ما هذا يا عائشة؟
قالت: بناتي، ورأى بينهن فرسا لها جناحان من رقاع فقال: ما هذا الّذي أرى وسطهن؟ قالت: فرس، قال: وما هذا الّذي عليه؟ قالت: جناحان. قال: فرس له جناحان! قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلا لها أجنحة؟ فضحك حتى بدت نواجذه. وإسناده صحيح] .
الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: لقد رأيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم يقوم على باب حجرتي، والحبشة يلعبون بالحراب في المسجد، وإنه ليسترنى بردائه لكي انظر إلى لعبهم، ثم يقف من أجلى حتى أكون أنا التي أنصرف، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السنّ الحريصة على اللهو.
وفي لفظ معمر، عن الزهري: فما زلت انظر حتى كنت أنا أنصرف، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السنّ، التي تسمع اللهو.
ولفظ الأوزاعي عن الزهري في هذا الحديث قالت: قدم وفد الحبشة على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، فقاموا يلعبون في المسجد، فرأيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم يسترني بردائه، وأنا انظر إليهم حتى أكون أنا التي أسأم.
[أخرجه البخاري في المساجد، باب أصحاب الحراب في المسجد، وفي العيدين، باب الحراب والدرق يوم العيد، وفي النكاح، باب نظر المرأة إلى الحبش ونحوهم من غير ريبة، ومسلم، وأحمد والنسائي في العيدين، باب اللعب في المسجد يوم العيد، ونظر النساء لذلك، والحميدي في (مسندة) ، والطحاوي في (مشكل الآثار) ، وأخرج النسائي في (عشرة النساء) من حديث يونس بن عبد الأعلى، بسنده عن عائشة زوج النبي صلّى اللَّه عليه وسلم قالت: دخل الحبش المسجد يلعبون، قال لي: يا حميراء، أتحبين أن تنظرى إليهم؟ فقلت: نعم، فقام بالباب وجئته، فوضعت ذقني على عاتقه، فأسندت وجهي إلى خده، قالت: ومن قولهم يومئذ: أبا القاسم طيبا، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: حسبك قلت:
__________
[ () ] يا رسول اللَّه لا تعجل، فقام لي ثم قال: حسبك، فقلت: لا تعجل يا رسول اللَّه، قالت: وما بى حب النظر إليهم، ولكنى أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي، ومكاني منه.
إسناده صحيح كما قال الحافظ في (الفتح) .
يحيى بن يمان، عن الثوري، عن إسماعيل بن أمية، عن عبد اللَّه بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: تزوجني رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم في شوال، وأعرس بى في شوال، فأى نسائه كان أحظى عنده منى.
[وكانت العرب تستحب لنسائها أن يدخلن على أزواجهن في شوال، أخرجه مسلم في النكاح، باب استحباب التزوج والتزويج في شوال، واستحباب الدخول فيه، والدارميّ في النكاح، باب بناء الرجل بأهله في شوال، وأحمد في (المسند) ، وابن سعد في (الطبقات) ، وابن ماجة في النكاح، باب متى يستحب البناء بالنساء، والنسائي في النكاح، باب التزويج في شوال، من طرق عن سفيان بن عيينة، وفيه عندهم: وكانت عائشة رضى اللَّه عنها تستحب أن تدخل نساءها في شوال.
وقالت عائشة رضى اللَّه عنها ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة من كثرة ما كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم يذكرها. [أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبي صلّى اللَّه عليه وسلم باب تزويج النبي صلّى اللَّه عليه وسلم خديجة وفضلها، ومسلم في فضائل الصحابة، باب فضل خديجة رضى اللَّه عنها.
قال الحافظ الذهبي في (سير الأعلام) : وهذا من أعجب شيء! أن تغار رضى اللَّه عنها من امرأة عجوز توفيت قبل تزوج النبي صلّى اللَّه عليه وسلم بعائشة بمديدة، ثم يحميها اللَّه تعالى من الغيرة من عدة نسوة يشاركنها في النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، فهذا من ألطاف اللَّه بها وبالنبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم، لئلا يتكدر عيشهما، ولعله إنما خفّف أمر الغيرة عليها حبّ النبي صلّى اللَّه عليه وسلم لها، وميله إليها. فرضى اللَّه تعالى عنها وأرضاها.
معمر عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: دخلت امرأة سوداء على النبي صلّى اللَّه عليه وسلم. فأقبل عليها، قالت: فقلت يا رسول اللَّه! أقبلت على هذه السوداء هذا الإقبال؟ فقال صلّى اللَّه عليه وسلم: إنها كانت تدخل على خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان [رجاله ثقات، وأخرج الحاكم نحوه في (المستدرك) من طريق صالح بن رستم،
عن ابن أبى مليكة، عن عائشة قالت: جاءت عجوز إلى النبي صلّى اللَّه عليه وسلم وهو عندي، فقال لها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: من أنت؟ قالت: أنا جثامة المزينية، فقال: بل أنت حسّانة المزينية، كيف أنتم كيف حالكم؟ كيف كنتم بعدنا؟ قالت: بخير، بأبي أنت وأمى يا رسول اللَّه. فلما خرجت قلت: يا رسول اللَّه! تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال؟ قال: إنها كانت تأتينا زمن خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان.
صححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي في (التلخيص) .
وأخرج البخاري في النكاح، باب غيرة النساء ووجدهن، ومسلم في فضائل الصحابة، باب فضل عائشة.. لأبى أسامة، عن هشام بلفظ: إني لأعلم إذا كنت عنى راضية وإذا كنت عليّ غضبى، قالت: وكيف يا رسول اللَّه؟ قال: إذا كنت عنى راضية، قلت: لا وربّ محمد، وإذا كنت عليّ غضبى، قلت: لا وربّ إبراهيم، قلت أجل واللَّه، ما أهجر إلا اسمك.
__________
[ () ] هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضى اللَّه عنها، قالت: سابقني النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، فسبقته ما شاء، حتى إذا رهقني اللحم، سابقني، فسبقني، فقال: يا عائشة، هذه بتلك. [إسناده صحيح، وهو في المسند، وأخرجه الحميدي في (مسندة) ، وأبو داود في الجهاد: باب السبق على الرجل، وابن ماجة والنسائي في عشرة النساء] .
قال الإمام أحمد في (المسند) : حدثنا يحيى القطان، عن إسماعيل: حدثنا قيس، قال: لما أقبلت عائشة، فلما بلغت مياه بنى عامر ليلا، نبحت الكلاب، فقالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب، قالت: ما أظننى إلا أننى راجعة. قال بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون، فيصلح اللَّه ذات بينهم،
قالت: إن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم قال ذات يوم: كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب.
[إسناده صحيح كما قال الذهبي وصححه ابن حبان، والحاكم، وأخرجه أحمد في (المسند) ،
وقال الحافظ ابن كثير في (البداية) . وهذا إسناد على شرط الصحيحين ولم يخرجوه، بعد أن ذكره من طريق الإمام أحمد. والحوأب: من مياه العرب على طريق البصرة، قاله أبو الفتح نصر بن عبد الرحمن الإسكندري، فيما نقله عنه ياقوت الحموي في (معجم البلدان) ، وقال أبو عبيد البكري في (معجم ما استعجم) : ماء قريب من البصرة على طريق مكة إليها، سمّى بالحوأب بنت كلب بن وبرة القضاعية] .
قال عطاء بن أبى رباح: كانت عائشة رضى اللَّه عنها أفقه الناس، وأحسن الناس رأيا في العامة، وقال الزهري: لو جمع علم عائشة رضى اللَّه عنها إلى علم جميع النساء، لكان علم عائشة رضى اللَّه عنها أفضل. [ذكره الهيثمي في (مجمع الزوائد) ونسبة إلى الطبراني. وقال: رجاله ثقات، وذكره أبو عبد اللَّه الحاكم في (المستدرك) .
عروة بن الزبير: أن معاوية بعث مرة إلى عائشة رضى اللَّه عنها بمائة ألف درهم فو اللَّه ما أمست حتى فرقتها، فقالت: لها مولاتها: لو اشتريت لنا منها بدرهم لحما؟ فقالت: ألا قلت لي. [أخرجه أبو نعيم في (الحلية) والحاكم في (المستدرك) ] .
يحيى بن أبى زائدة- عن حجاج، عن عطاء: أن معاوية بعث إلى عائشة رضى اللَّه عنها بقلادة بمائة ألف، فقسّمتها بين أمهات المؤمنين.
الأعمش، عن تميم بن سلمة، عن عروة، عن عائشة رضى اللَّه عنها: أنها تصدقت بسبعين ألفا، وإنها لترقع جانب درعها.
أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن ابن المنكدر، عن أم ذرّة، قالت: بعث ابن الزبير إلى عائشة رضى اللَّه عنها بمال في غرارتين، يكون مائة ألف، فدعت بطبق، فجعلت تقسم في الناس، فلما أمست، قال: هاتي يا جارية فطوري، فقالت أم ذرّة: يا أم المؤمنين، أما استطعت أن تشترى لنا لحما بدرهم؟
قالت: لا تعنّفينى، لو أذكرتينى لفعلت. [أخرجه ابن سعد في (الطبقات) ، وأبو نعيم في
__________
[ () ] (الحلية) ، ورجاله ثقات] .
ابن عليّة، عن أيوب، عن ابن مليكة، قال: قالت عائشة رضى اللَّه عنها توفى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم في بيتي، وفي يومى، وليلتي وبين تحرى وسحري، ودخل عبد الرحمن بن أبى بكر، ومعه سواك رطب، فنظر إليه حتى ظننت أنه يريده، فأخذته، فمضغته، ونفضته ثم دفعته إليه، فاستنّ به كأحسن ما رأيته مستنّا قط، ثم ذهب يرفعه إليّ، فسقطت يده، فأخذت أدعو له بدعاء كان يدعو به له جبريل، وكان هو يدعو به إذا مرض، فلم يدع به في مرضه ذاك، فرفع بصره إلى السماء، وقال: الرفيق الأعلى، وفاضت نفسه صلّى اللَّه عليه وسلم، فالحمد للَّه الّذي جمع بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا. [أخرجه أحمد في (المسند) ، وصححه الحاكم في (المستدرك) ، ووافقه الذهبي في (التلخيص) ، والسّحر: الرئة، والنّحر: أعلى الصدر، واستن: استاك] .
العوام بن حوشب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ [النور: 3] ، قال: نزلت في عائشة رضى اللَّه عنها خاصة، أخرجه الحاكم في (المستدرك) ، وصححه، ووافقه الذهبي في (التلخيص) ، وأورده السيوطي في (الدر المنثور) ، وزاد نسبته لابن أبى حاتم وابن مردويه.
وحديث الإفك طويل ومشهور، ولذلك أمسكنا عن ذكره.
إسماعيل بن أبى خالد، عن قيس، قال: قالت عائشة- وكانت تحدث نفسها أن تدفن في بيتها- فقالت: إني أحدثت بعد رسول اللَّه حدثا، ادفنوني مع أزواجه. فدفنت بالبقيع رضى اللَّه عنها [ابن سعد في (الطبقات) ، وصححه الحاكم في (المستدرك) ، ووافقه الذهبي في (التلخيص) .
قال الذهبي: تعنى بالحدث مسيرها يوم الجمل، فإنّها ندمت ندامة كلّية، وثابت من ذلك، على أنها ما فعلت ذلك إلا متأولة، قاصدة للخير، كما اجتهد طلحة بن عبيد اللَّه، والزبير بن العوام، وجماعة من الكبار، رضى اللَّه عن الجميع (سير الأعلام) .
وقد قيل إنها مدفونة بغربي جامع دمشق، وهذا غلط فاحش، لم تقدم رضى اللَّه عنها إلى دمشق أصلا، وإنما هي مدفونة بالبقيع، ومدة عمرها: ثلاث وستون سنة وأشهر.
ومن عالى حديثها: قال الحافظ الذهبي: قرأت على ابن عساكر، عن أبى روح: أخبرنا تميم، حدثنا أبو سعد، أخبرنا ابن حمدان، أخبرنا أبو يعلى، حدثنا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم، عن عليّ بن هاشم، عم هشام بن عروة، عن بكر بن وائل، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: ما ضرب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم امرأة قطّ، ولا ضرب خادما له قط، ولا ضرب بيده شيئا إلا أن يجاهد في سبيل اللَّه، وما نيل منه شيء فانتقمه من صاحبه، إلا أن تنتهك محارم اللَّه، فينتقم. [إسناده صحيح، وأخرجه مسلم في الفضائل، باب مباعدته صلّى اللَّه عليه وسلم للآثام، وأحمد في (المسند) من طرق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، رضى اللَّه عنها، وأخرج مالك والبخاري في صفة النبي، ومسلم من طريق الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، أنها قالت: ما خيّر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم
ابن كعب بن سعيد بن تيم بن مرة بن كعب، الصديقة بنت [الصديق] حبيبة رسول اللَّه المبرأة من السماء، أم المؤمنين، أم عبد اللَّه رضي عنها، أمها أم رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن عتاب بن أرنبة بن سبيع بن دهمان بن الحارث بن غنم بن مالك بن كنانة، والخلاف في أبيها إلى كنانة كثير جدا، وأجمعوا أنها من بنى غنم بن مالك بن كنانة، من المهاجرات ذات الفضائل.
ولدت في السنة الرابعة من النبوة في أولها، تزوجها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم بمكة بعد سودة بشهر، على اثنى عشرة أوقية ونش، وقيل: أربعمائة درهم، وقيل: قبل الهجرة بسنتين، وقيل بثلاث وهي بنت ست سنين، وقيل: بنت تسع سنين، وقيل تزوجها في شوال سنة عشر من النبوة، قبل الهجرة بثلاث سنين، وأعرس بها بالمدينة في شوال على رأس ثمانية عشر شهرا من مهاجره.
وقال الواقدي: بنى بها في الأولى، وصححه الدمياطيّ، وتوفى عنها وهي بنت ثماني عشرة سنة، كان مكثها معه تسع سنين وخمسة أشهر، ولم ينكح بكرا غيرها، ولم يأته الوحي في لحاف واحدة من نسائه سواها، ولم يحب أحدا من النساء مثلها، وقد كانت لها مآثر وخصائص ذكرت في
__________
[ () ] بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما، كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة اللَّه عزّ وجلّ] .
(*) لها ترجمة في: (مسند أحمد) : 7/ 46 وما بعدها، (طبقات ابن سعد) 8/ 58- 81، (طبقات خليفة) : 333، (تاريخ خليفة) 225، (المعارف) : 134، 176، 208، 550، (المستدرك) :
4/ 15- 17، (حلية الأولياء) : 2/ 43، (الاستيعاب) : 4/ 1881، ترجمة رقم (4029) ، (جامع الأصول: 9/ 132، (تهذيب التهذيب) : 12/ 461، ترجمة رقم (2840) ، (الإصابة) : 8/ 16، ترجمة رقم (11457) ، (خلاصة تذهيب الكمال) : 3/ 387، ترجمة رقم (106) ، (كنز العمال) : 13/ 693، (سير أعلام النبلاء) : 2/ 135، ترجمة رقم (19) ، (شذرات الذهب) :
1/ 9، 61- 63، (المواهب اللدنيّة) : 2/ 81- 83، (صفة الصفوة) : 2/ 9- 27.
القرآن والنسب، وكانت لها ليلتان، ولكل امرأة سواها ليلة، لأن سودة وهبتها ليلتها.
وخرجت بعد قتل عثمان بن عفان رضى اللَّه عنه إلى الكوفة تدعو الناس لأخذ ثأره من قتلته، وكانت وقعة الجمل، ثم عادت إلى المدينة وبها توفيت ليلة الثلاثاء لسبع عشر خلون من رمضان سنة ثمان وخمسين، وقيل: سبع وخمسين، ودفنت ليلا بعد الوتر بالبقيع، وصلّى عليها أبو هريرة، ونزل في قبرها خمسة: عبد اللَّه [وعروة والقاسم بن محمد وعبد اللَّه بن محمد بن أبى بكر، وعبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبى بكر] .
وكان عمرها يوم ماتت ستا وستين سنة، وكانت أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن الناس رأيا في العامة: تعرف من الطب والشعر شيئا كثيرا، ولا نعلم امرأة في هذه الأمة بلغت من العلم مبلغها.
وروى عنها ألفا حديث ومائتا حديث وعشرة أحاديث مرفوعة، اتفقا منها على مائة وأربعة وسبعين حديثا، انفرد منها البخاري بأربعة وخمسين، ومسلم بستة وستين وفضائلها وأخبارها كثيرة جدا.
غزيّة
[ (1) ] وغزّية بنت دودان بن عوف بن عمرو بن عامر بن رواحة بن منقذ بن عمرو بن معيص بن عامر بن لؤيّ، وهي أم شريك التي وهبت نفسها للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم، وقيل: هي ,
إنها كانت أحب أزواج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم ولم يتزوج بكرا غيرها وكان ينزل الوحي في بيتها دون غيرها ولما نزلت آية التخيير فخيرها فاختارت اللَّه ورسوله ما سبقت به بقية الأزواج وبرأها اللَّه مما رماها به أهل الإفك بعشر آيات تليت في المحاريب إلى يوم القيامة، وشهد لها بأنها من الطيبات ووعدها المغفرة والرزق الكريم وأخبر اللَّه تعالى أن ما قيل فيها من الإفك كان خيرا لها ولم يكن الّذي قيل فيها شرا لها، ولا عارا لها، ولا خافضا من شأنها، بل رفعها بذلك فأعلى قدرها، وعظم شأنها، وأحيا لها ذكرها، بالطيب والسراة من أهل الأرض والسماء.
***