وفي صفر سنة ثمان، خرج عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤيّ القرشي السهمي من مكة- بعد مرجعه من الحبشة- يريد المدينة، فهاجر، فوجد في طريقه خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد اللَّه بن عمر [ (2) ] بن مخزوم القرشي المخزوميّ، وعثمان بن طلحة بن أبي طلحة عبد اللَّه بن عبد العزّى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي القرشي العبدريّ، وقد قصدا قصده، فقدموا المدينة، ودخلوا على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: فبايعه خالد أولا، ثم بايعه عثمان، ثم عمرو على الإسلام،
فقال عليه السلام: إن الإسلام يجب [ (3) ] ما كان قبله، والهجرة تجب ما كان قبلها.
سرية غالب بن عبد اللَّه إلى الكديد
وفي صفر هذا كانت سرية غالب بن عبد اللَّه بن [مسعر بن جعفر بن] [ (4) ] كلب بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكير [ (5) ] بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان الكنانيّ ثم الليثي- إلى الكديد لغير على بني الملوح من بني ليث، في ربيع الأول منها. فخرج في بضعة عشر رجلا حتى [إذا] [ (6) ] كان بقديد لقي الحارث بن مالك بن قيس بن عوذ [ (7) ] بن جابر بن عبد مناف بن شجع بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة
__________
[ (1) ] في (خ) «وجمعوا له» .
[ (2) ] في (خ) «عمرو» .
[ (3) ] يمحو ما كان قبله من المعاصي والذنوب.
[ (4) ] هكذا سياق النسب.
[ (5) ] في (خ) «بكر» .
[ (6) ] زيادة للسياق.
[ (7) ] في (خ) «عوف» .
ابن كنانة، [وكان يقال لمالك بن قيس: ابن البرصاء] فأخذه فشده وثاقا، [البرصاء هي أم قيس بن عوذ [ (1) ] ، واسمها: ريطة بنت ربيعة بن رباح بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر] ، وخلف عليه سويد بن صخر. وأتى الكديد عند غروب الشمس، فكمن في ناحية الوادي، وبعث جندب بن مكيث الجهنيّ ربيئة، فأتى تلا مشرفا على الحاضر [ (2) ] فعلاه وانبطح، فخرج رجل من خباء فقال [لامرأته] [ (3) ] : إني أرى على هذا التل سوادا ما رأيته عليه [أول يومي هذا] [ (3) ] .
ورماه بسهم ثم آخر، فما أخطأه، وثبت مكانه، فقال: لو كان زائلة [ (4) ] لقد تحرك بعد! لقد خالطه سهماي!! ثم دخل خباءه. وراحت ماشية الحي من إبلهم وأغنامهم، فحلبوا وعطنوا، حتى إذا اطمأنوا شن المسلمون عليهم الغارة، فقتلوا المقاتلة، وسبوا/ الذرية، واستاقوا النعم والشاء. وكان شعارهم: أمت أمت. ثم انحدروا بها نحو المدينة، واحتملوا ابن البرصاء معهم، فجاء القوم بما لا قبل لهم به، وبينهم وبين الوادي، فجاء اللَّه بالسيل حتى ملأ جنبتيه [ (5) ] ، ولم يستطع أحد أن يجوزه، فوقف المشركون ينظرون إليهم، حتى فاتوهم ولا يقدرون على طلبهم، إلى أن قدموا المدينة. فبعثه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في مائتي رجل إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد، وذلك في صفر سنة ثمان كما تقدم.