قال تعالى: يس* وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ [ (1) ] ، روي عن جعفر بن محمد أنه قال: أراد اللَّه (يا سيد) مخاطبة لنبيه محمد صلى اللَّه عليه وسلّم.
فخرج مسلم من حديث الأوزاعي قال: حدثني أبو عمار قال: حدثني عبد اللَّه بن فروخ قال: حدثني أبو هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم.
أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع.
وخرج الترمذي من حديث سفيان عن ابن جدعان عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ [من] ، آدم فمن تحته إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر.
.. الحديث. قال: أبو عيسى: هذا حديث حسن، وقد روى بعضهم هذا الحديث عن أبي نضرة عن ابن عباس..
الحديث بطوله [ (2) ] .
وله من حديث عبد السلام بن حرب عن ليث عن الربيع بن أنس عن أنس ابن مالك قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: أنا أول الناس خروجا إذا بعثوا، وأنا خطيبهم إذا وفدوا، وأنا مبشرهم إذا يأسوا، لواء الحمد يومئذ بيدي، وأنا أكرم ولد آدم على ربي ولا فخر.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
وخرج بقي بن مخلد من حديث سفيان عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم قال: فضلت بخصال ست لا أقولهن فخرا، لم يعطهنّ أحد قبلي: غفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر، وأخرجت لي
__________
[ (1) ] يس: 1، 2.
[ (2) ] سبق تخريج وشرح هذه الأحاديث ونحوها وشواهدها.
خير الأمم، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأعطيت الكوثر، ونصرت بالرعب. والّذي نفسي بيده إن صاحبكم لصاحب لواء الحمد يوم القيامة، تحته آدم فمن دونه [ (1) ] .
وخرج أبو نعيم من حديث معمر بن راشد عن محمد بن عبد اللَّه بن أبي يعقوب عن بشر بن شغاف، عن عبد اللَّه بن سلام قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأول من تنشق الأرض عنه ولا فخر، وأول شافع ومشفع، لواء الحمد بيدي يوم القيامة، تحتى آدم فمن دونه [ (1) ] .
وله من حديث أبي معمر إسماعيل بن إبراهيم القطيعي قال: أنبأنا عبد اللَّه ابن جعفر عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلّم قال: أنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر، وأنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأنا صاحب لواء الحمد بيدي ولا فخر، وأنا أول من يدخل الجنة ولا فخر، آخذ بحلقة باب الجنة فيؤذن لي فيستقبلني وجه الجبار تعالى فأخرّ له ساجدا فيقول:
يا محمد ارفع رأسك، واشفع تشفع، وسل تعط، فأقول: رب أمتي [ (2) ] .
__________
[ (1) ] سبق تخريج وشرح هذه الأحاديث ونحوها وشواهدها.
[ (2) ]
أخرجه البيهقي في (الدلائل) : 5/ 479- 480، باب ما جاء في تحدّث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم بنعمة ربه عزّ وجلّ لقوله تعالى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ، وما جاء في خصائصه صلى اللَّه عليه وسلّم على طريق الاختصار: أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا ليث بن سعد، عن يزيد بن الهاد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن أنس قال: سمعت النبي صلى اللَّه عليه وسلّم يقول: «إني أول الناس تنشق الأرض عن جبهتي يوم القيامة ولا فخر، وأعطى لواء الحمد ولا فخر، وأنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من يدخل الجنة يوم القيامة ولا فخر، وأنا آتي باب الجنة فآخذ بحلقيها فيقولون: من هذا؟ فأقول: أنا محمد، فيفتحون لي، فأجد الجبّار فأسجد له، فيقول: ارفع رأسك يا محمد، وتكلم يسمع منك، وقل يقبل منك، واشفع تشفّع، فأرفع رأسي فأقول: أمّتي، أمّتي يا رب، فيقول: اذهب إلى أمتك، فمن وجدت في قلبه مثقال حبة من شعير من الإيمان فأدخله الجنة» .
وذكر الحديث فيمن كان في قلبه نصف حبّه من شعير، ثم حبّة من خردل، ثم في إخراج كل من كان يعبد اللَّه لا يشرك به شيئا.
وزاد الإمام أحمد في (المسند) : 4/ 610: «وفرغ اللَّه من حساب الناس وأدخل من بقي من أمتي النار مع أهل النار، فيقول أهل النار: ما أغنى عنكم أنكم كنتم تعبدون اللَّه عزّ وجلّ لا تشركون به شيئا» ، فيقول الجبار عزّ وجلّ: فبعزتي لأعتقنهم من النار، فيرسل إليهم فيخرجون وقد
وله من حديث ليث بن أبي سليم عن أبي إسحاق عن صلة عن حذيفة عن النبي صلى اللَّه عليه وسلّم، قال: أنا سيد الناس يوم القيامة، يدعوني ربي فأقول: لبيك وسعديك [تباركت لبيك] [ (1) ] وحنانيك، [والمهدي] [ (2) ] من هديت وعبدك بين يديك، [لا ملجأ ولا منجأ] [ (3) ] منك إلا إليك، تباركت رب البيت [ (4) ] . [قال: وإن قذف المحصنة ليهدم عمل مائة سنة] [ (5) ] .
ومن حديث خديج عن أبي إسحاق عن صلة، عن حذيفة قال: قال أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: إبراهيم خليل اللَّه، وموسى كلمه اللَّه تكليما، وعيسى كلمة اللَّه وروحه، فما أعطيت يا رسول اللَّه؟ قال: ولد آدم كلهم تحت رايتي، فأنا أول من يفتح له باب الجنة.
ومن حديث سلام بن سليم عن عبد اللَّه بن غالب عن حذيفة قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: أنا سيد الناس يوم القيامة [ (6) ] .
وفي رواية روح بن مسافر عن أبي إسحاق
__________
[ () ] امتحشوا، فيدخلون في نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في غثاء السيل، ويكتب بين أعينهم: هؤلاء عتقاء اللَّه عزّ وجلّ، فيذهب بهم فيدخلون الجنة، فيقول أهل الجنة: هؤلاء الجهنميون، فيقول الجبار:
بل هؤلاء عتقاء الجبار عزّ وجلّ» حديث رقم (12060) .
[ (1) ] تكملة من (المستدرك) .
[ (2) ] في (خ) : «والهادي» والتصويب من المرجع السابق.
[ (3) ] في (خ) : «لا منجا ولا ملجأ» والتصويب من المرجع السابق.
[ (4) ] أخرجه الحاكم في (المستدرك) : 4/ 618، حديث رقم (8712/ 37) ، وقال في آخره: «وقد أخرجه له مسلم شاهدا» ، وقال الذهبي في (التلخيص) : «قد استشهد مسلم بليث بن أبي سليم.
[ (5) ] ما بين الحاصرتين تكملة من (المستدرك) .
[ (6) ]
أخرجه الحاكم في (المستدرك) : 1/ 83، حديث رقم (82/ 82) من كتاب الإيمان، وهذا الحديث يشهد لكثير من أحاديث الباب التي لم نقف لها على تخريج ولفظه: «أخبرنا أبو عبد اللَّه محمد ابن عبد اللَّه الصفار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، حدثنا فضيل بن سليمان، حدثنا موسى بن عقبة، حدثني إسحاق بن يحيى، عن عبادة بن الصامت قال:
قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: «أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر، ما من أحد إلا وهو تحت لوائي يوم القيامة ينتظر الفرج، وإن معي لواء الحمد، أنا أمشي ويمشي الناس معي، حتى آتي باب الجنة فأستفتح، فيقال من هذا؟ فأقول محمد، فيقال: مرحبا بمحمد، فإذا رأيت ربي خررت له ساجدا انظر إليه» .
قال الحاكم: هذا حديث كبير في الصفات والرؤية، على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقال الذهبي في (التلخيص) على شرطهما ولم يخرجاه.
ونحوه في (دلائل البيهقي) : 5/ 479- 480، ونحوه أيضا في (المسند) : 3/ 609، حديث رقم (12060) .
أنا سيّد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر.
وفي رواية زكريا بن عدي قال: حدثنا سلام عن أبي إسحاق عن عبد اللَّه عن حذيفة قال: محمد سيد الناس يوم القيامة.
وله من حديث عبد الأعلى قال: حدثنا سعد عن قتادة عن أنس، أن النبي صلى اللَّه عليه وسلّم قال: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، [وأنا] [ (1) ] أول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع، ولواء الحمد معى، تحته آدم ومن دونه ومن بعده من المؤمنين [ (2) ] .
وفي رواية يعلى بن الفضل قال: حدثنا زياد بن ميمون عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: أنا أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة، فأخرج من قبري وحولي المهاجرون والأنصار، ينفضون التراب عن رءوسهم، وأنا أول شافع وأول مشفع، ولا تزال لي دعوة عند ربي مستجابة، وأنا لكم عند النفخة الثانية [ (3) ] .
وفي رواية منصور بن أبي مزاحم قال: حدثنا أبو سعيد المؤدب عن زياد النميري عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: أنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر، وأنا أول من يأخذ بحلقة باب الجنة ولا فخر، ولواء الحمد بيدي ولا فخر [ (4) ] .
وفي رواية عبد العزيز بن أبي حازم قال: حدثنا سهيل بن أبي صالح عن زياد النميري عن أنس أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم قال: أنا أول من تنفلق الأرض عن جمجمته ولا فخر، وأنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر، ومعي لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من تفتح له أبواب الجنة ولا فخر، فأتي فآخذ بحلقة باب الجنة
__________
[ (1) ] تكملة من رواية أبي نعيم.
[ (2) ] (دلائل أبي نعيم) : 1/ 64، حديث رقم (23) ، وأخرجه أيضا الترمذي من حديث أبي سعيد الخدريّ، حديث رقم (3148) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجة في (الزهد) ، باب ذكر الشفاعة مختصرا، والإمام أحمد في (المسند) : 1/ 463، حديث رقم (2542) ، (2687) ، وقال أحمد محمد شاكر: إسناده صحيح، وقال في (مجمع الزوائد) : 10/ 372:
فيه على بن زيد وقد وثق على ضعفه، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وأخرجه البيهقي في (الدلائل) : 5/ 481، ضمن حديث طويل أوله: «ما من نبي إلا وله دعوة تنجّزها في الدنيا، وإني ادّخرت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة..» وذكر الحديث بنحوه وزيادة.
[ (3) ] لم أجده بهذه السياقة، وسيأتي الكلام على النفختين بعد قليل.
[ (4) ] سبق الإشارة إليه.
فيقال: من هذا؟ فأقول: محمد، فيفتح، فيستقبلني الجبار تعالى، فأخر له ساجدا فيقول: يا محمد، قل تسمع، واشفع تشفع، وسل تعطه [ (1) ] .
وفي رواية منصور بن أبي الأسود عن ليث عن الربيع بن أنس عن أنس قال:
قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: أنا أولهم خروجا إذا بعثوا، وقائدهم إذا وفدوا، وأنا خطيبهم إذا أنصتوا، وأنا شافعهم إذا حبسوا، وأنا مبشرهم إذا يئسوا، لواء الكرامة ومفاتيح الجنة يومئذ بيدي، وأنا أكرم ولد آدم على ربي، يطوف عليّ ألف خادم كأنهم بيض مكنون أو لؤلؤ منثور [ (2) ] .
وفي رواية حبان بن علي عن ليث عن عبيد اللَّه بن زحر، عن الربيع بن أنس عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من تنشق عنه القبور يوم القيامة ولا فخر، لواء الحمد بيدي ولا فخر، مفاتيح الجنة يومئذ بيدي ولا فخر، آدم ومن دونه من النبيين تحت لوائي يوم القيامة ولا فخر، يطوف عليّ ألف خادم كأنهن بيض مكنون [ (2) ] .
وفي رواية جرير والثوري وزائدة، عن [المختار] [ (3) ] بن فلفل عن أنس قال:
قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: أنا أول من يشفع في الجنة، وأنا أكثر الأنبياء تبعا [ (4) ] .
وفي رواية الحميدي وسفيان بن عيينة عن علي بن زيد بن جدعان عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: أنا أول من يأخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها فيفتحها اللَّه [ (5) ] .
وفي رواية خلف بن هشام قال: أخبرنا عيسى بن ميمون عن عسل
__________
[ (1) ]
في (دلائل البيهقي) : 5/ 479، باختلاف يسير، وفيه: «عن جبهتي يوم القيامة ولا فخر» .
[ (2) ]
(المرجع السابق) : 84 بنحوه، (دلائل أبي نعيم) : 1/ 64، حديث رقم (24) وفيه: «الكرامة ومفاتيح الجنة ولواء الحمد يومئذ بيدي، وأنا أكرم ولد آدم على ربي يطوف عليّ ألف خادم كأنهن بيض مكنون أو لؤلؤ منثور» .
والبيض المكنون: المستور عن الأعين. ولفظهما فيه متقارب.
[ (3) ] في (خ) : «المختال» ، والتصويب من صحيح مسلم.
[ (4) ]
(مسلم بشرح النووي) : 3/ 72، حديث رقم (330) من كتاب الإيمان، باب (85) في قول النبي صلى اللَّه عليه وسلّم «أنا أول الناس يشفع في الجنة وأنا أكثر الأنبياء تبعا» .
[ (5) ] (مسند الحميدي) : 2/ 506- 507، حديث رقم (1204) . وأخرجه أيضا الترمذي في آخر حديث الشفاعة، حديث رقم (3148) وقال في آخره: قال سفيان: ليس عن أنس إلا هذه الكلمة:
«فآخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها» ، قال أبو عيس: هذا حديث حسن صحيح، وقد روى
ابن سفيان عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: أنا أول الناس خروجا إذا بعثوا، وأنا قائدهم إذا وفدوا، وأنا خطيبهم إذا أنصتوا، وأنا مبشرهم إذا [أبلسوا] [ (1) ] ، لواء [الكرامة] [ (1) ] يومئذ بيدي، يطوف علي ألف خادم كأنهم لؤلؤ مكنون.
وله من طريق أبي داود الطيالسي وسليمان بن حرب قالا: حدثنا حماد ابن سلمة، حدثنا علي بن زيد عن أبي نضرة قال: خطبنا عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه عنهما على منبر البصرة، فحمد اللَّه تعالى وأثنى عليه وقال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: ألا إني سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض ولا فخر، وبيدي لواء الحمد تحته آدم فمن دونه ولا فخر.
ورواه هشيم عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: أنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول شافع ولا فخر، وإن لواء الحمد بيدي يوم القيامة ولا فخر [ (2) ] .
ورواه سفيان بن عيينة عن ابن جدعان عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال:
خطبنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم فقال: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، بيدي لواء الحمد ولا فخر [ (2) ] .
وله من حديث زمعة بن صالح عن سلمة بن وهران عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: أنا أول من يأخذ بحلقة باب الجنة فيفتحها اللَّه لي، وأنا سيد الأولين والآخرين من النبيين ولا فخر.
وله عن ابن عباس قال: جلس ناس من أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم ينظرون، فخرج حتى دنا منهم، فسمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم فقال بعضهم: عجبا! إن اللَّه اتخذ من خلقه خليلا، وقال آخر: ماذا بأعجب من كلامه موسى تكليما، وقال آخر: فعيسى كلمة اللَّه وروحه، وقال آخر: آدم اصطفاه اللَّه، فخرج عليهم
__________
[ () ] بعضهم هذا الحديث عن أبي نضرة عن ابن عباس الحديث بطوله.
والقعقعة: حكاية حركة لشيء يسمع له صوت (لسان العرب) : 8/ 286.
[ (1) ] سيأتي شرحه بعد قليل، وفي (خ) : «بلسوا» ، «الكرم» .
[ (2) ] سبق الإشارة إليه.
فسلّم وقال: قد سمعت كلامكم وعجبكم أن اللَّه اتخذ إبراهيم خليلا، وهو كذلك، وموسى نجيّ اللَّه، وهو كذلك، وعيسى كلمته وروحه، وهو كذلك، وآدم اصطفاه اللَّه، وهو كذلك، ألا وأنا حبيب اللَّه ولا فخر، وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة وتحته آدم ومن دونه ولا فخر، وأنا أول شافع وأول مشفع يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من يحرك حلق [باب] [ (1) ] الجنة فيتفح اللَّه لي، فيدخلينها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر، [و] [ (1) ] أنا أكرم الأولين والآخرين على اللَّه عز وجل ولا فخر.
ورواه عثمان بن عطاء عن أبيه عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: أرسلت إلى الجن والإنس، [وإلى] [ (2) ] كل أحمر وأسود، وأحلت لي الغنائم دون الأنبياء، وجعلت لي الأرض كلها طهورا ومسجدا، ونصرت بالرعب أمامي شهرا، وأعطيت خواتيم سورة البقرة [ (3) ] وكانت من كنوز العرش، وخصصت بها دون الأنبياء، وأعطيت المثاني [ (4) ] مكان التوراة، [والمئين] [ (5) ] مكان الإنجيل، والحواميم [ (6) ] مكان الزبور، وفضلت بالمفصّل، فأنا سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة ولا فخر، وأنا أول من تنشق الأرض عني وعن أمتي ولا فخر، وبيدي لواء الحمد يوم القيامة، آدم وجميع الأنبياء من ولد آدم تحته ولا فخر، وإليّ مفاتيح الجنة يوم القيامة ولا فخر، وبي تفتح الشفاعة يوم القيامة ولا فخر، وأنا سابق [ (7) ] الخلق
__________
[ (1) ] زيادة للسياق، وأخرج الحاكم نحوه مختصرا في (المستدرك) : 2/ 629 حديث رقم (4098/ 107) .
[ (2) ] زيادة من (دلائل أبي نعيم) .
[ (3) ] وهي من قوله تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ حتى آخر السورة [من الآية 285 حتى الآية 286] .
[ (4) ] المثاني: سورة الفاتحة، وسميت بالمثاني لأنها تثنى وتقرأ في كل ركعة من ركعات الصلاة. قال تعالى:
وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ [87: الحجر] .
[ (5) ] كذا في (خ) ، وفي رواية البيهقي في (الدلائل) ، لكن في رواية أبي نعيم في (الدلائل) : «والمائدة مكان الإنجيل» ، أي سورة المائدة. والمئين: أي السور التي أولها ما يلي سورة الكهف لزيادة كل منها على مائة آية.
[ (6) ] الحواميم: السور التي أولها حم وهي سبع سور: [1] سورة غافر، [2] سورة فصلت، [3] سورة الشورى، [4] سورة الزخرف، [5] سورة الدخان، [6] سورة الجاثية، [7] سورة الأحقاف.
[ (7) ] في (خ) : «سابق» ، وهي رواية السيوطي في (الخصائص) .
إلى الجنة يوم القيامة ولا فخر، وأنا أمامهم وأمتى بالأثر [ (1) ] .
وفي رواية مردان بن معاوية عن يحيى اللخمي عن الزهري عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: لواء الحمد بيدي يوم القيامة، وأقرب الناس من لوائي العرب.
وله من حديث ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن صالح بن عطاء، عن عطاء عن جابر أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم قال: أنا قائد المسلمين ولا فخر، وأنا خاتم النبيين ولا فخر، وأنا شافع ومشفع ولا فخر.
وله من حديث شريج بن النعمان قال: حدثنا عبد اللَّه بن نافع عن عاصم ابن عمر، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب، عن سالم عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: أنا أول من تنشق الأرض عنه ثم أبو بكر ثم عمر، ثم يأتي أهل البقيع فيحشرون معي، ثم أنتظر أهل مكة فأحشر بين الحرمين [ (2) ] .
__________
[ (1) ]
(دلائل أبي نعيم) : 1/ 65، حديث رقم (25) من الفصل الرابع: ذكر الفضيلة الرابعة بإقسام اللَّه بحياته، وتفرده بالسيادة لولد آدم في القيامة، وما فضل هو وأمته على سائر الأنبياء وجميع الأمم صلى اللَّه عليه وسلّم، وقال فيه: «وأنا سائق الخلق.
..» . و (دلائل البيهقي) : 5/ 475، في باب ما جاء في تحدث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم بنعمة ربه عزّ وجلّ لقوله تعالى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ، وما جاء في خصائصه على طريق الاختصار: أخبرنا أبو بكر بن فورك، أنبأنا عبد اللَّه بن جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثنا عمران، عن قتادة، عن أبي المليح، عن واثلة بن الأسقع قال: قال النبي صلى اللَّه عليه وسلّم: «أعطيت مكان التوراة السبع الطوال، ومكان الزبور المئين، ومكان الإنجيل المثاني، وفضّلت بالمفصل» .
والسبع الطوال: من البقرة إلى براءة (التوبة) . والمفصّل: من أول سورة الحجرات حتى آخر القرآن الكريم.
والحديث أخرجه الطبراني في الكبير، وأشار إليه السيوطي بالحسن.
[ (2) ] (المستدرك) : 2/ 505، حديث رقم (3732/ 869) : بدون قوله: «فأحشر بين الحرمين» ، وزاد في رواية (المستدرك) : «وتلا عبد اللَّه بن عمر: يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ [ق: 44] قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ذكره في باب (50) تفسير سورة ق من كتاب تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين. و (دلائل أبي نعيم) : 1/ 66 حديث رقم (26) بمثله سواء.
وله من حديث حماد بن شعيب وزائدة وإسرائيل، كلهم عن عاصم عن زر ابن حبيش عن عبد اللَّه قال: إن اللَّه اتخذ إبراهيم خليلا، وإن صاحبكم خليل اللَّه، وإن محمدا سيد ولد آدم يوم القيامة،
ثم قرأ: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً [ (1) ] .
ورواه المسعودي عن عاصم عن أبي وائل عن عبد اللَّه قال: إن اللَّه اتخذ إبراهيم خليلا، وإن صاحبكم خليل اللَّه، وإن نبي اللَّه أكرم الخلائق على اللَّه يوم القيامة، ثم قرأ: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً [ (2) ] .
وله من حديث كثير بن زيد عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: والّذي نفسي بيده إن صاحبكم لصاحب لواء الحمد يوم القيامة، تحته آدم فمن دونه [ (3) ] .
وفي رواية سعيد بن رافع عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: أنا سيد الخلائق يوم القيامة في اثنى عشر نبيا، منهم إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب.
__________
[ (1) ] ونحوه باختلاف يسير بدون ذكر الآية في (المستدرك) : 2/ 550، حديث رقم (4018/ 27) ، ذكره في باب ذكر إبراهيم النبي صلى اللَّه عليه وسلّم خليل اللَّه عزّ وجلّ، وبينه وبين نوح هود وصالح صلوات اللَّه عليهما، من كتاب تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
ونحوه في (المستدرك) : 1/ 652، 653، الأحاديث أرقام (3741) ، (3742) ، (3743) ، (3744) بسياقات متقاربة.
[ (2) ] أخرجه البيهقي في (الدلائل) : 5/ 485، وقال فيه: «وأن محمدا صلى اللَّه عليه وسلّم أكرم الخلاق على اللَّه..» ،
والآية رقم 79: الإسراء.
[ (3) ] ونحوه بدون قوله: «فمن بعده المؤمنين» ، وقال فيه: «ومن دونه» ، في (دلائل أبي نعيم) :
1/ 64، حديث رقم (23) ، بدون الآية.
ورواه الترمذي من حديث أبي سعيد الخدريّ في (الجامع الصحيح) ، حديث رقم (3148) ، وقال: حديث حسن صحيح، (سنن الترمذي) : 5/ 288، كتاب (48) باب (18) . ورواه الإمام أحمد في (المسند) من حديث ابن عباس في الشفاعة، ورواه ابن ماجة في (السنن) :
2/ 1440، كتاب الزهد، باب (37) ذكر الشفاعة، حديث رقم (4308) . والترمذي أيضا في المناقب، حديث (3615) ، قال أبو عيسى: وفي الحديث قصة، وهذا حديث حسن صحيح، وقد روي بهذا الإسناد عن أبي نضرة، عن ابن عباس.
وفي رواية بديل بن المحبّر قال: حدثنا عبد السلام بن عجلان قال: سمعت أبا يزيد المدني يحدث عن أبي هريرة عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم قال: أنا أول من يدخل الجنة ولا فخر، وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر، وأنا بيدي لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر، وأنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأول شخص يدخل عليّ الجنة: فاطمة بنت محمد، ومثلها في هذه الأمة مثل مريم في بني إسرائيل [ (1) ] .
ورواه يعقوب الحضرميّ عن عبد السلام عن أبي عثمان النهدي عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: أنا أول من يدخل الجنة ولا فخر، وأول من تنشق الأرض عن هامته ولا فخر، وأنا أول مشفع ولا فخر، لواء الحمد بيدي يوم القيامة، حرم اللَّه الجنة على كل آدمي يدخلها قبلي [ (2) ] .
وله من حديث زكريا بن أبي زائدة عن عامر الشعبي عن أبي هريرة قال:
قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: إني أول من يرفع [رأسه] [ (3) ] بعد النفخة الأخيرة، فإذا موسى متعلق بالعرش فلا أدري أكذاك كان أو بعد النفخة [ (4) ] ؟.
ومن حديث شعيب عن الزهري قال: حدثني أبو سلمة وسعيد عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: إن الناس يصعقون فأكون أول من يفيق.
__________
[ (1) ] (دلائل أبي نعيم) : 1/ 66، حديث رقم (27) . وأخرجه الترمذي بسند آخر وقال: حديث غريب. وتوقف غيره في الاحتجاج به ثم قال: عن بديل بن المحبر، عن عبد السلام بن عجلان، عن أبي يزيد المدني، عن أبي هريرة ... ، فذكره، ثم قال: أخرجه أبو صالح المؤذن في مناقب فاطمة عليها السلام.
[ (2) ]
وفي (صحيح مسلم بشرح النووي) : 3/ 73- 74، كتاب الإيمان، باب (85) في قول النبي صلى اللَّه عليه وسلّم: «أنا أول الناس يشفع في الجنة، وأنا أكثر الأنبياء تبعا» ، حديث رقم (333) ،
حدثني عمرو الناقد، وزهير بن حرب قالا: حدّثنا هاشم بن القاسم، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح، فيقول الخازن:
من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك.
وأخرجه البيهقي في (الدلائل) من حديث أنس بمثله سواء. (دلائل النبوة للبيهقي) : 5/ 480.
[ (3) ] زيادة للسياق.
[ (4) ]
أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب (43) النفخ في الصور، قال مجاهد: الصور كهيئة البوق، زجرة: صيحة، وقال ابن عباس: الناقور الصور، الراجفة: النفخة الأولى، والرادفة: النفخة الثانية، حديث رقم (6517) : حدثني عبد العزيز بن عبد اللَّه قال: حدّثني إبراهيم بن سعد عن
__________
[ () ] ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وعبد الرحمن الأعرج أنهما حدّثاه أن أبا هريرة قال: «استبّ رجلان، رجل من المسلمين ورجل من اليهود، فقال المسلم: والّذي اصطفى محمدا على العالمين، فقال اليهودي: والّذي اصطفى موسى على العالمين. قال: فغضب المسلم عند ذلك، فلطم وجه اليهودي، فذهب اليهوديّ إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم، فأخبره بما كان من أمره وأمر المسلم، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: لا تخيّروني على موسى، فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق، فإذا موسى باطش بجانب العرش، فلا أدري أكان موسى فيمن صعق فأفاق قبلي، أو كان ممن استثنى اللَّه عزّ وجلّ» .
وحديث رقم (6518) : حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، حدثنا أبو الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى اللَّه عليه وسلّم: «يصعق الناس حين يصعقون، فأكون أول من قام، فإذا موسى آخذ بالعرش، فما أدري أكان فيمن صعق» . رواه أبو سعيد عن النبي صلى اللَّه عليه وسلّم.
قوله: «باب نفخ الصور» تكرر ذكره في القرآن الكريم، في الأنعام، والمؤمنين، والنمل، والزمر، وق، وغيرها، وهو بضم المهملة وسكون الواو، وثبت كذلك في القراءات المشهورة والأحاديث، وذكر عن الحسن البصري أنه قرأها بفتح الواو، جمع صورة، وتأوله على أن المراد النفخ في الأجساد لتعاد إليها الأرواح.
وقال أبو عبيدة في (المجاز) : يقال: الصور- يعني بسكون الواو- جمع صورة، كما يقال: سور المدينة جمع سورة، قال الشاعر:
[فلما أتى خبر الزبير تواضعت سور المدينة] فيستوي معنى القراءتين.
وحكى مثله الطبري عن قوم وزاد: كالصوف جمع صوفة، قالوا: والمراد النفخ في الصّور وهي الأجساد لتعاد فيها الأرواح، كما قال تعالى: وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي، وتعقب قوله: «جمع» ، بأن هذه أسماء أجناس لا جموع، وبالغ النحاس وغيره في الردّ على التأويل، وقال الأزهري: إنه خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة.
قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) : وقد أخرج أبو الشيخ في (كتاب العظمة) ، من طريق وهب بن منبه من قوله قال: خلق اللَّه الصور من لؤلؤ بيضاء في صفاء الزجاجة، ثم قال للعرش:
خذ الصور فتعلق به، ثم قال: كن، وكان إسرافيل، فأمره أن يأخذ الصور، فأخذه وبه ثقب بعدد كل روح مخلوقة، ونفس منفوسة، فذكر الحديث وفيه: «ثم تجمع الأرواح كلها في الصور، ثم يأمر اللَّه إسرافيل فينفخ فيه، فتدخل كل روح في جسدها» ، فعلى هذا فالنفخ يقع في الصور أولا، ليصل النفخ بالروح إلى الصور، وهي الأجساد، فإضافة النفخ إلى الصور الّذي هو القرن، حقيقة، وإلى الصّور التي هي الأجساد، مجاز.
قوله: «قال مجاهد: الصور كهيئة البوق» ، وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، قال في قوله تعالى: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ، قال كهيئة البوق، وقال صاحب الصحاح: البوق الّذي يزمر به، وهو معروف، ويقال للباطل، يعني يطلق ذلك عليه مجازا، لكونه من جنس الباطل.
قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) : لا يلزم من كون الشيء مذموما أن لا يشبه به
وفي رواية محمد بن يوسف الفرياني قال: حدثنا سفيان عن عمر بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: إن الناس يصعقون [يوم القيامة] [ (1) ] فأكون أول من يفيق [ (2) ] .
__________
[ () ] الممدوح، فقد وقع تشبيه صوت الوحي بصلصلة الجرس، مع النهي عن استصحاب الجرس، كما تقدم تقريره في بدء الوحي.
قوله: «قال ابن عباس: الناقور الصور» ، وصله الطبري وابن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ قال: الصور، ومعنى نقر نفخ، قاله في الأساس.
وأخرج البيهقي من طريق أخرى عن ابن عباس في قوله تعالى: فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ، قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: «كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن» ؟
وللحاكم بسند حسن، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة رفعه «إن طرف صاحب الصور منذ وكل به مستعد ينظر نحو العرش مخافة أن يؤمر قبل أن يرتد إليه طرفه كأن عينيه كوكبان درّيّان» .
قوله: «الراجفة النفخة الأولى، والرادفة النفخة الثانية» ، هو من تفسير ابن عباس، وصله الطبري وابن أبي حاتم بالسند المذكور، وقد تقدم بيانه في تفسير سورة النازعات، فليراجع هناك.
وإذا تقرر أن النفخة للخروج من القبور فكيف تسمعها الموتى؟ والجواب: يجوز أن تكون نفخة البعث تطول إلى أن يتكامل إحياؤهم شيئا بعد شيء، وتقدم الإلمام في قصة موسى مما ورد في تعيين من استثنى اللَّه تعالى في قوله تعالى: فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ، وحاصل ما جاء في ذلك عشرة أقوال ذكرهم الحافظ ابن حجر في (الفتح) : 11/ 451 باب (43) من كتاب الرقاق فليراجع هناك.
[ (1) ] ما بين الحاصرتين تكملة من (دلائل أبي نعيم) .
[ (2) ] (دلائل أبي نعيم) : 1/ 67، حديث رقم (28) .
وخرّج البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدريّ رضي اللَّه عنه، قال: «جاء رجل من اليهود إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلّم قد لطم وجهه، فقال: يا محمد! إن رجلا من الأنصار من أصحابك لطم وجهي، فقال: ادعوه، فدعوه، فقال: لم لطمت وجهه؟
قال: يا رسول اللَّه، إني مررت باليهودي، فسمعته يقول: والّذي اصطفى موسى على البشر، فقلت:
وعلى محمد؟ فأخذتني غضبة، فلطمته، فقال: لا تخيّروني من بين الأنبياء، فإن الناس يصعقون يوم القيامة، فأكون أول من يفيق، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري: أفاق قبلي، أو جوزي بصعقة الطور» .
وفي رواية: «فأكون أول من تنشق عنه الأرض، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش ... »
وذكر نحوه.
رواه البخاري في (الخصومات) ، باب ما يذكر من الأشخاص والخصومة بين المسلم واليهودي، وفي (الأنبياء) ، باب قول اللَّه تعالى: وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ، وفي تفسير سورة الأعراف، باب وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ، وفي (الديات) ، باب إذا لطم المسلم يهوديا عند الغضب، وفي (التوحيد) ، باب وكان عرشه على الماء وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ. ورواه مسلم في (الفضائل) ، باب من فضائل موسى صلى اللَّه عليه وسلّم.
وله من حديث يحيى الحماقي وحبان بن موسى قالا: حدثنا عبد اللَّه بن المبارك، أنبأنا حبان [عن] يحيى بن سعيد التيمي قال: حدثني أبو زرعة عن أبي هريرة قال: أتي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم بلحم فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه، فنهس منها نهسة ثم قال: أنا سيد الناس يوم القيامة. رواه مسلم [ (1) ] .
وفي رواية عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال: وضعت بين يدي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم قصعة من ثريد فتناول الذراع- وكانت أحب الشاة إليه- فنهس نهسة ثم قال: أنا سيد [الناس] [ (2) ] يوم القيامة [ (3) ] .
ولأبي نعيم من حديث يحيى الحماني، حدثنا شريك عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، عن الطفيل بن أبي كعب عن أبيه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلّم قال: إذا كان يوم القيامة، كنت إمام الناس يوم القيامة وخطيبهم وصاحب شفاعتهم ولا فخر [ (4) ] .
وله من حديث عبيد اللَّه بن عمرو عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، عن جابر ابن عبد اللَّه رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: إذا كان يوم القيامة كان لواء الحمد بيدي، وكنت إمام المرسلين وصاحب شفاعتهم [ (5) ] .
__________
[ (1) ] أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب (84) ، حديث رقم (327) وهو حديث الشفاعة كاملا، والبيهقي في (الدلائل) : 5/ 476.
قوله: «فنهس منها نهسة» ، هو بالسين المهملة. قال القاضي عياض: أكثر الرواة رووه بالمهملة، ووقع لابن ماهان بالمعجمة وكلاهما صحيح، بمعنى أخذ بأطراف أسنانه. قال الهروي: قال ابن عباس:
النهس بالمهملة بأطراف الأسنان، وبالمعجمة الأضراس.
قوله صلى اللَّه عليه وسلّم: «أنا سيد الناس يوم القيامة» ،
إنما قال هذا صلى اللَّه عليه وسلّم تحدثا بنعمة اللَّه تعالى، وقد أمره اللَّه تعالى بهذا، ونصيحة لنا بتعريفنا حقه صلى اللَّه عليه وسلّم، قال القاضي عياض: السيد الّذي يفوق قومه، والّذي يفزع إليه في الشدائد، والنبي صلى اللَّه عليه وسلّم سيدهم في الدنيا والآخرة، وإنما خصّ يوم القيامة لارتفاع السؤدد فيه، وتسليم جميعهم له، ولكون آدم وجميع أولاده تحت لوائه صلى اللَّه عليه وسلّم (مسلم بشرح النووي) : 3/ 66- 67.
[ (2) ] ما بين الحاصرتين في (خ) : «سيد ولد آدم» وما أثبتناه من (صحيح مسلم) .
[ (3) ] (صحيح مسلم بشرح النووي) : 3/ 69، كتاب الإيمان باب (84) ، حديث رقم (328) .
[ (4) ] أخرجه البيهقي في (الدلائل) : 5/ 481، والترمذي في (المناقب) باب (1) في فضل النبي صلى اللَّه عليه وسلّم، حديث رقم (3613) ، وقال: هذا حديث حسن.
[ (5) ] سبق الإشارة إليه.
وله من حديث أبي عوانة عن أبي بشير، عن سعيد عن جابر عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: كنت عند النبي صلى اللَّه عليه وسلّم فقال: أنا سيد ولد آدم.
وله من حديث أحمد بن أبي ظبية عن أبيه عن عبد اللَّه بن جابر عن عطاء عن أم كرز أنها قالت: سمعت النبي صلى اللَّه عليه وسلّم يقول: أنا سيد المؤمنين إذا بعثوا، وسابقهم [ (1) ] إذا وردوا، ومبشرهم إذا أبلسوا [ (2) ] ، وإمامهم إذا سجدوا، وأقربهم مجلسا من الرب تعالى إذا اجتمعوا، [أقوم] [ (3) ] ، فأتكلم فيصدّقني، وأشفع فيشفّعني، وأسأل فيعطيني [ (4) ] .
وله من حديث الحرث بن أسامة قال: حدثنا عبد العزيز بن أبان، حدثنا إسرائيل عن آدم بن علي قال: سمعت ابن عمر رضي اللَّه عنه يقول: تصير الأمم يوم القيامة تجيء كل أمة نبيها فيرقاهم على كوم فيقول: يا فلان اشفع، فيردها بعضهم إلى بعض حتى ينتهي إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم فهو المقام المحمود الّذي قال اللَّه تعالى عنه: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً [ (5) ] .
__________
[ (1) ] كذا في (خ) : وفي (الخصائص) : 3/ 222، وفي (دلائل أبي نعيم) : «وسائقهم» .
[ (2) ] أبلسوا: أسكتوا من الحزن، ومنه إبليس لعنه اللَّه، وفي التنزيل: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ، حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ، حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ، لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ، وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ [12: الروم] ، [44: الأنعام] ، [77:
المؤمنون] ، [75: الزخرف] ، [49: الروم] على الترتيب.
[ (3) ] في (خ) : «أقول» ، وما أثبتناه من رواية أبي نعيم.
[ (4) ] أخرجه أبو نعيم في (دلائل النبوة) : 1/ 67، الفصل الرابع، ذكر الفضيلة الرابعة بإقسام اللَّه تعالى بحياته، وتفرده بالسيادة لولد آدم في القيامة، وما فضّل به هو وأمته على سائر الأنبياء وجميع الأمم صلى اللَّه عليه وسلّم، حديث رقم (29) . وقال السيوطي في (الخصائص) : 3/ 222 «أخرجه أبو نعيم عن أم كرز» .
[ (5) ] 79: الإسراء، وعسى، مدلولها في المحبوبات الترجي، فقيل: هي على بابها في الترجي تقديره لتكن على رجا من أن يَبْعَثَكَ. وقيل هي بمعنى كي، وينبغي أن يكون هذا تفسير معنى.
والأجود أن هذه الترجية والإطماع بمعنى الوجود من اللَّه تعالى، وهو متعلق من حيث المعنى بقوله:
فَتَهَجَّدْ. وعسى هنا تامة، وفاعلها أَنْ يَبْعَثَكَ، وربك فاعل يبعثك، ومقاما الظاهر أنه معمول ليبعثك، هو مصدر من غير لفظ الفعل، لأن يبعثك بمعنى يقيمك، تقول: أقيم من قبره، وبعث من قبره. وقال ابن عطية: منصوب على الظرف أي في مقام
__________
[ () ] محمود. وقيل: منصوب على الحال، أي ذا مقام محمود. وقيل: هو مصدر لفعل محذوف، التقدير فتقوم مقاما، ولا يجوز أن تكون عسى هنا ناقصة، وتقدم الخبر على الاسم فيكون ربك مرفوعا اسم عسى وأَنْ يَبْعَثَكَ الخبر في موضع نصب بها، إلا في هذا الإعراب الأخير.
وفي تفسير المقام المحمود أقوال:
أحدها: أنه في أمر الشفاعة التي يتدافعها الأنبياء حتى تنتهي إليه صلى اللَّه عليه وسلّم، والحديث في الصحيح، وهي عدة من اللَّه تعالى له صلى اللَّه عليه وسلّم، وفي هذه الشفاعة يحمده أهل الجمع كلهم، في دعائه المشهور:
«وابعثه المقام المحمود الّذي وعدته» واتفقوا على أن المراد منه الشفاعة.
الثاني: أنه في أمر شفاعته لأمّته في إخراجه لمذنبهم من النار، وهذه الشفاعة لا تكون إلا بعد الحساب ودخول الجنة ودخول النار، وهذه لا يتدافعها الأنبياء بل يشفعون ويشفع العلماء.
وقد روي حديث الشفاعة وفي آخره: «حتى لا يبقى في النار إلا من حبسه القرآن» ،
أي وجب عليه الخلود.
قال: ثم تلا هذه الآية عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً.
وعن أبي هريرة أنه عليه السلام قال: «المقام المحمود هو المقام الّذي أشفع فيه لأمتي»
فظاهر هذا الكلام تخصيص شفاعته لأمته، وقد تأوله من حمل ذلك على الشفاعة العظمى، التي يحمده بسببها الخلق كلهم، على أن المراد لأمته وغيرهم، أو يقال: إن كل مقام منها محمود.
الثالث: عن حذيفة: يجمع اللَّه الناس في صعيد فلا تتكلم نفس، فأول مدعوّ محمد صلى اللَّه عليه وسلّم، فيقول:
لبيك وسعديك والشر ليس إليك، والمهدي من هديت، وعبدك بين يديك، وبك وإليك، لا منجأ ولا ملجأ إلا إليك، تباركت وتعاليت، سبحانك رب البيت. قال: فهذا قوله تعالى: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً.
الرابع: قال الزمخشريّ: معنى المقام المحمود المقام الّذي يحمده القائم فيه، وكل من رآه وعرفه وهو مطلق في كل ما يجلب الحمد من أنواع الكرامات (أ. هـ) ، وهو قول حسن ولذلك نكّر مَقاماً مَحْمُوداً، فلم يتناول مقاما مخصوصا، بل كل مقام محمود صدق عليه إطلاق اللفظ.
الخامس: ما قالت فرقة- منها مجاهد- وقد روي أيضا عن ابن عباس أن المقام المحمود هو أن يجلسه اللَّه تعالى معه على العرش. وذكر الطبري في ذلك حديثا، وذكر النقاش عن أبي داود السجستاني أنه قال: من أنكر هذا الحديث فهو عندنا متهم، ما زال أهل العلم يتحدثون بهذا. قال ابن عطية:
يعني من أنكر جوازه على تأويله. وقال أبو عمر ومجاهد: إن كان أحد الأئمة يتأول القرآن فإن له قولين مهجورين عند أهل العلم هذا أحدهما، والثاني تأويل إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ [22: القيامة] ، قال تنتظر الثواب ليس من النظر، وقد يؤوّل قوله معه على رفع محله وتشريفه على خلقه كقوله: إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ [206: الأعراف] ، وقوله: ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً [11: التحريم] ، وإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [69: العنكبوت] ، كل ذلك كناية عن المكانة لا عن المكان.
وقال الواحدي: هذا القول مروي عن ابن عباس وهو قول رذل، موحش، فظيع، لا يصح مثله عن ابن عباس، ونصّ الكتاب ينادي بفساده من وجوه: ...
ورواه البخاري من حديث أبي الأحوص عن آدم، وله من حديث أبي نعيم قال: حدثنا داود بن يزيد الأودي عن أبيه عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلّم في قوله تعالى عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً قال: الشفاعة [ (1) ] .
ورواه إدريس الأودي عن أبيه مثله، قال الحافظ أبو نعيم: أحمد. وفيه عن سعد بن أبي وقاص وعبد اللَّه بن مسعود وكعب بن مالك وجابر وأبي سعيد وعبد اللَّه بن ع