قال الواقدي: حدثني ابن أبي سبرة عن سليمان بن سحيم عن نافع بن جبير قال: سئل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: أتذكر موت عبد المطلب؟ قال: نعم وأنا ابن ثماني سنين [ (1) ] .
قالوا: فلما توفي عبد المطلب ضم أبو طالب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم إليه وهو يومئذ ابن ثماني سنين، وكان يكون معه، وكان أبو طالب لا مال له، وكان له قطيعة من إبل تكون بعرنة [ (2) ] فيبدو إليها، فيكون [ينشأ فيها] [ (3) ] ويؤتي بلبنها إذا كان حاضرا بمكة.
وكان أبو طالب قد رق عليه وأحبه، وكان إذا أكل عيال أبي طالب جميعا أو فرادى لم يشبعوا، وإذا أكل معهم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم شبعوا، وكان إذا أراد أن يعشّيهم أو يغدّيهم يقول: كما أنتم حتى يحضر ابني، فيأتي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فيأكل معهم، وكانوا يفضلون من طعامهم.
وإن كان لبنا شرب رسول اللَّه أولهم، ثم يتناول العيال القعب فيشربون منه، فيروون عن آخرهم من القعب الواحد، وإن كان أحدهم ليشرب قعبا وحده، فيقول أبو طالب: إنك لمبارك، وكان الصبيان يصبحون شعثا رمصا، ويصبح رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم دهينا كحيلا [ (4) ] .
__________
[ (1) ] (دلائل أبي نعيم) : 1/ 161، حديث رقم (103) حديث مرسل، وهو من رواية الواقدي، وهو متروك.
[ (2) ] عرنة: وادي عرفة، والفقهاء يقولون: عرنة بضم الراء، وذلك خطأ. (معجم ما استعجم) :
2/ 935.
[ (3) ] زيادة للسياق من (دلائل أبي نعيم) .
[ (4) ] (دلائل أبي نعيم) : 1/ 166- 167، حديث رقم (104) ، وهو بإسناد الحديث رقم
قال: فحدثني على بن عمر بن [ (1) ] الحسين عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل عن محمد بن الحنفية، عن عقيل بن أبي طالب قال: سمعته يقول: كنا إذا أصبحنا وليس عندنا طعام لصبوحنا يقول أبو طالب: [أي بني] [ (2) ] ائتوا زمزم، [فنأتي زمزم] [ (2) ] فنشرب منها فنجتزئ به [ (3) ] .
قال: فحدثني محمد بن الحسن بن أسامة بن زيد عن أهله عن أم أيمن قالت:
ما رأيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم شكا جوعا قط ولا عطشا، وكان يغدو إذا أصبح فيشرب من ماء زمزم شربة، فربما عرضنا عليه الغداء
فيقول: لا أريد، أنا شبعان [ (4) ] .
وخرج أبو نعيم من حديث الحسين بن سفيان قال: حدثنا زهير بن سلام قال:
قال عمرو بن محمد: حدثنا طلحة بن عمرو بن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رضي اللَّه عنه قال: كان النبي صلّى اللَّه عليه وسلم في حجر أبي طالب بعد جده عبد المطلب فيصبح ولد عبد المطلب غمصا [ (5) ] ويصبح رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم دهينا صقيلا [ (6) ] .
قال أبو نعيم: ورواه محمد بن حميد عن سلمة بن الفضل عن طلحة مثله، وبسند الحسن بن سفيان المذكور عن ابن عباس أن أبا طالب كان يقرب للصبيان يصبحهم فيضعون أيديهم فينتهبون، ويكف محمد صلّى اللَّه عليه وسلم يده، فلما رأى ذلك عمه عزل له طعامه.
__________
[ () ] (99) ، (طبقات ابن سعد) : 1/ 119، باب ذكر أبي طالب وضمه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم إليه، وخروجه معه إلى الشام في المرة الأولى، (الخصائص الكبرى) : 1/ 205، وقال: أخرجه ابن سعد وابن عساكر من طريق عطاء عن ابن عباس، ومن طريق مجاهد وغيره، [قال: وحدثنا محمد ابن صالح، وعبد اللَّه بن جعفر، وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، دخل بعضهم في حديث بعض، قالوا: لما توفي عبد المطلب ... ] وذكر الحديث باختلاف يسير.
[ (1) ] في (خ) : «عمر بن علي بن الحسين» ، «عن ابن الحنفية» .
[ (2) ] زيادة للسياق من (دلائل أبي نعيم) .
[ (3) ] (دلائل أبي نعيم) : 1/ 167، حديث رقم (105) وسنده كالحديث رقم (99) .
[ (4) ] (دلائل أبي نعيم) : 1/ 167، حديث رقم (106) ، وهو من طريق الواقدي.
[ (5) ] الغمص في العين: ما سال منها من رمص.
[ (6) ] (دلائل أبي نعيم) : 1/ 167، حديث رقم (107) ، وهو من طريق طلحة بن عمرو، متروك، (طبقات ابن سعد) : 1/ 119.
وروى أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم قال يوما لعمه أبي طالب: إني أرى في المنام رجلا يأتيني معه رجلان فيقولان: هو هو، وإذا بلغ فشأنك به والرجل لا يتكلم، فوصف أبو طالب مقالته هذه لبعض أهل العلم، فلما نظر إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم قال: هذه الروح الطيبة، هذا واللَّه النبي المنتظر؟
فقال أبو طالب: فأكتم على ابن أخي لا تغري به قومه، فو اللَّه إن قلت ما قلت، لعلّي ما قلت، ولقد أنبأني عبد المطلب أنه النبي المبعوث، وأمرني أن أستر ذلك كيلا تغرى به الأعادي.